ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد طه؟ منقول

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 03:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-27-2022, 10:48 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد طه؟ منقول






                  

05-27-2022, 11:50 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد ط� (Re: عبدالله عثمان)

    1

    ماذا لو سمع المسلمون للأستاذ محمود محمد طه؟!

    د. جعفر الماحي

    يتناول هذا المقال سؤالاً افتراضيا طالما ألح علىَّ. السؤال هو: ماذا لو سمع المسلمون للاستاذ محمود وأخذوا بأفكاره وأطروحاته، وعلى هداها خرجوا بدستور ينظم حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلاقتهم مع غير المسلمين والعالم؟ كيف يا ترى سيكون حالهم اليوم؟ وكيف كان سيكون حال البشرية على ظهر هذا الكوكب، كذلك؟ قد يعترض معترض على السؤال من أن "لو" التي يبدأ بها السؤال، هي لغةً، حرف امتناع لوجود .. فلا يمكننا السفر للماضي وإعادة كتابة التاريخ .. وما حدث كان لا بد له أن يحدث، فتنتفي بالتالي الحاجة للسؤال.

    غير أن قيمة السؤال الماثلة عندي، تجيء من تداعياته الهامة والخطيرة على راهن ومستقبل الاسلام كدين، من جهة، والمسلمين وعلاقتهم بالعالم من جهة أخرى. فالفهم المتخلف للإسلام، الذي أعاق حياة المسلمين وحَّجرها، وقعد بهم عن الأخذ بأسباب التقدم، هو الآن سيد الساحة، أينما نظرت، ونعيقه يزحم الآفاق.. إذ لا يزال الأخوان المسلمون، والوهابية، وطالبان، والقاعدة، وحركة الشباب والشيعة، وبوكو حرام يحلمون بدولتهم.. وما انفكت داعش تلملم أطرافها، وتحاول جاهدة، إعادة إنتاج نفسها، أملاً في إقامة دولة الخلافة الإسلامية الثانية. فإن كتب لأي من محاولات هذه الجماعات النجاح، فإن مآسي التاريخ القريب من سحل، وقتل ودمار، وخراب، ستكرر نفسها.
                  

05-27-2022, 12:19 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد ط� (Re: عبدالله عثمان)

    2

    يجئ المقال في ثلاث محاور: يقدم المحور الأول ملخصاً سريعاً لفكرة تطوير التشريع كما جاء بها الأستاذ محمود، ويستعرض المحور الثاني الخلفية العرفانية لهذة الفكرة، ويناقش المحور الثالث، الواقع الافتراضي، الذي تمليه الإجابة على السؤال.

    تطوير التشريع الإسلامي:

    إن فكرة تطوير التشريع الإسلامي، هي فكرة أصيلة، متفردة، ومدهشة، لم يسبق الأستاذ محمود إليها أحد من المفكرين، أو رجال الدين المسلمين. كما أنها قد فاتت على أكابر الصوفية، أمثال الشيخ الأكبر محي الدين أبن العربي، وحجة الإسلام أبي حامد الغزالي.

    يحسب للاستاذ محمود أنه كان أول من رأى بعين البصيرة، الإشكالية التاريخية التي وجد المسلمون أنفسهم فيها غداة الحرب العالمية الثانية. تمثلت هذه الإشكالية، في واقع جغرافي، ثقافي، واقتصادي مختلف جدا، عنما ألفه الناس طوال تاريخهم الطويل. واقع ألغيت فيه أو كادت المسافات الجغرافية بين أقطار هذا الكوكب، وذلك بفضل الله ثم بفضل وسائل المواصلات والإتصال الحديث، حتى أصبحنا كأننا نعيش جيراناً في قرية واحدة.. أتسم هذا الواقع الجديد بالسيولة، واحتشد بالحركة، والكشوف العلمية المذهلة في الطب، والفيزياء، والكيمياء، وعلوم الفضاء، وجميع ضروب المعرفة. صحب ذلك كله متغيرات إجتماعية كبرى. فخرجت المرأة من البيت. وهي في خروجها هذا، قد خطت خطوات واسعة، نحو المساواة في الحقوق والواجبات مع صنوها الرجل. أعلى هذا الواقع، أيضاً، من قيم الحرية والعدالة والمساواة بين الناس، وحق كل فرد في البحث عن السعادة.

    بيد أن هذا الواقع الجديد اصطدم بممارسات راسخة في الشريعة الإسلامية، منها الرق، وقوامة الرجل على المرأة، والطلاق، وتعدد الزوجات، والجهاد، والعلاقة مع غير المسلمين، وتمايز فئات المجتمع فيه اقتصاديا واجتماعيا. هذه المفارقة بين واقع المسلمين اليوم وشريعتهم، تعني لدى التحليل الأخير، أن دينهم اليوم يواجه تحدياً وجودياً existential .. فحواه إما أن يجد المسلمون حلاً لمشاكلهم التي أفرزها هذا الواقع الجديد في الدين، أو أن يلتمسوا حلاً لها في غيره، ويخرج بالتالي الدين من حياتهم، وإلى الأبد. هنا تتجلى قيمة وأهمية مشروع الاستاذ محمود، حينما أشار الى أن الإسلام يمكنه أن ينهض بهذا التحدي، على ان ُيفهم أن به مستويان من التشريع، أو قل رسالتان. رسالة أولى استمدت تشريعاتها من آيات الفروع في القرآن (القران المدني)، ونظمت بها حياة مجتمع المسلمين الأول. ورسالة ثانية تستلهم آيات الأصول في القرآن (القرآن المكي)، الداعية لتنظيم المجتمع الانساني على أساس من الاشتراكية، والديمقراطية والمساواة الاجتماعية والاسماح في الدعوة للاسلام. لكنها نسخت بآيات الفروع عندما تبين قصور مجتمع المسلمين الأول عنها، وعدم استعداده لها.
                  

05-27-2022, 02:02 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48775

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد ط� (Re: عبدالله عثمان)

    سلام يا عبد الله

    والتحية للدكتور جعفر الماحي

    لاحظت أنك نشرت المقال كاملا في الواتساب. فهل هناك سبب في تأخير نشر باقي المقال هنا في سودانيز أونلابن؟
                  

05-27-2022, 02:32 PM

منتصر صلاح
<aمنتصر صلاح
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد ط� (Re: Yasir Elsharif)

    في انتظار باقي المقال

    الشكر للأخ عبد الله عثمان ودكتور ياسر
                  

05-27-2022, 03:12 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48775

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد ط� (Re: منتصر صلاح)

    فإذا أراد المسلمون أن يخرجوا من ورطتهم التاريخية التي فرضها عليهم هذا الواقع الجديد، فلا مناص أمامهم، في رأي الاستاذ محمود، من أن يداولوا النسخ. ليصبح ما نسخ في القرن السابع، فاعلاً اليوم، وما كان فاعلاً منه بالأمس منسوخاً. بتعبير آخر، ان تصبح آيات الأصول صاحبة الوقت اليوم، ويقوم عليها التشريع. وتنسخ وفقا لذلك آيات الفروع، عمدة التشريع وقتها.

    تجئ أهمية وقيمة دعوة الأستاذ محمود لتطوير التشريع، من أنها مثلت دعوة صادقة لالتماس الحلول لما يواجه المسلمين اليوم من إشكالية تاريخية، من القرآن وليس خارجه، وذلك بالانتقال من نص فيه كان صاحب الوقت يومئذ، إلى نص آخر، كان مرجئاً ومدخراً لمجتمع اليوم. آية هذا التغيير، أن المجتمع الإنساني في تطوره المستمر قد خلق واقعاً جديداً، له خصوصيته وتعقيداته ومشاكله التي تحتاج لحلول مبتكرة، ومختلفة. هذه الحلول يجب أن تقوم على الأصول الثوابت من القرآن، وتستلهم أفضل مافي التراث الإنساني. وهذا عين ما عناه الاستاذ محمود بالرسالة الثانية من الإسلام، والتي ظل يدعو الناس إليها ويبشر بها طوال حياته. بهذا يكون الاستاذ محمود قد إنتصر للإسلام، ورد المسلمين إليه، بعد أن كاد أن يخرج من حياتهم، بسبب من فهمهم القاصر له، وممارساتهم المنفرة منه.

    الخلفية العرفانية لتطوير التشريع:

    لم تكن فكرة تطوير التشريع، التي تفتقت عنها عبقرية الأستاذ محمود، نظرية في الفلسفة الاجتماعية، مما قد يأتي به بعض المفكرين والمصلحين على فترات من التاريخ الإنساني، والتي غالبا ما تجئ نتاجاً للنظر العقلي المحض. إنما هي ثمرة لتجربة روحية خاصة بالأستاذ محمود، أورثه الله منها فهماً جديداً للقرآن، وأذن له بالكلام.

    ولكي ما نعي عن الاستاذ محمود ما يقول، يجب أن نكون قادرين على ربط ما ذهب إليه في اطروحته وأسئلة الوجود الكبرى من شاكلة: ما هو الوجود؟ ومن أين جاء؟ وماهي الغاية من ورائه؟ وما هي مآلاته؟ وما هو موقع الإنسان منه؟ فمن وحي الإجابة على هذه الأسئلة، يمكننا أن نتبين ملامح مشروعه التنويري.

    الوجود، عند الاستاذ محمود، هو الله.. منه صدر، وإليه يعود، وبه ظهر. فكأنه تعالى قد كان باطناً، فصار بالعالم ظاهراً، كما تقول عبارة ابن عربي. وهو إنما ظهر ليعرف. ولما كان الانسان هو مظهر الاسماء الإلهية، وجمعية كمالاتها، كان أعرف مخلوق بخالقه. فهو السيد والخليفة، وهو مرآة الوجود وغايته. وصار كل مافي الكون وسيلة لهذه الغاية. بما في ذلك وسائل الدين، والقرآن، والملائكة، والأبالسة، والأكوان جميعا. جاء في الحديث "خلقت الأكوان للإنسان، وخلقت الانسان ليّ. "
    فالإنسان عند الله، مخلوقٌ عظيم، حقيق، جدير بالكرامة. وكرامته تلتمس في حريته.. وحريته تعني تحرره من الخوف ومن الحاجة. ويقتضي هذا إعادة النظر في العلاقة بين الفرد والكون من جانب ، وبين الفرد والجماعة، من جانب آخر. علاقة الفرد بالكون، عند الاستاذ محمود، ينظمها دستور مستمد من الكلمة 'لا إله إلا الله'، التي هي روح القرآن. وإنما هي كذلك لقيمتها التسليكية .. إذ بتجسيدها تحقق حرية وكرامة الإنسان. فالفرد المتخلق بلا إله إلا الله، عند الاستاذ محمود، هو الفرد الحر، الذي تحرر من أسر جميع العناصر المادية، حين أحال كل همه على الله.

    والعلاقة بين الفرد والمجتمع، تقوم على اعتقاد راسخ عند الاستاذ محمود، ان المجتمع الإنساني هو انجع الوسائل لانجاب الفرد الحر. ولاجل هذا، دعا الاستاذ محمود الى تنظيم المجتمع على أساس من مساويات ثلاث: إقتصادية، وسياسية، واجتماعية. تضمن المساواة الاقتصادية (الاشتراكية) للناس أن يكونوا شركاء في خيرات الأرض ومواردها، وتحفظ المساواة السياسية ( الديمقراطية) لهم حقهم في إنتخاب من يولونه أمرهم، وتضمن المساواة الاجتماعية لهم عدم التمييز ضدهم على أساس من اللون، والنوع، والعرق، والعقيدة.

    إن المجتمع الذي يدعو إليه الاستاذ محمود هو مجتمع أمن أفراده على أرزاقهم، لا يخشون فيه هضماً لحقوقهم السياسية ولا تمييزاً بينهم على اي مستوى.. وهكذا تصبح حاجة الجماعة للعدالة الاجتماعية الشاملة، عند الاستاذ محمود، امتداداً لحاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة، بلا تعارض أو تضاد بينهما. هذه لبنات لمجتمع معافى، يتوقع له أن ينجب الإنسان الحر، الذي يقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، ثم لا تكون نتيجة قوله وفعله إلا خيراً باخوانه في الحياه.

                  

05-27-2022, 03:17 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48775

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد ط� (Re: Yasir Elsharif)

    الإجابة على السؤال!

    الفرضية الرئيسة في اطروحة الاستاذ محمود لتطوير التشريع، هي أن شمس الشريعة الاسلامية كما عرفت وطبقت في القرن السابع، قد أفلت وذهب نورها. فخطابها أصبح الآن خارج سياق التاريخ، وقامتها أقصر من قامة العصر، ودون حاجة المجتمع الانساني الحاضر. وبالتالي فإن أي محاولة لفرضها على واقع المسلمين اليوم، إنما هي بمثابة فتنة؛ ستكون نتائجها خصماً على الاسلام وصورته في العالم، ووبالاً على المسلمين أنفسهم، في نهاية المطاف. حذر الأستاذ محمود كثيرا من خطورة السير في هذا الاتجاه. فكتب، أوائل الخمسينات من القرن الماضي قائلا:

    "الخوض في أصل الدين سير في الوادي المقدس، تخلع فيه النعلان، وتواصل فيه التلبية، ويستشعر عنده الخشوع .. فإذا دخله الذين لا يرجون له وقاراً، فانتظر بوائق الشرور، وجوائح الفتن".

    لكن الناس لم يسمعوا للأستاذ محمود، وانصرف معظهم عن دعوته، فكان أن وقع ما حذر منه، وأوتي الإسلام من قبل دعاته وأنبيائه الكذبة بأكثر من أعدائه، حين قدمت جماعات تنتسب للإسلام، أسوأ نماذج التدين، وأشدها تخلفا. فجَّرت الويلات على المسلمين، وأحالت نهارهم ليلا. لقد دفع العالم والمسلمين، والإسلام، ثمنا باهظا من الأرواح، والموارد جراء ممارسات هذه الجماعات، وفهمها القاصر والمشوه للدين. وهذا عين ما أشار إليه الاستاذ محمود قبل أكثر من ستين عاما، حين كتب:
    ".. ثم يجب أن نعرف جيدا أن الإسلام بقدر ما هو قوة خلاقة خيرة إذا ما انبعث من معينه الصافي، واتصل بالعقول الحرة وأشعل فيها ثورته وانطلاقه، بقدر ما هو قوة هدامة اذا ما انبعث من كدورة النفوس الغثة، وأثار فيها سخائم التعصب والهوس..". يكفي هنا ان استعرض بضع نماذج من هذه التجارب القاصرة لتوضيح ما ذهب إليه الاستاذ محمود في تحذيراته المتكررة، إن وصلت هذه الجماعات إلى السلطة.

    تجربة طالبان/القاعدة:
    لم يحتاج الأفغان لطويل وقت، ليدركوا بعد طردهم للجيش الأحمر السوفيتي من بلادهم، أواخر القرن الماضي، أنهم إنما استبدلوا رمضاء الشيوعيين بجحيم طالبان، في نسختها الأولى، عندما سيطرت على مقاليد الحكم في البلاد بالقوة، وأعلنت عن قيام دولة دينية لم ير منها الشعب الأفغاني سوى السيف، والسوط. أخذت طالبان الناس بالشبهات، وأعدمت خصومها في الساحات العامة، واذاقت حواء أفغانستان الأمرين، من قهر، وتشهير، وجلد، ورجم على الملأ. وفي نهاية المطاف، دفع أكثر من ١٥٧ ألف شخص ارواحهم ثمنا لهذه الفتنة العظيمة، بينهم ٤٣ ألفاً من المدنيين، غالبيتهم من الافغان، حسب ما ورد في آخر إحصاءات الأمم المتحدة. هذا وتجسد حادثة الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م، وهي عندي من الكبائر، المدى الذي يمكن أن تذهب إليه هذه الجماعات من شرور. حيث اختطفت مجموعة تتبع لتنظيم القاعدة بعض الطائرات المدنية، وهاجمت بها عدداً من الأهداف في الولايات المتحدة الامريكية، كان من بينها مبنى التجارة العالمي بمدينة نيويورك. دمرالمبنى بالكامل في الهجوم، وتحول إلى كومة أنقاض في ساعة زمن.. عملية ارهابية ليس لها نظير في التاريخ الانساني، لا في حجمها ولا بشاعتها. قتل فيها حوالي الثلاثة الف شخص، بينهم مسلمون.


    تجربة داعش:
    ثم أنبت الشرق الإسلامي شيطاناً آخر.. داعش.. دراكولا العصر (Dracula).. وحش يقتات على الدماء والشقاء والخراب، في نسخة تدين شديدة التشدد والتخلف. استغل التنظيم الفراغ السياسي الذي حدث في العراق عقب سقوط نظام صدام حسين، وفوضي الحرب الأهلية في سوريا، وقضم في سرعة مذهلة، أراضي واسعة من العراق، وسوريا، وأعلن عليها دولة الخلافة الإسلامية الراشدة، والتي في سبيلها، قتل وأسر الآلاف من أبناء الجيش العراقي، ممن شاء لهم حظهم العاثر، أن كانوا في خط الدفاع الأول ضد الزحف المقدس. كما هُجَّر مئات الآلاف من سكان المنطقة التي استولى عليها التنظيم. كل هذا لا يقارن بما حدث لليزيديين it pales in comparison. حيث خُيَّر أسرى الرجال من الطائفة بين الدخول في الإسلام أو القتل. فرفض معظمهم الخيار الأول. فقتلت داعش منهم ستة ألف نفس، واتخذت نساء وفتيات من قتلتهم، سبايا ورقيقاً، ليتمتع بهن مجاهدوها جسدياً، كيفما اتفق وبأي طريقة شاؤوا.

    لقد كانت تبعات نسخة الاسلام التي جاءت بها داعش، شديدة الوطء على العالم عامة، وعلى أهل العراق وسوريا بخاصة. وفي نهاية الامر، دفع معظم من شارك في هذه الفتنة العمياء حياتهم ثمناً لهذا المشروع الخاسر. فقتل ما يقارب السبعين ألف شخص من أعضاء التنظيم أنفسهم حسب تقديرات وزارة الدفاع الامريكية. وكان الاسلام، وصورته بين العالمين، أكبر الخاسرين فيها. وسيحتاج المسلمون، بلا ريب، لوقت طويل لتدارك ما فعلته داعش بدينهم، كما سيحتاج العالم لوقت أطول لنسيان فظائعها.

    تجارب الأخوان المسلمون:
    لا أعرف تنظيما رزء به الاسلام، وكان خصما عليه في كل ممارساته، مثل تنظيم الأخوان المسلمين. إنك قد تجد العذر لطالبان والقاعدة وداعش في صدق توجهها، وحماسها وحبها لدينها، رغم خطل دعوتها ومفارقتها لروح العصر والاسلام. لكن أمر جماعة الأخوان المسلمين عجب.. فهي تنظيم مخاتل، مخادع، زئبقي، يلبس لكل حالة لبوسها، يتدثر بثوب الدين، والدين منه براء .. مظهره دين، ومخبره غير ذلك تماما. أكبر همه استغلال الدين وتوظيفه لخدمة أغراضه الدنيوية. ولعل أوضح دليل على مفارقة هذه الجماعة للاسلام، هي تجربة وصولها للسلطة في السودان، وسيطرتها على مقاليد الحكم بالوسائل العسكرية والاستئثار به ثلاثون عاما حسوما، كانت بكل مقياس وبالا على البلاد والعباد. وأول مفارقاتها للدين كانت تلك الكذبة البلقاء التي افتتحت بها عهدها في الحكم في السودان. أراد التنظيم بذلك إخفاء هوية السلطة الجديدة، خوفا من أن ينكشف أمرهم أمام الشعب وأمام العالم. فرأى مرشد التنظيم وكبار قادته ان يذهبوا الى السجن طواعية إمعانا في التمويه على حقيقة الانقلاب.. لخص ذلك، عراب التنظيم، الراحل دكتور الترابي، في عبارته الشهيرة التي سارت بها الركبان، مخاطبا عمر البشير، رأس النظام وقتها، قائلا "أذهب أنت للقصر رئيسا، وسأذهب أنا للسجن حبيسا".

    ومهما يكن من أمر، فقد كانت كلفة فاتورة حكم الاخوان المسلمين للسودان باهظة الثمن، ووقعها شديدا، وثقيلا على البلاد . فمن أجل تمكين أعضاء التنظيم في مفاصل الدولة، فقد مئات الآلاف من السودانيين وظائفهم، وسبل كسب عيشهم. لم يصدق الأخوان المسلمون أنفسهم وقد آلت إليهم سلطة الأمر والنهي، فعاثوا في الأرض فسادا وضيقوا على العباد واسعا بالاعتقال والتعذيب والاغتيال. حولوا طبيعة الحرب في جنوب السودان من حرب مطلبية الى حرب دينية، أعلنوا فيها الجهاد على أبناء وطنهم فأشبعوهم ظلما وتقتيلا، لتنتهي فتنتهم بكارثة تقسيم البلاد.. وما كادت فتنة الجنوب تنتهي، حتى ايقظوا فتنة أخرى في دارفور، لا تزال نيرانها تتقد. راح فيها، حسب تقديرات الامم المتحدة، أكثر من ثلاثمائة ألف قتيل، وهُجِّر مليونا شخص من ديارهم. فهم إلى الآن إما لاجئين داخل وطنهم أو في الدول المجاورة. هذا من جانب، ومن جانب آخر، فقد تراجعت على عهدهم، جميع صور الحياة في ارض السودان، أقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وعلميا، ودخلت البلاد في عهدٍ ظلام، ولحقت بها النذارة التي أطلقها الاستاذ محمود نهاية خمسينات القرن الماضي حين قال، ".. فإذا ما قدر لدعاة الإسلام الذين أعرفهم جيدا، أن يطبقوا الدستور الاسلامى الذى يعرفونه هم، ويظنونه إسلاميا، لرجعوا بهذه البلاد خطوات عديدات إلى الوراء، ولأفقدوها حتى هذا التقدم البسيط، الذي حصلت عليه في عهود الاستعمار، ولبدا الإسلام على يديهم، كأنه حدود، وعقوبات، على نحو ما هو مطبق فى بعض البلاد الاسلامية ، ولكانوا بذلك نكبة على هذه البلاد، وعلى الدعوة الاسلامية أيضا". هذا ما كان من تجربة حكمهم البائسة للسودان، وليس في تجاربهم خارجه، تحديدا في مصر وتونس والاردن والمغرب، ما يشفع لهم بأن يمنحوا فرصة أخرى في الحكم.

    وبعد

    المشروع الفكري الذي يطرحه الاستاذ محمود، ونافح في سبيله طوال حياته، هو مشروع قوامه أصول القرآن. وفي أصول القرآن فإن الجهاد ليس أصلا في الاسلام. فهو تشريع مرحلي أملته طبيعة المجتمع يومئذ، ومستوى تطوره. فالأصل في الدعوة للدين، الإسماح. ولأجل هذا يجب أن يخرج العنف بجميع صوره من معادلة التغيير. بشرنا بذلك الاستاذ محمود عندما قال، "الإسلام عايد عما قريب بعون الله وبتوفيقه.. هو عايد، لأن القرآن لا يزال بكرا، لم يفض الأوائل من أختامه غير ختم الغلاف.. وهو عايد، لأن البشرية قد تهيأت له، بالحاجة إليه وبالطاقة به.. وهو سيعود نورا بلا نار، لأن ناره، بفضل الله ثم بفضل الاستعداد البشري المعاصر، قد أصبحت كنار إبراهيم بردا وسلاما.. إن العصر الذي نعيش فيه اليوم عصر مائي، وقد خلفنا وراءنا العصر الناري.. هو عصر مائي، لأنه عصر العلم.. العلم المادي المسيطر اليوم والعلم الديني - العلم بالله - الذي سيتوج ويوجه العلم المادي الحاضر غدا.. وفي عصر العلم تصان الحرية وتحقن الدماء وتنصب موازين القيم الصحائح." وفي سبيل هذه الغاية الشريفة دعا الاستاذ محمود إلى تحرير الإنسان على هدى دستور رأس سنامه كلمة التوحيد، "لا إله إلا الله"، وتشريعات إجتماعية تستلهم أحسن التراث البشري في الاقتصاد والسياسة والاجتماع. هذه هي الرسالة الثانية من الاسلام، التي أخرج مكنونها لنا الاستاذ محمود، والتي من المنتظر أن تجئ على هداها دولة الاسلام الموعودة؛ دولة العز، وكنز الفرح.

    إن كعب أخيل الدعوات التي تسعى الى تطبيق الاسلام اليوم، هو ظنها أن الاسلام وكما انتشر بالسيف، فإنه سيعود بالسيف، فولغت في الدماء، وجلبت الويل والثبور وعظائم الامور على المسلمين وعلى غيرهم، وشوهت الاسلام في نظر الاذكياء في العالم ونفرت عنه. ولو قد سمع المسلمون للاستاذ محمود، لدعوته لمَّا دعاهم، لكان في ذلك السلامة .. كل السلامة لهم والآخرين، ولما ازهقت كل هذه الارواح، واريقت كل هذه الدماء. . أن التجارب المريعة، والدامية والمكلفة، التي صاحبت محاولات تطبيق الشريعة على المجتماعات الاسلامية الحاضرة، كان يمكن تجنبها لو وجدت رؤى وأطروحات الاستاذ محمود حظها في التطبيق. لقد أكدت هذه المحاولات القاصرة، أن الاسلام لن ينتصر في النفوس، ولا في الأرض على يد جماعات الاسلام السياسي، وطالبان، والقاعدة، وداعش، والوهابية في السعودية، والشيعة في إيران. ذلك، لأن العالم لم ير في تجارب هذه الجماعات سوى الدماء والدموع. وليس في ذلك ما يغري الآخرين بقبول الاسلام..
                  

05-28-2022, 08:15 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد ط� (Re: Yasir Elsharif)

    ممتنون د. ياسر

    انشغلت امس واضمرت اكماله اليوم
    شكر الله لكم
                  

05-28-2022, 08:16 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد ط� (Re: عبدالله عثمان)

    ماذا لو سمع المسلمون للأستاذ محمود محمد طه؟!

    د. جعفر الماحي

    يتناول هذا المقال سؤالاً افتراضيا طالما ألح علىَّ. السؤال هو: ماذا لو سمع المسلمون للاستاذ محمود وأخذوا بأفكاره وأطروحاته، وعلى هداها خرجوا بدستور ينظم حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلاقتهم مع غير المسلمين والعالم؟ كيف يا ترى سيكون حالهم اليوم؟ وكيف كان سيكون حال البشرية على ظهر هذا الكوكب، كذلك؟ قد يعترض معترض على السؤال من أن "لو" التي يبدأ بها السؤال، هي لغةً، حرف امتناع لوجود .. فلا يمكننا السفر للماضي وإعادة كتابة التاريخ .. وما حدث كان لا بد له أن يحدث، فتنتفي بالتالي الحاجة للسؤال.

    غير أن قيمة السؤال الماثلة عندي، تجيء من تداعياته الهامة والخطيرة على راهن ومستقبل الاسلام كدين، من جهة، والمسلمين وعلاقتهم بالعالم من جهة أخرى. فالفهم المتخلف للإسلام، الذي أعاق حياة المسلمين وحَّجرها، وقعد بهم عن الأخذ بأسباب التقدم، هو الآن سيد الساحة، أينما نظرت، ونعيقه يزحم الآفاق.. إذ لا يزال الأخوان المسلمون، والوهابية، وطالبان، والقاعدة، وحركة الشباب والشيعة، وبوكو حرام يحلمون بدولتهم.. وما انفكت داعش تلملم أطرافها، وتحاول جاهدة، إعادة إنتاج نفسها، أملاً في إقامة دولة الخلافة الإسلامية الثانية. فإن كتب لأي من محاولات هذه الجماعات النجاح، فإن مآسي التاريخ القريب من سحل، وقتل ودمار، وخراب، ستكرر نفسها.

    يجئ المقال في ثلاث محاور: يقدم المحور الأول ملخصاً سريعاً لفكرة تطوير التشريع كما جاء بها الأستاذ محمود، ويستعرض المحور الثاني الخلفية العرفانية لهذة الفكرة، ويناقش المحور الثالث، الواقع الافتراضي، الذي تمليه الإجابة على السؤال.

    تطوير التشريع الإسلامي:

    إن فكرة تطوير التشريع الإسلامي، هي فكرة أصيلة، متفردة، ومدهشة، لم يسبق الأستاذ محمود إليها أحد من المفكرين، أو رجال الدين المسلمين. كما أنها قد فاتت على أكابر الصوفية، أمثال الشيخ الأكبر محي الدين أبن العربي، وحجة الإسلام أبي حامد الغزالي.

    يحسب للاستاذ محمود أنه كان أول من رأى بعين البصيرة، الإشكالية التاريخية التي وجد المسلمون أنفسهم فيها غداة الحرب العالمية الثانية. تمثلت هذه الإشكالية، في واقع جغرافي، ثقافي، واقتصادي مختلف جدا، عنما ألفه الناس طوال تاريخهم الطويل. واقع ألغيت فيه أو كادت المسافات الجغرافية بين أقطار هذا الكوكب، وذلك بفضل الله ثم بفضل وسائل المواصلات والإتصال الحديث، حتى أصبحنا كأننا نعيش جيراناً في قرية واحدة.. أتسم هذا الواقع الجديد بالسيولة، واحتشد بالحركة، والكشوف العلمية المذهلة في الطب، والفيزياء، والكيمياء، وعلوم الفضاء، وجميع ضروب المعرفة. صحب ذلك كله متغيرات إجتماعية كبرى. فخرجت المرأة من البيت. وهي في خروجها هذا، قد خطت خطوات واسعة، نحو المساواة في الحقوق والواجبات مع صنوها الرجل. أعلى هذا الواقع، أيضاً، من قيم الحرية والعدالة والمساواة بين الناس، وحق كل فرد في البحث عن السعادة.

    بيد أن هذا الواقع الجديد اصطدم بممارسات راسخة في الشريعة الإسلامية، منها الرق، وقوامة الرجل على المرأة، والطلاق، وتعدد الزوجات، والجهاد، والعلاقة مع غير المسلمين، وتمايز فئات المجتمع فيه اقتصاديا واجتماعيا. هذه المفارقة بين واقع المسلمين اليوم وشريعتهم، تعني لدى التحليل الأخير، أن دينهم اليوم يواجه تحدياً وجودياً existential .. فحواه إما أن يجد المسلمون حلاً لمشاكلهم التي أفرزها هذا الواقع الجديد في الدين، أو أن يلتمسوا حلاً لها في غيره، ويخرج بالتالي الدين من حياتهم، وإلى الأبد. هنا تتجلى قيمة وأهمية مشروع الاستاذ محمود، حينما أشار الى أن الإسلام يمكنه أن ينهض بهذا التحدي، على ان ُيفهم أن به مستويان من التشريع، أو قل رسالتان. رسالة أولى استمدت تشريعاتها من آيات الفروع في القرآن (القران المدني)، ونظمت بها حياة مجتمع المسلمين الأول. ورسالة ثانية تستلهم آيات الأصول في القرآن (القرآن المكي)، الداعية لتنظيم المجتمع الانساني على أساس من الاشتراكية، والديمقراطية والمساواة الاجتماعية والاسماح في الدعوة للاسلام. لكنها نسخت بآيات الفروع عندما تبين قصور مجتمع المسلمين الأول عنها، وعدم استعداده لها.

    فإذا أراد المسلمون أن يخرجوا من ورطتهم التاريخية التي فرضها عليهم هذا الواقع الجديد، فلا مناص أمامهم، في رأي الاستاذ محمود، من أن يداولوا النسخ. ليصبح ما نسخ في القرن السابع، فاعلاً اليوم، وما كان فاعلاً منه بالأمس منسوخاً. بتعبير آخر، ان تصبح آيات الأصول صاحبة الوقت اليوم، ويقوم عليها التشريع. وتنسخ وفقا لذلك آيات الفروع، عمدة التشريع وقتها.

    تجئ أهمية وقيمة دعوة الأستاذ محمود لتطوير التشريع، من أنها مثلت دعوة صادقة لالتماس الحلول لما يواجه المسلمين اليوم من إشكالية تاريخية، من القرآن وليس خارجه، وذلك بالانتقال من نص فيه كان صاحب الوقت يومئذ، إلى نص آخر، كان مرجئاً ومدخراً لمجتمع اليوم. آية هذا التغيير، أن المجتمع الإنساني في تطوره المستمر قد خلق واقعاً جديداً، له خصوصيته وتعقيداته ومشاكله التي تحتاج لحلول مبتكرة، ومختلفة. هذه الحلول يجب أن تقوم على الأصول الثوابت من القرآن، وتستلهم أفضل مافي التراث الإنساني. وهذا عين ما عناه الاستاذ محمود بالرسالة الثانية من الإسلام، والتي ظل يدعو الناس إليها ويبشر بها طوال حياته. بهذا يكون الاستاذ محمود قد إنتصر للإسلام، ورد المسلمين إليه، بعد أن كاد أن يخرج من حياتهم، بسبب من فهمهم القاصر له، وممارساتهم المنفرة منه.

    الخلفية العرفانية لتطوير التشريع:

    لم تكن فكرة تطوير التشريع، التي تفتقت عنها عبقرية الأستاذ محمود، نظرية في الفلسفة الاجتماعية، مما قد يأتي به بعض المفكرين والمصلحين على فترات من التاريخ الإنساني، والتي غالبا ما تجئ نتاجاً للنظر العقلي المحض. إنما هي ثمرة لتجربة روحية خاصة بالأستاذ محمود، أورثه الله منها فهماً جديداً للقرآن، وأذن له بالكلام.

    ولكي ما نعي عن الاستاذ محمود ما يقول، يجب أن نكون قادرين على ربط ما ذهب إليه في اطروحته وأسئلة الوجود الكبرى من شاكلة: ما هو الوجود؟ ومن أين جاء؟ وماهي الغاية من ورائه؟ وما هي مآلاته؟ وما هو موقع الإنسان منه؟ فمن وحي الإجابة على هذه الأسئلة، يمكننا أن نتبين ملامح مشروعه التنويري.

    الوجود، عند الاستاذ محمود، هو الله.. منه صدر، وإليه يعود، وبه ظهر. فكأنه تعالى قد كان باطناً، فصار بالعالم ظاهراً، كما تقول عبارة ابن عربي. وهو إنما ظهر ليعرف. ولما كان الانسان هو مظهر الاسماء الإلهية، وجمعية كمالاتها، كان أعرف مخلوق بخالقه. فهو السيد والخليفة، وهو مرآة الوجود وغايته. وصار كل مافي الكون وسيلة لهذه الغاية. بما في ذلك وسائل الدين، والقرآن، والملائكة، والأبالسة، والأكوان جميعا. جاء في الحديث "خلقت الأكوان للإنسان، وخلقت الانسان ليّ. "
    فالإنسان عند الله، مخلوقٌ عظيم، حقيق، جدير بالكرامة. وكرامته تلتمس في حريته.. وحريته تعني تحرره من الخوف ومن الحاجة. ويقتضي هذا إعادة النظر في العلاقة بين الفرد والكون من جانب ، وبين الفرد والجماعة، من جانب آخر. علاقة الفرد بالكون، عند الاستاذ محمود، ينظمها دستور مستمد من الكلمة 'لا إله إلا الله'، التي هي روح القرآن. وإنما هي كذلك لقيمتها التسليكية .. إذ بتجسيدها تحقق حرية وكرامة الإنسان. فالفرد المتخلق بلا إله إلا الله، عند الاستاذ محمود، هو الفرد الحر، الذي تحرر من أسر جميع العناصر المادية، حين أحال كل همه على الله.

    والعلاقة بين الفرد والمجتمع، تقوم على اعتقاد راسخ عند الاستاذ محمود، ان المجتمع الإنساني هو انجع الوسائل لانجاب الفرد الحر. ولاجل هذا، دعا الاستاذ محمود الى تنظيم المجتمع على أساس من مساويات ثلاث: إقتصادية، وسياسية، واجتماعية. تضمن المساواة الاقتصادية (الاشتراكية) للناس أن يكونوا شركاء في خيرات الأرض ومواردها، وتحفظ المساواة السياسية ( الديمقراطية) لهم حقهم في إنتخاب من يولونه أمرهم، وتضمن المساواة الاجتماعية لهم عدم التمييز ضدهم على أساس من اللون، والنوع، والعرق، والعقيدة.

    إن المجتمع الذي يدعو إليه الاستاذ محمود هو مجتمع أمن أفراده على أرزاقهم، لا يخشون فيه هضماً لحقوقهم السياسية ولا تمييزاً بينهم على اي مستوى.. وهكذا تصبح حاجة الجماعة للعدالة الاجتماعية الشاملة، عند الاستاذ محمود، امتداداً لحاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة، بلا تعارض أو تضاد بينهما. هذه لبنات لمجتمع معافى، يتوقع له أن ينجب الإنسان الحر، الذي يقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، ثم لا تكون نتيجة قوله وفعله إلا خيراً باخوانه في الحياه.

    الإجابة على السؤال!

    الفرضية الرئيسة في اطروحة الاستاذ محمود لتطوير التشريع، هي أن شمس الشريعة الاسلامية كما عرفت وطبقت في القرن السابع، قد أفلت وذهب نورها. فخطابها أصبح الآن خارج سياق التاريخ، وقامتها أقصر من قامة العصر، ودون حاجة المجتمع الانساني الحاضر. وبالتالي فإن أي محاولة لفرضها على واقع المسلمين اليوم، إنما هي بمثابة فتنة؛ ستكون نتائجها خصماً على الاسلام وصورته في العالم، ووبالاً على المسلمين أنفسهم، في نهاية المطاف. حذر الأستاذ محمود كثيرا من خطورة السير في هذا الاتجاه. فكتب، أوائل الخمسينات من القرن الماضي قائلا:

    "الخوض في أصل الدين سير في الوادي المقدس، تخلع فيه النعلان، وتواصل فيه التلبية، ويستشعر عنده الخشوع .. فإذا دخله الذين لا يرجون له وقاراً، فانتظر بوائق الشرور، وجوائح الفتن".

    لكن الناس لم يسمعوا للأستاذ محمود، وانصرف معظهم عن دعوته، فكان أن وقع ما حذر منه، وأوتي الإسلام من قبل دعاته وأنبيائه الكذبة بأكثر من أعدائه، حين قدمت جماعات تنتسب للإسلام، أسوأ نماذج التدين، وأشدها تخلفا. فجَّرت الويلات على المسلمين، وأحالت نهارهم ليلا. لقد دفع العالم والمسلمين، والإسلام، ثمنا باهظا من الأرواح، والموارد جراء ممارسات هذه الجماعات، وفهمها القاصر والمشوه للدين. وهذا عين ما أشار إليه الاستاذ محمود قبل أكثر من ستين عاما، حين كتب:
    ".. ثم يجب أن نعرف جيدا أن الإسلام بقدر ما هو قوة خلاقة خيرة إذا ما انبعث من معينه الصافي، واتصل بالعقول الحرة وأشعل فيها ثورته وانطلاقه، بقدر ما هو قوة هدامة اذا ما انبعث من كدورة النفوس الغثة، وأثار فيها سخائم التعصب والهوس..". يكفي هنا ان استعرض بضع نماذج من هذه التجارب القاصرة لتوضيح ما ذهب إليه الاستاذ محمود في تحذيراته المتكررة، إن وصلت هذه الجماعات إلى السلطة.

    تجربة طالبان/القاعدة:
    لم يحتاج الأفغان لطويل وقت، ليدركوا بعد طردهم للجيش الأحمر السوفيتي من بلادهم، أواخر القرن الماضي، أنهم إنما استبدلوا رمضاء الشيوعيين بجحيم طالبان، في نسختها الأولى، عندما سيطرت على مقاليد الحكم في البلاد بالقوة، وأعلنت عن قيام دولة دينية لم ير منها الشعب الأفغاني سوى السيف، والسوط. أخذت طالبان الناس بالشبهات، وأعدمت خصومها في الساحات العامة، واذاقت حواء أفغانستان الأمرين، من قهر، وتشهير، وجلد، ورجم على الملأ. وفي نهاية المطاف، دفع أكثر من ١٥٧ ألف شخص ارواحهم ثمنا لهذه الفتنة العظيمة، بينهم ٤٣ ألفاً من المدنيين، غالبيتهم من الافغان، حسب ما ورد في آخر إحصاءات الأمم المتحدة. هذا وتجسد حادثة الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م، وهي عندي من الكبائر، المدى الذي يمكن أن تذهب إليه هذه الجماعات من شرور. حيث اختطفت مجموعة تتبع لتنظيم القاعدة بعض الطائرات المدنية، وهاجمت بها عدداً من الأهداف في الولايات المتحدة الامريكية، كان من بينها مبنى التجارة العالمي بمدينة نيويورك. دمرالمبنى بالكامل في الهجوم، وتحول إلى كومة أنقاض في ساعة زمن.. عملية ارهابية ليس لها نظير في التاريخ الانساني، لا في حجمها ولا بشاعتها. قتل فيها حوالي الثلاثة الف شخص، بينهم مسلمون.


    تجربة داعش:
    ثم أنبت الشرق الإسلامي شيطاناً آخر.. داعش.. دراكولا العصر (Dracula).. وحش يقتات على الدماء والشقاء والخراب، في نسخة تدين شديدة التشدد والتخلف. استغل التنظيم الفراغ السياسي الذي حدث في العراق عقب سقوط نظام صدام حسين، وفوضي الحرب الأهلية في سوريا، وقضم في سرعة مذهلة، أراضي واسعة من العراق، وسوريا، وأعلن عليها دولة الخلافة الإسلامية الراشدة، والتي في سبيلها، قتل وأسر الآلاف من أبناء الجيش العراقي، ممن شاء لهم حظهم العاثر، أن كانوا في خط الدفاع الأول ضد الزحف المقدس. كما هُجَّر مئات الآلاف من سكان المنطقة التي استولى عليها التنظيم. كل هذا لا يقارن بما حدث لليزيديين it pales in comparison. حيث خُيَّر أسرى الرجال من الطائفة بين الدخول في الإسلام أو القتل. فرفض معظمهم الخيار الأول. فقتلت داعش منهم ستة ألف نفس، واتخذت نساء وفتيات من قتلتهم، سبايا ورقيقاً، ليتمتع بهن مجاهدوها جسدياً، كيفما اتفق وبأي طريقة شاؤوا.

    لقد كانت تبعات نسخة الاسلام التي جاءت بها داعش، شديدة الوطء على العالم عامة، وعلى أهل العراق وسوريا بخاصة. وفي نهاية الامر، دفع معظم من شارك في هذه الفتنة العمياء حياتهم ثمناً لهذا المشروع الخاسر. فقتل ما يقارب السبعين ألف شخص من أعضاء التنظيم أنفسهم حسب تقديرات وزارة الدفاع الامريكية. وكان الاسلام، وصورته بين العالمين، أكبر الخاسرين فيها. وسيحتاج المسلمون، بلا ريب، لوقت طويل لتدارك ما فعلته داعش بدينهم، كما سيحتاج العالم لوقت أطول لنسيان فظائعها.

    تجارب الأخوان المسلمون:
    لا أعرف تنظيما رزء به الاسلام، وكان خصما عليه في كل ممارساته، مثل تنظيم الأخوان المسلمين. إنك قد تجد العذر لطالبان والقاعدة وداعش في صدق توجهها، وحماسها وحبها لدينها، رغم خطل دعوتها ومفارقتها لروح العصر والاسلام. لكن أمر جماعة الأخوان المسلمين عجب.. فهي تنظيم مخاتل، مخادع، زئبقي، يلبس لكل حالة لبوسها، يتدثر بثوب الدين، والدين منه براء .. مظهره دين، ومخبره غير ذلك تماما. أكبر همه استغلال الدين وتوظيفه لخدمة أغراضه الدنيوية. ولعل أوضح دليل على مفارقة هذه الجماعة للاسلام، هي تجربة وصولها للسلطة في السودان، وسيطرتها على مقاليد الحكم بالوسائل العسكرية والاستئثار به ثلاثون عاما حسوما، كانت بكل مقياس وبالا على البلاد والعباد. وأول مفارقاتها للدين كانت تلك الكذبة البلقاء التي افتتحت بها عهدها في الحكم في السودان. أراد التنظيم بذلك إخفاء هوية السلطة الجديدة، خوفا من أن ينكشف أمرهم أمام الشعب وأمام العالم. فرأى مرشد التنظيم وكبار قادته ان يذهبوا الى السجن طواعية إمعانا في التمويه على حقيقة الانقلاب.. لخص ذلك، عراب التنظيم، الراحل دكتور الترابي، في عبارته الشهيرة التي سارت بها الركبان، مخاطبا عمر البشير، رأس النظام وقتها، قائلا "أذهب أنت للقصر رئيسا، وسأذهب أنا للسجن حبيسا".

    ومهما يكن من أمر، فقد كانت كلفة فاتورة حكم الاخوان المسلمين للسودان باهظة الثمن، ووقعها شديدا، وثقيلا على البلاد . فمن أجل تمكين أعضاء التنظيم في مفاصل الدولة، فقد مئات الآلاف من السودانيين وظائفهم، وسبل كسب عيشهم. لم يصدق الأخوان المسلمون أنفسهم وقد آلت إليهم سلطة الأمر والنهي، فعاثوا في الأرض فسادا وضيقوا على العباد واسعا بالاعتقال والتعذيب والاغتيال. حولوا طبيعة الحرب في جنوب السودان من حرب مطلبية الى حرب دينية، أعلنوا فيها الجهاد على أبناء وطنهم فأشبعوهم ظلما وتقتيلا، لتنتهي فتنتهم بكارثة تقسيم البلاد.. وما كادت فتنة الجنوب تنتهي، حتى ايقظوا فتنة أخرى في دارفور، لا تزال نيرانها تتقد. راح فيها، حسب تقديرات الامم المتحدة، أكثر من ثلاثمائة ألف قتيل، وهُجِّر مليونا شخص من ديارهم. فهم إلى الآن إما لاجئين داخل وطنهم أو في الدول المجاورة. هذا من جانب، ومن جانب آخر، فقد تراجعت على عهدهم، جميع صور الحياة في ارض السودان، أقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وعلميا، ودخلت البلاد في عهدٍ ظلام، ولحقت بها النذارة التي أطلقها الاستاذ محمود نهاية خمسينات القرن الماضي حين قال، ".. فإذا ما قدر لدعاة الإسلام الذين أعرفهم جيدا، أن يطبقوا الدستور الاسلامى الذى يعرفونه هم، ويظنونه إسلاميا، لرجعوا بهذه البلاد خطوات عديدات إلى الوراء، ولأفقدوها حتى هذا التقدم البسيط، الذي حصلت عليه في عهود الاستعمار، ولبدا الإسلام على يديهم، كأنه حدود، وعقوبات، على نحو ما هو مطبق فى بعض البلاد الاسلامية ، ولكانوا بذلك نكبة على هذه البلاد، وعلى الدعوة الاسلامية أيضا". هذا ما كان من تجربة حكمهم البائسة للسودان، وليس في تجاربهم خارجه، تحديدا في مصر وتونس والاردن والمغرب، ما يشفع لهم بأن يمنحوا فرصة أخرى في الحكم.

    وبعد

    المشروع الفكري الذي يطرحه الاستاذ محمود، ونافح في سبيله طوال حياته، هو مشروع قوامه أصول القرآن. وفي أصول القرآن فإن الجهاد ليس أصلا في الاسلام. فهو تشريع مرحلي أملته طبيعة المجتمع يومئذ، ومستوى تطوره. فالأصل في الدعوة للدين، الإسماح. ولأجل هذا يجب أن يخرج العنف بجميع صوره من معادلة التغيير. بشرنا بذلك الاستاذ محمود عندما قال، "الإسلام عايد عما قريب بعون الله وبتوفيقه.. هو عايد، لأن القرآن لا يزال بكرا، لم يفض الأوائل من أختامه غير ختم الغلاف.. وهو عايد، لأن البشرية قد تهيأت له، بالحاجة إليه وبالطاقة به.. وهو سيعود نورا بلا نار، لأن ناره، بفضل الله ثم بفضل الاستعداد البشري المعاصر، قد أصبحت كنار إبراهيم بردا وسلاما.. إن العصر الذي نعيش فيه اليوم عصر مائي، وقد خلفنا وراءنا العصر الناري.. هو عصر مائي، لأنه عصر العلم.. العلم المادي المسيطر اليوم والعلم الديني - العلم بالله - الذي سيتوج ويوجه العلم المادي الحاضر غدا.. وفي عصر العلم تصان الحرية وتحقن الدماء وتنصب موازين القيم الصحائح." وفي سبيل هذه الغاية الشريفة دعا الاستاذ محمود إلى تحرير الإنسان على هدى دستور رأس سنامه كلمة التوحيد، "لا إله إلا الله"، وتشريعات إجتماعية تستلهم أحسن التراث البشري في الاقتصاد والسياسة والاجتماع. هذه هي الرسالة الثانية من الاسلام، التي أخرج مكنونها لنا الاستاذ محمود، والتي من المنتظر أن تجئ على هداها دولة الاسلام الموعودة؛ دولة العز، وكنز الفرح.

    إن كعب أخيل الدعوات التي تسعى الى تطبيق الاسلام اليوم، هو ظنها أن الاسلام وكما انتشر بالسيف، فإنه سيعود بالسيف، فولغت في الدماء، وجلبت الويل والثبور وعظائم الامور على المسلمين وعلى غيرهم، وشوهت الاسلام في نظر الاذكياء في العالم ونفرت عنه. ولو قد سمع المسلمون للاستاذ محمود، لدعوته لمَّا دعاهم، لكان في ذلك السلامة .. كل السلامة لهم والآخرين، ولما ازهقت كل هذه الارواح، واريقت كل هذه الدماء. . أن التجارب المريعة، والدامية والمكلفة، التي صاحبت محاولات تطبيق الشريعة على المجتماعات الاسلامية الحاضرة، كان يمكن تجنبها لو وجدت رؤى وأطروحات الاستاذ محمود حظها في التطبيق. لقد أكدت هذه المحاولات القاصرة، أن الاسلام لن ينتصر في النفوس، ولا في الأرض على يد جماعات الاسلام السياسي، وطالبان، والقاعدة، وداعش، والوهابية في السعودية، والشيعة في إيران. ذلك، لأن العالم لم ير في تجارب هذه الجماعات سوى الدماء والدموع. وليس في ذلك ما يغري الآخرين بقبول الاسلام..
                  

05-28-2022, 08:26 PM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد ط� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: ماذا لو سمع المسلمون الأستاذ محمود محمد طه؟


    بعد أن يصلوا نهاية الطريق المسدود الذى يسيرون فيه ويضربوا برأسهم الحيطة. وإبن عطاء الله السكندرى قال: من لم يسر الى الله بلطائف
    الإحسان قيـد اليه بسلاسل الإمتحان.. المسلمون اليوم صاروا ملطشة للبيسوى والما يسوى، لكن لسة عندم مساحة يكاكو فيها.. خلى البترول
    ينضب وسوف يفهمون كلام الأستاذ محمود محمد طه، وسينقذهم.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de