أثارت القائمة التي تم تداولها مؤخراً في الوسائط الإلكترونية حول طلب إحدى الجهات من البنوك تقديم معلومات عن أرصدة عدد من الصحافيين وعن معاملاتهم البنكية.. أثارت جدلاً واسعاً وعاصفة هوجاء من الاحتجاجات لم يخب أوارها حتى اللحظة. لا زيادة لمستزيد فقد أبان من كتبوا ما فيه كفاية وزيادة وأخص بالذكر المقال الرصين الذي خطه يراع الأخ مزمل أبوالقاسم ولا أجد رغبة في النفخ في (قربة مقدودة)، وما حدث جزء يسير من الحملة الشعواء التي تشن على الحريات عانينا منها وسنظل ما لم تحدث معالجة كلية للأزمة السياسية التي تمسك بخناق هذه البلاد وتؤزها أزاً معملة سيفها في كل مناحي الحياة. من حق أهل الصحافة أن يحتجوا على ما يصيبهم من تضييق واستهداف عام وشخصي ولكن هل ذلك إلا جزء يسير من القضايا الأخرى التي ما انعقد الحوار المتعثر الآن إلا من أجل معالجتها وهل نعاني نحن معشر أهل الصحافة والسياسة أكثر مما يعاني وطننا المنكوب الذي يصر القائمون على أمره على إبقائه في محنته وأوجاعه وعلى رهنه لسلطتهم التي يعلمون علم اليقين أنها لن تدوم؟ لا ينبغي فقط أن نحتج بالقانون الذي يحرم الاطلاع على الحسابات البنكية فمن يتجاوز العهود والمواثيق التي أمر الله تعالى بالوفاء بها ، بما فيها الدستور ، لا يؤاخذ على ما هو أدنى منها فلو رجع الناس لوثيقة الحقوق المضمنة في الدستور لوفروا على أنفسهم الكثير من الجهد الضائع سدى في مخاطبات ومكاتبات وتحركات وحوارات لا تعدو أن تكون مجرد (طق حنك) لا يسمن ولايغني من (جوع)! ضحكت عندما وجدت اسمي من ضمن من ضمتهم القائمة فضحكت في سري وقلت : (القرد قالوا ليهو عاوزين نسخطك فقال لهم : يعني عاوز تقلبوني غزال؟)! ليت هؤلاء وفروا على انفسهم عناء محاولة معرفة أوضاعنا المالية فما حدث ولا يزال من تضييق بغرض التركيع نجح نجاحاً منقطع النظير في التجويع وليس في التركيع ولا يحتاجون إلى المزيد من الضغط بعد أن غرسوا سكينهم الصدئة في سويداء القلب لكن فليطمئنوا فوالله سنظل منحازين لقناعاتنا القديمة ومستمسكين بها مهما بلغ الكيد والابتلاء إلى أن نلقى الله غير مبدلين إن شاء الله. عوض الجاز لن أخلط الأوراق لأننا مأمورون بأن نقيم الشهادة لله ولذلك سعدت كثيراً للتكريم الكبير الذي جاء من خارج حدود الوطن للدكتور عوض الجاز . الرئيس الصيني - وما أدراك ما الرئيس الصيني - كرم الجاز ضمن أفضل عشر شخصيات ناجحة في العالم في كافة المجالات الاقتصادية والعلاقات الدولية وإسهامه في إدخال الصين إلى السودان. عندما تأتي تلك الشهادة من رئيس الصين - القوة الاقتصادية الثانية في العالم - فإن ذلك يتجاوز الرجل إلى السودان الذي يحتاج وشعبه إلى ما يرفع معنوياته ويزيل من إحباطه الذي هبط به في مضامير السباق العالمي نحو التميز في شتى المجالات. لم أدهش البتة عندما سمعت الرئيس البشير في جلسة خاصة قبل نحو ثلاث سنوات يتوج الجاز على رأس قائمة من أربع شخصيات قيادية قال إنه لا يستطيع أن يستغني عنها في أي تشكيل وزاري لأنها تبذل أكثر من مطلوبات مناصبها وكنت أعلم ذلك عن الرجل قبل أن يقول الرئيس عنه ذلك الحديث. ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن الجاز ومنهجه في الإدارة المتفانية، فقد عرفت الرجل منذ أيام الجامعة - يجري ولا يمشي - وبالرغم من خلاف كبير حدث بيني وبينه أدى إلى خروجي من الحركة الإسلامية قبل نحو عشر سنوات فإن ذلك لم يغيّر رأيي في الرجل الذي حزنت حين غادر التشكيل الوزاري، فقد فقدت البلاد رجلاً ضخماً بحجة واهية لم يعمل بها إلا في بلادنا المنكوبة تقول بأن تزاح القيادات التنفيذية بعامل السن مهما بلغت درجة تميزها وعطائها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة