دولة جنوب السودان أعلنت- رسمياً- المجاعة في ولاية الوحدة.. توقعات الخبراء أن نصف السكان- أي أكثر من خمسة ملايين ستجتاحهم المجاعة خلال الفترة القريبة القادمة. صحيح أن الجنوبيين اختاروا أن ينفصلوا بدولتهم المستقلة، لكن الأصح أن روابط الدم والتأريخ لا تنفصل مهما باعدت بينها إحن السياسة.. وليس مقبولاً ولا معقولاً أن نتفرج على المجاعة في شاشات الفضائيات وكأنها دولة لا يعنينا شعبها في شيء. لا بد من تحرك رسمي وشعبي- هنا- في السودان.. كل منظمات المجتمع المدني السوداني مطالبة باستنفار وحملة شعبية كبرى لتوفير أقصى ما هو متاح من الغذاء، ونقله- بسرعة- إلى المناطق المتأثرة في الجنوب. ولحسن الحظ أن إنتاج الذرة في الموسم الماضي كان وفيراً بما يساعدنا على مد يد العون بسرعة وسهولة.. وفي تقديري لا يجب انتظار سلحفائية الحكومة لتتحرك، الأوجب أن نتخطى كل الروتين والإجرائيات الثقيلة؛ فالجوع لا ينتظر، والأطفال الصغار، والنساء، والعجزة يصارعون الساعات للبقاء على قيد الحياة. مثل هذه المحكات هي التي تقرب أنفاس الشعبين، فكما عشنا تأريخاً دامياً لعقود من الحرب الأهلية في جنوب السودان، فقد حان وقت (كونفدرالية) المصير المشترك.. على مبدأ شعب واحد في بلدين. الحرب الأهلية الدائرة الآن في دولة جنوب السودان هي المتهم الأول في هذه الفاجعة، وما لم تتوقف ربما تستمر الكارثة، وتستكثر بالدماء، ذلك مسار ثانٍ ليس بوسع أحد الآن أن يفعل فيه شيئاً إلا إذا حسنت نوايا الطرفين، وقويت الإرادة للوصول إلى السلام.. فالواقع الآن رغم المجاعة الطاحنة إلا إن الطرفين المتقاتلين يشبعان بالغذاء، ويتضوران جوعاً للدماء.. وليس في الأفق ما يبشر أنهما يستشعران هول الموقف.. ومع ذلك، يجب ألّا نتحسر، ولا ننتظر.. على رأي المثل الشعبي السوداني (المجنون على ذمة العاقل)، فإن كان جنون الحرب يغشي أبصار الطرفين فإن أنين المسغبة يفرض علينا ألّا ننام وجارنا جائع. أقترح أن تدشن منظمات المجتمع المدني حملة شعبية فورية، وتحرك القوافل بسرعة نحو الجنوب.. فشبابنا المترع بالشهامة والنخوة قادر على الوصول إلى أقصى نقطة في أرض جنوب السودان.. (من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة