دخل الشاب السوداني ببعض التعجل إلى مكتب الخطوط المصرية بالعاصمة الأوربية يرافقه دبلوماسي شاب.. الدبلوماسي طلب تعجيل سفر الوزير السوداني وذلك لأمر ملح..خبط الموظف على الحاسوب بشيء من التوتر المصحوب بهزة رأس تحمل بعض التشاؤم.. أخيراً ابتسم الموظف المصري وكاد أن يهتف وجدتها..وقتها كان قد وجد مقعداً في الدرجة السياحية حيث يجلس عامة الناس..الوزير اعتبر الأمر استفزازاً لا يليق بمقامه السيادي ..حاول الموظف إقناع سعادة الوزير أنهم سيعالجون الأمر في مطار القاهرة ويتم إجلاس الوزير في الدرجة الأولى ..قالها الموظف « بص حضرتك ما حدش ح يعرفك من هنا إلى القاهرة.. رغم وجاهة المنطق إلا أن وزيرنا رفض العرض قبل أيام صدر قرار بتحرير أسعار تذاكر السفر إلى خارج السودان ..قبل ذلك كانت التذاكر تعامل مثل الخبز ويباع دولارها بنصف قيمته أو أقل من ذلك..بمعنى أن الحكومة تجعلك تشتري تذكرة وتأخذ الأخرى مجاناً ..شركات الطيران تبيع تذاكرها ثم تمضي إلى بنك السودان لتأخذ الدولار بقيمة سبعة جنيهات والحقيقة أن قيمته ضعف ذلك ذاك الوضع الاخرق كان يساوي بين السياح والمرضى وتجار الشنطة والذين ينتظرون في الصفوف لشراء قطعة خبز تقيهم من الجوع ..الحساب غير الصحيح للدولار لشركات الطيران جعل السودان سوقا جاذباً لشركات الطيران..بعض الدول المجاورة استغلت فراغ الناقل الوطني وباتت ترسل في اليوم نحو ثلاث طائرات..وفي نهاية الأسبوع تتجه للبنك المركزي لتزاحم لاستلام الدولار النادر..تلك الممارسة كانت تعني أن يدعم المواطن الفقير شركات عالمية الأثرياء من السودانيين استغلوا التذاكر المدعومة وباتوا يسافرون على الدرجات العُلى..بل منهم من يقرن التذكرة بغرفة نوم في فندق فخيم يقدم وجبة إفطار مجانية مصحوبة ببعض الخمر، وكل ذلك يضمن في سعر التذكرة المدعومة ..أصحاب وكالات السفر استفادوا من فارق الأسعار وباتوا يشجعون المغتربين على شراء تذاكرهم من السوق المحلي ..وصل الأمر لدرجة أن بعضهم يشتري تذكرة ذهاب وإياب ويستخدمها في اتجاه واحد ثم يكون رابحاً هذا الوضع نشط عملية تجارة الشنطة وتهريب العملات الأجنبية..بإمكان أي تاجر هواتف أن يسافر نحو عشر رحلات شهرياً إلى خارج السودان ..التكلفة المنخفضة للتذاكر تشجع هذه التجارة والتي في أغلبها يحدث فيها تحايل للتهرب من دفع الجمارك ..كما أنها تسمح بدخول بضائع غير مطابقة للمواصفات باعتبار أن الكميات الواردة غير تجارية في تقديري أن الحكومة اتخذت القرار الصحيح بتحرير سعر التذاكر..لكن هنالك خطوات مهمة يجب اتخاذها حتى لا يصبح مطار الخرطوم طارداً بعد انحسار الطلب السياحي للسفر..تخفيض رسوم المرور على الأجواء السودانية بجانب بيع وقود الطائرات بأسعار منافسة يجعل السودان محطة مهمة لشركات الطيران العالمية ..هبوط أكبر عدد من الطائرات بالمطارات السودانية يجعل الشركات العالمية تتنافس في جذب المسافر السوداني بصراحة..لم يكن هنالك منطقا في دعم السفر الخارجي..توطين العلاج بالداخل وتخفيض قيمة الأدوية المستوردة سيقلل من إنهاك شريحة المرضى الذين يبتغون العلاج خارج السودان..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة