بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان كاتب وأكاديمي فلسطيني جامعة الأزهر بغزة
أعجب لثري يبدد ثروته، ولكبير لا يراعي ما كان – عبر السنوات من القوة والمجد والتألق – قد راكمه، ولقوي يسقط مفاتيح القوة من بين يديه فيهوي منسحقاً من عليائه. إن كنت أعجب لفقير في مكنته أن يحسن من وضعه ليصبح حاله أفضل، لكنه لا يفعل، وإن كنت أعجب لضعيف يستطيع أن يأخذ بأسباب القوة التي تنقله من خانة "الضعيف" إلى خانة "القوي"، ولا يفعل، فإنني أعجب أكثر وأكثر لقوي لا يأخذ بأسباب تزيد من قوته ومناعته، وإنما يأخذ بأسباب تذهب مناعته وتسقط مفاتيح القوة من بين يديه، فتبدد قوته وتراكم من أسباب ضعفه وانكساره وإهانته وإذلاله. أعجب لقوي - في إطار توحده مع الجماعة على أهداف مشتركة - أن يسقط نفسه من موقع القوة والقدرة على بلوغ الهدف في سباق الاتحاد على الأهداف والآليات والوسائل إلى هوة الضعف والخور والانسحاق بالخروج عن منهج الاتحاد الذي تحقق له من خلاله ما لم يكن ممكناً تحقيقه دون الانصهار فيه على مستوى الجهد الوحدوي ومستوى النفع الفردي والكلي. أعجب لمن يبذل أكبر قدر من الجهد الذي يلفعه أكبر قدر من الخزي والعار والرذيلة لهدم ما تعب السابقون في بنائه وتطويره خدمة لأهداف سامية في عدلها شامخة في قوتها واستعصائها ومنعتها. ذلك - مع بالغ الأسف وأشده – ما كان من ذلك الذي وصل إعجابه المريض بذاته إلى حد بذل اقصى ما وسعه الجهد المخزي والمعيب بغية تفتيت جسد قوي جامع كان له من الإنجازات على مستوى العاملين في الجامعات ما لا يستطيع أي مكابر إنكاره. وهنا أسئلة تطرح نفسها بقوة: أنسيت تلك النقابة – لا سيما رئيسها– ما كانت قد حققته طوال عشرين عاماً ويزيد من مكاسب للعاملين من خلال التوحد والانصهار في مجلس اتحاد نقابات العاملين في جامعات فلسطين؟! من الذي ناضل وما يزال يناضل – كجسد جامع – من أجل حقوق العاملين وتعديل كادرهم؟! ألا ينبغي لكم أن تفكروا؟! عودوا إلى التاريخ، بل عودوا إلى ملفاتكم لتروا أنكم - على مستوى تعديل الكادر والحقوق – لم تحققوا شيئاً إلا ما كان قد تحقق عبر مجلس اتحاد نقابات العاملين الذي تقلبون له اليوم ظهر المجن حيث تديرون له ظهوركم، ثم ما تلبثون تندمون، وعلى أقدامه في قادم الأيام تركعون! ألا تشعرون بالخزي والعار وأنتم تستخدمون اليوم أداة لكسر من دافع ويدافع عنكم وعن أهدافكم وغايات أبنائكم في جامعتكم؟! ألا يعيبكم أنكم اليوم تستخدمون – فيما أنتم تعلمون بل وتتآمرون – ضد مجلس اتحاد نقابات العاملين؟! أتعلمون من هو الذي يفقأ عينيه بيديه؟! هذا هو أنتم!. أنسيتم – بل أنسي ذلك الذي يرى نفسه اليوم رئيساً (لا يهش ولا ينش) ذلك اليوم الذي اعتدى فيه طالب عليه، فما كان من النقابة إلا أن ذهبت إليه في بيته لتفهم قصة الاعتداء منه، لتصدر في صباح اليوم التالي بياناً أمهلت فيه إدارة الجامعة إلى ساعة محددة من اليوم نفسه كي تصدار قرارها بفصل ذلك الطالب من الجامعة... وإلا؟! أنسي ذلك المعجب بنفسه كيف رضخت إدارة الجامعة لإنذار النقابة دفاعاً عنه بعد اعتداء ذلك الطالب عليه وعلى كرامته؟! ألم يكن لمجلس النقابات دوره الداعم والمؤيد لذلك حيث كان التنسيق معه على قدم وساق؟! في ظل ما نعيشه اليوم من تشرذم وتفكك وانقسام، ألا يجدر بنا - نحن العاملين في جامعات فلسطين – أن نضرب المثل الأعلى في الاتحاد والتجمع كي نقول لساستنا المنقسمين على أنفسهم: "كفاكم انقساماً وأنانية واقتساماً"، أم أننا جئنا – نحن أساتذة وموظفي الجامعات - لنزيد من الانقسام فنرسخه ونعمقه؟! وبعد: فإن علينا أن نرى أن مجلس اتحاد نقابات العاملين في جامعات فلسطين هو نقطة مضيئة يتوجب علينا أن نتعلم منها ونحذو حذوها، لا أن نقتلها لتعم العتمة علينا ويتعمق الظلام فينا، عبر الارتماء في أحضان من يهدف إلى كسر إرادة العاملين ممثلةً في نقابتهم ثم في مجلس اتحاد نقاباتهم الغيور على مستقبلهم والحريص على حقوقهم. وعليه، فإن من العيب على من يقود مسيرة العمل النقابي أن يكسر قراراً جامعاً في ذات الوقت الذي يصدر فيه بياناً للعاملين يخدعهم فيه ويخادعهم، مدعياً أنه تشاور مع مجلس اتحاد النقابات ونسق معه للاتفاق على تعليق إضراب اليوم الثلاثاء 26يناير وغداً الأربعاء 27 يناير، وذلك بعد أن صرح مصدر نقابي لصفحة غزة الآن بأنه "لن يتم الالتزام بقرار مجلس اتحاد النقابات". أما آخر الكلام، فإلى ذلك الرجل الذي صدع رؤوسنا - في كل مناسبة تحدث فيها على مدار أكثر من عشر سنوات – بتلك العبارة التي لم يردها إلى من في الأصل أنشأها فقالها:" رب احمني من رأس صار ذئباً ومن ذئب صار رأساً" ، أقول: لعلك تغادر مقولة الرأس والذئب التي لم تستفد، قط – مع بالغ الأسف وأشده – منها إلى قول الشاعر: كونوا جميعا يا بني إذا اعتـرى خطب ولا تتفرقـــــوا آحادا تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة