بسم الله الرحمن الرحيم كتب الأخ خالد الحاج عبد المحمود، كتابة مطوّلة، تحت عنوان " تعديلات د. القراي في الفكرة الجمهورية"، وهي لست المرة الأولى التي يهاجمني فيها، ولكنني أعرضت في المرة السابقة، عن الرد عليه، لأن كتابته قد كانت دون مستوى الحوار، الذي يفترض أن يكون بين الجمهوريين. أما كتابته الحاضرة، فإنها بالرغم من بعض الشطط، والأحكام القطعية النهائية الخاطئة، والجنوح للتجريم، والإقصاء لمخالفه في الرأي عن الفكرة، قد جاءت أكثر موضوعية، من كل كتاباته السابقة، التي هاجم فيها عدداً من الإخوان الجمهوريين، وإن كانت لا تزال بعيدة عن الحوار الهادف، الذي يسعى الى الحقيقة .. ومع ذلك كتبت هذه المحاولة في التعقيب عليها، سائلاً الله أن يعينني على إظهار الحق، وأن يهدينا جميعاً الى رحابه. والآراء التي علق عليها خالد لم تطرح لعامة الناس، وإنما كانت حواراً داخلياً، بين بعض الإخوان الجمهوريين، غرضه الوصول الى رؤية متقاربة، في بعض المسائل التي أشكلت عليهم.. وما دام هو قد تحمل وزر نقله إلى العالم أجمع، فلا بد من إيضاح خلفية الحوار، ودوافعه، حتى يعرف القراء الذين أقحمهم في هذا الأمر الخاص الأبعاد التي أوجبته: 1-بعد تنفيذ الإعدام على الأستاذ محمود في عام 1985م، ظل المجتمع الجمهوري متماسكاً من الناحية الإجتماعية، ولكن توقفت حركة الجمهوريين الخارجية : المؤتمرات المتحركة، والوفود الطائفة، ومقابلات الأفراد، وحملة الكتاب، واركان النقاش، وحركة التأليف والنشر، والمحاضرات العامة. كما توقفت الحركة الداخلية: الجلسات التربوية الفكرية الحوارية، و محاضرات التأهيل القيادي، وفصول الترشيد للأطفال، والجلسات السلوكية، والندوات التعريفية للملتزمين الجدد. ولقد كان من أسوأ سلبيات وقف الحركة الخارجية، غياب الفكرة الجمهورية عن الساحة العامة، وعدم مشاركة الجمهويين في قضايا الوطن، وظهور جيل كامل من السودانيين، لم يسمع مجرد سماع بالأستاذ محمود محمد طه .. ولكن أسوأ من هذا كله، وقف الحركة الداخلية، التي يتم بها تأهيل الجمهوريين، في معرفة ومعيشة فكرتهم. ونتج عن غياب الحوار الفكري، وتلاقح الأفكار، وطرح القضايا السلوكية والعرفانية، أن غابت الفكرة عن أذهاننا، بل فقدنا حتى القدرة، على إتباع أسلوبها في الحوار الهادئ الموضوعي. ولما كان وجود الجمهوريين، دون طرح فكرتهم للناس، ودون مشاركة الشعب في مشاكله، وتقديم الحلول له من الفكرة، لا يتسق مع تاريخ الفكرة الجمهورية، ولا مع سيرة الأستاذ محمود محمد طه، فلقد رأى بعض الاخوان ضرورة تغيير هذا الوضع. 2-وبناء على ذلك، تمت محاولة للحركة الخارجية، من عدد قليل من الاخوان والاخوات، بعد أن فشلنا لسنوات طويلة، في إحياء الحركة الفكرية الداخلية، التي كان من المفترض أن تقودنا الى اتفاق، على تصور لحركتنا الخارجية، في عدم وجود الأستاذ. فأنشأوا مركز الأستاذ محمود محمد طه الثقافي، وكانت خطوة جيّدة، أعادت الجمهوريين الى ساحة العمل العام، بعد غياب طويل. وطرحت قضايا السودان من مختلف وجهات النظر السياسية والدينية، في ندوات أمتها أعداداً كبيرة من المواطنين، كما وفرت كتب الفكرة ومحاضراتها المسجلة، بأسعار مخفضة للشباب الذين لم يروها من قبل. ثم لما شعر القائمون بأمر المركز، بأن المركز كمنظمة مجتمع مدني، لا يستطيع أن يستوعب كافة نشاط الفكرة الجمهورية، أنشأوا الحزب الجمهوري، وسعوا في سبيل تسجيله، ورغم رفض السلطة تسجيل الحزب، ورغم إغلاقها للمركز، شاركت حركتهم المحدودة، في العمل العام، وفي صور التعبير عن المعارضة السياسية للنظام، بالندوات في دور الأحزاب، والمنظمات الأخرى، ورفع قضية دستورية ضد منع تسجيل حزبهم، كما قاموا بإجراء نقاشات في الجامعات. ولعل ما شل ذلك العمل، ليس تغول حكومة الاخوان المسلمين عليه، بقدرما أثرت عليه معارضة المجتمع الجمهوري الكبير له، وتأثره بآراء بعض كبار الجمهوريين، الرافضين للحركة الخارجية، وبعض آراء المتطرفين في معارضة ذلك النشاط، مثل الأخ خالد الحاج، الذي قال أن (قيام مركز الأستاذ محمود هو أسوأ عمل تم في تاريخ الفكرة الجمهورية) !! وكل هذه المفارقات، قد نتجت في تقديري، بسبب ما أشرت إليه، من إختلاف الفهوم، نتيجة إيقاف الحوار الداخلي. 3- ولقد كان من رأي عدد من الإخوان الجمهوريين، وأنا منهم، أن الحركة الخارجية، على أهميتها، ستكون ضعيفة، لولم تسبقها حركة داخلية، تجمع الجمهوريين على صعيد واحد. وأن الحركة الداخلية، لا يمكن أن تبدأ بغير الحوار الهادف، الجاد، الصبور، خاصة وأن إيقاف الحركة لهذه الفترة الطويلة، جعل كل شخص ينطوي على ما يفهمه، من الإطلاع على كتب الفكرة .. ولما لم يكن هنالك حوار حول هذه التصورات المختلفة، بدأت الشقة تبعد، وتباينت الآراء، وبدأت الوحدة الفكرية، التي كانت تميز الجمهوريين، تتضعضع. وهذا ما دعا الى الحوار الداخلي، الذي نشره الأخ خالد على الملأ. 4- يقول خالد (لقد اطلعت على حوار بين الأخ دالي ود. عمر القراي.. طرح د. القراي بعض الآراء، ورد عليها دالي رداً موفقاً، وكافياً في تقديري.. وقد وصلتني صورة هذا الحوار، خصوصاً فيما يتعلق بأقوال د. القراي من بعض الذين ارسلها اليهم ـ وأنا لست منهم.. والأقوال كلها متداولة في الوسط الجمهوري، وربما بعض الأصدقاء والمعارف.. وأنا أحب لدائرة الحوار أن تتسع، ومن أجل ذلك أنقلها الى مجال أوسع) والحقيقة هي أن الأخ أحمد دالي، هو الذي طرح رأياً، حول نص في كتاب من كتب الفكرة .. وحين اختلفت معه حول فهمه للنص، وتحاورنا لوقت، ولم نصل الى إتفاق. ولأنني سافرت، فقد وعدته بمواصلة الحوار كتابة.. ولما كنا قد اتفقنا من قبل، على ضرورة الحوار الموضوعي بين الجمهوريين، فقد أشركت في الحوار عدداً من الإخوان الجمهوريين، عن طريق "الأيميل" الخاص.. وكان مما كتبت في صدر خطابي الأول للأخ دالي (ثم إني رأيت أن أواصل معك، الحوار الهام، الذي بدأناه بمنزلكم العامر.. وأن أشرك فيه بعض الاخوان المهتمين بالفكرة، وما تواجه به الجمهوريين من حيرة في هذه المرحلة. لعلنا لو أخطأنا الفهم، ألا نخطئ النيّة الخالصة، في الوصول لفهم قريب من قريب، يحفز تطورنا، ويحفظ وجودنا في الفكرة). فأنا لم أدع أن الآراء التي تبنيتها في ذلك الحوار هي الفكرة الجمهورية، وإنما ذكرت أنها فهمي، في مرحلة حيرة !! ولقد كان غرضي من محاورتي لإخواني، ممن أظن بهم المعرفة بالفكرة، أن أطمئن على فهمي، أو أصححه بما أرى من وجاهة في إعتراضهم عليه .. ولا زال التوفيق بين الدعوة الى طريق محمد صلى الله عليه وسلم، والدعوة الى إقامة الدولة الإنسانية، لم يتضح لي تماماً، وأنا ساع بالتوجه فيه الى الله ليوضحه لي بلا لبس، ولهذا فإني على إستعداد أن أسمع فيه، وعلى استعداد أن أغير رأيي، إذا وجدت الرأي الأصوب. فأنا لم أقرر أن فهمي هذا هو الحق، وأن كل من يختلف معي على باطل، وخارج عن الفكرة الجمهورية، ولم أقل أنني كتبته لأعدل به الفكرة، حتى يجّوز خالد لنفسه، دون ورع، أن يسمي مقاله " تعديلات د. القراي في الفكرة الجمهورية" !! 5- ولقد كنت أريد للحوار، أن يكون في دائرة محدودة من الإخوان الجمهوريين المهتمين. واستمر الحوار لعدة شهور، وتطرق الى مواضيع كثيرة، ولم يشأ أي من المشاركين فيه، أن ينشره في منبر عام، فمن الذي أعطى خالد الحق في نشره في مشارق الأرض ومغاربها ؟! إن السلوك المدني العادي، ومراعاة قانون الملكية الفكرية، يفرض على الشخص المتحضر، إن يستأذن صاحب الشأن، قبل نشر أفكاره ، دع عنك السلوك الديني، الذي ينبغي أن يراعي حقوق الآخرين، بصورة أكثر توكيداً !! وقد يقول قائل، أن الأخ خالد شعر بأن في آرائي تشويه للفكرة، ولذلك لم يلق بالاً لكل المحاذير الأخلاقية، التي تمنع نشر آراء الآخرين، ولكن حتى هذا الإعتبار غير صحيح، لأن خالد نفسه قد قال (طرح د. القراي بعض الآراء، ورد عليها دالي رداً موفقاً، وكافياً في تقديري..) والرد الموفق الكافي يبطل مفعول أي تشويه !! 6- ثم إن الأخ خالد ذكر أني قد أرسلت الحوار الى عدد من الجمهوريين، ولكني لم أرسله له، وترك للقارئ غير الجمهوري، أو الجمهوري غير المتابع، أن يظن أنني ظلمته، بإقصائي له عن حوار الجمهوريين. والحق غير ذلك، لأنني أكثر من حاور الأخ خالد من الجمهوريين، شفاهة، وكتابة .. ولكن كتاباته الأخيرة، عن بعض الإخوان الجمهوريين، وهجومه عليهم في الأسافير العامة، بصورة لا تمت بصلة لنهج الفكرة الجمهورية، في أدب الحوار من قريب أو بعيد، يحرمه، في تقديري، حق الحوار مع الجمهوريين، حتى يرجع عن هذا الأسلوب، الذي يشبه أساليب الإخوان المسلمين. فلقد قام الأخ خالد بتكفير الأخ عبد الله النعيم، وأخراجه من ملة المسلمين، ولم يحدث في تاريخ الفكرة الجمهورية، أن قام الجمهوريون بتكفير أي شخص مهما كان خلافه معهم، ومهما كان جهله بالإسلام، أو سلوكه المفارق للدين، دع عنك ان يكفر جمهوري جمهورياً آخر، مثل الأخ عبد الله النعيم، إلتزم الفكرة منذ منتصف الستينات من القرن الماضي !! ولم يكتف خالد بالتكفير بل قذف الأخ عبد الله في عرضه، وأتهمه بلا ورع، بأنه أكبر من دعا الى الفساد الأخلاقي في العالم !! وشكك في ذمته المالية، بلا دليل، وذكر أنه إستلم أموالاً من الأمريكان، مقابل أن يقوم بتحطيم الإسلام، والإساءة الى النبي صلى الله عليه وسلم !! وهو لم يشهد شيئاً مما ادعى، ولا أبرز بيّنة على ما افترى!! ولقد استغل حديثه ضد الأخ عبد الله النعيم، والأخ ياسر الشريف، بعض الموتورين من الإخوان المسلمين، أمثال د. محمد وقيع الله، فهاجموا على أساسه الأخ ياسر، وحكموا على الجمهوريين بالكفر، والمفارقة، بناء على كتابة الأخ خالد، على إعتبار أنها شهادة الجمهوريين على أنفسهم !! وكان يمكن لهذا التكفير، الذي أشاعه خالد ضد عبد الله النعيم، أن يدفع بأحد المتطرفين لإهدار دمه، والإعتداء عليه، بنّية قتله !! وهذا على كل حال، ما كان يقلق الأستاذ عبد اللطيف عمر، كبير الإخوان الجمهوريين، رحمه الله، ونفعنا بجاهه، فقد كان وهو يتعالج بدبي، في أخريات أيامه، منزعج أشد الإنزعاج، لهذا الأمر.. وقد قال (أنا سمعت أنو عبد الله النعيم ماشي السودان وخايف واحد مهووس يقرأ كلام خالد العجيب دا ويقوم يحاول قتل عبد الله .. ربنا يستر)!! كما أساء خالد إساءة بالغة وجارحة الى الأخت أسماء محمود محمد طه، الإبنة الكبرى لأستاذه، ومرشده. ووصفها بأنها عديمة الأخلاق، لأنها في رأيه، توافق الأخ عبد الله النعيم، الذي وصفه، بأنه أكبر من دعا الى الفساد الأخلاقي في العالم !! كما إتهمها بأنها تعتقد بأن أباها الأستاذ محمود محمد طه، مربي فاشل !! وهاجم مؤخراً الأخ ياسر الشريف، وأخرجه من الفكرة الجمهورية، زاعماً أن ياسر يرى أن الفكرة الجمهورية باطلة، وأنها إنتهت بذهاب الأستاذ محمود !! ولئن كان نقد الأخ خالد لي هذه المرة أكثر موضوعية، من كتاباته السابقة، عن عدد من الإخوان الجمهوريين، فإن ذلك لا يكفي ليكفر عن سوأته الماضية، مالم يرجع الى الله، والى الأستاذ، ويعتذر علناً، في الأسافير التي نشر فيها ذلك الأسلوب المشين، الذي بلغ به غاية الأذى، لإخوانه وأخواته الجمهوريين. هذا هو السبب الذي جعلني لم أشرك الأخ خالد في الحوار، الذي أشاعه بين المؤيدين والمعارضين، للفكرة الجمهورية، دون وجه حق. 7- ومع ذلك، فإني لا زلت أعتبر الأخ خالد من الجمهوريين، ولا زلت آمل في أن يتأذن الله برجوعه، عما أوقع نفسه فيه، من التطرف، الذي لا يشبه الفكرة، وما ذلك على الله بعزيز .. ولكن خالداً لا يعتبرني جمهورياً، ولهذا قال في مقدمة كتابته (لقد اطلعت على حوار بين الأخ دالي ود. عمر القراي..) وهو يعلم أن الأخ دالي أيضاً دكتور.. فلو أراد الوصف العلمي الأكاديمي لقال "حوار بين د. دالي و د. عمر القراي" ولو اراد النسبة للإخوان الجمهوريين لقال " حوار بين الأخ دالي والأخ عمر القراي" !! والآن لنتابع آراء الأخ خالد. وأول ما أود الإشارة إليه من خلل، في فهم الفكرة، هو تعليقه على النص المأخوذ من كتابتي .. ويجري هكذا ( ويمكن لأي شخص معاصر، أن يدعى لتحقيق كمالات محمد الإنسان، دون أن يفرض عليه منهاج محمد النبي في العبادة، بما يحوي ذلك المنهج من طرف العقيدة، ولا أعني بالفرض هنا الإكراه الذي كان في الرسالة الأولى من الإسلام، ولكن لا يقال له إنه سوف لن يحقق أي كمال، ما لم يتبع منهج النبي بدقة في العبادة. وإنما يطلب منه نتيجة العبادة، المعاملة الرفيعة، بغض النظر عن المنهج الذي اتبعه لتحقيقها) هذا ما ذكرته أنا فكيف علق عليه خالد؟! قال (أولاً الدعوة ليس فيها إكراه لا في مستوى الرسالة الأولى ولا أي مستوى.. ولم تكن هناك ضرورة لهذه العبارة .. ثانياً لا يقال " إنه سوف لن يحقق أي كمال" وإنما القول أنه لن يحقق الكمالات الإنسانية وشتان بين القولين)!! والحق أن الدعوة في مستوى الرسالة الأولى، خلافاً لماقرر خالد، قد قامت على الإكراه .. فالمسلمون انطلقوا من دولة المدينة، شرقا،ً وغرباً، يدعون إلى الإسلام، وكل من رفض قبول الإسلام قاتلوه .. وإنما رفع السيف لغرض الإكراه على الإسلام، ومن هنا جاء النفاق في المدينة، ولم يكن هنالك نفاق في مكة، حيث قام القرآن المكي –قرآن الرسالة الثانية-على الدعوة بالإسماح بعكس قرآن المدينة الذي قام على الإكراه. ثم ان خالد يقول بأن غير المسلمين لا يقال في حقهم أنهم لن يحققوا أي كمال، وإنما الصحيح أن يقال في حقهم أنهم لن يحققوا الكمالات الإنسانية !! ولكن الكمالات كلها إنسانية، قإذا قيل لهم أنكم لم تحققوا الكمالات الإنسانية، فإن هذا يعني أنهم لم يحققوا أي كمال، و إلا فليخبرنا خالد ما هي الكمالات غير الإنسانية، التي يمكن أن يحققها غير المسلمين ؟! على أن المهم هو أن الأستاذ محمود، قد قرر أن غير المسلم، يمكن أن يحقق الكمالات الإنسانية!! وذلك حيث قال (وأنا شخصياً مستعد اتبع أي إنسان كبير الإنسانية مهما كانت ملتو ما بسألو .. النتيجة الجاهزة هي القيمة) وسأعلق لاحقاً على فهم الأخ خالد لهذه العبارة المشرقة، ومحاولته الفاشلة لتطفيفها. يقول خالد ( يقول د. القراي " فإن كل شخص دون الأستاذ محمود لا يحق له أن يسأل أحد عن عقيدته...)وهذا النوع من البتر، الذي يشوه الآراء، ويعين الشخص المغرض ليقفز الى غرضه بسهولة، قد إعتاد الأخ خالد عليه، في كافة نقاشاته .. فأنا لم أبدأ الفقرة من الجملة التي ذكرها خالد،وإنما قلت الآتي: (فإذا كان رجل في قامة الأستاذ محمود، يمكن أن يتبع أي إنسان كبير الإنسانية، مهما كانت ملتو، دون أن يسألوا عن العقيدة التي يعتقدها، أو المنهج الذي يمارسه، وفق تلك العقيدة، وإنما المهم ثمرة هذا المنهج، وهو القيمة، فإن كل شخص دون الأستاذ محمود، لا يحق له أن يسأل أحد عن عقيدته، أو المنهج الذي يعامل به ربه، أو يطلب منه التنازل عنه .. وهذا ما قصدته، حين قلت: "كما يدعى إلى الإيمان باليوم الآخر، لأن بذلك نشأ الضمير، في فجر المجتمع البشري، كما ’يدعى أيضاً للعمل الصالح وفي قمته الصلاة، وهي في حقه خلق صلة بالله، بالمنهج الذي يراه، سوى ان كان ذلك المنهج في تجربته الشخصية ، متأثراً بموروثه من الإسلام، في مرحلة العقيدة، أو متأثراً بموروثه من اليهودية، أو المسيحية، أو الروحية). السؤال هو: لماذا حذف الأخ خالد الجزء الأول من الحديث ؟! ثم ما الذي إستخرجه من النص المبتور الذي أورده ؟ قال ( المهم من هذا النص أن د. القراي يؤكد فيه إبعاد طريق محمد بالنسبة لغير المسلمين) ثم بعد عدة عبارات قال (أحب أن أقف وقفة خاصة عند عبارة "المنهج الذي يراه مناسباً" هذه !!) وهذا ليصورني، وكأنني أدعو أن يسير كل شخص على هواه !! مع ان عبارة "المنهج الذي يراه "، جاء بعدها مباشرة قولي (سوى أن كان ذلك المنهج في تجربته الشخصية متأثراً بموروثه من الإسلام، في مرحلة العقيدة، أو متأثراً بموروثه من اليهودية، أو المسيحية، أو الروحية) !! ثم من الذي قال أنني أؤكد إبعاد طريق محمد، بالنسبة لغير المسلمين ؟! لقد جاء في أول خطاب أرسلته الى الأخ دالي (أقول قولي هذا، ولا يغيب عني، أننا نحن الذين جئنا من خلفية اسلامية، سنظل نقول للناس إننا نعتقد بأن منهاج النبي صلى الله عليه وسلم، هو أقصر الطرق الموصلة للكمال .. ولكن دعوتنا لما نزعم ستكون أبلغ بلسان الحال، لأن هذا هو ما يغري الآخرين بالاقتناع ..وذلك إذا استطعنا أن نعكس كمالاً أكبر مما عكسوا هم). فلماذا لم يورد الأخ خالد هذا النص ؟! ولماذا لم يقف عنده ويجعله يتردد ولو قليلاً في وصفي يأنني أؤكد إبعاد طريق محمد ؟! الجواب: هو أنه يريد أن يخرّج من حديثي، أنني ضد طريق محمد، ليقفز الى نتيجة جاهزة عنده، هي أنني معارض للأستاذ محمود، ولو أورد النص لما وجد الى ذلك سبيلا .. يقول خالد (أنا هنا أحب أن أورد تلخيصا لنقاط د. القراي الأساسية، لتوكيدها بصورة واضحة، ثم الرد عليها من أقوال الفكرة.. يقول د. القراي: إن الفكرة الجمهورية تدعو الى "طريق محمد"، في صورتين!! صورة خاصة بالذين كانوا على ميراث اسلامي وهؤلاء دعوتهم الى تقليد النبي صلى الله عليه وسلم وفق ما جاء في طريق محمد.. أما الصورة الثانية، فهي دعوة محمد الانسان، وهي دعوة للبشرية جمعاء.. وهذه الصورة الثانية لا تقوم على تقليد النبي بالصورة التي جاءت في كتاب "طريق محمد") وهذا ليس تلخيص لأفكاري، بل تشويه موبق لها .. فأنا لم اتحدث عن صورتين لطريق محمد، وإنما تحدثت عن العبادة في منهج الطريق، وثمرتها وهي المعاملة والأخلاق الرفيعة. وقلت أن الذين يؤمنون أصلاً بالإسلام، يدعون الى اتباع تفاصيل عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقبلونها بالعقيدة، ولو لم يفهموا حكمتها ..ولكن غير المسلمين، يدعون الى طريق محمد، في الجانب الاخلاقي منه، أي القيم الإنسانية الرفيعة. وذلك لسبب بسيط، هو أنهم غير مسلمين، وليس لديهم عقيدة في محمد، حتى يمارسوا تفاصيل عبادته. ولكن يمكن ان يقدم لهم نموذج محمد الإنسان،في صورة الاخلاق الرفيعة، ويتقبلونها، لأنها تراث إنساني مشترك .. فمثلاً يمكن ان يدعون الى الىتواضع، والعزوف عن السيطرة على الآخرين، والتحرر من الخوف، ومعيشة اللحظة الحاضرة،وتجاوز الحقد، والغل، والحسد .. ويقال لهم أن المطلوب منكم تحقيق هذه القيم، وهي لا تتحقق إلا بإنشاء العلاقة بالله، والإيمان باليوم الآخر، وعمل الخير للآخرين. فإذا صدقوا في العمل، كل بمنهجه المأخوذ عن دينه، فإنهم سيحققون قدراً كبيراً من الكمالات الإنسانية، وهذا هو مراد الدين. وهناك سبب آخر، هو أن المسلمون اليوم في سائر بلاد الله، على قشور من الإسلام، وقشور من الحضارة الغربية .. وهم لا يفهمون من الإسلام نظرياً،إلا مستوى الرسالة الأولى، وقد قصروا عنه في سلوكهم وأخلاقهم .. ولهذا فإن واجبهم، ليس دعوة غير المسلمين الى طريق محمد، لأن فهمهم للإسلام لم يتعد مرحلة العقيدة فيه .. والإسلام في هذا المستوى، لا فضيلة له على اليهودية، أو المسيحية، أو غيرها من عقائد الأديان. ولو لم يكن للإسلام مستوى آخر، غير مستوى العقيدة، لما كان له دور في مقبل الأيام .. يقول الأستاذ (نحنا لما قلنا ما عايزين نسمي حكومتنا حكومة دينية، لأنو بنعتقد إنو الناس بلتقوا في الإنسانية، بفترقوا في العقيدة، يلتقوا في الإنسانية .. إذا كان الدين الإسلامي ما عندو غير العقيدة ما هو صالح .. إذا كان الدين الإسلامي ما عندو مرحلة غير العقيدة ما هو صالح لي بكرة إطلاقاً .. لكن لحسن الحظ أنو العقيدة في الدين الإسلامي مرحلة، وحقيقتو إنسانية .. )( محاضرة مناهضة الدستور الاسلامي المزيف الثالثة –دار الحزب الجمهوري أمدرمان يناير 1969م). والجمهوريون ميزتهم على غيرهم من المسلمين، أنهم آمنوا بوجود المستوى العلمي من الإسلام .. ولكن هذا لا يجعلهم أفضل بكثير،من سائر المسلمين، ما داموا لم يحققوا ذلك العلم، وظلوا عملياً في مرحلة العقيدة. ولهذا فإن واجبهم هم أيضاً، ألا يدعوا غير المسلمين الى الإسلام، أو الى إتباع طريق محمد، لتخلف التحقيق بلسان الحال عن هذا المستوى. وإنما واجبهم هو إلتزام الطريق في أنفسهم، ثم السعي في خير الناس، ومشاركتهم همومهم، ومشاكلهم، والدفاع عن المظلومين منهم .. يقول الأستاذ محمود (إن الدعوة إلى الإسلام منذ اليوم لن تكون على نحو ما كانت في الماضي فإنه لا إكراه ولا وصاية في عالم اليوم، فالفرد الذي يريد أن يدعو إلى الإسلام عليه أن يبدأ بنفسه فيطبق عليها دستور القرآن ويأخذها بأخلاق القرآن حتى تصبح نموذجا يغري وقدوة تُطلب، وقل مثل هذه للدولة التي تريد أن تدعو إلى الإسلام.. فالفرد الصالح نموذج يدعو الأفراد إلى الإسلام بلسان حاله، قبل لسان مقاله.. والدولة الصالحة نموذج يدعو الدول إلى الإسلام بلسان حاله قبل لسان مقاله.. فإن الله تبارك وتعالي يقول" لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" وتعني بيّنوا الرشد، بأن تجسدوه في شمائلكم، وأخلاقكم، ثم بيّنوه بعد ذلك بأن تفصلوه في أقوالكم وأعمالكم. إن البشرية كلها تحتاج الإسلام.. والمسلمين في طليعة من يحتاجه، ولا سبيل إلى الدعوة إليه غير هذا السبيل القويم)( من كتاب أسس دستور السودان). أما الأستاذ محمود، فوضعه يختلف، فهو قد سار من مستوى العقيدة الى مستوى العلم .. ولذلك حق له ان يدعو أصحاب الأديان جميعاً الى المستوى العلمي من الدين، ويرشح لهم المنهج المناسب لتحقيق ذلك الغرض، وكذلك فعل، بدعوة كل الناس الى طريق محمد صلى الله عليه وسلم .. ولكنه حين فعل ذلك، لم يغب عنه أن يبدأ بالمؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيدعوهم الى ممارسة منهجه في العبادة، بدقة، وبالأخذ بما يطيقون من أخلاقه وشمائله. ولقد قام تلاميذه الجمهوريين، بتوجيهه، بتبليغ دعوته بنهاية الطرق الى مشايخ الطرق، في أماكنهم، وسلموهم المنشور الذي يقرر ضرورة اتباع طريق محمد. ولكنه لم يوجههم، بأن يوصلوا ذلك المنشور للقساوسة في الكنيسةن أو علماء اليهود في أديرتهم وذلك لأن الطريق لهؤلاء يقوم على الجانب الأخلاقي من حياة محمد، وهذا ما كان سيحوي كتاب " محمد الإنسان" الذي وصى به الأستاذ، ولكنه لم يكتب، في المستوى الذي تناوله الحوار حوله. ولهذا إكتفى الأستاذ بالدعوة لطريق محمد في مستوى محمد الإنسان، بتجسيد كمالات محمد الإنسان في نفسه، وطرحالمستوى العلمي من الدين، الذي تلتقي عنده جميع الأديان، في نقطة تنتهي عندها العقيدة ويبدأ العلم. ولأن الأديان الأخرى في قمتها توجد هذه النقطة العلمية، وإن تخلفت شرائعها عن واقع المجتمع، فإنها يمكن أن تسوق أفراداً من أصحابها، الآن، في غياب المستوى العلمي للدين، الى تحقيق كمالات فردية كبيرة.. وهذا ما عناه الأستاذ حين قال (إنما جئت به هو من الجدّة بحيث اصبحت به بين أهلي كالغريب. وبحسبك أن تعلم أن ما أدعو اليه هو نقطة إلتقاء الأديان جميعاً حيث تنتهي العقيدة ويبدأ العلم وتلك نقطة يدخل منها الإنسان عهد إنسانيته ولأول مرة في تاريخه الطويل) أين تقع نقطة إلتقاء الأديان جميعاً ؟! الأديان في مرحلة العقيدة لا تلتقي ولكنها تلتقي في القمة العلمية من كل دين !! ولقد أورد الأخ خالد النص الذي نقلته عن الأستاذ، وهو قوله (وأنا شخصياً مستعد اتبع أي إنسان كبير الإنسانية مهما كانت ملتو ما بسألو .. النتيجة الجاهزة هي القيمة) فكيف فهمه ؟! قال (من الواضح أن النص متعلق بالنظام السياسي في المنافسة الديمقراطية يجب ان تكون يجب ان تكون المنافسة حسب القيم والمبادئ وليس الإنتماء الديني) هذا ما قاله خالد !! فهل الاستاذ محمود في ذهنه مناطق منفصلة للسياسة، والاخلاق، والدين، حتى يقال إنه هنا يعني السياسة فقط ؟! إن النص ورد في سياق حديث عن الدستور، فهل أمر الدستور نفسه، عند الأستاذ، أمر سياسة فقط ؟! أم أمر دين يحتوي على التصور السياسي ؟! وحين يصف الأستاذ محمود شخص بأنه " كبير الإنسانية"، فهل يعني أنه سياسي محنك أو وطني غيور، أم هو يقصد أنه شخص ذو أخلاق رفيعة، أو قل ذو قيم ومبادئ حسب عبارة خالد نفسه !! فإذا كان هذا الشخص، قد حقق هذه القيم والاخلاق الرفيعة،التي جعلت منه عند الأستاذ محمود، شخص "كبير الإنسانية"،وهو على غير ملة المسلمين، فهل يعرف خالد المنهج الذي حققهابه؟! لقد كتبت في خطابي الأول للأخ دالي ( ... أن المحك هو أن الدين المعاملة، أي معاملة الناس بالحسنى، وإشاعة الخير بينهم. وهو لو صدق في هذا المنهج، فإنه يمكن ان يحقق به مستوى كبير من الكمالات .. قال تعالى "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" فهم بالايمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح، أصبحوا مثل أولياء الله الذين قال عنهم "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".. بل لعلهم بهذا المستوى، يمكن أن يحققوا الإسلام النهائي، الذي يعني التسليم لله .. ولهذا قال تعالى "بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ")!! فماذا كان تعليق خالد على هذا الحديث ؟! قال (اورد د. القراي بعض الآيات ليخلص منها الى نتيجة هي ما يريده هو ، لا ما تعطيه الآيات!! اسمعه يقول: "قال تعالى: "إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".. فهم بالإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح قد اصبحوا مثل اولياء الله الذين قال عنهم: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون".. بل لعلهم بهذا المستوى، يمكن أن يحققوا الاسلام النهائي الذي يعني التسليم لله.. ولهذا قال تعالى: "بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" .. والآيات الثلاثة تشير الى قوله تعالى: "فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون".. فاعتبر القرآن أنه طالما أن النتيجة واحدة فإن اصحابها، سواء أن كانوا من الذين آمنوا، أو من الذين هادوا، أو النصارى أو الصابئين، مهما اختلفت مناهجهم ، فإن اوصلت الى نفس النتيجة.. إذن فالعبرة بالنتيجة، وليست بالمنهج.. المهم "الايمان بالله، واليوم الآخر والعمل الصالح "!! ما نسيه د. القراي أو تناساه هو.. أن عدم الخوف (لا خوف عليهم) درجات جد متفاوتة، بين من هم في الاسلام الأول، ومن هم في الاسلام الأخير، وكذلك الحال بالنسبة للحزن "ولا هم يحزنون") هذا ما قاله خالد !! ولكن أنا لم أقل أنهم قد حققوا الإسلام الأخير!! وإنما قلت " بل لعلهم بهذا المستوى يمكن أن يحققوا الإسلام النهائي"، وهذا يعني أنهم يمكن أن يحققوه،ويمكن ألا يحققوه، فأنا لم أدع معرفة هذا الأمر.. فهل عند خالد علم من الله، يمنع به فضل الله عنهم ؟! ولم أقل أنهم جميعاً سواء!! وإنما قلت أنهم متشابهون، لأنهم جميعاً حققوا التحرر من الخوف والحزن، وهذا مقام الرضا بالله، وهو لا يمكن أن يتم في مرحلة الإسلام الأول، كما زعم خالد !! لأن في مرحلة الإسلام الأول، لم يدخل الإيمان في القلوب، ولهذا فهي مليئة بالخوف وبالحزن !! وأنا أعلم أنهم متفاوتون، لأن التفاوت دائماً قائم، ما دام السير نحو الإطلاق، وحتى الإسلام الأخير، يقع فيه التفاوت بين المسلمين. يقول خالد (وما نسيه د. القراي أو تناساه هو أن صحة دين هؤلاء مرتبطة بوقتهم.. فكل منهم في وقته هو صاحب الدين الصحيح، ومنهجه صحيح، وهو مأذون به من الله بل ومأمور به.. فإذا أراد القراي أن ينقلهم لغير وقتهم، كما يفعل، فهذا هو الباطل.. وجميع هؤلاء دينهم يبدأ بالإيمان وينتهي بالإحسان في اعلى مستوياته..، فهل القراي يقدم للإنسانية المعاصرة الخطاب الذي يقوم على الايمان فقط؟!) هذا ما قاله الأخ خالد بوثوقية شديدة وهو كله خطأ !! يقول تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) ولكن خالد يظن ان صحة دين اليهودي والمسيحي كانت في وقتهم !! أليس من البديهي أن كل دين صحيح في وقته ؟ فلماذا يحدثنا الله بذلك في القرآن ؟! ثم لماذا ذكر لنا بالتحديد بأن هؤلاء قد حققوا البراءة من الخوف والحزن؟! ثم ماهو وضعهم الآن حسب رأي خالد ؟! هو يرى أنهم كانوا على حق في وقتهم .. فما وضعهم الآن ؟! الأخ خالد يرى أن غير المسلمين اليوم على باطل!! فما جزاء من هم على الباطل غير النار ؟! وهكذا يتفق خالد مع الوهابية والأخوان المسلمين، في أن اليهودي أوالنصراني، اليوم،مهما فعل من خير، فإن مصيره النار، لأنه رفض أن يدخل في الإسلام !! وهذا الرأي أكثر تخلفاً من رأي شيخ الأزهر!! فقد جاء (أفتى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بأن الاوروبيين ينطبق عليهم حكم "أهل الفترة" لن يعذبهم الله لأن دعوة النبي محمد "ص" بلغتهم الآن بطريقة " مغلوطة ومغشوشة ومنفرة") !! والحق في حديث خالد، هو أن شرائع الأديان مرتبطة بأوقاتها، وأن حكم الوقت يجعل ما كان منها في الماضي حقاً، باطل اليوم .. ولكن جوهر الأديان، وهو التوحيد، والذي به تحقق القيم، غير مرتبط بوقت معين. والآن،في وقتنا الحاضر، فإن كل شرائع الأديان باطلة، بما في ذلك الشريعة الإسلامية .. ولكن هذا لا يمنع الشخص السلفي، الذي لا يقبل من الإسلام إلا مستوى الشريعة، وهو يمارسها بصدق، أن يحقق قيمة روحية، حسب صدقه في ممارسة الإسلام .. وهذا أيضاً، ينطبق على المسيحي واليهودي،بخلاف ما قرر خالد. وأنا لا أريد أن أنقلهم لغير وقتهم، ولكني أتحدث عن الذين يعيشون معنا اليوم، وهم على تلك العقائد. ومن الأشياء التي يحتاج الأخ خالد، أن يراجع فيها فهمه للفكرة الجمهورية، ظنه بأن الإحسان، في قمته، من مستويات الإيمان!!ولذلك قال (وجميع هؤلاء دينهم يبدأ بالإيمان وينتهي بالإحسان في اعلى مستوياته..، فهل القراي يقدم للإنسانية المعاصرة الخطاب الذي يقوم على الايمان فقط؟!) وما جهله خالد، هو أن الاحسان، في أعلى مستوياته،إنما هو الإسلام الأخير نفسه، وليس الإيمان فقط كما قال!! كتب الأستاذ محمود: (ورؤية الله هي مرتبة الإحسان التي هي قمة الإسلام، وإليها الإشارة في قوله تعالى " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ، وإن الله لمع المحسنين" وإليها الإشارة أيضا بقوله تعالى " ليس على الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، جناح فيما طعموا ، إذا ما اتقوا ، وآمنوا ، وعملوا الصالحات ، ثم اتقوا وآمنوا ، ثم اتقوا وأحسنوا ، والله يحب المحسنين".. فإذا بلـغ السايـر مرتبـة الإحسان هـذه، فقـد أصبـح مسلماً في المستـوى المقصود بقولـه تعالى "ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن، واتبع ملة إبراهيم حنيفا ؟ واتخذ الله إبراهيم خليلا ")(من كتاب الإسلام) على أن ما ضلل الأخ خالد، هو أن الاحسان في بدايته يبدأ من مرحلة الإيمان، ولكن قمته، هي الإسلام الأخير نفسه، كما ذكرنا. يقول خالد ( قول د. القراي: " بل لعلهم بهذا المستوى يمكن ان يحققوا الاسلام النهائي الذي يعني التسليم لله".. قول باطل، شديد البطلان، ومناقض لأساسيات الدين، وأساسيات الفكرة الجمهورية.. هم في وقتهم فشلوا في تحقيق هذا الاسلام، فكيف يمكن ان يحققوه في غير وقتهم؟! استدل القراي بقوله تعالى: "بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " .. واضح انه اعتبر عبارة (اسلم وجهه لله) من الآية، وهي تفيد الاسلام الاخير، اعتبرها كذلك تتحدث عن الاسلام الأول.. وهذا بعيد عن الحق، فإسلام المحسنين، ليس هو الإسلام الاخير، ولا هو قريب منه.. واضح ان الدكتور يفكر بالكلمات!! ) وعبارة خالد هذهمليئة بالاغلاط، أكثر من سابقتها .. فهو يقول إن أهل الكتاب فشلوا أن يحققوا الإسلام في وقتهم، فكيف يحققوه في غير وقتهم ؟! وقوله هذا، يمكن ان ينصرف الى المسلمين أيضاً، وكان يقوله لنا المعارضون في حملة الكتاب، وفي الحوار.. إذا كان المسلمون في وقت النبي صلى الله عليه وسلم، وتحت إشرافه المباشر،عجزوا عن فهم وتطبيق القرآن المكي، فكيف يستطيعون تحقيقه اليوم ؟! والإجابة على هذا السؤال، الشائع، عتيدة وهي أن التطور العلمي المادي، قد كبر العقول، ولذلك أصبح الإنسان المعاصر،قادراً أكثر من أي وقت مضى، على تحقيق أعلى مستويات الدين.أما الخطأ الكبير فهو قول خالد (استدل القراي بقوله تعالى: "بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " .. واضح انه اعتبر عبارة (اسلم وجهه لله) من الآية، وهي تفيد الاسلام الاخير، اعتبرها كذلك تتحدث عن الاسلام الأول.. وهذا بعيد عن الحق، فإسلام المحسنين، ليس هو الإسلام الاخير، ولا هو قريب منه.. واضح ان الدكتور يفكر بالكلمات!! ) وأنا لم اعتبر "عبارة أسلم وجهه لله" تتحدث عن الإسلام الأول كما زعم خالد وإنما إعتبرتها تتحدث عن الإسلام الأخير!! وخالد يعتبر هذا الفهم بعيد عن الحق، لماذا؟؟ لأنه يظن إن إسلام المحسنين ليس هو الإسلام الأخير!! وفهم خالد الخاطئ هذا، هو ما يعارض ماقاله الأستاذ محمود، حين قال (".. فإذا بلـغ السايـر مرتبـة الإحسان هـذه، فقـد أصبـح مسلماً في المستـوى المقصود بقولـه تعالى "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن، واتبع ملة إبراهيم حنيفا ؟ واتخذ الله إبراهيم خليلا ") وبعد كل هذاالفهم المغلوط، يتهمني خالد بأنني أنا الذي يفكر بالكلمات، فهل رأى اناس مثل هذه الجرأة على الحق ؟! يقول خالد (هل يجهل د. القراي ما ذكرناه من اختلاف بين مرحلة العقيدة ومرحلة العلم، ومرحلة أمة المؤمنين وأمة المسلمين؟! من المستحيل أن يجهل هذا الأمر!! وقد ورد في مقالاته موضوع النقاش ما يفيد ذلك.. إذن لماذا قال ما قاله؟! هذا ما نسأله عنه، ونطلب منه بشدة أن يجيب عليه) هذا ما قاله خالد !! وأنا لا أجهل الاختلاف بين مرحلة العقيدة ومرحلة العلم .. ولكني أرى أن هذا لا ينطبق على الإسلام فقط، وإنما هو موجود في كل دين !! فما ظن خالد لو اخبرته أن اليهودية، بها مرحلة إيمان ومرحلة علم، وأن من اليهود من هم مؤمنون، ومنهم من هم علماء ؟! أقرأ قوله تعالى (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا)!! فبالرغم من أنهم يهود، كما قررت الآية، إلا أنهم منهم راسخون في العلم، ومنهم مؤمنين .. وهم يؤمنون بما أنزل على محمد، من عند الله، كما يؤمنون بالرسل من قبله، ولكنهم مع ذلك، لم يتركوا عقيدتهم ويتبعوا الإسلام، وذلك لأن الإسلام لم يقدم لهم في المستوى العلمي، الملزم لكل أصحاب العقائد. يقول خالد (زعم د. القراي أن المسيحيين يمكن أن يحققوا الاسلام الأخير.. فهو مطالب أن يحدثنا عن منهج المسيحية، الذي يمكن به تحصيل المعرفة بالله، حتى أنه يمكن أن يحقق الاسلام الأخير.. ما هي معالم هذا المنهج؟؟ أقل من ذلك، كيف يقيم هذا المنهج الصلة بالله؟ ما هي وسيلته العملية.. أعني ما هي الصلاة الشرعية، صلاة المعراج، عند المسيحيين، التي يمكن أن تقارن بالصلاة الشرعية، الواردة في طريق محمد؟.. معلوم أن المسيحية السائدة، هي مسيحية بولس، وأن مسيحية السيد المسيح تكاد أن تكون قد اندثرت، وهي قد كانت على التوحيد.. ولكن المسيحية السائدة، تقوم على التثليث: الأب، الابن، الروح القدس، فهل يمكن أن تقود هذه العقيدة الى الاسلام الأخير!؟ الى من يتوجه المصلي المسيحي في صلاته: الى الأب، أم الأبن، أم الروح القدس؟! أم الثلاثة معاً؟)! إن سوء رأي الأخ خالد الحاج في المسيحية والمسيحيين، الذي يطالعنا أعلاه، يجعله أقرب الى المهووسين الدينيين، من الفكرة الجمهورية .. فمفارقة المسيحيين، اليوم لدينهم، لا يطعن في المسيحية، ولا في المسيحيين الصادقين، الذين حققوا كثير من الكمالات الدينية والأخلاقية .. فالمسلمون اليوم، مفارقون للإسلام،ولا ينشرون غير الهوس والتخلف، فهل يطعن ذلك في الإسلام، أو ينفي أن هناك مسلمين على قدر من الصلاح ؟! والمسيحية فيها صلاة وصيام وزكاة وكافة الشرائع والطقوس التي تعين على الحضور مع الله والإنحصار في معاملته، ومراقبته .. ومعلوم أن روح كل العبادة حضور القلب مع الله، فإذا كان المصلي المسيحي حاضر القلب مع الله في الكنيسة، فهو أفضل في صلاته، من المصلي المسلم الغافل، عن الله، في صلاته في المسجد.. وليس كل المسيحيين اليوم، على مسيحية بولس، بل إن هنالك فرقاً كاملة من المسيحيين، تعتبر أن المسيح نبي وليس ابن الله !! ومنهم من يؤمن بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، كما يؤمن بالمسيحية، قال تعالى عنهم ( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)!! ولقد ذكر المفسرون، أن هذه الآية قد نزلت في النجاشي ملك الحبشة، حين سمع النبي صلى الله عليه وسلم بوفاته، فقام، ومعه الأصحاب، بالصلاة عليه. ومعلوم أن الأصحاب قد هاجروا للحبشة، حين أشتد عليهم أذى القرشيين، فأمنهم النجاشي، وأكرمهم، ورفض أن يردهم لقريش،وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد قال عنه: ( ملك لا يظلم عنده أحد أبداً) !! ترى ما هو المنهاج، الذي حقق به النجاشي، هذا المقام الرفيع ؟! يقول خالد (هنالك نقطة لابد من التعرض لها بإيجاز، فد. القراي أورد قوله تعالى: "إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".. وبنى عليها زعمه الباطل لإمكانية تحقيق الأمم السابقة للإسلام الأخير.. وقد ورد في كتاب (رسائل ومقالات) الكتاب الثاني، حديث للأستاذ محمود عن ايمان المقلد، أورد فيه نفس الآية.. وأبرز قبلها آية أخرى في معناها، ولتوضيح المعنى أورد الآية الأولى السابقة لهذه الأخيرة فقال: " إقرأ هاتين الايتين: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَطُغْيَانًا وَكُفْرًا ۖ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ *إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ..) وما أرى ان هذا بحاجة إلى شرح شارح، وإنما هو واضح... فلو أنهم أقاموا التوراة، والإنجيل، لما شاقوا محمدا، ولزادهم ما أنزل إليه من ربه نورا على نور، لا طغيانا وكفرا.. وليس هلاك من هلك من هؤلاء يأتيهم عن مخالفتهم محمدا، وإنما لأن هذه المخالفة تنهض دليلا على مخالفة وراءها، هي خيانة أمانة التوراة، والإنجيل، وما أنزل إليهم من ربهم.. ونتج عن خيانة أمانة التوراة، والإنجيل، مفارقة القيم الأخلاقية التي تصون حق الفرد، وحق الجماعة".. فلو أورد د. القراي آية (يا أهل الكتاب لستم على شيء.....) لما أمكنه أن يُخرج التخريجات التي خرجها، إذ أنه واضح من الآية أنهم ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والانجيل.. وواضح جداً رأي الأستاذ محمود الذي نقلناه، والذي يناقضه د. القراي!! فهل لم يطلع د. القراي على هذا الموضوع في الكتاب المذكور؟! ام اطلع عليه، ومع ذلك قال ما يناقضه؟! الله سبحانه وتعالى قال: " لستم على شيء.. ..." .. ود. القراي قال أنهم (اصبحوا مثل أولياء الله) وأنهم (لعلهم بهذا المستوى يمكن أن يحققوا الاسلام النهائي)؟! إن ما ذكره خالد أعلاه هو حجة عليه وليست له !! فالآية التي أوردها تقول بأن أهل الكتاب ليسوا على شئ، حتى يقيموا أديانهم، ولم تقل أنهم ليسوا على شئ حتى يتبعوا طريق محمد !!فحسب الآية، التي أتي بها خالد نفسه، إنهم لو كانوا صادقين في اتباع أديانهم، لحققوا قيماً رفيعة، ولما شاقوا النبي صلى الله عليه وسلم.. ولهذا دعتهم الآية لإتباع أديانهم بصدق، ولو كانت أديانهم لا فائدة فيها، وإنها قد إنتهت بمجئ الإسلام، لما دعاهم القرآن لإقامتها في حياتهم !! وهذا ما قلته أنا منذ البداية، وحاول خالد نفيه بحجج داحضة، لا تنهض. وفهمي يتفق مع شرح الأستاذ لأنه قال (وليس هلاك من هلك من هؤلاء يأتيهم عن مخالفتهم محمدا، وإنما لأن هذه المخالفة تنهض دليلا على مخالفة وراءها، هي خيانة أمانة التوراة، والإنجيل، وما أنزل إليهم من ربهم..) فالخلاصة حسب ما ذكر الأستاذ،هي أن هلاك من هلك من أهل الكتاب ليس سببه عدم إتباع طريق محمد، وإنما سببه مخالفة وراءه، وهي عدم تطبيقهم التوراة والإنجيل بصدق. فهل هذا أقرب الى رأيي أم رأي خالد ؟! وختم خالد مقاله الأول بقوله (الله سبحانه وتعالى قال: " لستم على شيء.. ..." .. ود. القراي قال أنهم "اصبحوا مثل أولياء الله" وأنهم "لعلهم بهذا المستوى يمكن أن يحققوا الاسلام النهائي")؟! وهذا ختام سيئ !! لأن فيه أفتراء على الله وعليّ، فالله تبارك وتعالى لم يقل " لستم على شئ ..." وإنما قال " لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل" !! وأنا لم لم أزد على إيراد الآيات،التي تدل على التشابه بين الصالحين من أهل الكتاب، وبين الأولياء، وبين الذين أسلموا الإسلام الأخير.. وذلك قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) وقوله تبارك من قائل (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) وقوله تعالى (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ). أما بعد، فإن هذا الخطاب قد طال كثيراً، رغم أنني تجاوزت عن بعض النقاط، التي تطرق إليها الأخ خالد، والتي ما كنت سأتجاوزها، لو كان الحوار قد ظل داخلياً بين الاخوان الجمهوريين .. ولكن التطرق إليها، يستوجب إثارة قضايا عميقة، قد يؤدي شرحها إلى إرباك أو تشويش على أصدقاء الفكرة. كما أنني لن أجاري الأخ خالد وأكتب رداً على كل الأجزاء التي نشرها، وإنما أكتفي بهذا في الوقت الحاضر، وحتى هذا المقال فإني أعتذر بشدة للقراء عن طوله. عمر القراي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة