منذ الاستقلال تتم كتابة دساتير، ثم تلقى في القمامة، وأخيرا ظهرت تلك المدعاة وثيقة دستورية وذهبت بدورها للقمامة. في الواقع لم يكن من دستور أفضل من دستور ٢٠٠٥، من حيث الموضوع، ومن حيث الشرعية الإجرائية، اذ وقَّعت على قبوله جميع القوى السياسية تقريباً. لكن ما أراده العسكر بعد الانقلاب على البشير هو أن يتمكنوا من تجنب المعوقات الدستورية التي يمكن أن تعرقل طموحاتهم في الحكم عبر الغاء دستور ٢٠٠٥ وتعطيل المحكمة الدستورية، وقد استطاعوا بفضل بؤساء قحط من الحصول على شرعية معدومة بفضل ما أسمي سخفاً بالوثيقة الدستورية. للأسف لا يفهم القحاطة معنى أن ننسب كلمة دستور إلى نص مكتوب، هم يتخيلون أنهم إن كتبوا كلمة دستورية على قائمة مشتروات فهم بالتالي صنعوا وثيقة دستورية، واليوم يؤكدون هذا البؤس الذهني وهم يتحدثون عن إعلان دستوري، مما يجعلني أشك في احد احتمالين: إما أن القحاطة هؤلاء عملاء للكيزان. أو ان القحاطة مصابون بالهبل المنغولي. فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً. هناك أزمة حقيقية في فهم كيف تتم مأسسة السلطة كأحد عناصر الدولة، ورأينا ذلك في أشباه الدساتير التي ألقيت في القمامة، لأن من يضعونها يعتقدون بذات فهم القحاطة للدستور. يا سيد قحاطي: ما تكتبه أنت لا علاقة له بالدستور.. حتى لو عملت copy paste لنصوص الدستور الأمريكي او الفرنسي أو أي دستور او إعلان دستوري، فلن يكون ذلك لا دستوراً ولا إعلاناً دستورياً، لأن الدستور ليس كلمات، فالطفل في عصر الانترنت يستطيع اليوم أن يدخل إلى google ويكتب أفضل دستور في العالم إن كان الدستور مجرد قواعد تكتب. في الحقيقة الدستور هو آلية لتوثيق حلول لمشكلات، وقد تم التوافق على تلك الحلول من كل الأطراف. بحيث يحصل ذلك التوثيق على سلطته الإلزامية للجميع بما يمنعهم من التراجع عنه مستقبلاً إلا بشروط صعبةحتى بالنسبة للدساتير نسبية المرونة. نعم، لقد درسنا في مادة النظم الدستورية التعريف الأكاديمي للدستور باعتباره مجموعة القواعد الأعلى التي تنظم العلاقة بين مؤسسات الدولة وبعضها البعض وبينها وبين الشعب..الخ. لكن كل هذا ليس سوى اللقطة الأخيرة، فالدستور يجب أن يتأسس على اتفاق جماعي، في أهم جوانب مأسسة السلطة ذات السيادة لأقليم به شعب. فتحديد شكل الدولة والحقوق والحريات وكل ذلك لن ينال حظه من الاحترام (كدستور) بدون توافق جماعي، وإلا فإن كل خمسة أو ستة اشخاص موهومين كالقحاطة سيذهبوا فيكتبوا بعض الهراء ويوزعوا فيه المناصب على انفسهم كما فعل سفهاء الاحلام من قبل في ما أسمي بالوثيقة الدستورية، واليوم يعيدون نفس السخف العقلي بما يريدون تسميته بالإعلان الدستوري. فبالله عليكم وكما يقول الهندي: (إنت مخ مافي؟!!). لقد ابتلانا الله بسفهاء الأحلام، من مدنيين وعسكر، وعملاء ومرتزقة، وشدد أسرنا فأبقانا معهم، واصبحت هذه الرقعة المرحاضية معلقة في رقابنا (سيك سيك معلق فيك).. فاللهم اخرجنا منها لا ضالين ولا مضلين، لا ظالمين ولا مظلومين، وسأكسر قلة خلفي ورب الكعبة. الوحا الوحا..العجل العجل..
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق August, 07 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة