تدخل الأستاذ عثمان محمد حسن في جدالي مع الكويتب الجمهوري (البروفيسور) أحمد مصطفى الحسين، فكتب مقالا بعنوان (الأخطاء الطباعية بين د. محمد وقيع الله وبروف أحمد مصطفى الحسين) وهو مقال شابه التحيز الفاضح. وقد دافع فيه كاتبه بدافع الصداقة أو بانتماء الهوى الإيديولوجي عن صديقه (البروفيسور) الذي لو صحح مقاله تلميذ ناشئ في مدارس الأساس لاستخرج منه كثيرا من الأخطاء الإملائية والنحوية والتعبيرية. وبدافع المغالطة والمكر شاء الأستاذ عثمان أن يمنح مقاله الذي تدخل به عنوانا مضللا فجعله عن أخطاء الطباعة! وكأن أخطاء صاحبه (البروفيسور) كانت بالفعل من أخطاء الطباعة. ولم تكن أخطاء أصلية في قواعد الهجاء والنحو والأسلوب! وآية ذلك أن صاحبه (البروفيسور) لو كتب مقاله بخط يده لما اختلف الوضع. فإنه لا يستطيع أن يتدارك أمره، ولا يستطيع تصويب أغلاطه بنفسه، لأنه لا يعرفها ولا يعرف اللغة التي يكتب بها جيدا. وإذن فإحالة تلك الجناية بحق اللغة إلى الكومبيوتر المسكين مهربٌ مفتعلٌ لا يجدي فتيلا. وقد كان الأجدر بالأستاذ عثمان لو صديقا مخلصا ناصحا لصديقه أن يتصرف كما يتصرف الأصدقاء المخلصون. فينصح صديقه ولو كان (بروفيسورا) بأن يبدأ بتعلم قواعد الهجاء والنحو. وأن يحسِّن له الصبر على تعلم اللغة العربية حتى ولو اقتضى ذلك منه جهدا كبيرا ووقتا ثمينا. فهو جهد مستحق ووقت غير ضائع. أو ينصحه - من دون ذلك - بترك الكتابة بلغة لا يسيطر عليها بمستوى مقبول. وألا يهوِّن عليه الخطب الذي اقتحمه وتوغل فيه بدفاعه عنه بهذا النحو الموغل في الخطأ. وألا يتمحَّل له الأعذار الباردة بسرد القصص والطرائف التي لا مناسبة لها ولا معنى لها في هذا المقام الجدي. فجميع القصص التي سردها الأستاذ عثمان تتعلق بأخطاء الطباعة لا أخطاء الطبع. والمقصود بالطبع هنا طبع استمراء الكسل عن تعلم اللغة لدى (البروفيسور) وطبع استهتاره بحقها الجليل. ولست أدري مدى معرفة الأستاذ عثمان باللغة الإنجليزية ومدى اطلاعه بها، ولكني أميل إلى افتراض أنه من مجيديها بحكم أنه من جيل تعلم أفراده بها. وأسأله بناء على افتراضي هذا لو كان صحيحا: هل تصادفك فيما تقرأ من مقالات بالإنجليزية أي أخطاء في النحو أو الهجاء؟ وأظن أن إجابته لو كان صريحا صادقا متجنبا للمغالطة والمراء هي أن لا. وربما انطبق هذا على بقية اللغات الأوروبية التي لا نعرفها. والسبب هو أن أهلها يحترمونها ويوبخون من يخطئ فيها من بنيها. ويقدمون بين يدي ذلك التعليم الماهر لفن اللغة لمن يتخصص فيها ولمن لا يتخصص فيها. فإجادة قواعد النحو والهجاء واجب على الجميع. وهو نهاية للمقتصد وبداية للمجتهد في تعلم لغته القومية. وقد شهدنا في فصول دراسة العلوم السياسية العليا بالجامعات الأمريكية كيف يشدِّد الأساتذة في مسائل اللغة على الطلاب. فيصححون لهم، وأحيانا بأسلوب مستفز زاجر، أخطاءهم في النحو والهجاء والترقيم (Punctuation) وأخطاء الطباعة كذلك! ورأينا كيف يوضع المعجم المحيط Webster Dictionary على منضدة عالية في داخل الفصل. ورأينا الطلاب يرجعون إليه مرارا للتأكد من هجاء شكوا في صحته، أو للتحقق من مسألة غامضة في النحو أو الأسلوب. فهذا صنيعٌ محترمٌ من قوم يحترمون لغتهم ويبذلون جهدا واجبا في تعلُّمها فتشرُف بهم ويشرُفون بها. وقد الأحرى بالأستاذ عثمان لو صديقا صدوقا لصديقه (البروفيسور) أن يصدقه نصحا مثل هذا النصح. لا أن يهون عليه ارتكاب البلايا والرزايا بحق الضاد. فيسيئ إلى اللغة العربية، ويسيئ إلى الدرجة الأكاديمية التي يحلو له دائما في مقالاته أن يحلي اسمه بها. ويسيئ إلى الفكر الجمهوري الذي يتطرف في الحماسة له.
وربما كان الأولى بالأستاذ عثمان أن يتخذ أسلوبا تربويا توجيهيا عاطفيا يستميل به (البروفيسور) لتعلم قوانين اللغة العربية، والتدرب عليها تدريبا شاقا، متخذا من إمام الفكر الجمهوري، محمود محمد طه، قدوة له في هذا السبيل. فإنه كما قلت في مقال سابق يعتبر - من وجهة نظري - من أفضل من كتبوا في السودان، وربما في العالم العربي كله، بلغة الضاد. ولا نتصور أنه أجاد اللغة العربية بهذا القدر العالي من دون أن يبذل في تعليمها جهدا كلفه الكثير. وقد فعل ذلك طائعا مختارا لأنه علم علم اليقين أن الفكر الذي يبشر به لا تحمله اللغة المريضة المتهالكة. ولا أظن أن (البروفيسور) أحمد مصطفى الحسن قد فهم شيئا مثل هذا من صنيع أستاذه. ولا أحسبه اطلع بقدر كاف واف على كتب أستاذه، وإلا لانطبع بأسلوبه الكتابي الراقي، أو تأثر به على أقل تقدير. وإنه لأمر محزن أن أُضطر إلى ضرب الأمثال لكم من داخل داركم التي أنتم أدرى بها مني. ولكنه الهوى المذهبي الحزبي الطاغي يسيطر عليكم ويعميكم ويصمكم. فلا ترون الحق وهو في أجلى المجالي ولا تصيخون لصوته العالي. ولي عودٌ قريبٌ إن شاء الله تعالى أناقشك فيه تفصيلا لا تمثيلا أيها الناصر المضلل المدعو عثمان محمد حسن. وأريك كم أخطأ صاحبك (البرفيسور) في حق النحو والإملاء والأسلوب. وأدمغك بالحق الدامغ الذي يؤكد تأكيدا لا يتطرق إليه أدنى ريب أن جميع أخطائه كانت أصيلة من عنده، ومتولدة من فقره اللغوي، وليست ناتجة - كما زعمتَ - من الضرب الخاطئ على (الكيبورد)!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة