*ما سأرويه تالياً حدث البارحة بحذافيره.. *حدث بالتتالي- مساء البارحة - في مصادفة عجيبة.. *فقد أدرت المؤشر إلى قناة سودانية فوجدت من يقول (حقيقةً... فعلنا كذا وكذا).. *انتقلت إلى أخرى فإذا بثانٍ يقول (حقيقةً...أنجزنا كذا وكذا).. *تحولت سريعاً إلى غيرها فرأيت ثالثاً يقول (حقيقةً...نحن اجتهدنا في كذا وكذا).. *ولم أتوقف عند أيٍّ منها لأعرف ما هو هذا الـ(كذا...وكذا).. *فلدي نفور- أشبه بالفوبيا - من هذه المفردة التي انتشرت في زماننا هذا.. *وبصراحة هي من المفردات التي اشتهر بها اسلاميو بلادنا.. *مفردات من قبيل: أحسب...وينبسط...ويتنزل...وينداح... و(هكذا).. *ولكن أكثرها استهلاكاً- يومياً- هي مفردة (حقيقةً) هذه.. *ولم تعد تقتصر على الإسلاميين وحدهم- الآن- وإنما (انداحت) بفعل الإعلام.. *فهم المهيمنون على أجهزته منذ قرابة الثلاثين عاماً.. *والآخرون صاروا عرضةً للتأثر بما تبثه- على مدار الساعة- من مكرور كلامهم.. *بل منهم من تأثر- من المسؤولين- حتى بطريقتهم في الخطابة.. *فترى الواحد منهم رافعاً (عصاه) وهو يتكلم بأسلوب رتيب... ممل...غير جاذب.. *طيب...قلت إن أصحاب (حقيقةً) الثلاثة لم أنتبه لحديثهم.. *فما من سبب يدفعهم إلى الاستنجاد بمفردة (التصديق) هذه إن كانوا صادقين.. *فالأصل في كلام المسؤول أن يكون صادقاً...ما لم يثبت العكس.. *سيما إن كان المسؤول هذا إسلامياً يعرف أن الكذب حرام.. *هل رأيتم مسؤولاً غربياً- غير مسلم- يبدأ حديثه بمفردات تنفي عنه الكذب؟.. *طبعاً لا...لأنه لا يتوقع أصلاً من الناس تكذيبه.. *لا يحتاج إلى أن يقول لهم: والله...وصدقاً...و(حقيقةً)..الموضوع كذا وكذا.. *ثم كانت هنالك (حقيقةً) رابعة...في شاشة رابعة.. *ألم أقل لكم إنها مصادفة أكثر من غريبة ؟...وهي سبب كلمتنا اليوم.. *وصاحبة الرابعة هذه مسؤولة تتحدث عن وباء (بحر أبيض).. *وبدأت كلامها بعبارة: (حقيقةً) تمكنا - بحمد الله- من احتواء الإسهالات المائية.. *وأضافت: وولاية النيل الأبيض (حقيقةً) الآن تحت السيطرة.. *وختمت قائلةً : ونؤكد (حقيقةً) أن المرض لم ينتقل إلى العاصمة كما يزعم البعض.. *وما يهمنا هنا هو الإكثار من ترديد كلمة (حقيقةً)...بالتنوين.. *وهو إكثار- من زاوية علم النفس- قد يدل على إحساس بالتكذيب.. *ومن يثق في نفسه- وصدق حديثه -لا يتوسل إلى الناس بأدوات التصديق.. *لا يكثر من القسم...والحلف...والتأكيد...ومفردة (حقيقةً).. *و(حقيقةً) كلمتي هذا قصدت بها أن (ينداح) معناها...و(ينبسط)...و(يتنزل) على الناس.. *و(أحسب) أنني ربما أكون نجحت في ذلك إلى حد ما.. *أن أكون قد نبهت مرددي المفردة إلى ما فيها من (افتقار إلى التصديق).. *و............(هكذا يعني !!!). assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة