قبل عدة أسابيع كنت وعدد من زملائي الصحفيين نتجاذب أطراف الحديث مع مسؤول رفيع جداً في الدولة .. جاء ذكر الحرب في دارفور وكنا نرى أن الأمور مضت نحو الاستقرار..محدثنا لم يكن يتفق معنا في روح التفاؤل..بل أشار بعصاه نحو ليبيا وأوضح أن الأوضاع ربما تتفجر في أي وقت لأن بعض الحركات العسكرية كفت أذاها بسبب انشغالها مع جيش خليفة حفتر..تحققت تلك الرؤية مع انفجار الأوضاع في شرق دارفور..وحسب مصادر رسمية أن القوات المتمردة التي حاولت دخول شرق دارفور ربما جاءت من ليبيا أو جنوب السودان. بالطبع لا أحد يمنع الجيش السوداني من استخدام حقه في الدفاع عن النفس حتى لو كانت هنالك معاهدات وقف إطلاق نار..لكن من المهم قراءة توقيت هذه الهجمات..صناع العنف كانوا ينظرون بكثير من الارتياب لبوادر عودة السودان إلى المجتمع الدولي ببشريات الرفع المؤقت للعقوبات الاقتصادية على السودان..في هذا التوقيت حاولوا جر السودان لحلقة العنف وعدم الاستقرار المفضية إلى تعقيد ملف الحوار الإستراتيجي بين السودان والغرب..ستتحقق مراميهم بقدر ردة الفعل الرسمية . الآن ردة الفعل الحكومية تجاوزت الحدود إلى صرف إدانات لدول شقيقة مجاورة..لأول مرة يتم اتهام مصر رسمياً بالمشاركة في طعن السودان من الخلف..ذات الاتهامات وصلت إلى دولة جنوب السودان المغلوب شعبها..في تقديري يجب لجم التصريحات الرسمية ذات الظلال الدبلوماسية التي يمكن أن تعيد تضخيم الأحداث في دارفور..من المهم جداً تخفيض صوت الآليات العسكرية حتى ولو كانت الحرب على أشدها ..تركيا الآن تخوض مثل هذه الحروب دون أن تلفت انتباه العالم بل تجذبهم ببريق السياحة. في الحالة المصرية كان من الأفضل إحراج مصر أكثر من استفزازها ..الآن هنالك حديث عن دخول آليات عسكرية مصرية ضمن عتاد الحركات المسلحة ..لكن بإمكان المرء توقع ذلك مع الدعم الكبير الذي يلقاه جنرال ليبيا العجوز المشير خليفة حفتر من جانب مصر السيسي..وبما أن حركات دارفور المسلحة تمثل جزء من الآلة البشرية التي يعتمد عليها حفتر هنا من الممكن أن يتسرب السلاح حتى دون علم الدولة صاحبة المنشأ ..ماذا لو قامت الحكومة السودانية بإعادة تصدير السلاح المصري إلى القاهرة مطالبة بتفسيرات..مثل هذه اللغة تجعل الأحداث تحت السيطرة وبعيدة عن الإعلام. في تقديري أن على الحكومة أن تدرك أنها تلعب في شوط المدربين في مباراة فاصلة..واحدة من المسارات الخمسة التي بني عليها قرارالرفع المؤقت للعقوبات الأمريكية على السودان كان ملف الاستقرار في دارفور وإيصال المساعدات الإنسانية ..لهذا من الأفضل التعامل بحكمة وتريث وعدم الانجرار لاستفزازات الحركات المسلحة في هذا التوقيت. بصراحة..للدبلوماسية عبارة حق الرد في الوقت المناسب ..من المهم جداً استدعاء هذه العبارة مع تخفيض صوت الآليات العسكرية على الأقل في هذا الوقت الحساس بتوقيت واشنطن. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة