بالله عليكم.. من يُفهم الحكومة أن المشكلة ليست في الصحافة ولا في قنوات التواصل الاجتماعي ولا في الفضائيات ولا في إذاعة(دبنقا)..المشكلة فيها هي.. كلما أدلهمت بالحكومة الليالي نظرت فلم تجد غير الصحافة من تحمِّله أوزارها.. والآن على نار(حامية) يُطبخ قانونٌ جديدٌ للصحافة في السودان، الإرهاصات تشي بمزيد من القيود خاصة في مجال النشر الالكتروني الذي يكتسح أثير التواصل الإنساني.. وبعبارة أخرى...الحكومة تفترض أن سوء الحال الذي ينطق به لسان حال المجتمع السوداني هو من (لسان الحال) لا من الحال..وبدلاً من إصلاح الحال تصر على قطع (لسان الحال).. أولاً؛ وقبل كل شيء لا سبيل للسيطرة على (الإعلام الجديد) من وسائط تواصل اجتماعي؛ وخاصة تطبيقات الرسائل، مثل (الواتساب).. فهو أثيرٌ مفتوحٌ لا يحتاج إلا لجهاز(موبايل) وبأقل الأسعار.. بلا حاجة لدورة تدريبية، ولا حتى إجادة اللغة أو الإملاء..وبسرعة الضوء تنتقل المعلومات بين أركان الدنيا، ويتقاسم أعضاء (القروبات) التداول والحوار وهم موزعون من أقاصي الدنيا(جيت وعلّي رحالي)!! المعركة غير متكافئة.. فإلى أن تصل الحكومة لقانون يكمم لها أفواه الإعلام الالكتروني ستوفر التكنلوجيا مزيداً من وسائط الإعلام الحر الذي لن يخضع للسيطرة أو التحكم.. على سبيل المثال – من خلال خبرتي الهندسية والإعلامية معاً – أتوقع – خلال فترة قصيرة جداً - أن تحدث طفرةٌ كبيرةٌ في إقبال القراء على الصحافة الإلكترونية بصورة تزيد عدد وقوة الصحف الإلكترونية على حساب الورقية بدرجة كبيرة.. وتدنٍّ كبير في تكلفة إطلاق القنوات الفضائية؛ بصورة تسمح لأي مستثمر صغير أن يمتلك محطته الفضائية.. والأهم من ذلك، كون هذه الفضائيات ليست بحاجة لموْطن أو موقع أو حتى مقر.. تدار بالكامل افتراضياً وتستخدم أجهزة (الموبايل) في التصوير والمونتاج والبث المباشر على الهواء..وهذا ليس ضرباً من الإعجاز.. ففي كلمة ألقاها الصحفي الأميركي "جيف روث" في مؤتمر عالمي عقد بأيرلندا شهر يونيو الماضي؛ لوّح بهاتفه "الآيفون 6" للحاضرين، ونصحهم قائلاً:(انسَى الكاميرا والميكرفون الضخم وجهاز الإضاءة. هذا كل ما تحتاجه لتقوم بقصة صحفية محترفة وستقوم بها لوحدك").. هذا عالم متغير وبسرعة فائقة..لا تصلح فيه قوانين الصحافة القابضة ومحاولات الإمساك بالزمن. وثانياً؛ هدير الإعلام الجديد – أو الآخر التقليدي- لا يحارب بالسيطرة والتحكم فيه..بل باستثماره في ترشيد المسلك العام عن طريق تصحيح الأبصار من خلال ما يعكسه الإعلام والصحافة بالتحديد.. الصحافة نهمة لالتقاط الأخبار..لأن تلك مهمتها الأولى..فبدلاً من السيطرة على ما تنشره، الأفضل البحث عن الثقوب السوداء في العمل العام – وما أكثرها- وسد ثغراتها.. عالم اليوم يكرس كل جهده ليجيد استخدام واستثمار الإعلام..لا كبحه ومحاولة تثبيطه.. على كال حال؛ أدركُ تماماً أن كلماتي هي حرث في البحر.. سيصدر قانون الصحافة بالتعديلات المتوحشة هذه.. وسيكتشف معِدُّوه أنهم بحاجة ماسة لتعديله..
بدلاً من السيطرة على ما تنشره، الأفضل البحث عن الثقوب السوداء في العمل العام – وما أكثرها- وسد ثغراتها الثقوب السوداء دي عاوزة ليها الف سنة عشان يسدوها
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة