هذا البوست هدفه تأكيد أهمية القواعد (منبثق من سلسلة قواعد اللغة العامية والشعر العامي) منشورة في هذا المنبر.. مراجعة الذات والتراث!
من أشغال مشروع السودان200.. انشد صبركم رفاق.
وهيا بنا صحاب إلى تبيان أهمية التعرف على قواعد العامية الوسطسودانية وكيف يؤدي الجهل بتلك القواعد إلى إشكاليات في فهمنا ونطقنا الصحيح لأشعارنا المكتوبة بهذه العامية وهي جل ما عندنا من اشعار وأغاني.
والسؤال: لماذا نهتم بالشعر والغناء في سبيل التعرف على قواعد العماية السودانية "هذه ملاحظة مهمة":
إزا قواعد العامية الوسطسودانية نحن نعتمدعلى الملاحظة عبر المشاركة/المعايشة في بحثنا وسماع النماذج المختلفة والناس المختلفين ومن كل الجهات والأعمار.
غير أن أيضاً الاشعار والأغاني العامية ذات أهمية شديدة بالنسبة لبحثنا الجديد في إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية كون أول كلام محفوظ ومكتوب وصلنا كان دوبيت (أغاني) حسان الحرك وشغبة المراغمابية (منتصف العهد السناري حوالي 1700م) وأول كلام مسجل وصل إلينا في العصر الحديث كان أيضاً أغاني (الحقيبة) منذ حوالي العام 1926. ولا شيء آخر غير كتاب الطبقات لود ضيف الله والشونة.. منذ مروي والممالك المسيحية.. وتلك هي القضية.
وتلك مجرد ملاحظة عابرة ونمضي إلى الأمام في محاولة إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية وأهمية معرفتها والأسباب.
مقدمة في قواعد العامية الوسطسودانية (كل الحلقات حتى الان) من منبر سودانيزاونلاين مع نقاشات مصاحبة.. هذا الرابط للبوست الاساس:
حلقة 1 ما فائدة معرفة القواعد (أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث)!
سنآخذ عدة أمثلة من مغني الحقيبة في هذه الحلقة والحلقات المقبلة.. واليوم نبدأ ب: برضي ليك المولى الموالي.. للعبادي وغناء سرور.. أراها من أصعب الأشعار السودانية من حيث فرادة وغرابة العبارة من ناحية والصنعة النظمية المحكمة من الناحية الثانية.
ولذا ربما لم ينطق مفرداتها أي شخص أنشدها أو تغنَّى بها صحيحة بالكامل غير الحاج محمد أحمد سرور.
ولدينا عدد من الأمثلة الحية الأخرى سنأتي بها في مستقبل السرد والآن سأعقد مقارنة بسيطة من باب المثال بين سرور وخضر بشير.. في تلاتة مقاطع فقط (منمرة أدناه) . وآتي بها في المقدمة مقطعة عروضياً لمحاولة تبيان أهمية النطق الصحيح للكلمة وبالتالي للوزن والتفعيلة.. ولفهم النص الشعري من الناحية اللغوية وأيضاً الآنثروبولوجية أي من حيث السياقات التاريخية المختلفة للغة والتراكيب و المفردات المستخدمة.
استمع إلى الراوبط المرفقة من يوتوب.. أولاً نسمع خضر بشير .. في المقطع رقم 1 ينطق الساكنين أكثر من مرة.. وهذا ما لا يفعله سرور الذي يلتزم بالقواعد حرفياً كل الوقت.
في المقطع 2 خدر بشير ينطق الكلمة زَجَلْ بسكون الجيم (زجْل) وهذا خطأ مرتين: خطأ لغوي قاد إلى الإخلال بالوزن. بينما سرور طبعاً يفعل الصحيح (زَجَل)
كله ذلك في مقدمة القصيدة أي لغاية نهاية الدقيقة الأولى في الفديوهين.
في المقطع التالت خدر يقول (كَثُرْ النوح العيالك (أي يعرب الكلمة ناطقها ب“الثاء” كما بالتالي تغيرت الحركة والسكون في البيت الشعري.. بينما عند سرور لا تعريب بل كتر (كُتَرَ النوح) وينطقها سرور وفق القاعدة: كُتَرَنْ نوحَلْ عَيالكْ.
راجع واسمع مرة مرتين إن كنت تهتم بذلك القدر من التحقق.. ذلك مهم لنخلص منه إن صح إلى أهمية العلم بقواعد لغتنا العامية كما قواعد أشعارنا العامية قاطبة ليس الحقيبة وحدها.
ملاحظة: كُتَرَنْ النوح تبدأ حوالي الدقيقة والثانية 2.50 من سرور وبعد هذا الزمن من خضر بشير.. وإن شئت التحقق اسمع الفنانين المبدعين في برضي ليك المولى الموالي عدة مرات.. لترى ربما الفرق بين العلم بالشيء ومجرد الذوق والحس والموهبة والإبداع وحدهن بلا علم ولا دراية علمية.. نحن هنا من أجل القواعد العلمية.. تلك هي القضية.
قصيدة العبادي (برضي ليك) مثل الكثير من زجليات الحقيبة تمتاز بالسجع ولزوم ما لا يلزم .. مع التركيز على أن القصيدة غير معربة.. فإن عربتها (مثلاً إن نطقت كُتَرْ لتكون كَثُر) يختل الوزن ويختل السجع ويختل لزوم ما لا يلزم وتختل القوافي ويصبح ذلك نثر لا شعر. وبرغم الكلمات الفريدة والغريبة المحتشدة في شعر الحقيبة فإنها غير معربة وتخضع بالكامل لقواعد العامية وأن كثيرها خارج قاموس تلك العامية الوسطسودانية.
---
* نحن هنا نتحدث حصرياً عن الكلمة وبعدها الآنثروبولوجي.. وهنا لا إدانة للفنان المبدع الراحل العظيم خضر بشير بل فقط تبيان للحقيقة وإن كان هناك إدانة لجهة أو شخص فهي ربما للمثقفين السودانيين جمعاً بلا إستثناء وغيابهم عن ساحة الفعل الموجب وغرق معظمنا في العويل السياسي دون جدوى.. كما أن بحث الحقيبة لم يتطرق ابداً للالحان ولا الايقاع ولا الموسيقى ولا كيفية اداء الغناء (تلك شؤون اخرى) بل فقط بالكلمة الشعرية (النوع الشعري وخلفيته وقواعده المحتملة) وبالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي نشا فيها النمط الشعري بداية عهد الاستعمار الانجليزي وما الى ذلك.. والاسباب. وبالتالي فالبحث ليس في غناء الحقيبة في شموله (هو ليس بحث في غناء الحقيبة) بل فقط في النوع الشعري/النظمي للغناء وظروف محيط نشاة هذا النوع والاسباب .. هو بالزبط يتحدث عن القطن قبل ان يصبح ملابس (مثال للبيان) وذلك مشروح تفصيليا في خلاصات البحث المنشورة.. .وهذه الملاحظة الأخيرة هي الأهم منعاً لتكرار الخلط .. ونمضى إلى الأمام.
في الحلقات المقبلة سناخذ أمثلة جديدة: مبارك حسن بركات (أحرموني ولا تحرموني)، صلاح بن البادية (برضي ليك) ، محمد الأمين (بدور القلعة) وإنصاف فتحي (نسيم السحر).. لذات السبب وهو تبيان أهمية العلم بقواعد العامية وقواعد الشعر العامي.
الحلقة "2” هذه المرة: ود الأمين في (بدور القلعة وجوهرا) سلسلة فائدة معرفة القواعد (مبررات)
ثلاثة مقاطع من بدور القلعة وجوهرا: الأول نطق السواكن والثاني تعريب ما لا يجب أن يعرب واالثالت خطأ لغوي (حسب هذا التصور)
"1"
نطق السواكن.. في الفيديو المرفق بين الدقيقة 1.25 إلى 1.50 (25 ثانية):
السيوفْ لْحاظك تشهرا .. هكذا ينطقها ود الأميبن.. وهو طبعاً مبدع حر، لكن نحن هنا نتحدث عن القواعد وأمامها نحن لسنا أحرار لأن دوما يحدث خلل في حالة الحياد عنها.. وبذلك يختل أيضاً الوزن ويثقل اللفظ على وجه العموم.
والصحيح عموماً وفق القواعد تحريك الساكن في كلمة السيوف، لتكون:
تعريب السُّريا لتكون الثُّريا والسَّرا لتكون الثَّرا أخل بالقافية في نهاية هذا المقطع وأخل بالسجع بإعتبار ما تقدم من اللازمة (سَرَا): صيدة غيرك ايه الجسرا تستلم افكارنا وتأسرا حال محاسنك مين الفسرا يا الثريا الفوق اهل الثرا
ملاحظة: القافية دوماً في بدور القلعة تتكون من ثلاث أحرف متحركان ومد فتكون دوما (سَرَا) في هذا المقطع وفي مقاطع أخر (بَرَا في منبرا وتَرَا في فترا مثلاً و إلخ). وفي هذا المقطع المعني دوما (سَرَا) وبالتالي تعريب السرا لتكون الثَّرى (القافية تنقلب إلى ثَرَا) وهذا خلل.. التعريب ممنوع في هذا النمط الشعري.. فالتعريب تسبب في خلل أكيد بالقافية كما بالسجع بإعتبار ما تقدم من اللازمة (سَرَا).. ووفق ذلك فالصحيح "السُّرَيا الفوق أهل السَّرا) يا السُّريا الفوق أهل السَّرا يسْسُرَيْيَلْ فوقْ أهْ/لسْسَرَا 1- فاعلاتن 2- فِيعْلُنْ 3- فاعِلُنْ
صيدة غيرك ايه الج/سَرَا تستلم افكارنا وتأْ/سَرَا حال محاسنك مين الفَ/سَرَا يا التِّريا الفوق أهل ال/سَرَا
"3" خطأ لغوي.. الدقيقة 2.40 إلى 3.45 (آخر المقطع).. كرر الإستماع إن شئت لمزيد من التأكد:
إذ تم إضافة واو عطف ثانية لا داعي لها وبالتالي ذلك أخل بالوزن والمعنى معاً.. إذ كل قافية القصيدة على تفعيلة "فاعلن" فحولها بلا قصد إلى مفاعلن وتلك تفعيلة مختلفة ومخالفة. فجاءت كالتالي: يابدورلْ/ قَلْعَوْ/ وَجَوْهَرَا فاعلاتن/ فعلن/ مَفَاعِلُنْ
والخطأ اللغوي يتسبب في أن المستمع غير العالم بحي إسمه القلعة في أم درمان سيفهم أن الحي إسمه القَلْعَوْ وليس القلعة بإعتبار أن الواو من أصل الكلمة لأن جاءت بعدها واو عطف جديدة.. مثل أن تقول: رأيت أحمد النوْ وَ حاتم الياس في الحارة السابعة.. فالواو في النَّوْ من أصل الكلمة والثانية عطف. ولا توجد ضرورة لذلك وإلا لجاءت أيضاً واو العطف في (الخطيبة وردفك منبرا) مرتين وهو أمر لا يستقيم (الخطيبوْ وَ ردفك منبرا) مثله و(يابدورلْ/ قَلْعَوْ وَجَوْهَرَا) لكن (الخطيبوْ رَدفكْ مِنْبَرَا) جاءت هكذا سليمة.. (راجع الرابط المرفق من يوتوب إن شئت).
تعليق ختامي: ارجو أن تتطلع على الحلقة السابقة رقم 2 وتواصل معنا بقية السرد إن كنت تود أن تلم بالصورة كاملة كما الإطلاع لو أمكن على سلسلة قواعد العامية السودانية. كما أننا سنتعمل على حصر المزيد من الإنفلاتات عن القواعد في أمثلة أخرى.. وبذلك طبعاً لا نحاكم أحد، نحن حب وإحترام لمبدعينا من أقام منهم ومن رحل .. ولكن نحن بصدد إستنباط قواعد عاميتنا وقواعد شعرنا العامي.. وما هذه إلا أمثلة.. وستتواصل الأمثلة بغرض إستبيان تلك القواعد.. ذلك هو الهدف الصعب المضني.. وسنآخذ في المرات القادمة مبدعين بدورهم كبار أمثال مبارك حسن بركات (أحرموني ولا تحرموني) وصلاح بن البادية (برضي ليك) كما إنصاف فتحي (يا نسيم السحر) ونحن نتقصد المبدعين الكبار لأنهم يصلحون للمثال ليس مثل الآخرين.
ارجو أن تتطلع على الحلقة السابقة إن كنت تود أن تلم بالصورة كاملة كما الإطلاع لو أمكن على سلسلة قواعد العامية السودانية.. وهدف هذه السلسلة الجديدة (مبررات) المنبثقة عن السلسلة الأم أن نحاول إستنباط قواعد الشعر العامي السوداني كله لا الحقيبة وحدها.. والآن أظننا تعلمنا بعض الحقائق الأساسية:
1- أن أشعار السودان الوسطية تجرى على أساس قواعد العامية الوسطسودانية لذا معرفة قواعد تلك العامية جوهرية الأهمية.
2- التعريب عيب (ممنوع) في الأشعار العامية، وجب أن تنطق بلغة الشارع.
3- تفاعيل الأشعار مختلفة عن بعضها البعض وقاموس مفرداتها.
3- نمطية الحقيبة جارية وفق قواعد العامية الوسطسودانية برغم الكلمات الفريدة والغريبة المحتشدة بها القصيدة.. وهي طبعاً وافدة وليست من أصل العامية الوسطسودانية إلا إنه كما أسلفنا فالنظم يخضع بالكامل لقواعد العامية السودانية كما لاحظنا من الأمثلة والتقطيع العروضي الذي أجريناه على قدر من أشعار الحقيبة
4- للأشعار العامية أوزانها وأبحرها الخاصة بها وليست بالضرورة تنسجم مع الأبحر العربية الرسمية كما أن التفاعيل منوعة ومتعددة وتفوق التفاعيل الرسمية الثمانية المعروفة في الأنماط الرسمية فمثلاً في الرسمية لا توجد (فِيعْلانْ، فيعْعِلاتُنْ) وتوجد في الحقيبة.
5- التقطيع العروضي للأشعار العامية ضروري لنتعرف على البناء الداخلي للقصيدة وفرز الأنواع الشعرية كما شيء آخر أهم: اللفظ السليم للمفردات.
ونختم هذه الحلقة بمقطع متعلق بمحتوى هذا السرد من إمام الزجالين الأديب صفي الدين الحلي من كتابه العاطل الحالي والمرخص الغالي (فن الزجل):
العاطِل الحالي كتاب في الأدب. ألفه صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلِّي (1278-1351م) وهو شاعر وكاتب وأديب، وله ديوان شعر مشهور. اسم الكتاب كاملاً العاطل الحالي والمُرخَص الغالي ولكنه اشتهر بالعاطل الحالي.يعالج هذا المؤلَّف الفنون الأربعة التي كتبت في اللغة العامية وهي الزجل والمواليا والقواما والكان كان. وقد نص الحلي في مقدمة الكتاب على هذه الفنون فقال: "فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل الذي تختلف أوزانه ويضطرب ميزانه، ويتغاير لزومه ويشتبه منظومه. وهذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها وتفاوت اصطلاح مبتدعيها ؛ فمنها ما يكون له وزن واحد وقافية واحدة وهو الكان كان ومنها ما يكون له وزن واحد وأربع قواف وهو المواليا، ومنها ما يكون له وزنان وثلاث قواف وهي القواما ومنها ما يكون له عدة قواف وعدة أوزان وهو الزجل". ذلك مقطع مهم من كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي.. والحقيبة من نمطقية الزجل وفق خلاصة البحث.. اقرأ لطفاً مرة ثانية ماذا قال عن نمطيتها في هذا المقطع للتو سيدي: صفي الدين الحلي.. في حوالي العام 1330م.
07-14-2022, 07:20 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
الحلقة "3” مبارك حسن بركات (أحرموني) وإنصاف فتحي (نسيم السحر) سلسلة فائدة معرفة القواعد (مبررات)
الفنانة إنصاف فتحي (نسيم السحر) هذه البنت الرائعة الصاعدة ..تعريب ما لا يجب أن يعرب
إنشودة ود الرضي (مره مره) يا نسيم السحر.. مثل الكثير من زجليات الحقيبة تمتاز (نسيم السحر) بالسجع ولزوم ما لا يلزم وزيادة على ذلك فان القافية في مقاطع القصيدة دائماً تتكون من حرفين صحيحين الأول متحرك والثاني ساكن.. مثال: نسَرْ، أسَرْ، جسَرْ، كسَرْ.
مع التركيز على أن الإنشودة غير معربة.. فإن عربتها يختل الوزن ويختل السجع ويختل لزوم ما لا يلزم وتختل القوافي وتصبح نثر لا شعر.
مَانَظَمْ شَاعِرْ أَوْ نسَرْ ....(نثر في الفصحى.. لكن القصيدة غير معربة) لَيكْ مَاشْ عَلَى أَسْرْ الأَسَرْ... (أسر الأثر في الفصحى.. لكن القصيدة ممنوع فيها التعريب وعرفنا ذلك من التفعيلة) القَالْ بِصِفْ حُسْنِكْ جسَرْ ْفِى جَيدِكْ الطَّايِلْ كُسَر
القصيدة غير معربة كما أسلفنا مثل كل أشعار الحقيبة فكل مفرداتها مبنية على السكون ما عدا في حالة إلتقاء الساكنين فيتحرك أحدهما وذلك من خواص اللغة العربية العامية والكلاسيكية كما راينا ذلك في الحلقات الاولى من هذه السلسلة (قواعد العامية الوسطسودانية).
وهنا المقطع من جديد في القراءة العروضية (مهم جداً أن نلاحظ الحركة والسكون):
ولكن إنصاف فتحي في هذا المقطع تعرب ثلاثة مرات: تقول: ما نظمَ شاعرْ أو نثرْ.. نظم بفتح الميم (إخلال بالوزن عبر الإخلال بقواعد اللغة) ونثر وأثر نطقتهما معربتين وهذا خطأ لأن إن عربت عليك أن تعرب القصيدة كلها (أو لا تعرِّب شئ، أليس كذلك) وهي طبعاً غير معربة وجارية وفق قواعد العامية الوسطسودانية برغم الكلمات الفريدة الغريبة المحتشدة بها القصيدة وهي طبعاً وافدة وليست من أصل العامية الوسطسودانية إلا إنه كما أسلفنا فالنظم يخضع بالكامل لقواعد العامية السودانية ككل ترانيم الحقيبة.
المقطع المعني بين الدقيقة 2.37 و2.55
الفنان مبارك حسن بركات.. تعريب ما لا يجب أن يعرب.. فقط في هذا المقطع ذي القافية الثلاثية (مْسِي) والجناس والسجع، حصل تعريب ل "اصبح" فجاءت أُصبح (ووزنها: فَعْلُنْ) مع إشباع الضمة فكانت أُوصبح تفعيلة مختلفة (فَعُولنْ) وكذا أُومْسي (ووزنها: فَعْلُنْ أصبحت فَعُولنْ) وذلك لا ينسجم والسجع والقافية الثلاثية.
ملاحظة: بقية اللفظ في غاية الصحة والصفاء ولا شئ غير ذلك.. بركات عندي مرجعية في صحة اللفظ.
وهذه اللفتة الصغيرة مهمة عندنا لأن هدفنا أن نتلمس قواعد هذا الفن.. ومن أهم قواعده أن لا تعريب، فالتعريب عدو هذا الفن الأول (الزَّجَلْ) لأنه يخرب التفعيلة ومن ثمة الوزن ويخرب الجناسات ومن ثمة السجع ويجعل اللفظ ثقيلاً وخلاصته تشويه للحمة القصيدة كما قال صفي الدين الحلي. . والحُجة دوماً لماذا تعرب هذا وتترك ذاك غير معربٍ، لا يستقيم.
المقطع المعني بين الدقيقة 4.50 و5.50
ارجو أن تتطلع على الحلقات السابقة والقادمة إن كنت تود أن تلم بالصورة كاملة كما الإطلاع لو أمكن على سلسلة قواعد العامية السودانية.. وهدف هذه السلسلة الجديدة (مبررات) المنبثقة عن السلسلة الأم (القواعد) أن نحاول إستنباط قواعد الشعر العامي السوداني كله لا الحقيبة وحدها فحسب.
07-14-2022, 07:25 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
حلقة "4” ملحق الحلقة الثالثة للأهمية.. بدور القلعة بين مبارك حسن بركات وود الأمين و 6 هنات صغيرة لود الأمين!
مبارك حسن بركات صنع الأصل.. ونطق جميع المفردات صحيحة وفق القواعد بالضبط مثلما فعل سرور مع (برضي ليك) وبلا تعريب (مية المية صحيحة) وقد قارنا سرور وخضر بشير في الحلقة 2 ووجدنا عدة أخطاء في النطق وفي التعريب لخضر بشير.. وهنا المقارنة:
ود الأمين ينطق السواكن في (السيوفْ الحاظك تشهرا = أسْسيوفْ لْحاظكْ تَشْهرا) والقاعدة أن لا يلتقي ساكنان وإلّا تحرك أحدهما حتى يستقيم الكلام.. وفي تلك الحالة فالنطق السليم وفق القاعدة أن تتحرك فاء (السيوف) مستلفة الساكن المقابل لها فتكون العبارة الصحيحة: أسْسِيوفَلْ حَاظكْ تَشهرا.. وهذا بالزبط ما يفعله مبارك حسن بركات (الرابط مرفق نهاية الكلام).
ود الأمين يعرب كلمة السَّرى إلى الثرى فتختل القافية.. بينما ينطقها بركات صحيحة.
وود الأمين يقول رَدفك وبركات يقول: رِدفكْ.. ولو بدت مجرد كسرة وفتحة فإنها تفرق لأن الشعر أصلاً يقوم على إنتظام الحركات والسكنات.
كما حيال التعريب بركات يقول "خِسْرك" بالسين لا الصاد "خِصْركْ برا" فهي غير معربة فإذن الأصح خسْركْ برا بالسين كما تقال في اليومي. وبذلك تكون أيضاً (الشعور البِصْطلْ عنبرا وفق ما تقال في الشارع وليس البسطل بالسين (السلطة هي تأثير الخمر في الأصل لا الحشيش) وعنبرا الأصح أن تكون عمبرا (بالميم) وفق القاعدة العامية: (الشعور البصطل عمبرا = أشْشِعورَلْ/بِصْطُلْ/عَمْبَرَا).
ود الأمين ينطق واو عطف زائدة في (بدور القلعة وجوهرا) فتكون: بدورلْ قلعوْ وَجَوهرا) وهذا خطأ لغوي يقود إلى إخلال بالتفعيلة والوزن (راجع الحلقة الثالثة المخصصة لهذه المناسبة) بينما تأتي سليمة عند بركات (بدورَلْ قلعَا وْ جَوهرا)
وهنا روابط للغنيتين من يوتيوب:
الأصل السليم: مبارك حسن بركات ثم ود الأمين
ود الأمين
أكرر للأهمية الملاحظات الواردة في الحلقة السابقة "2” ود الأمين:
ارجو أن تتطلع على الحلقات السابقة إن كنت تود أن تلم بالصورة كاملة كما الإطلاع لو أمكن على سلسلة قواعد العامية السودانية.. وهدف هذه السلسلة الجديدة (مبررات) المنبثقة عن السلسلة الأم أن نحاول إستنباط قواعد الشعر العامي السوداني كله لا الحقيبة وحدها.. والآن أظننا تعلمنا بعض الحقائق الأساسية:
1- أن أشعار السودان الوسطية تجرى على أساس قواعد العامية الوسطسودانية لذا معرفة قواعد تلك العامية جوهرية الأهمية.
2- التعريب عيب (ممنوع) في الأشعار العامية، وجب أن تنطق بلغة الشارع.
3- تفاعيل الأشعار مختلفة عن بعضها البعض وقاموس مفرداتها.
3- نمطية الحقيبة جارية وفق قواعد العامية الوسطسودانية برغم الكلمات الفريدة والغريبة المحتشدة بها القصيدة.. وهي طبعاً وافدة وليست من أصل العامية الوسطسودانية إلا إنه كما أسلفنا فالنظم يخضع بالكامل لقواعد العامية السودانية كما لاحظنا من الأمثلة والتقطيع العروضي الذي أجريناه على قدر من أشعار الحقيبة
4- للأشعار العامية أوزانها وأبحرها الخاصة بها وليست بالضرورة تنسجم مع الأبحر العربية الرسمية كما أن التفاعيل منوعة ومتعددة وتفوق التفاعيل الرسمية الثمانية المعروفة في الأنماط الرسمية فمثلاً في الرسمية لا توجد (فِيعْلانْ، فيعْعِلاتُنْ) وتوجد في الحقيبة.
5- التقطيع العروضي للأشعار العامية ضروري لنتعرف على البناء الداخلي للقصيدة وفرز الأنواع الشعرية كما شيء آخر أهم: اللفظ السليم للمفردات.
ونختم هذه الحلقة بمقطع متعلق بمحتوى هذا السرد من إمام الزجالين الأديب صفي الدين الحلي من كتابه العاطل الحالي والمرخص الغالي (فن الزجل):
العاطِل الحالي كتاب في الأدب. ألفه صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلِّي (1278-1351م) وهو شاعر وكاتب وأديب، وله ديوان شعر مشهور. اسم الكتاب كاملاً العاطل الحالي والمُرخَص الغالي ولكنه اشتهر بالعاطل الحالي.يعالج هذا المؤلَّف الفنون الأربعة التي كتبت في اللغة العامية وهي الزجل والمواليا والقواما والكان كان. وقد نص الحلي في مقدمة الكتاب على هذه الفنون فقال: "فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل الذي تختلف أوزانه ويضطرب ميزانه، ويتغاير لزومه ويشتبه منظومه. وهذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها وتفاوت اصطلاح مبتدعيها ؛ فمنها ما يكون له وزن واحد وقافية واحدة وهو الكان كان ومنها ما يكون له وزن واحد وأربع قواف وهو المواليا، ومنها ما يكون له وزنان وثلاث قواف وهي القواما ومنها ما يكون له عدة قواف وعدة أوزان وهو الزجل". ذلك مقطع مهم من كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي.. والحقيبة من نمطقية الزجل وفق خلاصة البحث.. اقرأ لطفاً مرة ثانية ماذا قال عن نمطيتها في هذا المقطع للتو سيدي: صفي الدين الحلي.. في حوالي العام 1330م.
07-14-2022, 07:30 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
قسمْ بمحيكْ الْبدري.. هذه مجرد مذكرة للحلقة المقبلة.. مقارنة بين محمد وردي (الأصل السليم 100%) وعصام محمد نور.. اللفظ عند الإتنين جاء وفق القواعد التي نعرفها حتى الآن.. ما عدا عند ع. م نور في شوية حتات قليلة سنحددها تفصيلياً في المستقبل.
فقط الآن لاحظ من باب المثال عنوان الإنشودة الفخيمة: (قسمْ بمحيكْ البدري).. هكذا تكتب لكن تلفظ بطريقة مختلفة عند إلتقاء الساكنين (محيكْ البدري) الكاف ساكنة ولام التعريف طبعاً ساكنة (محيكْ لْبدري) والقاعدة في اللغة الكلاسيكية والعامية معاً بلا إستثناء لا بد أن يتحرك أحد الساكنين وإلا يكون الكلام ثقيل على اللسان.
فتأتي هذه الجملة بشكل تلقائي (محيكَ لْ بدري) فتتحرك الكافة بإستلاف الساكن المقابل لها (محيكَلْ بَدري). لاحظ مقدماً وحتى نعود المرة الجاية بالتحليل كاملاً: وردي ينطق وفق القاعدة: قسمْ بِمحيكَلْ ( محيكَ لْ بَدري) بينما محمد نور ينطق السواكن فيتعثر (محيكْ لْ بَدري) ينطق الساكنين فالعبارة تكون ثقيلة.. بينما وردي كان في إنسيابية إذ بالسليقة أو/و العلم فعل الصحيح:
إسمع المقطع ( محيكَ لْ بَدري) عند وردي وبعد أن يروي وردي مباشرة قصة الغنية البديعة ركز في (محيكَ لْ بَدري) بفتح الكاف والإنسيابية:
وهنا الثواني الأولى من محمد نور.. ركز في (محيكْ لْ بَدري) بتسكين الكاف ونطق ال = لْ بعدها .. ربما تلاحظ أن الإنسيابية تعثرت.. لأن هذا ضد القاعدة العامة:
تحليل مفصل في الحلقة المقبلة.. وكله في سبيل إستنباط القواعد من داخل اللغة وداخل النصوص وفي الكلام اليومي
ما فائدة معرفة قواعد اللغة العامية السودانية.. أمر في غاية الأهمية والخطورة ومنها أنبثق عربي جوبا.. سلسلة جديدة.. حلقة "1” مقدمة
“إشارة إلى سلسلة: قواعد العامية السودانية الجارية هذه الأيام” وهذه المرة مبرررات!
السؤال الذي قد يخطر على بال البعض منا لأول وهلة: هل هناك أصلاً قواعد للعاميات!.. والإجابة نعم طبعا.. فقط لم نعتَد الحديث عنها ولا التعرف عليها. غير أن ذلك ربما كان خطأً جسيماً.. بالذات حينما نعلم أننا لن نستطيع التعرف على قواعد أشعارنا العامية ورؤية بنائها الداخلي إن لم نتعرف أولاً على قواعد العامية مرجعية تلك الأشعار. لأننا ببساطة لن نستطيع الإحاطة بشئ نحن لا نعرف أصلاً خواص المادة التي صنع منها.
تلك الأشعار الكثيرة التي بدأت أول ما بدأت في العهد السناري (حسان الحرك وشغبة المراغمابية مثال) مروراً ببت مسيمس وبنونة وود الفراش (العهد التركي) والحردلو وود ضحوية وود الضرير ورقية بت حبوبة (المهدية والعهد الإنجليزي) وإبراهيم العبادي، خليل فرح، أبو صلاح، مصطفى بطران، أحمد العمري وسيد عبد العزيز (العهد الإنجليزي وما بعده) وإسماعيل حسن، بازعة، الحلنقي، محمد الحسن سالم حميد (الزمن الراهن).
تلك الأسماء مجرد أمثلة لا حصرية طبعا.
ونبدأ بمعلومة إستباقية في غاية الأهمية في حسباني. ذلك أن السودان هي البلد الوحيدة من البلدان المتحدثة الآن العربية بالأصالة (السودان الوسيط) ليس لها نسخة فصيحة سابقة للعامية تم بها أي شكل من اشكال التحدث أو الكتاية أي كان نوعها نثراً أو شعرا.
ففي الحجاز واليمن كانت اللغة الكلاسيكية ثم جاءت العاميات.. ونذكر اللغة التي كُتبتْ بها المعلقات (500-600م) ونذكر طبعاً زهير بن أبي سلمى وعنترة بن شداد.
ثم في قرون لاحقة تكونت عاميات الجزيرة العربية .. وكذا حدث في العراق وسوريا إلخ.
وفي المغرب والأندلس جاءت اللغة العربية الكلاسيكية أولاً كلغة رسمية للدولة ودواوينها وكُتبَ بها النثر والشعر بواسطة الشعوب (الناس) ثم جاءت لاحقاً العاميات التي نجد أثرها الآن في الأزجال الأندلسية والمغربية.
وأما بالنسبة لمصر بالجوار فقد فرضت اللغة العربية رسمياً على جهاز الدولة في القرن الثامن الميلادي. وعلى وجه العموم مر تاريخ اللغة العربية في مصر بثلاث مراحل: أولاً في القرن الثاني الهجري يعادل الثامن الميلادي: أصبحت اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة (لغة الدواوين)، ثانيًا: القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) أصبحت لغة العلم والثقافة لجميع المصريين؛ من أسلم ومن لم يُسلِم، ثالثًا: القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي) أصبحت العربية لغة التخاطب العامة لجميع المصريين، وربما تأخرت بعض المناطق النائية عن ذلك التاريخ، خاصة في صعيد مصر (صلاح الجمالي).
أما في السودان فالقصة مختلفة. إذ أن السودان لم تدخلها جيوش فاتحة بعد أن فشل عبد الله بن أبي السرح في محاولته ضم السودان للإمبراطورية الناشئة لتوها سنة 650م.. فتم عقد إتفاقية صلح أحتفظت بموجبها الممالك النوبية المسيحية في السودان بلغاتها المحلية وبعقيدتها الرسمية 700 إلى 900 سنة قادمة في المقرة (1312م تاريخ الإنهيار الذاتي) وعلوة على التوالي (1503م تاريخ الإنهيار بقيادة الوثنيين الفونج إذ كان غالبية الفونج لا يدينون لا بالمسيحية ولا الإسلام حين خراب سوبا وحلفهم مع بعض الجماعات العربية والإسلامية ضد علوة اليعقوبية).
وبالتالي كان على اللغة العربية أن تنتظر حتى 900 سنة مقبلة بالمقارنة بما تم في مصر بالجوار.. أي تنتظر حتى العام 1503 م ليتم تبنيها رسمياً في نسخة دارجة جاهزة غير فصيحة (غير كلاسيكية) تجد جذرها في العهد المملوكي 1250-1500م ثم تطورت ذاتياً وتلاقحت مع اللغات والألسن المحلية. وكل له أسبابه في زمانه .. وهكذا هو التاريخ: ليس في الإمكان أحسن مما كان، وإلا لكان، أليس كذلك!.
وقد كتب بها ود ضيف الله طبقاته.. كتب بالدارجة هذي ذاتها.. وكذا أنشد بها الشعراء آنذاك أشعارهم التي وصلتنا.
ولم تعرف بلاد السودان أي توثيق بالعربية الفصيحة لا بواسطة الدولة ولا الناس العاديين.. ولم نعرف أي شاعر كتب بالفصحى حتى زمان الدولة المهدية 1885-1898م حيث كان أول الشعراء المعروفين عمر البنا الكبير ليس قبله إلا إنشودة واحدة أوردها صاحب الطبقات.
و كانت إضافة إلى المملوكية هناك نسخة دارجة قحطانية موازية وهي الأقدم (سهل البطانة) أنشد بها أول شاعر معروف شعره في تاريخ السودان الوسيط (عهد سنار) وهو حسان الحرك حوالي 1650-1740م (التاريخ تقديري). كما فعلت معاصرته شغبة المراغمابية.
وفي تقديري كانت النسخة القحطانية أقدم وهي لهجة اهل البطانية من جماعات: الشكرية والمسلمية والبطاحين والكواهلة والحسانية واللحويين (مثال).
وهناك أدلة معقولة على أن القحطانية كانت الأقدم من النسخة المملوكية التي تبنتها سنار رسمياً دون القحطانية.. وأظن ذلك جاء كذلك لإرتباط سنار بالأزهر ونسبة للهجرات المملوكية الكبيرة التي جاءت من مصر بعد إنهيار دولة المماليك في العام 1517م.
ولذلك أنزوت النسخة القحطانية رويداً رويداً حتى أصبحنا لا نذكر قاموسها إلا برهق (شمة جارة الوهوه علي الهامبوي, ماتستاهل الكمرة وسكون اليوي، جابو لي كتبا اللخرش اب هبوي, خشمو مع الحويل بلهوج الداقوي ) مثال من حسان الحرك الشكري 1700م.
خلاصة عاجلة: نسختنا العامية لا نملك غيرها، بها كتبنا كل أشعارنا بين حسان الحرك 1650 و الحلنقي (تاريخ اليوم) وبها تم تأليف أول كتاب توثيقي وصلنا بعد إنهيار مروي وبعد اللوحات اليونانية التي خلفتها لنا الممالك المسيحية هو كتاب ود ضيف الله وبها أنشدت بنونة (توفيت 1850) وود الفراش (ت 1883) ورقية 1910 وخليل فرح (ت 1932) وإبراهيم العبادي (توفي 1981) وأزهري محمد علي وعاطف خيري والصادق الرضي (أمثلة).. بها كتبنا وشعرنا ورطنا وغنينا ونغني كل غناوينا.. وبها نحب ونَتْرمْنَسْ كل لحظة.. وبها نكره أحياناً بالحق وبالباطل.. وبها نكتب البيانات السياسية المدنية والعسكرية والشعارات الثورية: بها نموت ونحيا!.
وأختم بتذكير متابعنا الكريم بما جاء في مقدمة هذا السرد:
السؤال الذي قد يخطر على بال البعض منا لأول وهلة : هل هناك أصلاً قواعد للعاميات!.. والإجابة نعم طبعا.. فقط لم نعتَد الحديث عنها ولا التعرف عليها. غير أن ذلك ربما كان خطأً جسيماً.. بالذات حينما نعلم أننا لن نستطيع التعرف على قواعد أشعارنا العامية ورؤية بنائها الداخلي إن لم نتعرف أولاً على قواعد العامية مرجعية تلك الأشعار. لأننا ببساطة لن نستطيع الإحاطة بشئ نحن لا نعرف أصلاً خواص المادة التي صنع منها.
سأعطي في مستقبل السرد المزيد من الأمثلة العملية عملية تعضد هذا الزعم.
ان عاميتنا هذي شديدة الأهمية إذن وذات خصوصية سودانية واصالة وتاريخ خاص بها. وما تزال تزداد أهمية وكل يوم تتوطد كوسيط تعبيري هام ويتطور كل يوم شاركت في صناعته كل شعوب السودان بلا إستثناء.. ومنها أنبثق عربي جوبا.
تتواصل محاولة الإجابة على السؤال المحتمل: ما فائدة التعرف على قواعد عاميتنا السودانية!
* هذه المقالة من بوست المبررات أعني محاولة شرح أهمية معرفة قواعد العامية لأنك بدونها لن تعرف تفاعيل شعرك العامي وأوزانه ولن تستطع إذن نطقه صحيحاً بالقدر الوافي كما شهدت بذلك الأمثلة التي جئنا بها حتى الآن ولدينا المزيد)
07-18-2022, 07:34 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
لأنها فعلاً أخطاء عندها أسبابها الظاهرة، من اهمها أننا لم نكن نعرف بعد قواعد وتفاعيل وموازين شعرنا العامي ولا لغتنا العامية ذلك الإناء الحاضن لذلك الكم الهائل من الشعر ومنه الحقيبة.. لم يحدث. الآن بعضنا يتلمس الطريق.
والأخطاء التي نحن بصددها لا تتضمن النظر في اللحن أو الأداء أو التوزيع الموسيقي .. ذلك ليس من مجال بحثنا (انظر نتيجة بحث حقيبة الفن).. بل فقط الكلمة والتفعيلة وحدهما.
وعلى ذكر نتيجة بحث الحقيبة وللاهمية ولمن يهتم بحث الحقيبة لم يتطرق ابدا للالحان ولا الايقاع ولا الموسيقى ولا كيفية اداء الغناء (تلك شؤون اخرى) بل فقط بالكلمة الشعرية (النوع الشعري وخلفيته وقواعده المحتملة) وبالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي نشا فيها النمط الشعري بداية عهد الاستعمار الانجليزي وما الى ذلك.. والاسباب. وبالتالي فالبحث ليس في غناء الحقيبة في شموله (هو ليس بحث في غناء الحقيبة) بل فقط في النوع الشعري/النظمي للغناء وظروف محيط نشاة هذا النوع والاسباب .. هو بالزبط يتحدث عن القطن قبل ان يصبح ملابس (مثال للبيان) وذلك مشروح تفصيليا في خلاصات البحث المنشورة.. وهذه الملاحظة الأخيرة هي الأهم.. ونمضى إلى الأمام.
ونبين الأخطاء المحتملة كي نتعرف من خلالها على القواعد وكي نصلح الخطأ في المستقبل. ولا أحد مدان من مبدعينا على تلك الأخطاء في "الكَلِم" وكنتيجة حتمية في التفعيلة والوزن غير لجان المصنفات والنقاد الفنيين (أين هم!) وذلك الكائن الموصوف بالمثقف.. وعندما أقول لجان المصنفات أستثنى العبادي لأنه كان شاعراً عظيماً وكان يكفيه السليقة والحس السليم ليقيم الغث من السمين، ولكن ليس كلنا العبادي وهو مؤسس المصنفات وقلبها مؤسس نمطية اللون الشعري للحقيبة حسب خبراء وحسب نتيجة بحث الحقيبة.
فمثلاً عندما تنطق: زَجَلْ زجْلْ بسكون الجيم فهي مثل أن تقول: قَمْرْ وتعني قَمَرْ وذلك الخلل اللغوي يقود حتماً إلى إخلال بالتفعيلة ثم الوزن الشعري بالنتيجة (راجع إن شئت الأمثلة التي جئنا بها أعلاء وعندنا في المستقبل المزيد من أجل الهدف المعلن).
تتواصل المحاولة لتبيان أهمية معرفة قواعد العامية الوسطسودانية كما قواعد الشعر العامي.
07-19-2022, 01:57 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
حلقة "5" قسمْ بمحيكْ الْبدري بين محمد وردي وعصام محمد نور
هذه الحلقة مخصصة لجملة واحدة (قسمْ بمحيكْ الْبدري) لنبين من خلالها فداحة نطق السواكن لأن ذلك يجعل الكلام ثقليلاً ويمنع إنطلاقة اللسان.. وتعلمنا من قواعد العامية الوسطسودانية أن لا يلتقي ساكنان في كلمتين متقابلتين وإلا تحرك أحدهما بشكل تلقائي (البتْ الكبيرة = البتَلْ كبيرة) تتحرك التاء بإستلاف الساكن المقابل لها (مثال) وإلا لكان الكلام ثقيلاً إن لفظناها (البتْ لْ كبيرة) .
نمشي لعصام محمد نور قسمْ بمحيكْ الْبدري وهو من المبدعين اللامعين.. لاحظ ما حدث عندما نطق عصام السواكن: 1- تعثر الكلام 2- أختل الوزن الشعري عبر إختلال التفعيلة
3- إختل وتغير اللحن المعياري (سنركز على هذه النقطة عبر الإستماع إلى كيف كان نطق كاف "محيكْ" عند وردي وعصام)
قسمْ بمحيكْ الْبدري.. هكذا تكتب (قسمْ بمحيكْ الْبدري) لكن تلفظ بطريقة مختلفة عند إلتقاء الساكنين (محيكْ البدري) الكاف ساكنة ولام التعريف طبعاً ساكنة (محيكْ لْبدري) والقاعدة في اللغة الكلاسيكية والعامية معاً بلا إستثناء لا بد أن يتحرك أحد الساكنين وإلا يكون الكلام ثقيل على اللسان.
فتأتي هذه الجملة بشكل تلقائي (محيكَ لْ بدري) فتتحرك الكافة بإستلاف الساكن المقابل لها (محيكَلْ بَدري) وهذا ما يفعله وردي ينطق وفق القاعدة: قسمْ بِمحيكَلْ ( محيكَ لْ بَدري) بينما محمد نور ينطق السواكن فيتعثر (محيكْ لْ بَدري) ينطق الساكنين فالعبارة تكون ثقيلة.. بينما وردي كان في إنسيابية إذ بالسليقة أو/و العلم فعل الصحيح:
إسمع المقطع ( محيكَ لْ بَدري) عند وردي وبعد أن يروي وردي مباشرة قصة الغنية البديعة ركز في (محيكَ لْ بَدري) بفتح الكاف والإنسيابية.. وأهم شيء عاين لأين يصعد وري باللحن (في الكاف) محيكَااااااالْ بادري لأنها متحركة ولكن عصام محمد نور يقتل هذه الصعود لأن عنده مستحيل حين نطق الساكنين محيكْ لْ) فيضطر أن يؤجل الصعود باللحن إلى ما بعد (محيكْ ) محيكْ ... اااالْ بادريييي (لحظة وقف بعد كاف (محيكْ) وهذا إذن ليس لحن وردي (محيكَاااااالْ).
وهنا الثواني الأولى من محمد نور.. ركز في (محيكْ لْ بَدري) بتسكين الكاف ونطق ال = لْ بعدها .. ربما تلاحظ أن الإنسيابية تعثرت.. إسمع المقطع ( محيكَ لْ بَدري) عند عصام مرة مرتين وركز في (محيكْ لْ بَدري) بسكون .. وأهم شيء اسمع مرة ثانية لأين يصعد وري باللحن (في الكاف) محيكَااااااالْ باادري لأنها متحركة بينما عصام محمد نور يقتل هذه الصعود لأن عنده مستحيل حين نطق الساكنين (محيكْ لْ) فيضطر أن يؤجل الصعود باللحن إلى ما بعد (محيكْ) اااالْ بادرييييي وهذا إذن ليس لحن وردي إنما شئ آخر. لاحظ مرة أخيرة الحركة والسكون كيف فعلا فعلهما كل مرة (اسمع تاني وتالت) : وردي: محيكَااااااالْ باادري .. عصام: محيكْ اا لْ بدرييييي في المرة الاولى ويكررها في المرة الثانية في الجملة كاملة ( قسم بمحيكْ لْ البدري) ساكنة صامتة بالكامل دون حتى محاولة صعود بعدها.. وهناك المزيد من شاكلة ذلك الخطأ لكن نكتفي به كمثال ساطع بغرض التركيز. ولكن هناك المزيد مثل (بسيمات فاهك التبَري) تبَري بفتح الباء عندي عصام وهذا إخلال بالقافية التي هي دوما (بْري) بسكون الباء في المقطع المحدد (ﺻﺤﻴﺢ ﻟﺠﺮﻭﺣﻲ ﻻ ﺗﺒْﺮﻱ ﻫﻮﺍﻙ ﺑﺮﺿﺎﻱ ﻣﺎ ﺟﺒْﺮﻱ ﺑﺴﻴﻤﺎﺕ ﻓﺎﻫﻚ ﺍﻟﺘﺒْﺮﻱ ﻳﺎﺟﻤﻴﻞ ﻛﻢ ﻗﻠﻠﺖ لي ﺻﺒْﺮﻱ). لكن أهم ما نود الإشارة إليه اليوم هو نطق السواكن في (محيكْ الْبدري) لأن تلك من الأخطاء المكررة يومياً بلا وعي في كثير من الأغاني السودانية وبالذات عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم لا الرواد.
والتحية للشاب المبدع عصام محمد نور وعلى روح الفنان العظيم وردي السلام.
تتواصل محاولة إستبيان قواعد العامية الوسطسودانية والشعر العامي
الجوازات ولزوم ما لا يلزم في شعر الحقيبة وفرادة العبارة.. مذكرة لحلقة مقبلة.. أحرموني ولا تحرموني، مثال:
مقطع "1"
لاحظ كلمة ليل "يا ليلُ" وإشباعها تكون (يا ليلُو) جاءت وكأنها معربة وبقية القصيدة غير ذلك، وهناك (بي/رمْسي وليس برمْسي) كما أن القافية ثلاثية دوما (مْسِي) :
عن حقيقة الحب غين ولام عنْ حَقَيقْتَلْ/ حُبْ غينْ/ وَلام فَاعِليتْتَانْ/فِعْلانْ//فَعُولْ
وملاحظة أخيرة: فرادة وغرابة بعض الكلمات المحتشدة بها القصيدة برغم أنها عامية وخاضعة لقواعد العامية السودانية.
إذن نحن بصدد محاولة التعرف على ما نسميه بالجوازات (والضرورات) ولزوم ما لا يلزم (الإضافات النظمية الفائضة) وفرادة المفردات (الكلمات المفتاحية الوافدة من خارج العامية الوسطسودانية) في شعر الحقيبة (؟!). وعلاقة كل ذلك بالقواعد!.
وعلى ذكر ذلك أضع من جديد الخلاصات الأولية ل: (قواعد العامية/الشعر العامي):
1- أن أشعار السودان الوسطية تجرى على أساس قواعد العامية الوسطسودانية لذا معرفة قواعد تلك العامية جوهرية الأهمية.
2- التعريب عيب (ممنوع) في الأشعار العامية، وجب أن تنطق بلغة الشارع.
3- تفاعيل الأشعار مختلفة عن بعضها البعض وقاموس مفرداتها.
4- نمطية الحقيبة جارية وفق قواعد العامية الوسطسودانية برغم الكلمات الفريدة والغريبة المحتشدة بها القصيدة.. وهي طبعاً وافدة وليست من أصل العامية الوسطسودانية إلا إنه كما أسلفنا فالنظم يخضع بالكامل لقواعد العامية السودانية كما لاحظنا من الأمثلة والتقطيع العروضي الذي أجريناه على قدر من أشعار الحقيبة
5- للأشعار العامية أوزانها وأبحرها الخاصة بها وليست بالضرورة تنسجم مع الأبحر العربية الرسمية كما أن التفاعيل منوعة ومتعددة وتفوق التفاعيل الرسمية الثمانية المعروفة في الأنماط الرسمية فمثلاً في الرسمية لا توجد (فِيعْلانْ، فيعْعِلاتُنْ) وتوجد في الحقيبة.
6- التقطيع العروضي للأشعار العامية ضروري لنتعرف على البناء الداخلي للقصيدة وفرز الأنواع الشعرية كما شيء آخر أهم: اللفظ السليم للمفردات.
ونختم هذه الحلقة بمقطع متعلق بمحتوى هذا السرد من إمام الزجالين الأديب صفي الدين الحلي من كتابه العاطل الحالي والمرخص الغالي (فن الزجل):
العاطِل الحالي كتاب في الأدب. ألفه صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلِّي (1278-1351م) وهو شاعر وكاتب وأديب، وله ديوان شعر مشهور. اسم الكتاب كاملاً العاطل الحالي والمُرخَص الغالي ولكنه اشتهر بالعاطل الحالي.يعالج هذا المؤلَّف الفنون الأربعة التي كتبت في اللغة العامية وهي الزجل والمواليا والقواما والكان كان. وقد نص الحلي في مقدمة الكتاب على هذه الفنون فقال: "فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل الذي تختلف أوزانه ويضطرب ميزانه، ويتغاير لزومه ويشتبه منظومه. وهذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها وتفاوت اصطلاح مبتدعيها ؛ فمنها ما يكون له وزن واحد وقافية واحدة وهو الكان كان ومنها ما يكون له وزن واحد وأربع قواف وهو المواليا، ومنها ما يكون له وزنان وثلاث قواف وهي القواما ومنها ما يكون له عدة قواف وعدة أوزان وهو الزجل". ذلك مقطع مهم من كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي.. والحقيبة من نمطقية الزجل وفق خلاصة البحث.. اقرأ لطفاً مرة ثانية ماذا قال عن نمطيتها في هذا المقطع للتو سيدي: صفي الدين الحلي.. في حوالي العام 1330م.
يعني بحثك هنا ينفي هناك بحثك الكبير و اكتشافك العظيم بأن اغاني الحقيبة بشحمها ولحمها مسروقة من الزجل الاندلسي. وحقيقة يا استاذ محمد جمال الدين لم تترك لنا مجالا للنقاش معك حول هذه السرقة التاريخية.
07-21-2022, 04:09 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
ودارت نقاشات كثيرة حول الموضوع وهنا مثلاً حلقة من سودانية 24:
وبعد دا كله عارف أنك ما جاي تناقش من تجربتي معاك في البوست الآخر وإلا الموضوع واضح هنا من العنوان (لم تناقشه).. أخشى يكون هدفك تخريب البوست وتخريب مزاج الناس ما أستطعت إليه سبيلا.. فصبراً جميلا.
أغنية الغصن الرطيب سهلة ممتنعة إن صحت العبارة وإنسيابية النظم وغير معقدة الكلمة كثيراً مثل (برضي ليك) مثلاً.. برضي ليك صعبة جداً كما بيَّنا في الأمثلة في الحلقات السابقة. غير أن في الغصن الرطيب لاحظت هناك ربكة في الغالب تحدث عند البعض في مقطع واحد فقط وهو: في بنانك إزدهت الزهور زادت جمال ونضار وطيب يامداعب الغصن الرطيب يالمنظرك للعين يطيب إن شافك المرضان يطيب زادت جمال ونضار وطيب
فالبعض يقرأ (للعين يطيب) (المرضان يطيب) معرباً يطيب ( بنطق الياء).. ولكن قد نلاحظ عبر التفعيلة والوزن والسجع وإتساق القافية.. أن الأصح أن تنطق (يطيب) دارجة غير معربة: للعين يطيب = إِطيبْ .. والمرضان يطيب = إِطيبْ.
والواو "وُ = أُ" بالضمة لا الفتحة في: زادت جمال وُنضار وُطيب.. وعليه يكون المقطع كالتالي:
مذكرة لحلقة مقبلة: عازة في هواك بين خليل فرح (الأصل 100% سليم) وأداء كورال معهد الموسيقى والدراما بجامعة السودان.. اخطاء فادحة في نطق السواكن من الكورال.
لاحظ: الدقيقة 3 عند خليل.. ملعبْ الشبابْ = ملعبَشْ شباب.. والإنسيابية.. بفتح الباء في ملعب:
ولاحظ: الدقيقة 3.50 عند الكورال.. شوف القطعة (الوقف) ملعبْ شْشباب.. بسكون الباء قطع نفس (مجرد مثال: هناك المزيد):
---
تلك مجرد مذكرة لحلقة مقبلة من الاخطاء في سبيل استكشاف قواعد العامية الوسطسودانية وشعرنا العامي
07-22-2022, 07:13 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
الحلقة "6" عازة في هواك.. أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم:
عازة في هواك بين الخليل ومن أداها بعده .. معجزة صنعها الخليل وحده وأداها وحده ونطقها وحده صحيحة لا غيره أبداً!
لم أعثر على مغني أو منشد أو جماعة كورالية (حد علمي) أدت القصيدة الفخيمة وإلا سقط/سقطت في عدد من العثرات اللغوية الكثيرة .. وأفضل من أداها من الكورالات كورال الدراما بجامعة السودان لكن ليس بدون أخطاء، كوننا كلنا لم نكن نعي بالقواعد موضوعيا وعلمياً كل الوقت.
وتلك العثرات (الأخطاء الغوية) غير الموعية شاملة كما أسلفنا ولكن نأخذ كورال الدراما هذه المرة من باب المثال وهنا وجب أن ننبه مرة ثانية أننا غير معنيين بالأداء والصوتيات واللحن والموسيقى فقط اللغة وما يليها من تفعيلة ووزن. سنركز على مثال واحد ساطع في الغنية : (مــلعــبْ اْلشــبــابْ).
سآتي بالأصل من خليل لعقد المقارنة ختام هذه الحلقة.. لكن قبل ذلك دعني أشرح المشكلة (السواكن) أن القصيدة محتشدة بالسواكن المتقابلة (28) مرة ووجدنا أن القاعدة الأولى والحاسمة في العامية الوسطسودانية أن كل كلمات الجملة تكون مبنية على السكون وعلى وجه الإطلاق ( أعنى طبعاً الحرف الأخير في الكلمة) ما عدا في حالة إلتقاء الساكنين أو تقابلهما. والسكون ثمانية حالات: الحرف الصحيح الساكن وحروف العلة التلاتة (الواو والألف والياء) وتاء التأنيث واللامان (القمرية والشمسية) ولام الوصل. إذ لا يتحرك الساكن في آخر الكلمة إلا في حالة إلتقاء ساكنين (تقابل الساكنين) مثل: ملعبْ اْلشباب.
وهنا رسم للسواكن ال 28 المتقابلة في عزة في هواك: لاحظ دوماً الساكن الأول يتحرك بإستلاف الساكن المقابل له (التالي) مفسحاً الطريق إلى تحريكه فلا يلتقيان:
وللبـخـوض صـفـاك عـزة نـحن النبال (نـحننْ نِبالْ) اللام شمسية (اصطحب ملاحظة هذه اللامات معك كل الوقت)
عـــزة مـــا بــنــوم الليــل مــحــال (بــنــومَلْ لِيــل) .. تم إستلاف الساكن (لْ) فتحركت الميم في (بنومَلْ) مقابل (لِيل).. وتكون النتيجة أن لا ساكنان متقابلان (دوما تلك هي القاعدة)
وعزة في الفؤاد دوا يشفي الوبال (فِلْ فُؤادْ/ يشفِلْ وَبالْ)
تلك هي ال 28 ساكناً المتقابلة في القصيدة الفخحيمة فنطقها الخليل جميعاً صحيحة مما يؤكد القاعدة.
عازة في هواك بين خليل فرح (الأصل 100% سليم) وأداء كورال معهد الموسيقى والدراما بجامعة السودان.. فقط من باب المثال.. لاحظ نطق بعض السواكن من الكورال.
لاحظ: الدقيقة 3 عند خليل.. ملعبْ الشَّبابْ = ملعبَشْ شباب.. والإنسيابية.. بفتح الباء في ملعب:
ولاحظ: الدقيقة 3.50 عند الكورال.. شوف القطعة (الوقف) ملعبْ شْشباب.. بسكون الباء قطع نفس (مجرد مثال: هناك المزيد مثل (فوق التلال في الدقيقة 4 الى 4.12):
ولو أراد الناس الوقف لضرورة اللحن أو أي ضرورة أخرى فلا يصح هذه الوقوف (ملعبْ) بل (مَلعَبَشْ) معلبشْ/شَباب كما ينطقها الخليل.. وإلا أنت ضد القاعدة (فتكون العبارة ثقيلة) وضد الخليل.
ونواصل في سرد المزيد من الألأمثلة لذات السبب وهو تبيان أهمية العلم بقواعد العامية وقواعد الشعر العامي.
أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم .. الحلقات كاملة من منبر سودانيزأونلاين.. هنا:
https://sudaneseonline.com/msg/board/499/msg/1508353908/rn/88.html يارجل كيف جاي احرف البوست؟؟!!! تتكلم عن اخطاء اللفظ و(التفاعيل) في غناء الحقيبة...وانت قلت ان شعراء الحقيبة سرقوها من الزجل الاندلسي...هل السرقات تمت حتى بالاخطاء اللفظية؟ تعليقي في نفس المسار....لكن يبدوا انك بتنفعل دون وجه حق والسؤال سيظل السؤال قائما حتى تثبت تلك السرقات او تعترف بفشل بحثك المضني واكتشافاتك التي لم تلفت انتباه حتى مغني مبتدىء.
07-23-2022, 08:18 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
يا أخونا يس: الكلام دا دورته في البوست التاني وردينا عليك بالعندنا.. عشان كدا بقول ليك أنت هنا قصدك واضح بالنسبة لي.. ودا شغل حر ومستقبل بتاعي وحدي ما مؤسسة ولا جامعة ولا دولة.. شايفه عولاق ما مهم .. شايفه كعب ما عجبك خليه. أعتبره رأيي.. مش الناس حرة.. ولا كيف.. لازم أجي أطلب منك الإذن يعني!.
ما طالب منك إجابة هنا عندك رابط آخر الكلام.. الموضوع دا من سنة 2017.. أنا هنا عندي موضوع تاني.
بس دا ما ورد في خلاصات البحث والأوراق التابعة له إن كنت تنشد الحقيقة:
ورد في خلاصات البحث أن: حقيبة الفن السودانية (إبداع سوداني أصيل) من نمطية الزجل الأندلسي. إبداع سوداني أصيل ويمكن أن تعتبر الحقيبة من أجود وأبهر أنواع فن الزجل الأندلسي على مر تاريخه (حسب المقارنات العديدة التي جرت أثناء البحث الحر والمستقل).
والزجل الأندلسي فن شعري/غنائي ما يزال يمارس عند جميع الشعوب المتحدثة اللغة العربية بالاصالة وحتى تاريخ اليوم. وعنده أسماء مختلفة في البلدان المختلفة ففي المغرب العربي الكبير من أسمائه الحوزي والصنعة والمالوف وزجل.. وفي مصر ولبنان وفلسطين والعراق: زجل.. وفي المملكلة العربية السعودية إسمه الحجازي.. وفي السودان إسمه: حقيبة الفن (وفق خلاصة بحث الحقيبة).
الأشعار المغناة السابقة واللاحقة للحقيبة لا توجد بها اأخطاء كتلك التي تحدث في الحقيبة.. ما السر!
هذه هي الملاحظة التي ربما مدهشة ومن بعدها نسمع صوت بنونة عبر الكابلي (ما هو الفافنوس) في مقطعين فقط (مثال) مع التقطيع العروضي وفق العامية الوسطسودانية.
الملاحظة المدهشة بالنسبة لي أن الأشعار المغناة السابقة واللاحقة للحقيبة لا توجد بها الأخطاء التي تحدث في الحقيبة وتحديداً تعريب ما لا يجب أن يعرب ونطق السواكن.. مع أنهم في الغالب ذات المغنين الذين أدوا الحقيبة فوقعو في العثرات ولكن في الغناء الجديد لا (يعرفون بالسليقة والفطرة) ولكن في حالة الحقيبة لا (إلا الرواد) .. والسبب في تقديري هو الكلمات المتفردة (الغريبة على العامية الوسطسودانية) التي تحتشد بها جل أشعار الحقيبة مما يوحي بأن القصيدة فصيحة والحقيقة أنها ليست كذلك بل عامية وجملتها كلها تنتهي بالساكن (غير معربة) وبالتالي من الخطأ تعريبها.. فنمطية الحقيبة جارية وفق قواعد العامية الوسطسودانية برغم كل تلك الكلمات الفريدة والغريبة المحتشدة بها القصيدة.. وهي طبعاً وافدة وليست من أصل قاموس العامية الوسطسودانية (اليومي) إلا إنه كما أسلفنا فالنظم يخضع بالكامل لقواعد العامية السودانية كما لاحظنا من الأمثلة والتقطيع العروضي الذي أجريناه على قدر من أشعار الحقيبة. وعليه فإن نطق السواكن يثقل ويبطي الكلام.. كما وأن التعريب عدو هذا الفن لأنه يخرب التفعيلة ومن ثمة الوزن ويخرب الجناسات ومن ثمة السجع ويجعل اللفظ ثقيلاً وخلاصته تشويه للحمة القصيدة كما قال صفي الدين الحلي (راجع الحلقات السابقة من هذه السلسلة). . والحُجة دوماً لماذا تعرب هذا وتترك ذاك غير معربٍ، لا يستقيم.
وملاحظة أخرى بدورها مهمة: إزا قواعد العامية الوسطسودانية نحن نعتمدعلى الملاحظة عبر المشاركة/المعايشة في بحثنا وسماع النماذج المختلفة والناس المختلفين. غير أن أيضاً الأغاني ذات أهمية شديدة بالنسبة لبحثنا الجديد في إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية كون أول كلام محفوظ ومكتوب وصلنا كان دوبيت (أغاني) حسان الحرك وشغبة المراغمابية (منتصف العهد السناري حوالي 1700م) وأول كلام مسجل وصل إلينا في العصر الحديث كان أيضاً أغاني (الحقيبة) منذ حوالي العام 1926.
ونمشي إلى بنونة والكابلي (مرفق الأغنية أدناه) للمقارنة وفي المستقبل سنقارن المزيد من الأشعار المغناة ما قبل وبعد الحقيبة:
مقطع "1”
ما هو الفافنوس ما هو الغليد البوص ود المك عريس خيلاً بجن عركـــــــوس أحيّ على سيفه البحد الــــــــــــــــروس
مقطع “2”
ما دايرالك الميته أم رماداً شـــــــــــــح دايراك يوم لقى بدميك تتوشـــــــــــــــح الميت مسولب والعجاج يكتــــــــــــــــح أحيّ على سيفه البسـوي التــــــــــــــح
المقطعان يخضعان للتقطيع العروضي وفق العامية الوسطسودانية وقواعدها المحسوسة.. لاحظ أن الكابلي ينطقها بالزبط كذلك وفق القواعد (الفيديو مرفق):
قد يخطر في خلد أحدنا سؤال: ما فائدة التقطيع العروضي؟: فوائد كثيرة ومن أهمها: النطق السليم للمفردات كما المساعدة في مقاربة المعاني الشعرية إضافة إلى معرفتنا بالوزن عبر التفعيلة فنقرأ وننشد ونغني بسلاسة ومعرفة وفرز الأنواع الشعرية المختلفة.
الكابلي: ما هو الفافنوس
07-24-2022, 03:15 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
زجل في الحقيبة والكلمات المتفردة الغريبة على قاموس العامية والوسطسودانية!
سأعطي مثال للكلمات المتفردة الغريبة على قاموس العامية والوسطسودانية في الحقيبة.. لكن قبله سنكرر للأهمية التالي: إزاء هذه الملاحظة المدهشة بالنسبة لي أن الأشعار المغناة السابقة واللاحقة للحقيبة لا توجد بها الأخطاء التي تحدث في الحقيبة وتحديداً تعريب ما لا يجب أن يعرب ونطق السواكن.. مع أنهم في الغالب ذات المغنين الذين أدوا الحقيبة فوقعو في العثرات ولكن في الغناء الجديد لا (يعرفون بالسليقة والفطرة) ولكن في حالة الحقيبة لا (إلا الرواد) .. والسبب في تقديري هو الكلمات المتفردة (الغريبة على العامية الوسطسودانية) التي تحتشد بها جل أشعار الحقيبة مما يوحي بأن القصيدة فصيحة والحقيقة أنها ليست كذلك بل عامية وجملتها كلها تنتهي بالساكن (غير معربة) وبالتالي من الخطأ تعريبها.. فنمطية الحقيبة جارية وفق قواعد العامية الوسطسودانية برغم كل تلك الكلمات الفريدة والغريبة المحتشدة بها القصيدة.. وهي طبعاً وافدة وليست من أصل قاموس العامية الوسطسودانية (اليومي) إلا إنه كما أسلفنا فالنظم يخضع بالكامل لقواعد العامية السودانية كما لاحظنا من الأمثلة والتقطيع العروضي الذي أجريناه على قدر من أشعار الحقيبة. وعليه فإن نطق السواكن يثقل ويبطي الكلام.. كما وأن التعريب عدو هذا الفن لأنه يخرب التفعيلة ومن ثمة الوزن ويخرب الجناسات ومن ثمة السجع ويجعل اللفظ ثقيلاً وخلاصته تشويه للحمة القصيدة كما قال صفي الدين الحلي (راجع الحلقات السابقة من هذه السلسلة). . والحُجة دوماً لماذا تعرب هذا وتترك ذاك غير معربٍ، لا يستقيم.
وملاحظة أخرى بدورها مهمة: إزا قواعد العامية الوسطسودانية نحن نعتمدعلى الملاحظة عبر المشاركة/المعايشة في بحثنا وسماع النماذج المختلفة والناس المختلفين. غير أن أيضاً الأغاني ذات أهمية شديدة بالنسبة لبحثنا الجديد في إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية كون أول كلام محفوظ ومكتوب وصلنا كان دوبيت (أغاني) حسان الحرك وشغبة المراغمابية (منتصف العهد السناري حوالي 1700م) وأول كلام مسجل وصل إلينا في العصر الحديث كان أيضاً أغاني (الحقيبة) منذ حوالي العام 1926.
زجل في الحقيبة وبعض الكلمات المتفردة الغريبة على قاموس العامية والوسطسودانية:
زجل في الحقيبة.. عام 2017 أيام البحث رصدنا وتحققنا من هذه المقاطع التي وردت بها كلمة زجل في شعر الحقيبة:
انشِي شعري و"زجلي" وموالي... في ثَناك قليل يا جميل (العبادي)
ضاع صبري زاد من نار الصدود وجلي.. يامعاني الشـعر و"الزجــــــــلِ”
يا بيت القصيد يا روح "الزجل" (عبيد عبد الرحمن)
فيك رقصنا و"زجلنا" كم فيك جنة وفيك زلالا للشاربين (عمر البنا) لو رد السلام بحكمة و خجل .. كنا نقول كلام احلى من "الزجل" .. (عبد العزيز سيد احمد، متأثراً بالحقيبة إذ لا قبله ولا بعده وفق رصد 2017)
وإن حدث إستفتاء الآن ناهيك عن عام 1921 حيث بدأ نظم الحقيبة فلن تجد تلاتة سودانيين في كل البلاد يعرفون أو يهتمون لكلمة "زجل" دون أن يذهبوا إلى محرك البحث قوقل في العام 2022.. شئ غريب!.
وطبعاً هناك العشرات من الكلمات والعبارات في شعر الحقيبة الغريبة على قاموس العامية الوسطسودانية (لا تجدها في اليومي).. مثال: غصين النقا، الخد الزهري، يا خشيف، بيت القصيد، قصر الرشيد، سحر بابل، أسداً شجاع وهصور، أمحال، إنحال، أمقال (أمثلة لا حصرية لا تجدها في اليومي).
مع أنه شعر غنائي عامي (يخضع لقواعد العامية) وصنع ليسمعه الناس في أسطوانات ويبث عبر الإذاعة لاحقاً (بعد 1940) وفي الحفلات العامة والخاصة في بداية القرن العشرين، بداية ب 1921 وكانت نسبة الأمية حوالي 90% والناس شغفها في الدوبيت والحماسة والمناحة والمديح.. إذاً ما السر! .. ونحن هنا الآن أمام البحث في أو عن قواعد العامية الوسطسودانية والشعر العامي (ذلك هو الهدف)!.
تلك مذكرة لحلقة قادمة من سلسلة: أهمية التعرف على قواعد العامية الوسطسودانية والشعر العامي.
07-24-2022, 10:36 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
لماذا نهتم بالشعر والغناء في سبيل التعرف على قواعد العماية السودانية " ملاحظة مهمة مكررة للأهمية":
إزا قواعد العامية الوسطسودانية نحن نعتمدعلى الملاحظة عبر المشاركة/المعايشة في بحثنا وسماع النماذج المختلفة والناس المختلفين ومن كل الجهات والأعمار.
غير أن أيضاً الاشعار والأغاني العامية ذات أهمية شديدة بالنسبة لبحثنا الجديد في إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية كون أول كلام محفوظ ومكتوب وصلنا كان دوبيت (أغاني) حسان الحرك وشغبة المراغمابية (منتصف العهد السناري حوالي 1700م) وأول كلام مسجل وصل إلينا في العصر الحديث كان أيضاً أغاني (الحقيبة) منذ حوالي العام 1926. ولا شيء آخر غير كتاب الطبقات لود ضيف الله والشونة.. منذ مروي والممالك المسيحية.. وتلك هي القضية.
وتلك مجرد ملاحظة عابرة ونمضي إلى الأمام في محاولة إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية وأهمية معرفتها والأسباب.
07-25-2022, 05:49 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
إبراهيم موسى أبا.. عيني عليك باردة وتاء التأنيث في العامية الوسطسودانية (100% سليم وفق القاعدة أو يثبت القاعدة)
هنا رصد لتاءات التأنيث بالذات المربوطة في (عيني عليك باردة) ومن ثمة التحليل والمقارنة ومرفق تسجيل للغنية في الختام للإستماع عدة مرات خلال المقارنة:
تصاريف تاء التأنيث في (عيني عليك باردة): هذه هي القصيدة ونمشي للتحليل والمقارنات (التاء تتحول إلى ("ا" مد مخفف أو ها ساكنة صامتة "هْ" أو تنطق في حالات محددة) في العامية الوسطسودانية:
عيني عليك باردا يا السمحا يا الواردا
يا فقرا ردولي رويحتي الهناك شاردا
في مشيتا الخايلا ورادا كيف مايلا
البيها بتشتت دمعيات حرير سايلا
روحي العطيشانا لشديرتِك الشايلا
وقلبي كان شفتي حرايت القايلا
وديعا منضوما كايسالا لي توما
ان قلنا نوصفها خشومنا مختوما
دي من برق عينيها عقولنا ملخوما
قشيشتْ الخريف خدرا شايلالا نوارا
والنوم جفا عيونا سوانا سهارا
بيك الفريق نوَّر يا ست بنوت بارا ملكتْ جمال بارا (تلك هي القصيدة الأنيقة العامية محل بحثنا اليوم).
تصاريف تاء التأنيث في (عيني عليك باردة)
ملاحظات عامة: القصيدة تخاطب الأنثى بتاء التأنيث ونعرف أن معظم الشعر الغنائي يستخدم ضمير الغائب المذكر ليعني المؤنث (يا حبيب قلبي وليس يا حبيبة وذلك لخفة الوزن فحبيب أخف في النطق من حبيبة) ولذا فالقصيدة مناسبة لتكون مثالنا في هذه الحلقة للنظر في القاعدة التي إستنبطانها حول تاء التأنيث وهي أن: تاء التأنيث (ة) تأتي في عاميتنا مبنية على السكون ولكن قد تأتي في عدة أحوال ممكنة متحركة: أن تظل منطوقة ساكنة أن تتحول إلى: ا أو أْ أو هْ.. وهو المعتاد.
فنقول: البقرا، المرا، السفينا، الحيطا .. بقرا سمينه، مرا سمحا، سفينا جديده، قلعا و جوهرا (ست بنوت بارا). وفي صيغة أخرى: البقرا السمينا، المرا السمرا (العطيشانا لشديرتك الشايلا .. عيني عليك باردا يا السمحا يا الواردا) .
ولكن في حالتين تظهر التاء من جديد فتنطق.. في حالة الإضافة بغرض التعريف وفي حالة الإلحاق بحرف من حروف الملكية أو ضمير من ضمائرها: بقرتْ مَحمدْ سَمينة مرتْ وَلدك مدبرا .. (ملكتْ جمال بارا) أو بقرتَي سمينة مرتُي مدبرة ( رويحتي الهناك شاردا) و (روحي العطيشانا لشديرتِك الشايلا “شديرتِكْ”).. القاعدة في هذه الجزئية تقول: في حالة الإلحاق بحرف من حروف الملكية أو ضمير من ضمائرها تنطق تاء التأنيث.
كما تنطق تاء التأنيث في حالة جاء بعدها ساكن مثل (لامات التعريف): قشيشتْ الخريف فتكون قشيشْتِلْ خَريف. وهنا تطبق قاعدتان وليس واحدة. 1- تنطق تاء التأنيث و 2- تحريكها أي تخليصها من السكون كونها تقابل ساكن آخر (قشيشتْ الخريف فتصبح قشيشتَلْ خَريف).. وهنا المزيد من الأمثلة: في مشيتة الخايلا (في مشيتَلْ خَايلا). حراية القايلة (حرايتَلْ قَايلا) رويحتي الهناك (رويحتِلْ هِناك).
وذلك يحدث بشكل تلقائي ومن جراء التنشأة ومن إنبعاثات السليقة. وهذا بالزبط ما فعله الفنان إبراهيم موسى أبا ببديهة وفطرة سليمة لا تعرف التلعثم.
ولكن نحن هنا بصدد إستنباط تلك القواعد والوعي بها موضوعياً وعلميا.
تعليق ختامي: وجدنا حتى الأن أن اللغة العامية السودانية: أربع لهجات رئيسة 1- لهجة الوسط النيلي الوسيط (يشمل شمال كردفان) 2- لهجة سهل البطانة 3- لهجة دارفور وغرب كردفان (منوعة ومتأثرة باللغات الأقدم) 4- لهجة الشايقية. وربما 5- لهجة شرق السودان (قيد النظر).
القصيدة/الغنية محل بحثنا اليوم (عيني عليك باردة) تحمل نَفَسْ كردفان إلا أننا وجدنا أن عامية شمال كردفان من حيث القواعد والقاموس من العامية الوسطسودانية (مع لمسات خاصة) وهي تمتد من مروي في الشمال الوسيط إلى حدود الجنوب مناطق جماعة الصبحة بالشرق وجماعة السليم بغرب النيل. ومن شمال كردفان غرباً إلى سنار في النيل الأزرق.
ووجدنا أن عربي جوبا منبثق من العامية الوسطسودانية من حيث القاموس (مع التحوير) وإختلاف في القواعد لتكون مشابهة لقواعد اللغات المحلية لجنوب السودان.
وجنوب كردفان (جبال النوبة) خليط بين العامية الوسطسودانية و العامية العربية الدارفورية (منوعة ومتأثرة باللغات الأقدم).
إبراهيم موسى أبا.. عيني عليك باردة
تتواصل.. مبررات أهمية معرفة أو إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية والشعر العامي
روابط: 1- مقدمة في قواعد العامية الوسطسودانية.. رابط من سودانيزاونلاين (ملاحظة هامة: البوست يمضي إلى الصفحة 2 تجد الرقم آخر الصفحة المنبرية لتطلع على بقية الحلقات من سلسلة العامية الوسطسودانية ):
2- أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم .. في سبيل تبيان أهمية العلم بقواعد العامية وقواعد الشعر العامي... الحلقات كاملة من منبر سودانيزأونلاين.. هنا:
عازة في هواك من جديد (قواعد العامية الوسطسودانية) وهذه حلقة مكملة للأولى: عازة في هواك (خليل فرح).
مقدمة:
كل كلمات الجملة مبنية على السكون وعلى وجه الإطلاق. بالمقابل لا يلتقي ساكنان ولا يلتقي متحركان (يلتقي = يتقابل) وإن كان قد يكون مفهوم لنا عدم تلاقي السواكن (لان تلك القاعدة معروفة أيضاً في اللغة الكلاسيكية = الفصيحة). فإن عدم تلاقي المتحركين تفسره القاعدة الأم ذاتها .. إذ أن كلمات الجملة مبنية على السكون.. نضرب أمثلة متخيلة، أمامنا بعد قليل جملة معيارية صحيحة وخالية من إلتقاء السواكن: ملكتْ جَمالْ سُوبا هِي سِتْ بَنوتْ بَارا.
لاحظ أن كل كلمات الجملة مبنية على السكون (لا إعراب) وذلك على وجه العموم هو السر الأعظم لإنتصار وإنتشار العاميات لأن في هذه القاعدة خفة اللفظ ورشاقة العبارة.. وهو ما جعل العاميات عموماً مسرحاً أولاً للنظم الشعبي الغنائي وللأشعار الغنائية عموماً.
تتبع تلك القاعدة الأم قاعدتان متعلقتان بها: 1- بالضرورة أن لا يتقابل متحركان (هذه قاعدة متصلة غير منفصلة) 2- لا إلتقاء لساكنين إذ لا بد أن يتحرك أحدهما (هذه قاعدة منفصلة).
نأتي بمثالنا المعياري أعلاه من جديد ونعلب به مرتين.
في هذه المرة الأولى دعنا نحرك السواكن (بالفتح): ملكتَ جَمالَ سُوبا هِي سِتَ بَنوتَ بَارا. قد تلاحظ أن الكلام إختلف وأصبح ثقيل على اللسان وسيكون كذلك مع جميع الحركات الممكنة ( ملكتَ جَمالَ سُوبا) حاول جرب معي في سرك وكرر تلك الجملة عدة مرات وهي: ( ملكتَ جَمالَ سُوبا) أعتقد ستكون صعبة عن الصحيح: ملكتْ جَمالْ سُوبا.
2- عندي إلتقاء الساكنين يحدث شي مختلف (العكس): ملكتْ الجَمالْ في سُوبا هِي سِتْ البَنوتْ في بَارا (ملكتْ الجَمالْ/ سِتْ البَنوتْ = ملكتْ لْجَمالْ/ سِتْ لْبَنوتْ).. هنا تم إلتقاء للسواكن.
إذاً تصبح الجملة المعيارية الصحيحة: ملكتَلْ جَمالْ/ سِتَلْ بَنوتْ) بحيث إستلفت الكلمة الساكنة الأولى الحرف الساكن المقابل (لْ في هذه الحالة أي لام التعريف) فتحرك الحرف الساكن منها وأصبح يقابلها متحرك، كهذا (ملكتَلْ جَمالْ).
وإلا سيكون الكلام ثقيلاً أن نطقت السواكن هكذا: ملكتْ لْجَمالْ. وهذه القواعد وغيرها معرفتها ليست من باب العلم بالشئ ولا الرفاهية بل جوهرية وضرورية بالذات لتنطق الغناء بصورة سليمة وإلا سيكون الأمر صعباً كما بيّنا في الأمثلة التي جئنا بها في الحلقات السابقة.
وقلنا من باب المثال أن (برضي ليك المولى الموالي) لم ينطق كلماتها كلها سليمة إلا سرور صاحبها وهي صعبة وتحوي عدداً كبيراً من السواكن المتقابلة بداية بعنوانها ( برضي ليكْ لْمولى لْموالي = ليكَلْ مَولَلْ مُوالي) كذلك (عازة في هواك) لم ينطقها أي شخص تغنًّى بها كلها صحيحة إلا الخليل صاحبها. وهي تحوي 28 ساكناً متقابلاً كما بيّنا في الحلقة الخاصة بها (أضع للأهمية مرة ثانية خلاصة حلقة عازة في هواك نهاية هذا السرد).
فإحدى أهم الأهداف من محاولة تبيان أهمية التعرف على قواعد العامية الوسطسودانية وكيف يؤدي الجهل بتلك القواعد إلى إشكاليات في فهمنا ونطقنا الصحيح لأشعارنا المكتوبة بهذه العامية وهي جل ما عندنا من اشعار وأغاني من حسان الحرك (عهد سنار) إلى إسحاق الحلنقي (هذه الأيام).
وهنا رسم للسواكن ال 28 المتقابلة في عازة في هواك: لاحظ دوماً الساكن الأول يتحرك بإستلاف الساكن المقابل له (التالي) مفسحاً الطريق إلى تحريكه فلا يلتقيان:
وللبـخـوض صـفـاك عـزة نـحن النبال (نـحننْ نِبالْ) اللام شمية (اصطحب ملاحظة هذه اللامات معك كل الوقت)
عـــزة مـــا بــنــوم الليــل مــحــال (بــنــومَلْ لِيــل) .. تم إستلاف الساكن (لْ) فتحركت الميم في (بنومَلْ) مقابل (لِيل).. وتكون النتيجة أن لا ساكنان متقابلان (دوما تلك هي القاعدة)
وعزة في الفؤاد دوا يشفي الوبال (فِلْ فُؤادْ/ يشفِلْ وَبالْ)
تلك هي ال 28 ساكناً المتقابلة في القصيدة الفخحيمة فنطقها الخليل جميعاً صحيحة مما يؤكد القاعدة.
عازة في هواك بين خليل فرح (الأصل 100% سليم) وأداء كورال معهد الموسيقى والدراما بجامعة السودان.. فقط من باب المثال.. لاحظ نطق بعض السواكن من الكورال.
لاحظ: الدقيقة 3 عند خليل.. ملعبْ الشَّبابْ = ملعبَشْ شباب.. والإنسيابية.. بفتح الباء في ملعب:
ولاحظ: الدقيقة 3.50 عند الكورال.. شوف القطعة (الوقف) ملعبْ شْشباب.. بسكون الباء قطع نفس (مجرد مثال: هناك المزيد مثل (فوق التلال في الدقيقة 4 الى 4.12):
ولو أراد الناس الوقف لضرورة اللحن أو أي ضرورة أخرى فلا يصح هذه الوقوف (ملعبْ) بل (مَلعَبَشْ) معلبشْ/شَباب كما ينطقها الخليل.. وإلا أنت ضد القاعدة (فتكون العبارة ثقيلة) وضد الخليل.
ونواصل في سرد المزيد من الألأمثلة لذات السبب وهو تبيان أهمية العلم بقواعد العامية وقواعد الشعر العامي.
الحلقة "9" سرور و قائد الأسطول (الأصل السليم) .. سلسلة أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم:
سرور و قائد الأسطول:
ح ناخد تلاتة أبيات فقط من الإنشودة البديعة ونحللها ونقارنها مع من أداها بعد سرور من حيث اللغة والنطق السليم للمفردات (لا شأن لهذه المقارنة بالأداء أو اللحن أو الإيقاع) فقط اللغة/الكلام. سرور وحده من نطق القصيدة صحيحة بالكامل لا غيره وسنركز على علة نطق السواكن.. سرور بديع لا يغلط.
يا قائد الأسطول تخضع لك الفرسان
ياذو الفخار والطول أرحم بنى الإنسان
مين لسماك يطول ما يطولك اللمسان.
التلاتة أبيات دي بتدينا مثال لنمطية القصيدة كلها (زجل).. إذ أن القصيدة دوماً يتكون بيتها الواحد من قافيتين مختلفتين.. صدرها مختلف عن عجزها.. لاحظ مرة ثانية أن الصدر ينتهي باللازمة ( طُولْ) والعجز بللازمة (سَانْ):
يا قائد الأس/طولْ تخضع لك الفر/سَانْ
يازو الفخار وال/طولْ أرحم بنى الإن/سَانْ
مين لسماك ي/طولْ ما يطولك المَ/سَانْ.
ومثل تلك اللازمة من أهم ما يميز الزجل عبر تاريخه.. مثلاً: يا رايحين ل حلب حبي معاكم راح يا محملين العنب فوق العنب تفاح
يا رايحين لحل/بْ حبي معاكم ر/احْ يا محملين العن/بْ فوق العنب تف/احْ
ترنيمة زجلية شامية .. مجرد مثال صغير لا حصري.
نرجع إلى موضوعنا المهم (السواكن) كيف أن سرور عبر فطرة سليمة مفرطة الدقة لا يغلط أبداً ولا مرة واحدة في نطق السواكن (علة مؤدي الحقيبة فيما بعده):
يا قائدْ اْلأِسطول تخضع لكْ اْلفرسان
ياذو الفخارْ واْلطولْ أرحمْ بنى اْلإنسان
مينْ لسماك يطول ما يطولكْ اْللمسان
لاحظ: من التسجيل المرفق كيف سرور لم ينطق السواكن المتقابلة بل حركها جميعاً ليس في هذا المقطع وحده بل على طول الوقت، إضافة إلى أنه لم يعرب الكلام (لا يقول قائد بل يقول قايد، وذو = زو) وذاك مجد سرور، هكذا:
يا قايدَلْ/ إِسطولْ تَخضعْ لكَلْ/ فِرسَانْ
يازُلْ/ فِخار وَطْ/طُولْ أَرحمْ بنِلْ/ إِنسَانْ
مين لسماكا يَطول ما يطولكَلْ/ لَمسَانْ
allowfullscreen>
ونواصل في سرد المزيد من الألأمثلة لذات السبب وهو تبيان أهمية العلم بقواعد العامية الوسطسودانية وقواعد الشعر العامي.
روابط: 1- مقدمة في قواعد العامية الوسطسودانية.. رابط من سودانيزاونلاين (ملاحظة هامة: البوست يمضي إلى الصفحة 2 تجد الرقم آخر الصفحة المنبرية لتطلع على بقية الحلقات من سلسلة العامية الوسطسودانية ):
2- أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم .. في سبيل تبيان أهمية العلم بقواعد العامية وقواعد الشعر العامي... الحلقات كاملة من منبر سودانيزأونلاين.. هنا:
زجل (الزجل) الحقيبة إبداع سوداني أصيل من نمطية الزجل (حسب نتيجة البحث)!
على أثر كلمة "زجل" الواردة في الحلقة رقم "9" قايد الإسطول.. هل كان يعرف شعراء الحقيبة معنى كلمة "زجل" ؟ وبعضهم أمي (أكاديمياً) أظنهم يعرفون سنة 1920 أفضل مما نعرف نحن اليوم عن (الزجل):
زجل في الحقيبة.. رصد جديد لكلمة زجل.. عام 2017 أيام البحث رصدنا وتحققنا من هذه المقاطع التي روردت بها كلمة زجل في شعر الحقيبة:
انشِي شعري و"زجلي" وموالي... في ثَناك قليل يا جميل (العبادي)
ضاع صبري زاد من نار الصدود وجلي.. يامعاني الشـعر و"الزجــــــــلِ”
يا بيت القصيد يا روح "الزجل" (عبيد عبد الرحمن)
فيك رقصنا و"زجلنا" كم فيك جنة وفيك زلالا للشاربين (عمر البنا) لو رد السلام بحكمة و خجل .. كنا نقول كلام احلى من "الزجل" .. (عبد العزيز سيد احمد، متأثراً بالحقيبة إذ لا قبله ولا بعده وفق رصد 2017.. البحث)
ما رأيك أنت؟! هل كنت تعرف (زجل) هل أهتممتْ يوماً.. كن أميناً في داخلك!
07-29-2022, 07:14 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
ليه التعريب عيب في الشعر/الغناء العامي كله بما فيه الحقيبة (توجد ملاحظات في نقاط مختصرة) ومثال حي بين سرور وخضر بشير (ملحق بالحلقة الخاصة ببرضي ليك المولى الموالي رقم 1):
لا للتعريب: لأن الشعر/الغناء مكتوب أصلاً بالعامية (الدارجة) بما في ذلك أغاني الحقيبة برغم إحتشادها بالكلمات الفريدة الوافدة إلا إنها مبنية على السكون (غير معربة). المعلومة الثانية أن لكل قصيدة تفيعلة خاصة بها ووزن عروضي خاص بها فإن عربت فسيختل وبالتالي ستتغير التفعيلة ويختل الوزن ويصبح الكلام نثر لا شعر.
هناك ثلاثة أحرف غائبة عن العامية وهي الثاء (كَثُرْ = كَتَرْ) والذال (كذب = كضب) والهمزة (السماء = السما وقائد = قايد الإسطول) مجرد أمثلة.. والسبب أن تلك الحروف ثقيلة لذا إن نطقتها في سياق التعبير العامي سيثقل الكلام وإن نطقتها أثناء الغناء يحدث نفس الشيء وزيادة: تتغير التفعيلة ويختل الوزن ويصبح الكلام نثر لا شعر.
مثال: سرور يغني هذا المقطع (سليم) من برضي ليك المولى الموالي، بلا تعريب ولا نطق للسواكن كما يفعل خضر بشير، كالتالي: قلت ﻛُﺘَﺮ ﺍﻟﻨﻮﺡ ﺍﻟﻌﻴﺎﻟﻚ ﺩﻳﻤﺔ تطرا ﺃﻳﺎﻡ ﺯﺍﻫﻴﺎﻟﻚ
سرور ( ﻛُﺘَﺮَنْ/ ﻨُﻮﺡَلْ/ﻌَﻴﺎﻟَﻚْ) ستجد سرور أولاً في التسجيل ثم خضر بشير ثانياً في ذات الفيديو بداية بالدقيقة 5.40)
حضر بشير يعرب وينطق السواكن فتتغير التفعيلة ويختل الوزن ويصبح الكلام نثر لا شعر ستجد سرور أولاً في التسجيل ثم خضر بشير ثانياً في ذات الفيديو بداية بالدقيقة 6.30)
تتواصل.. مبررات أهمية معرفة أو إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية والشعر العامي
مثل هذه القراءات ليست بالضرورة هدف في حد ذاتها بقدر ما هي نافذة مهمة قد نرى من خلالها ذاتنا الجماعية بطريقة أكثر وضوحاً.. أو هي الخطة المأمولة.. وربما نقف عبرها على أسباب فشلنا في صناعة سودان متحضر وموحد وفشل ثوراتنا حتى الآن من جراء شقاقاتنا القائمة على جهلنا بذاتنا الجماعية والبيئة الطبيعية المحيطة بنا.. وإذاً نمضي إلى الأمام بطريقة أكثر صحة!
08-05-2022, 02:32 AM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
تلات بوستات جديدة لمن شاء (1- إضاءات جديدة على بحث الحقيبة 2- أخطاء مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث و 3- قواعد العامية الوسطسودانية) وذلك من جوهر الثورة:
1- إلى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة، محاولة لنقد موضوعي: الأستاذ/ معاوية حسن يس وتعليق مني وإضاءات جديدة على نتائج بحث: حقيبة الفن.
هذا السرد سيتواصل حول ما اسميته بالاخطاء .. فقط الان انشغلت اكتر مؤقتا بموضوع اخر لكنه متعلق بموضوعنا هنا .. وهو: اسباب الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة كل هذا الزمان.. وهذا هو رابطه لمن شاء منا وعنده الصبر الجميل:
إلى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة، محاولة لنقد موضوعي: الأستاذ/ معاوية حسن يس وتعليق مني وإضاءات جديدة على نتائج بحث: حقيبة الفن.
من الاوهام الخالدة : ان اسم الحقيبة جاء لان هناك حقيبة توضع بها الاسطوانات.. لم يحدث!
تلك المعلومة منتشرة على مر الزمن (ان الحقيبة سميت بذلك لان الشاعر صلاح احمد محمد صالح يحمل الاسطوانات في حقيبة الى دار الاذاعة) خطا.. لا توجد حقيبة بها اسطوانات والبرنامج اول ما تم تقديمه من اذاعة لندن القسم العربي وليس ام درمان.. والحقيبة المزعومة كانت رمزية وليست حقيبة حقيقية وان وجدت شنطة لاحقا فهي بمثابة الة ايقاع يتم ضربها لاصدار صوت اشبه بصوت الطبل ولا توجد بداخلها اي اسطوانات.. وصاحب البرنامج هو الذي قال بذلك.
تلك واحدة فقط من عشرات الروايات الخرافية المنتشرة حول ادب حقيبة الفن.. اسمع في الرابط المرفق ماذا يقول صاحب الشي ذاته بين الدقيقة 44 و46 ( دقيقتين بس ستعرف كم كانت المعلومة مزيفة وكسولة):
لقاء مع الشاعر صلاح احمد محمد صالح حول حقيبة الفن .. اسمع بين الدقيقة 44 و46
تلك كانت مجرد معلومة عامة عن واحدة من الاوهام الخالدة حول ادب الحقيبة.. ونحن هنا من اجل اسباب الافتتان.. الرابط التالي:
الى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة؟ محاضرة لمعاوية حسن يس ونتيجة بحث الحقيبة
شكرا اخي محمد جمال الدين ..اقرأ لك بمزاج واول ما افتح سودانيز اون لاين اهرع لكتاباتك وهي من النوع غير المالوف ولا يالفها الا من رحم قلبي .. اخطا معاويه بس في تعامله مع قصائد شعر الحقيبه وفاتت عليه رمزيتها وهي في اصلها قصائد عرفانيه مثل فصائد ابن الفارض والنابلسي واضرابهم والقصائد العرفانية تاتي دوما من وراء العقل وليس من العقل وهي قابله للتاويل والتاويل علم رفيع لا يعرفه الا السالكون في طريق غير مطروق علي سبيل المثال كتابات بن عربي لا تفهم الا عن طريق السالكين المجودين فنون العباده والعباده فكر وفن فتبدو طلاسم للعوام وهنا ادلف الي القران الكريم وهو لغة الذات الالهيه نزل في مواعين عربيه وهو اسمي من اللغه العربيه اذا تتكسر مواعين اللغه في القران ويتحول الي طلاسم مثل الم ..الر ..كهيعص ..قاف ..ص ..طه ..نون … العوام يجنحون الي ظواهر اللغه لمعرفه القران وهذا اسمه التفسير وهذا ليس به عبره وانما العبره بالتاويل وهو حظ الاتقياء والسالكين لمعرفة لغة القران واسراره وهذا ايضا ينطبق علي الكتابه العرفانية والقصايد العرفانية والتي ترمي الي معاني بعيده .. التاويل ولغة العرفان يختلف عن التوريه والطباق والجناس ..لغة العرفان لغة ذوق رفيع عماده الاخلاق اولا ومنهاج النبي في سنته الخاصه .. الملخص كل قصائد الحقيبه او معظمها هي لغة عرفان راقيه تحتاج الي حاسة ذوق دقيقه لا احسب ان الاخ معاويه يس يملك نواصيها ..
Sent from
08-14-2022, 10:10 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
وزول الانثروبولوجيا سؤاله الاساسي: الوضع الهسا دا (الراهن) جا من وين!.
واخوك منطلقه انثروبولوجي وليس تاريخي.
فمنطلق أعمالي الشوية ليس التاريخ بل الآنثروبولوجيا.. والاتنين مهمات بذات القدر.. والفرق بينهما أن التاريخ يمشي من الخلف إلى الأمام و الآنثروبولوجيا تفعل العكس إذ تبدأ من الآن (الراهن) ماضية إلى الخلف.
وختامه ان كنت تبحث عن مؤرخين عظام فمن امثالهم: د. احمد الياس حسين ود. احمد ابراهيم ابو شوك. والانثروبولجست من امثالهم: د. ادريس سالم الحسن د. محمد يوسف د. الواثق كمير د. بلقيس البدري ود. منزول عسل وسلالتهم ويشرفني جدا ان الاقدار جعلتني من تلك السلالة (متعة ذاتية).
وواحدة من هوايات اخوكم (المحب لكم) التقطيع العروضي للاشعار الكلاسيكية كما العامية.
مجرد توضيح اتمناه مفيد.. حيال موضوعنا هنا!
08-17-2022, 11:28 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
سلام محمد في البدء يجب الإشادة بهذا الجهد البحثي الكبير ولك التحية على زاوية النظر الفريدة واختيار فرضية تأثر شعر الحقيبة بالزجل الأندلسي وفي ذلك قدمت اسانيد وفرضيات على الاقل تستحق الحوار الجاد من اهل الاختصاص في النظم والشعر
انا توقفت عند النقطة الثالثة...حول حياد شعر الحقيبة سياسيا ثم الحظوة التى قدمت له من أصحاب السلطة والنفوس الثقافي في الوسط
اعتقد الاحتواء السياسي والترويج لفن الحقيبة جاء لاحقا...في البداية سجلت أغنيات الحقيبة بجهد شخصي ظهور الإذاعة ودورها الكبير كجهاز اعلامي مؤثر ووحيد... القوي السياسية كرست ثقافة الوسط وفرضت غناء الحقيبة كممثل شرعي ووحيد للغناء السوداني تجاهل أنماط الغناء السوداني الناطق بلغات غير العربية استمر حتي اليوم
08-19-2022, 06:59 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
طبعا يا محمد غناء الحقيبة بقرة مقدسة يصعب الاقتراب منها ممكن زول يجي يقول ياخ انتو بتكبرو المواضيع ودا مجرد غناء ذائقة الناس بتتكون بشكل طبيعي واي زول بيستمتع بالفن القريب ليهو بكل حرية بلا شك أن غناء الحقيبة بالنسبة للمواطن من وسط السودان ويتحدث العربية غناء جميل والشعر عظيم جدا والأداء بديع ما نود قوله ان الإعلام الرسمي من إذاعة وتلفزيون وقنوات فضائية كرست غناء الحقيبة وروجت له وفتحت له كل الأبواب وعلى العكس همشت غناء مناطق السودان الاخري وبللغات الاخري غير العربية
08-20-2022, 06:21 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
Quote: طبعا يا محمد غناء الحقيبة بقرة مقدسة يصعب الاقتراب منها ممكن زول يجي يقول ياخ انتو بتكبرو المواضيع ودا مجرد غناء ذائقة الناس بتتكون بشكل طبيعي واي زول بيستمتع بالفن القريب ليهو بكل حرية بلا شك أن غناء الحقيبة بالنسبة للمواطن من وسط السودان ويتحدث العربية غناء جميل والشعر عظيم جدا والأداء بديع ما نود قوله ان الإعلام الرسمي من إذاعة وتلفزيون وقنوات فضائية كرست غناء الحقيبة وروجت له وفتحت له كل الأبواب وعلى العكس همشت غناء مناطق السودان الاخري وبللغات الاخري غير العربية
مية المية معاك في كل النقاط دي.. بالذات إقصاء فنون السودان الأخرى دون الحقيبة.. ذلك كان عبر خطة مرتبة منذ بداية العهد الإنجليزي وأستمر الإقصاء بدرجات مختلفة حتى تاريخ اليوم ولذات الأسباب فقط مع إختلاف الفاعلين.
سعادة بطلت ومشاركتك محمد سيد أحمد.. وأما قولك:
Quote: طبعا يا محمد غناء الحقيبة بقرة مقدسة يصعب الاقتراب منها
فالإقتراب محفوف بالتعب ولكن أظن أمام الحقيقة علينا أن نضحي بعض الشيء.. فالعلم لا يعترف بالبقر المقدس وإلا لظلت البشرية حتى تاريخ اليوم تعيش في العصر الحجري تلك البشرية التي كانت تقدس الحجر حين تنحته في صورة ما ، وتعبده.
08-21-2022, 10:12 AM
mohmmed said ahmed mohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 9299
اقدر جدا اقترابك من الأبقار المقدسة بكل شجاعة لذا أشارك مسانده هذه الشجاعة وننتظر محاورة هادئة ومن أصحاب الاختصاص لفكرتك الجديدة والمثيرة للاهتمام حول العلاقة بين شعر الحقيبة والزجل الأندلسي ما شايف وجه نظر اخري تؤيد او تختلف مع طرحك
08-21-2022, 02:30 PM
علي عبدالوهاب عثمان علي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12500
حبيبنا محمد جمال تحياتي نحن بحكم نشأتنا في الاقاليم البعيدة ( ضواحي الدنيا ) أقصى الشمال حتى المذياع كان نادر .. طبعاً اطرب لأغاني الحقيبة وكنت مؤخراً اتابع برنامج يقدمه تقريبا لواء معاش في التلفزيون لا أذكر اسمه ولكن صورته في الذاكرة (رحمه الله) اتذكر انني سمعت يومياً انه يتحدث عن شاعر ( أمي ) لا يقرأ ولا يكتب وتحدث مقدم البرنامج عن شعره وكذلك الضيف بعمق على ما أذكر الشاعر هو (عبدالله الامي )
كيف لمثل هذا الشاعر قرأ الزجل الاندلسي وتأثر به ؟ لا أعرف اذا كان سؤالي هذا في نطاق بحثك ام لا ؟
شخصياً ولأن اللغة العربية لدي تعليم مدارس وليست لغة الام أحياناً لا نفهم بعض المفردات والعبارات في شعر الحقيبة والغالب الأعم في شعر الحماسة
تحياتي ومتابعين بوستاتك رغم صعوبة الموضوع بالنسبة لي
تحياتي مرة اخرى ..
08-21-2022, 07:21 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
Quote: اقدر جدا اقترابك من الأبقار المقدسة بكل شجاعة لذا أشارك مسانده هذه الشجاعة
ودي المحرية في أمثالك.. وكمان برضو نحن مفترض ننشر البحث ودا شغل أصعب من الشجاعة ذاتها.. المراجعة والتحرير وثبت المراجع والطباعة والنشر.. شغل كتير.. البحث لغاية هسا وصل حوالي: 5700 صفحة.. يعني لازم يتنشر في حوالي خمسة مجلدات أقل شيء!ّ
08-21-2022, 07:39 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
Quote: حبيبنا محمد جمال تحياتي نحن بحكم نشأتنا في الاقاليم البعيدة ( ضواحي الدنيا ) أقصى الشمال حتى المذياع كان نادر .. طبعاً اطرب لأغاني الحقيبة وكنت مؤخراً اتابع برنامج يقدمه تقريبا لواء معاش في التلفزيون لا أذكر اسمه ولكن صورته في الذاكرة (رحمه الله) اتذكر انني سمعت يومياً انه يتحدث عن شاعر ( أمي ) لا يقرأ ولا يكتب وتحدث مقدم البرنامج عن شعره وكذلك الضيف بعمق على ما أذكر الشاعر هو (عبدالله الامي )
كيف لمثل هذا الشاعر قرأ الزجل الاندلسي وتأثر به ؟ لا أعرف اذا كان سؤالي هذا في نطاق بحثك ام لا ؟
الزجل أصلاً شعر عامي غير فصيح وأصلاً صنعه أو صنع لمجتمعات أمية أو عربيها شوية (فيهم عجمة) فهو من الفنون العربية غير الرسمية.. فالحقيبة شعر عامي وللعوام.
وهو فن المجاراة.. والأمي بجاري ببراعة كما غيره الكثير.. عبد الأمي شاعر مبدع بالسليقة وكمان عايش مع العبادي وخليل فرح قريبه وعاش معاه برضو.. يعني هو من أصحاب الشيء ذاته، وهذه بعض سيرته:
ولد الشاعر محمد على عبد الله الشهير بـ«محمد علي الامي» بحي الركابية بامدرمان عام 1908، تعود أصول أسرته إلى مدينة كردفان، نشأ في مدينة أمدرمان التي كانت مركز أغاني الحقيبة وقتها، تربطه علاقة قرابة بالفنان خليل فرح، وعاش معه لفترة من الزمن.
برجع ليك لقدام بتفاصيل أكثر في الحتة دي
08-21-2022, 08:03 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
حسب البحث فإن مرجعية الحقيبة في الزجل المملوكي والحوزي أي نوعها الشعري زجل (زجل سوداني أصيل).. ولدينا أدلة مادية كثيرة.. انظر مثلا:
هذه المرة مقارنة بين سيد عبد العزيز في (يا مداعب الغصن الرطيب) من نمط الحقيبة وإبن قزمان في (عطر الروض) من نمط الزجل الأندلسي.
ربما تكون مقارنة مدهشة للبعض منا (وعد).. القصيدتان كاملتان مرفقات آخر الكلام.
ماذا يجري هنا، أن هناك قصيدتين (أغنيتين) كتبتا في زمنين مختلفين (الاولى 1150م تقريباُ وظل يرددها الناس في المغارب والمشارق حتى تاريخ اليوم ونظموا على منوالها كل الوقت والثانية قبل 90 سنة تقريباً (1930م) وفي مكانيين مختلفين في الجغرافيا والبيئة) لكن نجد أن التفعيلة والوزن والكلمات المفتاحية وبناء القصيدة والصور الحسية الوصفية شبه متطابقة كما الأخيلة الشعرية المعنوية، ذلك أن: هناك حديقة/روض/روضة خضراء يانعة وأن هناك طيور تغني في الحالين وأن الحديقة مزهرة وأن لا شيء يعكر الجو، من ملامح وصف الطبيعة في الحالين إذ لا يوجد رقيب ولا واشي في الحالين عكس الصورة في حتات تانية في الحالتين الأندلسية والحقبنجية السودانية وبالتالي هذه المرة: هيا نتدرج الإثنيـــــــــــن مابين الأشجــــــــــــــار نتمشى يــا إنســـــــــــان ســـــــــــاعة "في الروض الأندلسي" (ابن قزمان)
أنا وأنت في الروض يا حبيب.. راق النسيم وحلى للمرور "يعني هيا نتدرج ونتمشى ساعة في الروض الأمدرماني" (سيد عبد العزيز). وكلمة ساعة واردة في الحالين مع إختلاف وظيفتها في الاولى الأندلسية ساعة زمن بمعنى بعض الوقت "اللذيذ" وفي الثانية السودانية الساعة تعني توقيت مناسب للتمشي والتجوال اللذيذ والمتعة مع الحبيب في الروض الخصيب.
وكما نرى أن الصور الشعرية والأخيلة شبه متطابقة مع إختلافات فقط في إستخدام اللغة. فإننا نجد أيضاً الجرس الموسيقي شبه متطابق مع قافية في بعض الأحيان متطابقة. زيادة على ذلك هناك عدد من الجمل الكاملة او/و الكلمات المفتاحية مكررة/متطابقة في العملين:
قصدي نقيــــــــــم سهرا أنا والحبيــــــــــــــــب (إبن قزمان) أنا وأنت في الروض يا حبيب (سيد عبد العزيز) --- أنضر نعمـــــــــــة القدرا في الروض العجيــــب (ابن قزمان) والروضة في موقع خصيب (سيد عبد العزيز)
لابـــــــــــس حلة خضرا والغصن الــرطيــــــب (إبن قزمان) يا مداعب الغصن الرطيب (سيد عبد العزيز).
وأهم شيء والذي ربما حيَّر الملاحظ المتأمل أن المناسبتين حدثتا في يوم مناسبة مسيحية وهي يوم عيد الصليب (الفصح أو الفصاح وأصلاً هي الفساح بالعبري) وأن في الحالين (الحبيبة مسيحية الديانة) وان الطيور كانت تغني منشرحة في هذا اليوم الاندلسي الصليبي العجيب الذي تكرر في ام درمان:
ما غنت على الأغصــــان طيور الفصــــــــــــاح (الفصح هو عيد الصليب) ابن قزمان
في الروض غنى العندليب ورددوا غناه الطيور ترتيل أناشيد الحبور وفتيانها يوم عيد الصليب (سيد عبد العزيز)
والـبلبل الـغريد يـدور عـلي منبر الاغصان خطيب (سيد عبد العزيز)
شبه الثريــــــــــــــــــا حين جــــــــــــاد بوصالي (ابن قزمان)
دنت الثريا بقت قريب (سيد عبد العزيز)
كما أن الصورة الكلية في الحالين واضح من السياق انها متخيلة وليست حقيقية وهذه ملاحظة هامة جدا وكأنها الحنين إلى فردوس غائب/مفقود!.
تعليق: ذلك هو فن الزجل، كل قصيدة عندها مرجعية وأصل لأنه نوع شعري يتناسل من بعضه البعض (فن المجاراة) فكل قصيدة (غنية) عندها أم وأب وعندها جد وجدة وعشيرة وقبيلة وعندها مرجعيتها الجينية الكلية في الزجل الأندلسي.. وكل وليد يأتي أكثر جمالاً وكمالاً من أهله وهذا ما حدث هذه اللحظة فجاءت يا مداعب الغصن الرطيب لسيدها سيد عبد العزيز زاهية وباهية وطاعمة أكثر بكثير من جدتها الأولي (الغصن الرطيب لسيدها إبن قزمان).
في الختام ملاحظة: أمامك رابط من منبر سودانيزأونلاين لسرد جاري حول نتيجة بحث الحقيبة ثم ستجد بعده (إن شئت) قصيدة سيد عبد العزيز وتلك التي لأبن قزمان لمزيد من التأمل الذاتي.
إلى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة، محاولة لنقد موضوعي: الأستاذ/ معاوية حسن يس وتعليق مني وإضاءات جديدة على نتائج بحث: حقيبة الفن.
مقارنة بين مداعب الغصن الرطيب (سيد عبد العزيز) وغنية زجلية حوزية .. مقارنة في النظم والصنعة والمفردة (المقارنة تمت أعلاه) وهنا تجد القصيدين بالتتابع لمزيد من التأمل الذاتي:
يا مداعب الغصن الرطيب في بنانك إزدهت الزهور زادت جمال ونضار وطيب
ديــــــــــــــــــر الحمية واسقينا يا غـــــــــــــزالي خمرت ذكيــــــــــــــــة مــن شــــــــــرب الدوالي شبه الثريــــــــــــــــــا حين جــــــــــــاد بوصالي
مواصلة في موضوع البوست: الفرق بين الموشح والزجل والحقيبة منه (فرق كبير جداً) لا يجوز التعريب في الزجل وعلى وجه الإطلاق ( حرام بلغة المقدس فهو يخرب التفعيلة ومن ثمة الوزن والسجع والجناس الذي هو خصيصة الزجل فتغيب حلاوته) وأما الموشح فأصله فصيح وإن ألحنت بعضه إضطراراً فيجب أن يكون ذلك بحساب دقيق يراعي أوزانه (تلك هي أس القواعد):
وهنا شكل من أشكال الموشحات السودانية (قليلة بس موجودة) حسن محجوب - الندامي:
08-27-2022, 09:50 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
مذكرة: كورال كلية الموسيقى و الدراما - خلي العيش حرام (أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن)
كورال كلية الموسيقى والدراما - خلي العيش حرام.. أداء في منتهي الروعة.. بنات وأولاد زي الورد (لهم الحب والتحية).. لكن هناك عدة أخطاء في النطق السليم كلها تجتمع في نطق السواكن.. بداية بالشطر الأول من البيت الأول
خلي العيش حرم = خلْلِي لْعيش (هكذا نطقوها/ثقيلة) وهذا خطأ لساني لا يصح في العامية الوسطسودانية علاوة على أنه إخلال بالتفعيلة ومن ثمة بالوزن الشعري (لا يتسق مع وزن قصيدة أبو صلاح الفخيمة).. الصحيح: خِلْلِلْ/ عِيشْ/ حَرامْ (اللغة بهذه البساطة واللحن لكْ تفعل ما تشاء كمبدع). (ملاحظة: هذه مجرد مذكرة لمستقبل السرد التفصيلي)
وهذه قصيدة أبو صلاح وحتى نعود:
خلي العيش حرام مادام اري الموت يحل ما بين الرميش والطريف الكحيل هزاز صدره ميل فادع الخصر النحيل بالرجاج يقلع شبه المهر الوحيل النوم مني فر وقلبي ناوي الرحيل من غير المنام طيف الخيال مستحيل 🥀🥀🥀 من فوق للحسود لو كان غضب او قيل ما بنخاف رصاص من عينه نخشي النيل بالحب كم قتيل فينا وجريح منسيل راجين الهلاك بجرعة من سلسبيل بنخوض الرماح لو كان تزيد او تقل ونهاب من ضمير الاهيف المنفقل بنقابل المدافع بالثبات والعقل ونخاف سيف عيونه اللمعة يبرق صقيل والاني اشتياق وقلبي اصبح وجيل واتمنت محاسنك روحي جيل بعد جيل والاكي الجمال يرفع لقدرك يجل واتمني الهلاك ينصاع لي قديمك حجل يا المنك معار تكحيل شويدن الخميل علمتي الغصون مع النسيم كيف تميل مختارك يحاكي الشولة دمعه الهميل والتختاره لي لا شك جميل يا جميل
--- ارجو أن تتطلع على الحلقات السابقة والقادمة إن كنت تود أن تلم بالصورة كاملة كما الإطلاع لو أمكن على سلسلة قواعد العامية السودانية.. وهدف هذه السلسلة الجديدة (مبررات) المنبثقة عن السلسلة الأم (القواعد) أن نحاول إستنباط قواعد الشعر العامي السوداني كله لا الحقيبة وحدها فحسب.
08-27-2022, 10:22 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
كورال كلية الموسيقى و الدراما ومبارك حسن بركات في خلي العيش حرام (مقارنة) الحلقة 13 (أخطاء اللفظ والتفاعيل)!
الكورال ينطق السواكن فتختل التفاعيل ومن ثمة الوزن ويثقل الكلام. السواكن المتقابلة متفق على عدم نطقها في اللغة الفصيحة وفي جل العاميات وأهمها العامية الوسطسودانية.. والسبب بسيط أنها ثقيلة.. فأصبح عدم نطقها قاعدة تنبني عليها الأوزان الشعرية (بوعينا وبلا وعينا).. والشعر طبعاً عبارة عن حركات وسكنات تشكل إيقاعه فأي حركة أو سكون ليست في مكانها يختل الوزن.
ملاحظة استباقية: قبل أن نمضي إلى الأمام: كثير من المغنين وكل الكورالات تقريباً ينطقون السواكن ليس هذا الكورال البديع وحده.
إذاً لنحدد ما المشكلة على وجه الدقة ونأخذ مثال (البيت الأول فقط هذه المرة) أربعة أخطاء للكورال في نفس السطر (البيت):
خِلِّي العيش حرام مادام أرى الموت يحيل * ما بين الرِّميش فوق للطريف الكحيل
هذا البيت يحتوي على أربعة سواكن متقابلة (1- خِلِّي العيش 2- أرى الموت 3- بين الرِّميش 4- للطريف الكحيل) جميعها نطقها الكورال (خطأ) نطقها كما ترسم على الورق ( 1- خِلِّي لْعيش 2- أرى الموت 3- بينْ أرْرِّميش 4- للطريفْ لْكحيل).. استمع للفيديو المرفق للكورال بداية الغنية وتحديداً بعد نهاية الدقيقة الأولى حيث بداية الغنية و الدقيقة والثانية 44.. ثم استمع من بعد ذلك إلى مبارك حسن بركات من الثانية الأولى إلى الثانية 24.. نحن هنا أخذنا فقط مطلع الغنية كمثال.
بركات لم ينطق السواكن المتقابلة بل حركها جميعا وفق القاعدة: ( 1- خِلْلِلْ عِيش 2- أرَلْ مُوت 3- بينَ أرْ رِميش 4- للطريفَلْ كَحيل) لاحظ أن ياء العلة في ("خلِّي" والألف المقصورة في "أرَى") أنسحبتا (هما سواكن) وتم تحريك النون في (بين) وتحريك الفاء في (الطريف) لزوم سلاسة اللفظ ووفق القاعدة. استمع إلى بركات بتمعن ستجد السلاسة في اللسان دون وقف أو رترتة. فالكورال في كل سواكن متقابلة يقطع غصباً عنه (وقفة غير لازمة لكن لا سبيل غيرها) لانه نطق السواكن المتقابلة دون تحريك أحدهما كما هي القاعدة. بعد الإستماع سنواصل في تفسير لماذا نطق السواكن مشكلة حقيقية.
مبارك حسن بركات (استمع فقط حتى الثانية 24 وركز أيضاً مع الكورس من خلف بركات (منتهى السلاسة) وارجع اسمع الكورال مرة ثانية لترى كيف يتعثر مع نطق السواكن وينقطع نفسه كل لحظة وأخرى:
تحليل البيت الذي أخذناه مثال لنرى المشكلة بصورة أكثر علمية، وهو طبعاً:
خِلِّي العيش حرام مادام أرى الموت يحيل * ما بين الرِّميش فوق للطريف الكحيل
الرسم على الورق للبيت: خِلِّي لْعيشْ حَرام مادامْ أرى لْموتْ يحيلْ * ما بينْ رْرميشْ فوقْ للطريفْ لْكحيلْ (هذا كما يكتب على الورق وقد غناه الكورال كما يكتب على الورق).
القراية العروضية للبيت: خِلْلِلْ عِيشْ حَرامْ ما دامْ أرَلْ مُوتْ يَحيلْ * ما بيْنَرْ رِميش فوقْ لِطْطِريفَلْ كَحيل (لاحظ تم تحريك جميع الكلمات التي كانت ساكنة في خلي وأرى أصبحتا (خِلْلِ وأرَ) وبينْ اصبحت بيْنَ وطريفْ أصبحت طريفَ (راجع مرة ثانية كيف نطقها بركات بالزبط هكذا) وهذا هو الصحيح وفق العامية الوسطسودانية ووفق الوزن العروضي للقصيدة وبالتالي وفق صاحب الحس السليم والذوق العالي مبارك حسن بركات.
التفعيلة والوزن العروضي للبيت: خِلْلِلْ عِيشْ/ حَرامْ ما دامْ/ أرَلْ مُوت/ يَحيل * ما بِينَرْ/ رِميش فوقْ/ ِلطْطِريفَلْ/ كَحيل
ما بِينَرْ/ رِميش فوقْ/ ِلطْطِرِيفَلْ/ كَحيل فَاعِيلانْ/ مفَاعْلانْ/ فاعِلاتِنْ/ فَعُولْ
هذه التفعيلة ذات رنين عالي نسبة لإنسجام الحركة والسكون كل مرة وأخرى وهو حال القصيدة كلها وذلك من أسرار خلودها. إلا أن في حالة نطق السواكن تختل هذه التفعيلة ومن ثمة يختل الوزن عبر إختلال الحركات والسكنات.
والتحية لكورال الموسيقى والدراما على الأداء الرائع .. ونحن هنا طبعاً نتحدث فقط عن اللغة لا الأداء ولا الموسيقى ولا الإيقاعات والتوزيع الموسيقي ولا اللحن ذلك ليس من شأننا.. والتحية لروح الفنان الكبير مبارك حسن بركات.
وبهذه المناسبة أيضاً أبو داؤود أدى ذات أداء مبارك حسن بركات.. لم ينطق السواكن على روحه السلام.. كان سليم ميه المية بدوره ولاحظت أن تقريباً جميع المغنين والكورالات اخطأوا في نطق سواكن هذه الغنية بالذات صدرها:
أبو داؤود في خلي العيش حرام:
--- ارجو أن تتطلع على الحلقات السابقة والقادمة إن كنت تود أن تلم بالصورة كاملة كما الإطلاع لو أمكن على سلسلة قواعد العامية الوسطسودانية.. وهدف هذه السلسلة الجديدة (مبررات) المنبثقة عن السلسلة الأم (القواعد) أن نحاول إستنباط قواعد الشعر العامي السوداني كله لا الحقيبة وحدها فحسب.
من هنا بدأ الخطأ (هنة الكورال) الكابلي خطأ ربما لاول مرة:عبد الكريم الكابلي خلي العيش حرام.. أظن أن الكورال سمع الكابلي وحده.. لا غيره.. ذلك هو سبب المشكلة
الكورال دا سحرني.. عجبوني شديد.. كنت مخطط اليوم أعمل مقارنة بين كوني النجمة للكورال ومصطفى سيد أحمد.. بس سرحت بسمع فيهم زي 77 مرة.. أداء رفيع المقام ولفظ كله سليم مية المية ربما تفوَّق على مصطفى ذاته.. الناس الحلوة دي مشكلتهم بس مع الحقيبة زي كل الآخرين من المبدعين العظام (أظني عارف العقدة وهي عنوان هذا البوست):
نفسي اعتقل هؤلاء البشر البديعين لمدة شهر معاي في مكان مقفول (سري) وربما هزوا الكرة الأرضية كلها.. إنها الأماني المستحيلة!.
بس برضو ح نعمل المقارنة.. وأتمناها تكون بديعة بقدر هذا الإبداع!
--- دي مذكرة خارج النص 😅
09-03-2022, 00:55 AM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
ملاحظة غاية الأهمية: هذا البوست (أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة ) لا علاقة له بالحقيبة وبحث الحقيبة (مباشرة) وإنما يهدف إلى التأكيد على أهمية معرفة قواعد العامية الوسطسودانية لأنها الحاضنة لشعر/غناء الحقيبة:
رابط إلى الموضوع: مقدمة في قواعد العامية الوسطسودانية (كل الحلقات حتى الان) من منبر سودانيزأونلاين مع نقاشات مصاحبة.. مع ملاحظة أن البوست لا ينتهي في الصفحة المنبرية الأولى بل هناك 2 حتى الآن، وهذه هي الروابط 1 و2: 1- https://sudaneseonline.com/board/510/msg/1654113733.html
2- مقدمة في قواعد العامية الوسطسودانية.. محاولة اولية!مقدمة في قواعد العامية الوسطسودانية
معليش تأخرت على من يتابعني هنا من الرفاق والقراء.. إنشغلت ببوستات أخرى برضو مهمة من وجهة نظر... معليش .. ح نرجع مرة ثانية لذات النقطة التي وقفنا عندها آخر مرة.. تحيات صحاب
09-26-2022, 00:32 AM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
وهذا البوست مرتبط مباشرة بقواعد العامية الوسطسودانية وليس بوستات الحقيبة الا من حيث تطابق الالفاظ.. ونواصل --- انشغلت باحداث اخرى كمان معاي ضيوف الايام دي .. شكرا لصبر من يتابعني هنا.. كل الود
11-25-2022, 01:38 AM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
يوم السبت المقبل 4 فبراير 2023 كما اتفقنا سنفتح قروب خاصة بالواتصاب تناقش: أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الاجيال اللاحقة.. موضوع هذا البوست.. كونو حتى ذاك الحين في سلام وامان.
--- *قروب خاصة (بعد مفتوحة) مطلوبة بواسطة مهتمين
03-12-2023, 04:30 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
البوست دا لسا عندنا فيه شغل كتير ونظنه مهم! --- بس كل شيء داير صبر مع أشغال الدنيا "أم قدود" الكتيرة دي.. بس نحن هنا مهما طال السفر.. وشكراً للصبر والعناية
03-26-2023, 05:48 AM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
ومن هنا ننم ونركب معه فوق جمله الحار حار او البار قدم وهو يترنم بمحبوبه (الدون لحق)
ماها السمينة عَنَاق التوتــــــــــو الخضّر عِسيـــــنَ تفرد الديس علي الروبة الدهينــــــة بتسند تقول ماسكاها طيــــــــــــــنة
ماها ام تموكة عناق التيتل الخضّر تبوكهَ تفرد الديس علي الروبة الدهوكة بتسند تقول طاعناها شوكة
ماها ام كراشة عناق ام السومر الخضر رشاشة شبيهة الدون جديةً ضاربَ قاشه لهيج الدون بيروي اتنين عطاشه
ماها ام جفاينْ تقول ال بالحدب وغل بِعاينْ شبيهة الدون جديةً بالعساينْ خدود الدون متل عنب الجناينْ
ماها التَليفــة كل صبحاً جديد ترجاك نضِيفة يضوي شليخَ يلمع زي شريفا فريع رمان جنينة ود خليفة ويقول
فرع المحلب الشايل عمارو و خوخو و مدخن ضحا والفرخه شايله لخوخو كاوشتو وبكا و ذرف الدمع بي شلوخو شفت الوز رطن وقع البحر بي فروخو
He said:
طوّلت طولاَ مَاني مجرب اتحمل حمولاً عوجات الزمن لابد يزولن بعد دا الحال نشوف عُقلاَ يجولن
دايما بهادي واسدد في الشقوق الباقية وادي حِسار ام زين تري الحارق فؤادي اخير الموت ولا شمت الأعادي
رقية
الحردلو
ود ضحوية
زجل (الزجل) الحقيبة إبداع سوداني أصيل من نمطية الزجل (حسب نتيجة البحث)!
على أثر كلمة "زجل" الواردة في الحلقة رقم "9" قايد الإسطول.. هل كان يعرف شعراء الحقيبة معنى كلمة "زجل" ؟ وبعضهم أمي (أكاديمياً) أظنهم يعرفون سنة 1920 أفضل مما نعرف نحن اليوم عن (الزجل):
زجل في الحقيبة.. رصد جديد لكلمة زجل.. عام 2017 أيام البحث رصدنا وتحققنا من هذه المقاطع التي روردت بها كلمة زجل في شعر الحقيبة:
انشِي شعري و"زجلي" وموالي... في ثَناك قليل يا جميل (العبادي)
ضاع صبري زاد من نار الصدود وجلي.. يامعاني الشـعر و"الزجــــــــلِ”
يا بيت القصيد يا روح "الزجل" (عبيد عبد الرحمن)
فيك رقصنا و"زجلنا" كم فيك جنة وفيك زلالا للشاربين (عمر البنا) لو رد السلام بحكمة و خجل .. كنا نقول كلام احلى من "الزجل" .. (عبد العزيز سيد احمد، متأثراً بالحقيبة إذ لا قبله ولا بعده وفق رصد 2017.. البحث)
ما رأيك أنت؟! هل كنت تعرف (زجل) هل أهتممتْ يوماً.. كن أميناً في داخلك!
04-06-2023, 00:36 AM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
ملاحظة على تقطيع المقطع اعلاه: في العامية السودانية والمصرية يتم حذف حرفي اللام والألف المقصورة من حرف الجر (على) في حالة مقابلته ساكن في الكلمة التالية فتفضل فقط اللام الساكنة في زي قولهم: (ماش عَلۡبيت) بدلا من ماش على البيت وهكذا على البحر عَلۡبحر والخ.. ولذا الصحيح عاميا وعروضيا ان ننطق "على الفؤاد": عَلْفُأَادَ.
ما عهدْتَكْ/ يا ليلو/ تمْسي فاعلاتن/ فاعِيلنْ/ فِعْلَنْ
التفعيلتان (فاعِيلنْ/ فِعْلَنْ) هي سر الإنسيابية فهذه القصيدة لود الرضي (ملاحظة: أحاول هنا أن اقول أننا قطعاً نستفيد من التقطيع العروضي).
في الختام أسعي ناشداً عون البعض منكم بعمل تقطيع عروضي لحوالي 400 قصيدة سابقة لشعر الحقيبة (من التراث الشعري) و200 من الحقيبة و400 فيما بعد الحقيبة (الأدب الشعري الحالي) .. من خلال ذلك سنقرأ وننطق وننشد ونغني شعرنا بشكل صحيح ومثالي وأيضاً نستطيع أن نعمل على قراءة البناء التقني للقصيدة في كل مرحلة من المراحل والمحدثات التي ربما جرت للتقني وللمخيال الشعري والثقافي.
مع العلم طبعاً أن الأشعار العامية ليست بالضرورة تجري على الأوزان العربية الرسمية ولو أنها تمتثل ذات التفاعيل معظم المرات ولها خصوصياتها الأخرى في بحورها وفي نظمها وفي أغراضها وفي كلماتها المفتاحية التي تميز كل نوع من أنواعها عن الآخر. والحقيبة تحتاج المزيد من الجهد في حتة الكشف عن تفاعليها وأوزانها وبالتالي بحورها الشعرية.
الأشعار المغناة السابقة واللاحقة للحقيبة لا توجد بها أخطاء كتلك التي تحدث في الحقيبة.. ما السر!
هذه هي الملاحظة التي ربما مدهشة ( السر المزعوم) ومن بعدها نسمع صوت بنونة عبر الكابلي (ما هو الفافنوس) في مقطعين فقط (مثال) مع التقطيع العروضي وفق العامية الوسطسودانية.
الملاحظة المدهشة بالنسبة لي أن الأشعار المغناة السابقة واللاحقة للحقيبة لا توجد بها الأخطاء التي تحدث في الحقيبة وتحديداً تعريب ما لا يجب أن يعرب ونطق السواكن.. مع أنهم في الغالب ذات المغنين الذين أدوا الحقيبة فوقعو في العثرات ولكن في الغناء الجديد لا (يعرفون بالسليقة والفطرة) ولكن في حالة الحقيبة لا (إلا الرواد) .. والسبب في تقديري هو الكلمات المتفردة (الغريبة على العامية الوسطسودانية الوافدة من عاميات ماضوية تاريخية = عامية العهد المملوكي 1250 - 1500 م والزجل الحوزي 1500-1830م) والتي تحتشد بها جل أشعار الحقيبة مما يوحي بأن القصيدة فصيحة والحقيقة أنها ليست كذلك بل عامية وجملتها كلها تنتهي بالساكن (غير معربة) وبالتالي من الخطأ تعريبها.. فنمطية الحقيبة جارية وفق قواعد العامية الوسطسودانية برغم كل تلك الكلمات الفريدة والغريبة المحتشدة بها القصيدة.. وهي طبعاً وافدة وليست من أصل قاموس العامية الوسطسودانية (اليومي) إلا إنه كما أسلفنا فالنظم يخضع بالكامل لقواعد العامية السودانية كما لاحظنا من الأمثلة والتقطيع العروضي الذي أجريناه على قدر من أشعار الحقيبة. وعليه فإن نطق السواكن يثقل ويبطي الكلام.. كما وأن التعريب عدو هذا الفن لأنه يخرب التفعيلة ومن ثمة الوزن ويخرب الجناسات ومن ثمة السجع ويجعل اللفظ ثقيلاً وخلاصته تشويه للحمة القصيدة كما قال صفي الدين الحلي (راجع الحلقات السابقة من هذه السلسلة). . والحُجة دوماً لماذا تعرب هذا وتترك ذاك غير معربٍ، لا يستقيم.
وملاحظة أخرى بدورها مهمة: إزا قواعد العامية الوسطسودانية نحن نعتمدعلى الملاحظة عبر المشاركة/المعايشة في بحثنا وسماع النماذج المختلفة والناس المختلفين. غير أن أيضاً الأغاني ذات أهمية شديدة بالنسبة لبحثنا الجديد في إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية كون أول كلام محفوظ ومكتوب وصلنا كان دوبيت (أغاني) حسان الحرك وشغبة المراغمابية (منتصف العهد السناري حوالي 1700م) وأول كلام مسجل وصل إلينا في العصر الحديث كان أيضاً أغاني (الحقيبة) منذ حوالي العام 1926.
ونمشي إلى بنونة والكابلي (مرفق الأغنية أدناه) للمقارنة وفي المستقبل سنقارن المزيد من الأشعار المغناة ما قبل وبعد الحقيبة:
مقطع "1”
ما هو الفافنوس ما هو الغليد البوص ود المك عريس خيلاً بجن عركـــــــوس أحيّ على سيفه البحد الــــــــــــــــروس
مقطع “2”
ما دايرالك الميته أم رماداً شـــــــــــــح دايراك يوم لقى بدميك تتوشـــــــــــــــح الميت مسولب والعجاج يكتــــــــــــــــح أحيّ على سيفه البسـوي التــــــــــــــح
المقطعان يخضعان للتقطيع العروضي وفق العامية الوسطسودانية وقواعدها المحسوسة.. لاحظ أن الكابلي ينطقها بالزبط كذلك وفق القواعد (الفيديو مرفق):
قد يخطر في خلد أحدنا سؤال: ما فائدة التقطيع العروضي؟: فوائد كثيرة ومن أهمها: النطق السليم للمفردات كما المساعدة في مقاربة المعاني الشعرية إضافة إلى معرفتنا بالوزن عبر التفعيلة فنقرأ وننشد ونغني بسلاسة ومعرفة وفرز الأنواع الشعرية المختلفة.
--- مداخلة من مايو 2017
07-01-2023, 02:17 AM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
هذا البوست هدفه محاولة تأكيد أهمية قواعد العامية الوسطسودانية (منبثق من سلسلة قواعد اللغة العامية والشعر العامي) منشورة في هذا المنبر.. مراجعة الذات والتراث!
من أشغال مشروع السودان200
02-23-2024, 05:40 AM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
كثير من المداح جاروا زجل الحقيبة والعكس لم يحدث في حالة زجل الحقيبة (أقول زجل الحقيبة) إنتباه لطفا.
توجد أمثلة كثيرة لمجاراة المديح للحقيبة والبعض يعكسها لأنه لا يعلم أو لا يصدق كون المديح (العامي) اقدم في الحضور من الحقيبة.
المديح الحديث الذي جاء في زمن الحقيبة وبعدها بقليل تأثر بالحقيبة بأكثر مما تأثرت به.. وهنا عندما نقول الحقيبة نعني فقط النوع الزجلي منها فما دون ذلك دوبيت (مواليا وقوما) ومسدار (كانكان) ولم تحويه الإسطوانات التي جاء الإسم على أثرها.
إن بعض شعراء الحقيبة الأوائل تأثروا بمحيطهم الزمكاني مثل العبادي وابوصلاح وود الرضي وذلك المحيط به الدوبيت والمديح وما المديح أيضاً سوى نمط من تلك الأنماط الشعرية من حيث النظم (بناء القصيدة والقوافي والأوزان) ولكن زجل الحقيبة يختلف في القاموس والأوزان وزيادة فطرق النظم الزجلية تأثرت بالثقافات التي وفدت مع العهد الإنجليزي/التركي ونجد ذلك التأثر أكثر سطوعاً في حالة خليل فرح أفندي. وليس تأثراً تلقائياً بل مجاراة مرتبة وعندها أقطابها وعندها مدربون عملوا على خلق وترقية النمط الزجلي الحقيبي واهمهم مطلقا "فؤاد الخطيب" استاذ الخليل الذي مدحه في اعظم واطول قصيده توجد بديوان الخليل وعده علي المك احد اهم ابطال الخليل.
نرجع الى الحقيبة والمديح.
مثلاً مدحة "لي في شروقنا غزال" مجاراة صريحة ومعلنة للي في المسالمة غزال لعبد عبد الرحمن الريح.. مجاراة كاملة ومعلنة.. كما نضاري الحب ما بضاري للشيخ هاشم مجاراة معلنة لزجلية من الحقيبة.
إذ القاعدة تقول إذا جاريت لا بد أن تقول جاريت كذا وكذا وهذه هي مجاراتي وهذا هو الأصل وإلا ستحصل مشكلة أشبه بالإنتحال.
وقد جارى ايضا غناء الحقيبة: الشيخ البرعي والشريف الهندي (من رواد مجاراة زجل الحقيبة) والشيخ الهاشمي والصابونابي أمثلة لا حصرية.. وجارى الحقيبة حفيد الماحي الكبير وهنا يحدث خلط فمن جارى (ود الرضي) هو الحفيد ود الماحي.
والشيخ الصابونابي (1898 - 1984) عاش في ذات زمن الحقيبة وجارى بعض شعراء الحقيبة (زجل الحقيبة) مثل غيره من منتجي فن المديح لأن زجل الحقيبة حاجة جديدة على التراث الذي عهده فأستشعرها بحسه الفني وجاراها كون بها نسق نظمي جديد وقاموس جديد ورؤى وأخيلة شعرية جديدة.. وفعل مثله في زمانه الكثيرون من المشتغلين بفن المديح كما اوردنا اعلاه.
والبعض منا هنا يعكس الصورة بالخطأ أو عدم المتابعة إن لم نقل الإدراك فيقول أن الحقيبة جارت المديح (الزجل منها) لا، لم يحدث.
كما ان من الشيوخ الذين جاروا الحقيبة الشيخ طيفور البكري الدقوني وهو خير مثال للخلط والتشويش بين الحقيبة والمديح عند الكثيرين.
ولا بد ان نفهم الفرق بين الحقيبة كنوع شعري والمديح كغرض شعري وليس نوعا شعريا وانما هو غرض يوظف لهدفه كل الانواع الشعرية من قريض ومواليا وقوما وكانكان وموشح وزجل. كما ان من السهل تحويل الغزل الى مديح والعكس اصعب عبر التاريخ.
ولا بد نذكر هنا ان الحقيبة (الزجل منها) كان مجاراة او تاثرا جليا بعدد من زجليات العهد المملوكي والزجل الحوزي (بالذات في البدايات ومن الرواد الاوائل) وهناك إستشهادات وإقتباسات من الأصول وذكر لكلمة زجل نفسها عديد المرات بمعناها الإصطلاحي (راجع أن شئت الروابط المرفقة تتضمن نتيجة بحث الحقيبة).
توضيح اضافي: قضية علاقة "شعر السافل والمديح بالحقيبة" التي ظل الكثيرون يقولون بها بإستمرار دون دراسة علمية ومقارنات بينة بين أثر الماضي بالحالة المحددة بالتي تلتها .. تلك المثابرة في بث المعلومة الخاطئة شوشت الحقيقة عبر الزمن.. كما أن الحقيبة ليست شيء واحد بل ثلاثة أنواع وليست شاعر واحد بل عدة شعراء ولا جيل واحد ولا مزاج واحد (الخليل، العبادي، أبو صلاح، عبيد عبد الرحمن، عتيق) أمثلة.. وليست زمان واحد بل حوالي نصف قرن من الزمان بين البداية والنهاية النهائية.
ملاحظة اخيرة مكررة بالضرورة: أي مجاراة محتملة جاراها شاعر من الشعراء لاثر من الماضي او الحاضر من الذين يعدهم الناس في المعتاد كشعراء حقيبة لا تعد في الزجل وكانت في كلمات ليست من قاموس الزجل الحقيبي. ولم تسجل في الإسطوانات في زمانها المعلوم بين 1926 و1940 إلا شذوذاً إن حدث.. كما أن زجل الحقيبة من حيث النظم تم تلحينه في مقامات من السلم الخماسي وكذا المدائح النبوية وجل أغاني السودان وهذا التشابه أيضاً سبباً في التشويش.. ولكن اللحن غير النظم غير القاموس.. إذ الحقيبة لها ستة طرق نظم وخمس قواميس وهذا لم يحدث لأي نوع شعري في تاريخ السودان لا قبل ولا بعد. وكون زجل الحقيبة لا علاقة له مباشرة بالمديح لا يخصم من أحدهما.. فهما فنان شعريان غنائيان يعيشان فضاءاتهما المختلفة ولو تشابها أحياناً في عدة طرق نظم وبعض الكلمات القاموسية.
ولكن البعض يود ولو تعسفياً إلحاق نمط الحقيبة الزجلي بالتراث المحلي من حيث النظم لأسباب وطنية أو شوفينية أو عدم علم بالشيء أو حيرة ولكن تلك ليست الحقيقة العلمية.
لأن أحياناً ان وُجدت تشابهات نظمية فهي مثلما يقول بعض الرواة في مقدماتهم "تكون صدفة" أو أثر غير مباشر لا مجاراة واضحة ومثابرة وذات إنتشار واثر وسجلت في الأسطوانات وعدها صاحب حقيبة الفن الأول ( صلاح احمد محمد صالح) حقيبة. بل العكس حدث أن أعظم المدائح إنتشاراً جاءت مجاراة لزجل الحقيبة كما اسلفنا القول.
اهم خلاصات نتيجة بحث حقيبة الفن السودانية في تلاتة روابط لمن سال:
1- بوست كتابي: نظرة جديدة في زجلية (أحرموني ولا تحرموني) لود الرضي.. لعبة من سبع خطوات.. في سبيل المزيد من الإضاءات على نتيجة بحث الحقيبة وأهمية هذا العمل اي ان البوست عبارة عن ملخص جديد لبحث حقيبة الفن:
2- حقيبة الفن البداية والنهاية في سبيل مراجعة الذات والتراث .. ندوة مسجلة حوت مشاركات ساخنة. ومحتوى الندوة عبارة عن تحليل جديد مفصل مع النماذج المقارنة لنتيجة بحث حقيبة الفن السودانية كونها "زجل" مع تفصيل لاسباب وكيفية نشاتها ومراحل تطورها وانواعها الشعرية واسباب نهايتها النظمية. ملاحظة فنية هامة: السبعة دقائق الاولى صامتة ثم يبدا الكلام.. على محطة تويتر (X):
نظرة في زجلية يا ملهمة (حقيبة) لعبد الرحمن الريح.. لعبة من سبع خطوات او شىء للمتعة
من أشغال بحث الحقيبة.. الملهمة زجلية تامة اي معيارية.
تبدأ الزجلية كعادة الزجل التام بمطلع فادوار تتخللها أقفال وتنتهي بخرجة.. وتكون الخرجة في قافية ووزن المطلع والأقفال وتختلف قوافي الأدوار كما أوزانها.. وهذا ما حدث بالضبط لدى "الملهمة".. سنراها الآن في سبع أحوال من حيث التحقق من كونها زجل تام كما النظر في بنائها النظمي وتفاعليها ووزنها واللحن والإيقاع ونسمعها معا مغناة بصوت الفنان التاج مصطفى.
الآن لنتحقق من زعمنا كون هل فعلاً المطلع والأقفال والخرجة من ذات القافية والوزن دون خلل مطلقاً وفي كمال الإتساق في المقابل فإن الأدوار تأخذ قوافي مختلفة وفي كثير المرات أوزان مختلفة.. سناخذ آخر كلمتين من المطلع والأقفال والخرجة ونشوف معا وزنها والقافية:
(فاعلْ فعلْ = مستفعلنْ) في الوزن العروضي الكلي كما سنراه في مستقبل هذا السرد.
"3"
وهنا نضع المجتزأ من المطلع والأقفال والخرجة مفصول عن جسد القصيدة لنتحقق :من كمال القاعدة
المطلع:
ﻛﻴﻒ ﺍﻟﻌﻤﻞ كيفلْ/ عملْ فاعِلْ/ فَعَلْ
الأقفال:
شعر الغزل شعْرلْ/ غزلْ فاعلْ/ فعلْ
ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻬْﻤﺎ/ ﺣﺼﻞْ
فاعلْ/ فعلْ
الخرجة:
ﻳﺎ ﺭﻭﺣي ﻫﻞ
ﻳﺎ ﺭﻭﺣﻰ ﻫﻞ ﻳﺎ ﺭﻭ/ ﺣِ ﻫﻞْ فاعلْ/ فعلْ
ملاحظات: القصيدة زجلية قصيرة تتكون من مطلع تام وقفلين فقط ايضاً تاميين وخرجة تامة.. ذلك الإتساق المطلق يجعل جرس الكلمات ذا رنين عالي.. مع النأي عن حشو الكلمات القاموسية القادمة من التاريخ الذي حفلت واحتفت به كثير من زجليات الحقيبة.. فالقصيدة أقرب إلى العامية الوسطسودانية وهذا في حسباني ما يجعلها "مختلفة عن زجليات الرواد مثل برضي ليك المولى للعبادي وأحرموني لود الرضي" فبرغم أعتمادها على نظم لونية الزجل الاندلسي من حيث البناء فهي مثال للمرحلة الإنتقالية بين نظم الحقيبة والنظم الشعري الذي تلاها في أزمان مختلفة ومن أمثلته المعيشة أشعار إسحاق الحلنقي.
"4"
وهناك المزيد من الملاحظات: فبقليل من التأمل سنجد أن أدوار الزجلية الثلاثة كل واحدة منها تتكون من قافيتين مختلفتين وفي كل الأحوال تكون الأدوار من ذات الوزن الشعري.
لنعاينها هنا من جديد مفصولة عن مطلعها وأقفالها وخرجتها:
ملاحظات فنية: العلامة "/" = الحركة والعلامة "0" = السكون. هذا التقطيع العروضي محاولتي الخاصة "ضمن بحث الحقيبة من مناشط السودان200) ولم يحدث من قبل حد علمي.
"6"
القصيدة مشحونة بالتنويع التفاعيلي ( مُسْتَفْعِلنْ "آن"/ /فاعيلنْ/ فاعلْ/ مفاعلنْ/ فعولنْ) دون الإخلال بالوزن والنسق النظمي الكليين فكل تلك التفاعيل خاضعة لذات منظومة العلل والزُّحافات . تستطيع أن تشهد ذلك بعزل الكلام عن إيقاعه كالتالي "أدناه" فيكون لديك نوتة موسيقية "إيقاعية" مكتوبة يستطيع أي شخص أن يجربها ولو هاوي ناهيك عن "مليجي" عظيم أن على الآلة الإيقاعية المحددة وستكون بالضبط هي من لحن الملهمة:
القصيدة كما قد نلاحظ مقتصدة العبارة وأظن ذلك من أسرارها مع حشد القوافي وتنويعها بشكل مباغت بين الفينة والأخرى بالنسبة للأدوار بجانب الإتساق المطلق للمطلع والأقفال والخرجة في القافية والأوزان العروضية.
وبهذا الإختصار أظننا نستطيع أن نطور مبادئ أكثر علمية حيال الشعر الغنائي ونظرية في النظر للبناء الداخلي وتفاعيل وأوزان كل أشعارنا العامية وليس الغنائية فحسب. واذا قد نملك مقاييس موضوعية "أو كما ينبغي" لا ذاتية وشخصية وهذا طبعاً معنيُّ به المشتغلين بالنقد الفني (في المجال) بهدف الامل في تخلق حركة نقدية أكثر علمية تستطيع أن تنهض بالفن الجديد في مستقبله عن وعي علمي مثلما وجب أن نملك مقاييس علمية كما قلنا في مقدمة هذا السرد في مجالات السياسة والإقتصاد والمجتمع والثقافة وبالمعاني الشاملة للعبارة.. وإلا لا سبيل للحضارة بمعناها الحقيقي وفق ما تقول لنا التجربة البشرية.. أو وفق هذا التصور!.
والتحية من هنا للأرواح المبدعة ممثلة في الشاعر عبد الرحمن الريح والفنان التاج مصطفى.. مع ملاحظة أن محاولتي هذي مخصصة فقط للنظم الشعري لا اللحن (برغم انه جزء من النظم) ولا الأداء ولا المقامات الموسيقية ذلك شأن آخر.
* الزجلية وفق ما أداها الفنان الكبير التاج مصطفى
"7"
نسمع الزجلية الباهرة مغناة من الفنان الجليل التاج مصطفى:
الملهمة - التاج مصطفى - مهرجان الثقافة الثالث.. نطق سليم للسواكن واداء رفيع ووفق القواعد:
---
08-18-2024, 02:26 AM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5757
حاجة هامة جدا لمن يتابع البوست دا بجدية.. هناك كما نلاحظ فيديوهات عديدة استندت عليها في التحليل اختفت.. لا اعرف لماذا.. لكن بنرجعها كلها الايام الجاية من خلال قناتنا الجديدة على اليوتيوب:
ابقو عشرة على الحقيبة: لا تعرب الملحون ولا تلحن المعرب.. رسالة الى المغنين الأصيلين الجادين وكل المبدعين في بلادي (حلقة رقم "4" من سلسلة مكافحة طلس الحقبنجية)
الوصية من جديد انسجاما مع الحوارات الدائرة هذه الايام حول العامية الوسطسودانية وعلاقتها بالعاميات الأخرى وباللغة الكلاسيكية كما بالشعر والغناء والموسيقى والسلم الخماسي.
مع ملاحظة ان هذه السلسلة في الاصل متولدة عن ندوات في الزوم وتسجيلات صوتية واتسابية تحولت الى كتابة لذا ربما ما زالت تحمل النكهة التفاعلية وعفوية السرد. وبلغت السلسلة حتى الان 15 حلقة تحت هذا العنوان الانتقامي: (مكافحة طلس الحقبنجية)😀🥀.. توجد روابط للحلقات الاخرى في اول مداخلة. وابقوا عشرة على الوصية.
الله.. الوطن .. الحقيبة
وصية وشرحها باختصار.. وصية لكل مغني ومؤدي فن الحقيبة من الفنانين المبدعين صغار وكبار وواعدين: ما تعرب ما تلوي خشمك ما تمد لسانك.. انطق الكلام بلغة الشارع لغتك الام.. يصح ويحلى.. وإلا بتتعوق وتعوقنا معاك كمستمعين وباحثين!.
الحقيبة في عهدها الجديد.. يعني: وعي ما بعد بحث الحقيبة او مثلما يقولون: ما بعد الحداثة.. مش الطلس القديم.. نحن في زمان الوعي العلمي بالذات الجماعية والتراث.
ملاحظة استباقية: لازم تكمل الكلام للنهاية لأن في البوست دا معاك خمسة رموز ناس مهمين أنت في ضيافتهم (عشان انت مهم واظن الموضوع مهم) وهم: عمك ابن خلدون المغاربي وعمك المنوني المغربي وعمك إبن قزمان من قرطبة (ت 1160) وعمك صفي الدين الحلي/العراق (ت 1339) وعمك محمد جمال الدين/ جبل أولياء (الكاتب المتقمص شخصية الراوي).. أقول: ما تقرأ سطر وتفط سطر.. والا ح تفط سطر في غناك وإمكن في حياتك ذاتها "بعد الشر " .. دي مش حاجة للتحميس كدا بس.. لا .. اعتقد انك لن تفهم فكرة البوست إن لم تقرأه كاملا.
وصية احسبها من دهب لمغني الحقيبة ومؤديها جميعاً: ما تعرب الكلام .. ما تعرب مطلقا.. كمان اهم شي ما تنطق أي حرف لازم تمد عنده لسانك بتتعوق وبتعوق الكلام زي الذال " ذ" تنطقها بطريقة الكلام اليومي عبر الحروف البديلة لها زي ال (دال او سين أو زين او ضاد) او حسب سياقها من الجملة كمان برضو وطبعا حرف الثاء تنطقه بلغة الشارع (سا سمك أو تا تور او صا صارقيل) او حسب موقعها من الجملة ولا تنطق الهمزة على النبرة (دوما ياء) مائل مايل مسائل مسايل مثلا.. وتهمل الهمزة على السطر دوما مثل: السماء في العامية سما وحين تنسبها لا تقول سمائك بل سماك أخف وألطف وسهلة النطق. وانا اكون ليك ممنون وشاكر وفي: سناك قليل يا جميل.
وضاوي سناك بمعنى (نور القمر) وفي ثناك في اغنية برضي ليك للعبادي بمعنى (شكرك) الاتنين تنطقهم بالسين (سناك) والمعنى واضح من السياق.
وحرف القاف برضو مشكلة .. وجب ان تنطق القاف بلغة الشارع او حسب موقعها من الجملة زي g الانجليزية: لا تقول قائد الاسطول بل قايد الاسطول gايد الاسطول.. اخف وارشق.
كل بلاد عندها طريقتها لنطق حرق القاف مثلا في مصر والشام يكون (أ) في اليومي وفي الغناء وفي اليمن والسودان على طريقة g الانجليزية او شي من هذا القبيل.
الأحرف دي (الثاء والذال والهمزة على النبرة والسطر كمان ايضا: القاف) أختفت من الشارع الناطق العربية ومن الغناء العربي منذ بداية العهد العباسي حوالي 750م ولم تعد أبداً راجعة لأنها ثقيلة (دا السر.. انت عايز ترجعها ليه) اختفت في كل مكان (الحجاز واليمن والشام ومصر والمغرب والأندلس والسودان طبعاً) وحلت محلها احرف اخرى اخف وارشق في النطق تختلف قليلا او كثيرا بين زمكان واخر.. عندنا في السودان أمشي شوف كتاب ود ضيف الله (الطبقات) مثلا وشوف أشعار ود الفراش وأشعار السافل كلها وبنونة (ماهو الفافنوس.. ما هو الغليد البوص) السين والصاد ممكن يشتغلوا قافية.
ولازم تعرف أو تتذكر أن: نمطية الحقيبة جارية وفق قواعد العامية الوسطسودانية برغم الكلمات الفريدة والغريبة المحتشدة بها القصيدة.. وهي طبعاً وافدة اي قادمة من تواريخ سحيقة .. وليست من أصل العامية الوسطسودانية إلا إنه كما أسلفنا القول فالنظم يخضع بالكامل لقواعد العامية الوسطودانية كما لاحظنا من الأمثلة والتقطيع العروضي الذي أجريناه على قدر من أشعار الحقيبة (يوجد رابط لذلك ختام هذا السرد).
يعني مثلاً ما تسمع كلام واحد مشعوذ (لا يعرف قواعد الزجل) مهما كان أنت بتحترمو ولو أبوك.. يقول ليك مثلا في اغنية برضي ليك المولى الموالي أنطقها او قلها (ثناك) بالثاء وليس سناك بالسين (في ثناك قليل يا جميل) لا ما تسمع كلامه إنه غير عالم بقواعد النمط الشعري ولا يعرف الفرق بين الأنماط الشعرية.
او يقول ليك (مثلا) انطق بازخ بالذال وليس الزين: نحن الشرف الباذخ (خليل فرح).. ما البازخ.. غلط.. الصاح بالزين لا الذال.. الشرف البازخ.. ولو وجدتها مرسومة باذخ او كتبتها كذلك لا مشكلة.. لكن لا تعرب.
من يقول لك بذلك دا بكون في العادة مجرد شخص كلاسيكي الفهم او شخص مدعي وجاهل بفن الزجل وقوانينه او الاتنين معا .. او حقبنجي ساي.. محترم صاح ما قلنا شيء.. بس زول "طلاس" وجاهل بقواعد الأنواع الشعرية ولونية الحقيبة النظمية وقواعدها.. وما قرا نتيجة بحث الحقيبة لسا او قرا طشاش او سمع بيها ساي من الناس وقعد يكورك.
نرجع للحظة للعبادي و (ثناك) أول حاجة لما تعملها (ثناك) وتنطقها بهذه الثقالة بدلاً من سناك.. إنت لسا ما عربت.. لازم تكون: ثنائِكَ لأن أصل الكلمة ثناء.. شوف المشكلة بتاعة النطق الحا تدخل فيها والعولاق الح تسويه في نفسك قدر شنو.. ولو عملتها كدا لازم تعرب الغنية كلها إش معنى في ثنائِكَ بس والباقي لا.. شفت كيف بتكبر المشكلة!.
الشعر العامي والزجل تحديدا ممنوع فيه التعريب.. واذا رسمتها بالثاء أو وجدتها مكتوبة كذلك الصاح تنطقها سين ومثلها كل الأحرف الثقيلة التي تحدثنا عنها للتو.. وعموماً لا تعرب.. غلط كبير.. زي كالمال كال"بنون" بتاعة سيد عبد العزيز اذا عربتها بتخل حتما بالقافية ان عربتها وعملتها كالبنين وكمان بالسجع والتفعيلة والوزن ويبقى خراب شامل زي خراب سوبا.
أي تعريب للفنون العامية عند إبن قزمان وصفي الدين الحلي "حرام" وعند محمد بن جمال نوع من الشعوذة فخيم وطلس حقبنجية ساي.
طيب للحظة نسمع مع بعض الشباب ديل بقولوا في شنو:
(جردت فني هذا من الإعراب .. كما يجرد السيف من القراب.. فمن دخل علي من هذا الباب فقد أخطأ وما أصاب) دا كلام ابن قزمان امام الزجالين ومخترع قوانين فن الزجل.. إبن قزمان بزعل منك وبشوتك برا ان عربت.
يعني الشعر العامي عامي والفصيح فصيح وإلا ح تعمل مشكلة وإخلال بالوزن والقوافي.
ودا الشاب البديع الصفي الحلي يتحدث عن: الفنون الأربعة التي كُتبت في اللغات العامية وهي الزجل والمواليا والقواما والكان كان.. وهي كل الفنون العامية مطلقا وما دونها فهو بناتها واحفادها.
إذ نص الحلي في مقدمة كتابه (العاطل الحالي) على هذه الفنون فقال: "فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل الذي تختلف أوزانه ويضطرب ميزانه، ويتغاير لزومه ويشتبه منظومه. وهذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها وتفاوت اصطلاح مبتدعيها ؛ فمنها ما يكون له وزن واحد وقافية واحدة وهو الكان كان ومنها ما يكون له وزن واحد وأربع قواف وهو المواليا، ومنها ما يكون له وزنان وثلاث قواف وهي القواما ومنها ما يكون له عدة قواف وعدة أوزان وهو الزجل "وهو أرقاها في السلم وأعظمها شأناً").
فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل. الخلاعة هنا بمعنى: منتهى الوضوح والصراحة.
هذا بالضبط ما قاله إبن خلدون الذي جاء في ترتيب الزمان بعد صفي الدين الحلي مباشرة وقبل إبن حجة الحموي بقليل الذي نقل عنهما ووافقهما في كتابه بلوغ الامل في فن الزجل.
والسؤال هنا، كيف يكون في اللحن واللكن بلاغة؟!.
نعم يكون وفق إبن خلدون (في تعدد القواميس العامية في القصيدة الواحدة).. بل إبن خلدون كان أشد صرامة في الوصف إذ يصف (اللحن واللكن) بالعجمة!.
ويعني طبعاً إنتفاء الإعراب لا أن اللغة ذاتها التي كتب بها الزجل الأندلسي في الجوهر أعجمية بالكامل بل عامية الأندلس العربية ولو حوت عبارات لاتينية مثل كل عاميات هذا الزمان التي تستطيع أن تحوي كلمات تركية وفرنسية وإنجليزية ولغات تاريخية أخرى عديدة لكن بعد هي عامية عربية. ولكنه برغم ذلك يقول لقد إزداد فضاء البلاغة مع اللحن واللكن؟. كيف حدث ذلك مع العجمة!.
حتى أن بعد عدة قرون تالية جاء المؤرخ الجليل محمد المنوني ليقول:
(ولعلنا سنجد في هذا النوع من الشعر من دقة الوصف ما لا نطمح أن نجده عند شاعر أو كاتب بالعربية الفصحى) اي ان الملحون من الشعر قد يكون افصح اي ابين وارفع من الفصيح الكلاسيكي.. مرافعة عن الشعر العامي او الملحون احسبها عظيمة.
وهنا نص إبن خلدون المعلوم عند هذه النقطة:
"لما شاع فنُّ التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور لسلاسته وتنميق كلامه وترصيع أجزائه، نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله، ونظموا في طريقتهم بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيه إعراباً، واستحدثوا فناً سموه بالزجل، والتزموا النظم فيه على مناحيهم إلى هذا العهد فجاءوا فيه بالغرائب واتسع فيه للبلاغة مجال، بحسب لغتهم المستعجمة".
السر في تعدد القواميس المستخدمة + طريقة النظم المرصعة.. السحر الاعظم.. فتعدد القواميس هو مكمن البلاغة بلغة ابن خلدون اي يتسع للزجال المجال لانتقاء الكلمات والقوافي من عدة قواميس تاريخية.
فالترصيع عند إبن خلدون هو القيمة الثابتة عند الوشاح والزجال في ذات الأوان.
الموشح التام أي المعياري يتكون "مرصعاً" من مطلع (أغصان) وأدوار (أسماط) وأقفال (أغصان) وخرجة (أغصان).. وموشحة (جادك الغيث) للسان الدين الخطيب هي مضرب المثل المدرسي عند هذه اللحظة.. وهذا بإختصار طبعا. ومشى على نهجه الزجل فقط في لغة غير معربة.
إبن خلدون يقول لغتهم المستعجمة أي طبعاً غير الفصيحة. ويعني زجالي الأندلس آنذاك. وقلنا أن فن الحقيبة من نمط الزجل أو وريثه. فهل الحقيبة أيضاً أيضاً مستعجمة!. نعم طبعاً، برغم الكلمات الفريدة الرنانة "الوافدة من التاريخ" فإنها غير معربة (لا تجري على قواعد النحو والإعراب في اللغة الفصيحة أو الأحسن أن نقول "الكلاسيكية" ولا على أوزان أبحر الخليل وتفاعيلها بالضرورة) كما أن كثير من تصاريفها غريبة على العربية الكلاسيكية كما أنها غريبة على العامية الوسطودانية ذاتها الحاضنة لشعر الحقيبة كل الوقت. القواميس التاريخية انتبه: الحقيبة غير معربة.. عامية.. فقط جواها قواميس عربية تاريخية غريبة وقادمة من شعوب أخرى في التاريخ لكن أيضاً عامية.. فعندما تجد كلمة شادن فهي مجرد كلمة غزال والإتنين كلمات عربية فقط الإستخدام مختلف (الليلة ضابحين شادن.. شخص من الأندلس يتحدث.. الليلة ضابحين غزال شخص سوداني يتحدث). غزال البر يا راحل حرام من بعدك الساحل أنا المن حالى ماك سايل. عشقت شادن عيونو ساحرة وقوامو لادن .. كأنو زهرة. وذلك طبعا مجرد مثال لا حصري.
يعني مرجعية الكلمات ممكن كلها عربية بس غير معربة.. لازم ننتبه!.
ملخص للفكرة: تلات أنواع من العثرات تواجه مغني الحقيبة كل الوقت.. وجب الانتباه لها بروية.. 1. الاحرف المنقرضة من العاميات العربية 2. التعريب غير اللازم وبل المضر .. وشي آخر هو: 3. معضلة السواكن المتقابلة في الجملة الواحدة، كالتالي:
1- الأحرف المندثرة في العاميات (الذال، الثاء، الهمزة على النبرة والهمزة على السطر والقاف) تحدثنا عنها في سالف السرد وكشفنا عن الحلول المعروفة.
2 - التعريب مطلقاً كأن تسعى إلى إعمال قواعد النحو والصرف والإعراب في الشعر العامي (خطأ مميت). لأنك عند هذه الحالة تخل بالمعنى والوزن والقوافي فتصبح القصيدة مجرد كلام "ساي".
3- نطق السواكن المتقابلة (خطأ شائع عند مؤدي الحقيبة) مثال (محيكْ البدري) تنطق: محيكْ لْبدري (ثقيلة) والصحيح دوماً في هذه الحالة تحريك الساكن الأول بإستلاف الساكن الثاني (تلك قاعدة في العامية الوسطسودانية وجب أن ننتبه لها بروية) إذاً النطق الصحيح = (محيكَلْ بَدري). تحريك الكاف بإستلاف الساكن المقابل وبالتالي الكلمة المقابلة ستكون متحركة ويصح عندها النطق ويصبح أكثر خفة ورشاقة (توجد أمثلة عديدة لهذه العلة في الرابط المرفق تحت عنوان "أخطاء اللفظ والتفاعيل" عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني وإلى الآن.. لكن ليس الجيل الأول (سرور وكرومة ومن في زمانهم) لأنهم كانوا يعرفون قواعد النمط عن دراية وافية.
الملاحظة المهمة هنا وربما مدهشة أن الأشعار المغناة السابقة للحقيبة (الحماسة والمناحة والدوبيت مثال) واللاحقة للحقيبة (التي جاءت بعدها كأعمال بازعة وإسماعيل حسن والحلنقي) لا توجد بها الأخطاء التي تحدث في حالة الحقيبة وتحديداً تعريب ما لا يجب أن يعرب فيعرب كما علة اخرى هي: نطق السواكن المتقابلة.. مع أنهم في الغالب ذات المغنين الذين أدوا الحقيبة فوقعو في العثرات ولكن في الغناء الأقدم للحقيبة والجديد لا (لأنهم يعرفون بالسليقة والفطرة) ولكن في حالة الحقيبة لا (إلا الرواد فإنهم كانوا عالمين بقواعد الزجل الحقيبي أمثال سرور وكرومة).
والسبب في تقديري هو الكلمات المتفردة (الغريبة على العامية الوسطسودانية الوافدة من عاميات ماضوية تاريخية = عامية العهد المملوكي 1250 - 1500 م والزجل الحوزي 1500-1830م) :
يا روح البدن يا غصين النقا يا لدن يا مهفهف يا املدن (ود الرضي)
فـاتـك هـاتك و يالك مـن مُـرائـي وصـدقك قليل (العبادي).. امثلة لا حصرية طبعا.
وأيضاً القاموس التاريخي المهمل مثل (ظبيات وجرة والعيس).
فأشعار الحقيبة تحتشد بمثل تلك العبارات الوافدة من تواريخ سحيقة وقواميس مجتمعات ماضوية ما عادت تعيش في هذا العصر.. مما يوحي بأن القصيدة فصيحة والحقيقة أنها ليست كذلك بل عامية وجملها التعبيرية كلها مبنية على الساكن (غير معربة) وكما اسلفنا تخصع بالكامل لقواعد العامية الوسطسودانية (الحاضن الرسمي لزجل الحقيبة) وبالتالي من الخطأ الجسيم تعريبها.
ملاحظة ختامية: هذه القراءة (اسميتها مجازا بالنصيحة) تستند إلى تجربة الباحث أيام بحث الحقيبة الذي جرى في تفتيش مرجعيات النمط الشعري وحده لأغاني الحقيبة لا الألحان والمقامات الموسيقية.. ذلك شأن آخر لم يتطرق له البحث. ولمزيد من المعلومات بهذا الصدد تستطيع أن تطلع على الكتابات المنشورة بهذا الصدد على الصفحات الخاصة بهذا الشأن أو بالباحث.
وتلك مجرد محاولة سريعة مني لتبيان الصورة في شمولها.. اتمناها واضحة ومفيدة.. واما مسالة: نطق السواكن المتقابلة دي "معضلة كبيرة" ح أرجع ليها لقدام بالأمثلة البيانية للأهمية.. ومقدما في الرابط دا بعض الأمثلة مع تطبيقات بيانية:
أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم!
--- نحن ما نزال نحكي على هامش فعاليات الحملة الوطنية لمكافحة شعوذة الحقبنجية وذلك الطلس الكتير.. نحن في زمان عهد الحقيبة الجديد: ما بعد البحث.. نحن في زمان الوعي العلمي بالذات الجماعية والتراث.. ومسو نوركم وابقو عافية.
وعلى هذا العنوان تتواصل فعاليات الحملة الوطنية لمكافحة طلس الحقبنجية او محاربة مية عام من الخرافات والدجل باسم حقيبة الفن:
تلك كانت حلقة "4" من سلسلة مكافحة طلس الحقبنجية.. ونواصل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة