كاتب صحفي وباحث في مجال التراث قال الشاعر :- والذي نفسه بغير جمال لا يري في الوجود شيئا جميلا .. لقد وعدت قرائي ومتابعي ان اكتب .. عن الاستاذ /الفنان عبدالكريم الكابلي ... ذلك الفنان القامة ... والذي اطربت اغانيه وشعره مسامع ملالايين البشر .. وكان في فنه جمالا .. وحياه تحس بها .. وتتغلقل موسيقاه في اعماق النفس لتثير فيها مكامن ومشاعر دفاقه بحب الوطن والاهل ... وتتجلي روعة اغانية المرتبطة بالتراث الديني .. في اغنيته ليلة المولد للشاعر /محمد المهدي المجذوب ... انه يرسم لوحة رائعة لليلة المولد بوصفها (سر الليالي ) ويطوف بنا لحلقات الذكر وخيم الطرق ..وضرب الطبول .. وهنا حلقة شيخ يرجحن. يضرب النوبة ضربا فتئن. وترن. ثم ترفَضُّ هديراً أو تجن.. ان هذه الاغنية تكشف لك عمق ايمان الفنان الكابلي ... واعتزازه بتراثه وتاريخه واصوله الافريقية جعل منه اسطورة قل ان بجود الزمان بها لقد تجاوز عقد وحواجز اللون والاستعلاء ..فتكشفت له الحجب في قلب افريقيا ... حيث انفجرت قريحته الشعرية .. هو وصديقه الفنان /خليل عثمان في وصفه لجبل مرة وجمال الطبيعه ... لوشفت مرة جبل مرة **يعاودك حنين طول السنين تتمنى تاني تشوفو مرة جبل مرة **لو شفتا مرة جبل مرة لو شفتو تنسى هموم عمر **بين المناظر والزهر تعيشا لحظات نادرة حلوة**وكل شيء حولك يسر تحس يا دوبك اتولدا**وغير ما تدري اليوم يمر في سوني بشرق الجبل **تشعر كانك جوة جنة سوني العروس في كرنفال**مزدانة في روعة. ان الكابلي كان فنانا وشاعرا مرهف الاحساس .. في اخر ذكرياته وقبل رحيله الاليم .. وفي لقائه مع الاعلامي القامة الاستاذ /عبدالمنعم مكي ...تحدث الكابلي حديثا من القلب للروح .. وكانه يعلم انه علي موعد مع القدر ...يقول انه زار مدينة بيرغن .. وتعجب كيف ان احد البروفيسرات كان يجيد لغة (الفور ) ويعلم من تاريخها وحضارتها الكثير ...في الوقت الذي اشار الي ان اغلب الوثائق التاريخية الهامة عن دارفور موجودة في بريطانيا.. وتحدث عن رحلة بن عمر التونسي عام ١٨٤٢ .. في عهد السلطان عبدالرحمن الرشيد .. وهو اول حاكم يطلق علي نفسه لقب خادم الحرمين الشريفين ..كان في دارفور نظام سياسي مكتمل ودولة .. وان حضارة شعب الفور لم تاتي من فراغ ..ويوصي الكابلي بالاهتمام بهذا التراث . والفخر به واشار الكابلي الي نسبه من ناحية حبوبته وان امها من السواراب .. احد فروع قبيلة الشايقية ...وابوها من الفور (الكيرا) وهي الميرم /خديجة بنت الارباب ... وهذا ما دفع الكابلي الفنان القامة ان يطلب في العام ١٩٧١. زيارة ارض سلاطين الكيرا ... زار الكابلي جبل مرة وقال انهم وصلوها في منتصف الليل ..وحط رحالهم في سوني ... و انهم وجدوا انفسهم في الجنة ...واستقر بهم المقام في استراحة الحكومة التي شيدها المستعمر .. في قلول .. ويستمر في وصفه لتلك الرحلة التي خلدت صورها في ذاكرته وشعره ..التي صاغ كلماتها عبدالكريم الكابلي وتغني بها الفنان الاستاذ /ابو عركي البخيت ( مرسال الشوق يالكلك ذوق أغشى الحبان في كل مكان قليهم شفنا جبل مرة وعشنا لحظات حب ومسرة بين غيمة تغازل كل زهرة وخيال رمانة على المجرى مرسال الشوق..... لوحة فنان تمحى الأحزان صفرة وحمرة زرقة وخضرة وزحمة نضرة زهر ريان نادي وبسام بالحيل داير ريشة رسام جيرانه جداول هيمامة وصنوبرة نادية وريانة ان الاحساس بالجمال لا ياتي الا من النفوس الجميلة .. ان الزيارة التي حظيت بها تلك البقعة المباركة من اتحاد الفنانين السودانيين لجبل مرة (والتي اخيرا اكتشف العلم الحديث انها موطن اول انسان وهو سيد البشر ..وابو البشرية ) وهي تلك الارض التي عاش فيها بني اسرائيل .. وتنزلت عليهم المن والسلوي .. الي ان اختاروا الهبوط .. وما ادق وصف القران الكريم لنزولهم من الجبل في اتجاه مصر ... فاهبطوا مصرا فان لكم ما سالتم ...هبطوا من عليائهم ٣٠٠٠قدم فوق سطح البحر وهو ارتفاع جبل مرة ... وتبع هبوطهم الزلة والعذاب .. ويصف الكابلي الشاعر . .في لقائه الوثائقي والتاريخي ما حل باهله من احفاد الفور الكيرا من لعنات الحرب وعذابتها ...فاحرقت نارها دارفور...واحالت جنة جبل مرة الي خراب .. وقد قال كلمات معبرة في رثاء صديقه ورفيق رحلته الفنان خليل عثمان :: بقول ليكم يا اهل السودان عربا كانوا او رطان من مخلص ما خوان عاشق بلده .. وغرقان في حب اهل السودان نمولي الي اسوان ؟؟ والجنينة لبورتسودان .. احسن نبني الانسان ما نبني الحيطان بالمعرفة والعرفان والحرية ام تيجان بالعدل والاطمئنان .. ونترك الخلفان ... كانت هذه اخر وصايا الفنان الملهم (عبدالكريم عبدالعزيز الكابلي ... حفيد سلالة سلاطين الفور الكيرا .. والذين دام حكمهم ٦٠٠عام من خلال العدالة .. تمني الكابلي انه لو تعلم لغة الفور ... وتنمي ان يطول به العمر ليري ارض اجداده وجنة الله في الارض دارفور -ارض الجمال والفن .. والناس الصالحين واهل القران ... والذين راءي فيهم البروفيسور /اوفاهي انهم الاولياء والسلاطين ... وسال الله ان يعم السلام دارفور .. وربوع السودان من نمولي الي اسوان .. ومن الجنينة لبورتسودان . .. انه يتحدث عن ارض السودان .. وحدودها وهي ارض كوش .. في العام ١٩٩٧ عندما اسست مركز كيرا للتراث وحوار الثقافات .. طرحت حوارا للحضارة والثقافة السودانية .. واتصلت بي الاستاذة الفنانة التشكلية /مريم عيسي لتبلغني رغبة الدكتور عبدالكريم الكابلي ان يحي حفلا لصالح مركز كيرا للتراث .. ولم نتوفق لحظتها ... وفيما بعد وصلت الي الولايات المتحدة الامريكية .. واول ما بدر في ذهني هو اقامه مهرجان للتراث السوداني وتكريم بعض المبدعين .. وعلي راسهم القامة حفيد اسرة الكيرا .. ولم يحالفني الحظ وقد سبقني يد القدر اليه .. وكل نفس ذائقة الموت لا محالة .. ومن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز .. فالي جنات الخلد وجنة عرضها السموات والارض ..ايها الانسان الملئ بحب الوطن وعشق الاهل . والخزي والعار لكل خوان وجبان .. يتبع
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 05/27/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة