فجر الجمعة الماضية كانت الإذاعة الداخلية لمطار الخرطوم تحمل لنا أخباراً غير سارة.. الطائرة المصرية التي ستقلنا للقاهرة ستتأخر نحو ساعتين..كان ذاك مؤشر غير إيجابي لشركة طيران تمتعت بسمعة الانضباط في تقديم المعاملات ..لكن تقاليد العراقة والاحترافية جعلت شركة طيران مصر تدفع بعضاً من فاتورة التأخير و(تعزم ) كل المسافرين على وجبة خفيفة عمادها كوب من الشاي الساخن وبعض البسكويت. كان إحساسنا أننا سنجد مصر باردة جداً في هذا التوقيت من شهر فبراير.. لكن يبدو أن التوقعات شابتها بعض المبالغة..أولى الملاحظات أن القاهرة لم تعد نظيفة جداً كما كانت قبل سنوات قليلة..بالإمكان أن ترى أكوام النفايات في أحياء القاهرة الراقية متكومة في انتظار عربة النقل..لم يكن ذلك المنظر مألوفا من قبل حتى أن هذه الملاحظة ربما تحتاج إلى طواف أكبر لتكون مؤكدة. لكن هنالك إجماعاً على ارتفاع المعيشة..الأسعار ارتفعت بمعدلات غير مسبوقة ..كيلو الدجاج أقل من أربعين جنيهاً وهذا يماثل سعره في السودان ..أسعار السكر واللبن ترتفع عن مثيلاتها في السودان ..أقل وجبة لثلاثة أشخاص تقترب من المائة جنيه..أسعار الشقق والفنادق مرتفعة رغم أن الدنيا شتاء ..في هذا الموسم يقل عدد الغرباء ومن المفترض أن تنخفض الأسعار..كل الناس في مصر تحمل الدولار مسؤولية الأزمة ..لكن يبدو أن الخطوات الشجاعة في تعويم الجنيه قد آتت أكلها ..اختفى السوق الأسود وارتفعت معدلات احتياطي العملة الأجنبية إلى ما يقارب العشرين مليار دولار. يوم السبت زرنا معرض الكتاب الدولي.. مئات الشركات تعرض عدداً كبيراً من الكتب.. لفت نظري إقبال المواطنين المصريين على شراء الكتب..المعرض مزدحم للغاية .. الضائقة الاقتصادية لم تصرف شعب مصر العظيم عن القراءة.. المقولة السابقة التي تقول إن مصر تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ تحتاج إلى إعادة تصويب، فمصر الآن تكتب وتطبع وتقرأ..السودانيون قد انصرفوا عن القراءة منذ زمن ، أما اللبنانيون فلا أدري إن كانت ماكينات الطباعة تدور بذات العجلة السابقة أم أن الزمن قد أثر على التروس فباتت بطيئة. الشارع العام في مصر يميل للمحافظة..من النادر أن تجد فتاة تسير دون غطاء الرأس ..سألت مرافقي إن كان هذا الاحتشام بسبب الشتاء إلا أنه أفادني أن هنالك موجة تدين عارمة في مصر وذلك منذ سنوات الرئيس مبارك..وحينما سألت ذات المرافق ولكن أين مصر التي نراها في السينما والإعلام ..ضحك المرافق وقال إن تلك الدنيا تنتهي في مدينة الإنتاج الإعلامي وتتوافر في الأماسي الصاخبة في الكبريهات . مصر الآن على قلب رجل واحد.. يختلف الناس في تقديرات السياسة وتدابير الاقتصاد ولكنهم يقفون خلف المنتخب المصري الذي ينافس في البطولة الأفريقية..اللهم انصر مصر.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة