استشهد سيد قطب في مثل هذه الأيام من عام 1966 وتحديداً في يوم 29 أغسطس.. في اليوم التالي من ذلك اليوم الحزين ولدت شقيقتي زينب ابناً أصرَرْتُ على والديه وجديه وأقنعتهما بأن يسمّياه على الشهيد، وأحمد الله أن ابننا سيد قطب الذي أصبح طبيباً سار بخلقه وسلوكه وانتمائه على طريق سيد ذلك العالم النحرير والصديق (إن شاء الله) الذي ترك بصمة كبرى في مسيرة الدعوة الإسلامية وكان لاستشهاده الأثر الأكبر في انبعاث الصحوة الإسلامية وقد صدقت مقولته الخالدة: (إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع حتى إذا متنا في سبيلها نفخت فيها الروح ودبت فيها الحياة). أشعل كتاب سيد قطب (معالم في الطريق)، خاصة بعد استشهاده، ثورة في نفوسنا ونفوس الشباب المسلم في كل مكان وأيقظ معاني العزة والكرامة واستعلاء الإيمان وانتشر كما النار في الهشيم لدرجة أن دُور النشر المسيحية كانت تتبارى في طباعته بغرض الكسب التجاري سيما وأن سيداً من خلال استشهاده جسد تجسيداً عملياً ما كتب في المعالم وهو يتأمل بخواطره الصادقة قصة أصحاب الأخدود التي وردت في سورة البروج. لا عجب أن تهزم مصر عبد الناصر كما لم تهزم في تاريخها الطويل بعد أقل من عام من استشهاد سيد قطب، ذلك أن الله يدافع عن الذين آمنوا. أترككم مع مختصر من الخواطر التي سطرها الكاتب الكبير محسن محمد صالح ويمكن الرجوع لكامل النص في الرابط المنشور في أدنى المقال. "سيد قطب.. ذلك المظلوم" خمسون عاماً مضت على إعدام المفكر الإسلامي الكبير سيد قطب رحمه الله. لم تنفع اتصالات وتدخلات العديد من الزعماء (بمن فيهم الملك فيصل ملك السعودية، ورئيس العراق عبد السلام عارف) والمفكرين والشخصيات والهيئات العربية والإسلامية في إثناء الرئيس المصري عبد الناصر عن إعدامه، الذي نفذ في 29 أغسطس/آب 1966. ربما مرَّ على شريط ذكريات كلٍّ من عبد الناصر وسيد قطب عند تنفيذ الإعدام ذلك اللقاء الذي تحول حفلاً تكريمياً، والذي أقامه ضباط ثورة 23 يوليو/تموز 1952 (التي أسقطت الحكم الملكي في مصر) لسيد قطب بحضور عبد الناصر نفسه وجمهور واسع من الضباط والدبلوماسيين والأدباء والمهتمين، في أغسطس/آب 1952 في نادي الضباط في منطقة الزمالك. قال سيد في هذا اللقاء: "إن الثورة قد بدأت حقاً، وليس لنا أن نثني عليها، لأنها لم تعمل بعدُ شيئاً يذكر، فخروج الملك ليس غاية بل الغاية منها العودة بالبلاد إلى الإسلام..". ثم تابع سيد: "لقد كنت في عهد الملكية، مهيئاً نفسي للسجن في كل لحظة، وما آمن على نفسي في هذا العهد أيضاً، فأنا في هذا العهد مهيئٌ نفسي للسجن أيضاً، ولغير السجن، أكثر من ذي قبل."!! وهنا وقف عبد الناصر وقال بصوته الجهوري: "أخي الكبير سيد، والله لن يصلوا إليك إلا على أجسادنا، جثثاً هامدة". هذا الموقف كتبه شخص حضر الحفل، هو الأديب السعودي المعروف، مؤسس صحيفة (عكاظ) بعد ذلك، أحمد عبد الغفور عطار؛ ونشره في مجلة (كلمة الحق)، العدد الثاني، مايو/أيار 1967. بعد 14 عاماً صدقت توقعات سيد، وأُعدم بعد أن أمضى معظم ما تبقى من حياته في سجون "تلاميذه" من ضباط ثورة يوليو. خمسون عاماً مضت على استشهاد سيد.. ولكن لا يكاد يكون له بواكٍ.. ولا كلمات وفاء؛ فقد كثرت عليه السكاكين، وتناوشته سهام المتنطعين وأنصاف المثقفين، وعلماء السلاطين، وأتت على فكره ومواقفه غيوم سوداء، وحملات تحريض وشيطنة، حتى تمّ حصر صورته بشكل مُزوَّر في شخصية تكفيرية متطرفة منغلقة. إن معظم من كتب عن سيد قطب ناقداً أو متهماً ركَّز في كثير من الأحيان على سيد وفكره من خلال مقاطع مجتزأة أو من خلال ما كتبه آخرون.. إن هؤلاء الذين ركزوا على بعض الجوانب "الملتبسة" في كتابات سيد، وغضوا النظر عن أدبياته الرائعة ونصوصه الإبداعية والتجديدية وروحه الثورية ومواقفه التي دفع حياته ثمناً لها.. هؤلاء ظلموا سيداً وشاركوا في وضع حاجز نفسي بين الناس وبين سيّد، ولم يخدموا بذلك سوى أنظمة الفساد والاستبداد وتيارات التغريب وأتباع "أذناب البقر". عبَّر سيد عن روح ثورية إسلامية ووطنية هائلة كانت حافزاً وملهماً لأبناء جيله ولمن بعده في مواجهة الساسة والمثقفين والعلماء الفاسدين والأنظمة الفاسدة والمستبدة. وأبرز الإسلام بروحه الحركية العملية التي ترفض الظلم وتنتصر للمظلوم وتنزع الشرعية عن الطغاة؛ ولذلك قدم بمقالاته "النارية" ورؤاه الفكرية بنية أساسية دافعة للثورة على الملكية في مصر، وغيرها من الثورات وحركات التغيير. لم تمضِ ستة أشهر حتى افترق سيد عن الثورة ورجالاتها بعد أن رأى ما لا يعجبه، فتركهم وانتقدهم. وفي سنة 1954 حكم عليه نظام عبد الناصر بالسجن 15عاماً (ضمن حملته ضدّ الإخوان المسلمين).. فازداد صلابة وإصراراً، بالرغم مما عاناه في السجن من أمراض وآلام.. وكتب قصيدته الشهيرة "أخي أنت حرٌّ وراء السدود"، كما كتب قصيدته "هبل.. هبل" التي رأى فيها كثيرون وصفاً لعبد الناصر ونظامه . واتخذت كتابات سيد في سجنه خطاباً أكثر حدة وعمقاً وتأصيلاً للثورة على الطغاة من خلال التركيز على مبدأ "الحاكمية" وردّ التشريع إلى الله والحكم بما أنزل الله. وعندما خرج من السجن سنة 1964 لم يتردد في قبول الإشراف والرعاية على تنظيم إخواني سري، كان يركز في تلك المرحلة على المعاني الإسلامية التربوية والحركية. وعندما قُبض عليه في صيف 1965 بتهمة قيادة تنظيم عسكري سري إخواني بهدف زعزعة أمن البلاد واغتيال عبد الناصر والانقلاب على النظام، وحكم عليه بالإعدام بهذه التهم الملفقة، تلقى قرار الإعدام ببسمته الساخرة قائلاً: "الحمد لله، لقد عملت 15 عاماً من أجل الحصول على الشهادة". ونقل كاتبو سيرة سيّد عنه عبارات عندما طُلب منه أن يسترحم عبد الناصر بعد صدور حكم الإعدام، فقال: "إن أصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية، لَيرفض أن يخطَّ حرفاً يقرّ به حكم طاغية"، وقوله: "لماذا أسترحم، إن سُجنت بحق فأنا أرضى حكم الحقّ، وإن سجنت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل"!! سيد قطب.. ذلك المظلوم. http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2 assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة