قصة سفة مغترب.......(10) الفتى شلهوب حضر للوطن في اجازة سنوية، يطلق عليه اترابه لقب "سلفي"، يدخل ومشهد سجادة مسطح عليها الحاج، جده لابيه القيم على الاسرة وبانيها؛ بعد وفاة ابنه والد شلهوب، سحب شنطة ملابس، عدلها حتى أخذت الوضع السيفي جلس عليها ورجليه زاوية قائمة، أراح مرفقيه على ركبتيه، الزي الرياضي، "تي شرت بنطال" أحمران يظهران كمال جسمه وبنيان قامته المديدة، يظهر لاول مرة علبة دخان تطل من على جيب خاص ل"تي شرت"، تناولها أشعل سيجارة، تصاعد دخان يتلوى كحنش الكوبرا، نفث دخانا كثيفا، غطى فراغ الغرفة بسراب صيف صحراوي، في المنتصف حلقة مفرغة مع حركة المروحة تتسع وتتسع، اخذ يدير دماغه على الجهات الاربعة جيئة وذهابا، كصاحب رايحة ضلت عن القطيع، فتح كيس بلاستك صغير مطبق بعناية، غرز الإبهام والسبابة، كور جزء من المخلوط، حشر لفافة "سفة" بين شفته العليا وأسنانه الأمامية، أرتفعت أرنبة أنفه، مثل مقاتل يتحفز لخوض معركة أخيرة. زاملت ابن عمي الحاج، لم نفترق منذ صغرنا، كأننا تؤم، اذا شكت احدنا شوكة يخز لها الاخر، أحسست كأن دوارا انتاش الحاج، وهو يتأمل فتاه كأنه يراه لأول مرة، ويتمتم الله الله الله، دخان سجاير وسفة ودعماري، الحصل شنو بي وراي في المهجر.! لم أعر إنتباها لهمسات شباب الأسرة من قبل، ورهانهم بأن "سلفي" اسم حركي أخترعوه بسبب كثرة تصوير نفسه في اوضاع مختلفة من خلال "الموبايل" وتبذير ما يأتيه من جده الحاج المغترب من عملة؛ في تعاطى التدخين سرا والمسرات. - في غتاتة شبابية، يا سلفي وجدنا ولاعتك "قداحة سجاير" في جيب قميصك.. ؟ - أستخدمها في تعاملي مع توصيل أسلاك الحاسب الآلي في الكلية!. - مباغتة، ما تجرب "سفة ودعماري" كعجينة عازلة للكهرباء ..! الفتى شلهوب غالبا ينشغل باشياء أخرى عندما يفاجأ بمعضلة..! من قبل، ذكر لي الحاج انه بعد تخرج شلهوب ألح ان يلحق بي في المهجر، حتى يساهم في متطلبات الأسرة، وقد كان، ووجهته لمؤسسة، تعمل في نفس مجال تخصصه، وتم له ما اراد، فوفق وفتح حساب بنكي، في نفس الوقت ناء بالحمل ظهري، ذات مرة أتاني شلهوب وطلب ان اعطيه مصاريف الاسرة حتى يرسلها بمعرفته، أدركت انه يحب ان يذكر في الأسرة، فليكن فهو دخرنا، هم أسرتي الباقية بعد وفاة ابني ووالدته وتاهل ابنتي ورحيلهن مع ازواجهن. في احدى جلساتنا، بشرني الحاج، بان الولد سلفي جايي في اجازة، واسترسل أقوليك حاجة، تب تب غاب علي اسمه القبيل سميناه بيه، وبقينا نناديه يا "سلفي"، الولد ده ما مدخرنه للعوز، فهو اكبر اخوانه واخواته، وزي ما بقولوا "ما أعز من الولد إلا ولد الولد". أسترسل الحاج بعد ان أخذ نفسا عميقا، وسرح قليلا كانه يسترجع تاريخ الاسرة باكمله، لقد طلبت منهم قبل مجيئي النهائي من الغربة، بيع قطعتي أرض كنت مدخرهما، لإكمال بناء المنزل ليأوينا، كنت بديت اساساته بحياة المرحوم والدهم وبواسطته، فالولد بعد توظفه بقى يهتم بمظهره وحساباته في البنك والملابس المستوردة والسيارة الخاصة اكثر منا، أها بعد اكتمال المنزل والحمد لله جانا زواج بنت المرحوم الكبيرة، اراد شلهوب اظهار نفسه انه رجل الاسرة، وبدلا من أن يلاطف العريس القادم، كاد ان يبعده، لولا تدخلي، وتم الزواج حسب رغبة البنت والعريس، وفوق ذلك وصية الراحل، والحمد لله. الفتى سلفي لازال يبحلق في الجهات الأربعة والسفة تشنق شفته العليا، يرفع صوته، انت يا حاج تدخلت في اتمام الزواج ده؟ - نعم. - والله لو رفضت اختي الزواج ما كنت اخليك تزوجها، وأقولك اترك المنزل! - مين قال ليك حنزوجها بدون رضاها، ثم منزل منو يا ولدي البفوتو..؟ - وقف منتصبا، المنزل ده حقي، بداه والدي واكملته انا.. ! تفووو.. مسخت سفة ودعماري، أخذت مكانا وسط سبت الزبالة. (حمد إبراهيم دفع الله) الأول من ديسمبر 2016م
******
12-04-2016, 02:00 PM
حمد إبراهيم محمد
حمد إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 08-20-2009
مجموع المشاركات: 5198
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة