رغم كل شيئ فإن تراجع رئاسة الجمهورية عن الإستمرار في إجراءات تعيين وزير العدل المُعلن ضمن تشكيل حكومة الحوار الوطني (التي أفجعت الكثير من المتطلعين) ، يُعتبر إشراقة بائنة المعالم في درب (الرجوع إلى الحق فضيلة) ، وفيه دلالات ومؤشرات تفيد (عُلو) المصلحة الوطنية على شكليات ومضامين المحاصصة المتعلَّقة بإقتسام المناصب رغم ما فيها من (مرارات) لا تطعن إلا في خاصرة الوطن والمواطن لأسباب كثيرة أهمها أن السودان وبعد إسدال ستار الحوار وإنبثاق مخرجاته وإعلان حكومته لم يزل واقعاً تحت رحى الخلاف السياسي (الحقيقي) بفضل وجود أغلب القوى السياسية ذات الوجود الشارعي الحقيقي والمؤثرة والفاعلة خارج دائرة (التوافق السياسي) المزعوم ، ليصبح أمر ما تم إنتاجه عبر حوار الوثبة مجرد (وهم) لا يستيغه ويتذوَّق طعمه غير الحزب الحاكم ، خصوصاً وأن النتائج الأساسية تم إختصارها في (تطويع) الأحزاب المشاركة في الحوار للخضوع لأستراتيجية بقاء المؤتمر الوطني على سدة الفعالية العليا لآلة السلطة وإنبساط النفوذ ، ما يحدث الآن من تخبطات متعلَّقة بالتشكيل الحكومي من حيث إختيار الوزراء والوزارات ، لا يتناسب مع المدة الطويلة التي إستغرقها أمر الوصول إلى توافق حول قائمة متفق عليها بين (الغانمين) وقادرة على الإيحاء (لغير المتعمقين والمطلعين على بواطن الأمور) بأن هناك تغييراً ذا جدوى قد حدث في شكل ومضمون النظام السياسي السوداني ، ثم وبعد أن إختارت القيادة السياسية التراجع عن تعيين وزير العدل المُعلن ، لأسباب متعلِّقة بصحيفته الذاتية في وقائع قانونية ووثائقية وشخصية ، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو (لماذا يصل بنا حال عدم الإجادة والدقة في الأداء العام للحد الذي يقود مؤسسة الرئاسة إلى التراجع عن إعلان تعيين وزير تم إستدعائه لأداء القسم ؟) .. ألا يوحي هذا بحالة من الإستعجال في دراسة القوائم التي تقدمت بها الأحزاب المشاركة ؟ ، ثم إلى أيي حد يمكن أن يُشير هذا الإجراء إلى هوان أمر الوطن والمواطن في ما يختص بحقوقه ومكتسباته المتعلِّقة بأن يُولى في أمره القوي الأمين ، كل هذا يُفسِّر أن منطلقات التحاصص حول المقاعد والمناصب لا يمكن إستيعابها خارج دائرة اللهث والإستعجال المحموم لإقتسام الغنيمة وفقاً لقاعدة مفادها أن آخر الهموم والإهتمامات هي جزالة الأداء وفعالية الحكومة المُعلنة ، طالما أن نظام الترشيح سمح بإستيعاب من لا تنطبق عليه الشروط إلى أن وصل مرحلة الإعلان النهائي في حكومة إمتد وقت تشكيلها وإعلانها أكثر من ستة أشهر ، فلا إشارةً واحدة في كل ما سبق قابلة لإضاءة مساحات للأمل والتفاؤل تعمل على تبشيرنا بأن كل هذ الوزارات والمناصب التي تم (إقتسامها) بين المؤتمر الوطني وأحزاب الحوار المشكوك في تأثيرها السياسي والشارعي ، هي في واقع الأمر هيئات تنفيذية يعتبرها القانون والدستور والعرف أدوات عليا لتحقيق تطلعات الوطن والمواطن في تنمية مستدامة قوامها إحترام الإنسان لأخيه الإنسان وتوافق الأعراق والثقافات والتداول السلمي و(الشرعي) للسلطة ثم الإقتسام العادل للثروة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة