للذين تابعوا الجزء الأول من كتابتنا عن دعوتنا لقيام ونشوء يسار ديمُقراطي جديد في السُودان كبديل طبيعي وعصري ومواكب لقوي اليسار القديم بمُختلف مدارسها الفكرية وعلي رأسها الحزب الشيوعي السُوداني وأحزاب البعث العروبية و الناصرية و غيرها .. كنت قد ختمت الجزء الأول بالقول أن من أهمّ ما جعل الكثيرين ممن دخلوا للحزب الشيوعي السُوداني وأصبحوا أعضاء أو حتي تعاطفوا معه كانوا يبحثون عن قضيتين أساسيتين وهما تحقيق العدالة الإجتماعية في السُودان وكذلك قضية الديمُقراطية وتحقيقها في السُودان وإستدامتها ، وأتبعت تلك الجزئية بسؤال مباشر وهو هل نجح الحزب الشيوعي السُوداني في دعوته للعدالة الإجتماعية في السُودان بمفهومه الماركسي وحصره لها في مسألة الصراع الطبقي ؟ ، و تسآلنا عن هل نجح أيضاً في مسألة الديمُقراطية ؟ وختمنا بالسؤال الكبير وهو هل الدعوة للعدالة الإجتماعية والديمُقراطية في السُودان لا تأتي إلا من داخل اليسار القديم ؟؟ .. وللإجابة علي الأسئلة أعلاه فإن مسألة تحقيق العدالة الأجتماعية بالمفهوم الماركسي وصراع الطبقات فقد فشل فيها الحزب الشيوعي فشلاً كبيراً ولعل أبسط دليل علي ذلك في إنه وبرغم دخول غالبية الشعب السُوداني خاصة في الريف والأقاليم ومناطق الحرب والهامش لخط الفقر الشديد والتهميش إلا أن نفوذ الحزب وسط كل هذه الجموع من السُودانين يكاد لا يُذكر لا من حيث عضويته ولا حتي تأييده ، فقد ظل الحزب وبجعله للماركسية و الصراع الطبقي كمعيار لتحقيق الإشتراكية التي يتم بها تجاوز التفاوت الطبقي داخل السودان ، وفق المفهوم الماركسي الذي يؤمنون به هو الخط والرؤية التي يسيرون عليها .. وفي هذا الجانب تعامل الحزب الشيوعي مع ظاهرة التهميش ايدلوجياً ، من مفهوم الصراع الطبقي حول الموارد ، و وجود طبقة اغنياء واصحاب مصالح تتحالف مع السلطة لإفقار المُهمشين وإستغلال ضُعف وعيها الطبقي ، لذلك ظل الحزب في نظر العديد من ابناء الهامش حزب نخبوي يدعم عروبة وإسلامية الدولة ولا يمثلها في نضالاتها من اجل العدالة الاجتماعية والمساواة الحقيقية وإزالة الفوارق والغبن الإجتماعي والهيمنة والإعتلاء الثقافي والإجتماعي و إختلال ميزان السُلطة والثروة والتنمية .. إذاً دعوة الحزب الشيوعي السُوداني وفق المفهوم الايدولجي الماركسي وصراع الطبقات و النواحي الإقتصادية وإمتلاك وسائل الإنتاج أفشّل هذه الدعوة ولم يوجد لها أرضية تشاركه فيها الجماهير والشعوب السُودانية التي تعاني من مسألة إنعدام العدالة الإجتماعية في السُودان وتوقها لها .. كما إن تركيز الحزب علي شريحتي وفئتي العمال و صغار المزارعين والتي ورثها من أيدلوجيا الماركسية وسيادة طبقة العمال أو ما يعرف بطبقة البولتاريا وإهماله لبقية الفئيات المطحونة من رعاة و أصحاب مهن هامشية و حتي شريحة المعلمين والموظفين والكثير من المهن والحرف أصبحت فئيات مطحونة وفقيرة تُعاني من إختلال توزيع الفرص وتساويها وإختلال ميزان العدالة الإجتماعية والتنمية في السُودان ، بخلاف البطالة عن العمل وضحايا الحرب والنازحين والمُشردين .. فالخطاب الايدولجي المُرتكز علي الصراع الطبقي أفرغ مفهوم العدالة الإجتماعية من سماته الأساسية وجعله تفكير وخطاب نخبوي وغير واقعي ولا يصلح لمعالجة قضية العدالة الإجتماعية وتحقيقها في السُودان .. ونواصل في الجزء الثالث الإجابة علي أسئلة الديمُقراطية و كذلك قضية الدين ثم نناقش رؤيتنا في اليسار الديمُقراطي لقضايا العدالة الإجتماعية و الديمُقراطية والدين وغيرها تباعاً .. نضال عبدالوهاب 27 مايو 2022
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 05/26/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة