إن المؤثر النفسي على شعوب الخليج، وخاصة شبابهم، بسبب هذا التمزق الأهوج لأشد نكاءة من كل ما تتهم به قطر وأخطر من كل المخاطر المرجوة من قطر، وكل ذلك قد وضح جلياً للمتابع لوسائل التواصل الإجتماعي في الأيام الفائتة من صدمات وتذمر وإحباط، وهاهي الأمارات تصدر قرار بسجن من يدلي برأي مخالف، في ذلك الهجوم على قطر، فترة مابين ٣ إلى ١٥سنة مع الغرامة ١٣٦ ألف دولار.
هل يسمح القانون الدولي بأن تفرض دولة أو عدة دول الحصار البري والجوي والبحري على دولة بعينها كما في الحالة القطرية؟ أم أن الأمم المتحدة قد ضاعت هيبتها وعلى وشك الزوال كما جامعة الدول العربية؟ بالطبع تضيع هيبة الأمم المتحدة عندما تتجاوزها أمريكا ثم تحتقرها روسيا وتتدخل تدخلاً سافراً في سوريا يصل لحد تدمريها كلياً.
بغض النظر عن قطر وماهو محسوب عليها من إدعاءآت قد تكون باطلة، لا يجوز للسعودية أن تفرض الحصار على قطر بحجة أنها دولة راعية للإرهاب، فمن الأجدر أن تقف كل دول العالم المعادي للسعودية والإسلام والمسلمين، وهي الأقوى، في وجه السعودية وتفرض عليها الحصار الجوي، وكل دولة على حدة، تمنع طيران السعودية فوق أجوائها بإعتبارها المنبع الأصل للإرهاب الإسلامي الوهابي المتشدد المتطرف ثم بن لادن ودعم طالبان وهجمات الحادي عشر من سبتمبر ومروراً بأبوبكر البغدادي وتأهيلة لإنشاء داعش، وهذا ليس قولي بل ما يقوله العالم المعادي الأقوى عن السعودية.
فات على السعودية والتابعين لها، أن للكثير من الشركات الأوروبية والأمريكية مصالح كبرى في قطر وشراكات إقتصادية هائلة وكذلك مشاريع التجهيزات لمنافسات كأس العالم المزمع قيامها في قطر في العام ٢٠٢٢ وخاصة ألمانيا والتي قال وزير خارجيتها زيجمار جابريل: "ندعم قطر في أزمتها مع جيرانها" وذلك خير دليل على أن مصير شعوب المنطقة هو رهين لمصالح القوى العظمى.
كل المشهد الكارثي الحالي فإن دل فهو لايدل إلا على جهل مريع بأجديات العمل السياسي وفقدان البوصلة في مسارات المرحلة الراهنة التي تمر بها المنطقة المنكوبة، فهذا التمزق المريع في نسيج المجتمعات الخليجية على وجه الخصوص والعربية على وجه العموم كفيل بخلق المزيد من التوتر في المنطقة ومن ثم الخسائر الكبرى طالما فتحت الأبواب لكل أنواع الحروبات الأهلية والتدخلات الخارجية.
محاولات تسويق تهمة الإرهاب وتداولها من قبل المسلم العربي لشيء مخجل بحق وحقيقة، فالإرهاب يُعرف عالمياً على أنه شيء إسلامي محض .. فقد أعلنت أمريكا الحرب على الإرهاب في ليلة ١١ سبتمبر ٢٠٠١ ولازمت ذلك بدعوة للفوضى الخلاقة في المنطقة وفرض الديموقراطية، فخاف كل الحكام العرب على عروشهم آنذاك وقد أصبحوا ينعقون بمزيد من الإستياء متسآئلين عن تعريف ومعنى كلمة إرهاب !!! ولكن ما يدعو للعجب أن نفس كلمة الإرهاب، والتي فشلت أمريكا في تعريفها حتى الآن، قد أختطفها نفس الحكام وأستخدموها كأداة لتصفية الحسابات فيما بينهم وحجة لضرب الربيع العربي وكل حراكات التحرر من سطوتهم.
حقيقة لا أعرف الكثير عن تنظيم الأخوان المسلمين في العالم أجمع، وتصنيف السعودية وحلفائها لتنظيم الأخوان المسلمين على أنه إرهابي هو أمر يكون محل جدل وإستقصاء للحقائق فذلك التنظيم الاخواني يصعب حصر نوعية ممارساته وأفكاره في منهجية موحدة. فهو تنظيم ممتد دولياً ولكل فصيل قُطري لونه السياسي المميز وقد يصعب إلصاق تهمة الإرهاب به كليةً أو نفيها، ولكن أن تصنف السعودية، ومن معها، حركة حماس على إنها إرهابية فذلك قمة الإنحطاط الأخلاقي والضربة القاضية للشعب الفلسطيني المظلوم وتحجيم لكل الشعوب العربية والإسلامية وكل أحرار العالم وإقعادهم عن مناصرة فلسطين بل يعني الإنحياز الكلي لإسرائيل ومنحها شهادة الملكية المطلقة لفلسطين .. فحركة حماس ليست إرهابية ولم تعرف عنها أي مخالفات أو جرائم قانونية خارج حدودها، فهي فقط تناضل في عرينها لإنتزاع حقوق شعبها المغتصبة.
وحتى يكون الحديث عن الإرهاب عقلانياً وموضوعياً وأخلاقياً، ومن المنظور العدلي، علينا أن نحسب عدد الأرواح التي أزهقتها كل التنظيمات الإسلامية الإرهابية في العالم أجمع ومنذ ١١ سبتمبر ٢٠٠١ وحتى اليوم، فهل وصل العدد إلى ١٥ ألف ضحية؟ أم ٢٥ ألف ضحية؟ على كل حال لو إجتمعت كل هذه التنظيمات وواصلت سفكها لدماء الأبرياء لقرن من الزمان فلن يكون حصاد إرهابها مليون نسمة وذلك ما أنجزته أمريكا في العراق في غضون ٦ سنوات .. فمن هو الإرهابي؟ وما هو الإرهاب؟
إن هذا الوهن المفتعل، في جسد المجتمعات الخليجية، والعربية، ومع سبق الإصرار، لهو دعوة للمزيد من الإنقضاض على تلك الدول من قبل إسرائيل وإيران ومزيد من الإبتزاز من الغرب المتربص والشره لخزائن الخليج السائبة وليس ذلك فحسب بل سنجد أن القراءة الحصيفة للمستقبل القريب ستكشف حقيقة التوقع بعدم الإستقرار السياسي والأمني في السعودية نفسها وقد تظهر الكثير من الإضطرابات فيها في القريب العاجل دون شك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة