أنا ،علي قناعة تامة...بأن الإتفاق الذي بات وشيكا، بين المدنيين والعسكريين ،كما تروج له بعض وسائل الإعلام، لن تتركه قوي الظلام بأن يمر هكذا مرور الكرام. فكل من كان يمني نفسه بقطعة من ( الجاتو ) ولم يجدها،سيكون في طليعة المعارضين ،باليد او اللسان ،وذلك أضعف الايمان...وأول هؤلاء المعارضين رموز الاحزاب السياسية العاطلون المتعطلون.. وقيادة الحركات المسلحة المتعطشون للسلطة، المتوحشون المنفلتون..وبقية الفلول الشامتون. وبطبيعة الحال، فإنه بموجب الاتفاق الجديد..ستظهر وجوه جديدة ناصعة البياض في اليد واللسان ..وتختفي وجوه كالحة السواد ( كارهة للبشر ) كما صورها ( فولتير) في مسرحيته الرائعة المشهورة. وكما أقول دائما ،فإن السوداني يولد من بطن أمه وهو معارض.. وصرخة الميلاد عند أطفالنا هي صرخة احتجاج بالدرجة الأولي وليست كمثل صرخات ( أحباب الله ) عند بقية شعوب الأرض.. وقد زعم جدنا الفزاري،أنه ساعة ميلاده قد عض يد ( الداية حاجة نفيسة) حتي جعلها تصرخ من الألم، فقد كان محتجا علي الخروج ومجابهة ظروف الحياة البائسة في الخارج...ولهذا تشب الشخصية السودانية وتترعرع في تلك البيئة الحاضنة وهي مشبعة بالحسد والكراهية والمعارضة لكل أوجه النجاح عند الآخرين..وهو أمر معروف ومشاهد في كل بيت سوداني...وفي النادي الرياضي الواحد..وفي الحزب السياسي الواحد.. والحركة المسلحة الواحدة...ولا يحتاج مني ذلك الي تدليل ولا إثبات فواقع الحال يغني عن السؤال....وبسبب تلك المعارضة الفطرية التي نولد بها...تتشظي كل مكونات مجتمعنا المدني وحتي الانقلابات العسكرية ،عندنا ،ما هي إلا مظهر من مظاهر تلك المعارضة الرافضة للوضع المدني ولو جاء عبر صناديق الانتخابات. وفي تقديري،أن ما قام به المجتمع السوداني، أخيرا، في سعيه للتوافق ،هو ما كان يمكن لتلك القوي أن تفعله قبل الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي...فنحن أيضا، لدينا مشكلة في ردة افعالنا إذ دائما ما تأتي متأخرة بعد فقدان الكثير من مصادرنا الطبيعية والبشرية. أعود وأقول، إذا سلمت النوايا..وتم الاتفاق، فلابد من مواصلة المسيرة من حيث توقف بنا الركب في الخامس والعشرين...صحيح يصعب علي الضمير السوداني أن يتجاوز أخطأ المرحلة السابقة،لأنه هناك مياه كثيرة قد جرت تحت الجسر...ولكن إذا أردنا لهذا الاتفاق النجاح وتحصينه ضد الكارهين له ، فلابد من تجاوز أخطاء تلك الفترة الباهتة من عمر الثورة...والنظر الي المستقبل من خلال ما تبقي من زمن للفترة الانتقالية وتوظيفه للعبور بالوطن بروح المحبة والمسؤولية نحو المستقبل الذي يليق بالسودان الجديد...فكل حدث كبير له ما يناسبه من القرابين والتنازلات. د.فراج الشيخ الفزاري f.4u4f@hotmail عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق October, 12 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة