كنت أعرف أننا شعب طيب وشعب مسالم، والبعض منا طيبون إلى درجة السذاجة، لكن ما لم أتوقعه أبدا - أن يصل الأمر بأحدهم إلى أن يعجز عن اكتشاف أعضائه طوال حياته، ولا ينتبه إلى نقصان أعضاء منه إلا بعد سؤال زوجته عنها. الرجل من إحدى القرى بولاية وسطية اكتشف أنه لا يملك أعضاء تناسلية مكتملة.. والأدهى والأنكى أن تلك المعلومة لم تطرق مسامعه إلا عند زواجه حين تساءلت زوجته ما بالك يا فلان لا تشبه الرجال؟!. هذا ما شاهدته بأم عيني في إحدى المستشفيات بمدينة بحري حيث إن الرجل يعاني من تعلق الخصيتين أو وجودهما من الداخل وليس الخارج، وجاء إلى المستشفى ليتساءل لماذا لم تنجب زوجته؟!
لم أدري كيف لم ينتبه والديه للأمر منذ طفولته؟.
الأنموذج الآخر لرجل في العقد الرابع من العمر أخبره طبيب بمدينة عطبرة أن كليتيه في خطر محدق، وعليه الإسراع بالعلاج، الرجل تلكأ وتلكأ وتجاهل حديث الطبيب لم يتناول العلاج ، ولم يكمل الفحوصات إلى أن توقفت الكليتان- تماما- عن العمل، وأصيب بفشل كُلوي، ومن ثم جاء ليبحث عن العلاج.
حالات أخرى ومتعددة لأطفال مصابين بالسرطان أعمارهم تتراوح من ثلاثة عشرة حتى سبعة عشرة، وقد تمكن منهم المرض كليا..... أسوأ ما في الأمر أن ذويهم أو من يصحبونهم يبتسمون ببلاهة دون أن يعوا الخطر المحدق بأطفالهم.
أما إصابات المرارة والجلدية والغدة وغيرها فحدث ولا حرج. في ذلك اليوم غادرت ذلك المستشفى وأنا أشعر بأستياء بالغ ليس بسبب قلة الموارد أو سوء البيئة لكن بسبب انعدام الثقافة الصحية، وانخفاض نسبة الوعي، وانتشار الجهل بصورة كبيرة وسط أولئك الناس. أي نعم هم أناس بسطاء ، وقليلو الحيلة، ملابسهم وأحوالهم تغني عن السؤال، في سيماهم أثر الفقر، والجوع، والمرض، وسوء الحال.. إنهم قوم يحتاجون إلى معرفة ماهية المرض، وأن زيارة المستشفى ليست للنزهة. خارج السور :
لن أتحدث عن مدير المستشفى الطبيب الإنسان الذي صحبته في جولة العيادة المحولة...... لن أقصم ظهره بثناء؛ لأنه يفعل ذلك لوجه الله لا ينتظر جزاء ولا شكورا..
ليت بقية المستشفيات تحذو حذوه ولو يوم واحد في الأسبوع ليكون لوجه الله تعالى
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة