صفحة الإتحاد الأوروبي على الفيس، أوردت بياناً شديد اللهجة ضم إلى جانبهم (المملكة العربية السعودية)؛ متضمناً التحذير من الإنقلاب على حمدوك. المشكلة أن أوروبا تعلم أكثر من غيرها، أنه لا توجد أي مقومات للحكم المدني، وتعلم أكثر أن حمدوك تحديداً وهو إبنها البار لم يعمل طوال السنوات الماضية على التأسيس لحكم مدني، بل على العكس، لقد عمد حمدوك وشلته إلى إقصاء وتهميش كل من لا ينتمي لشلته، بدلاً عن التأسيس للمدنية والضغط على العسكر عبر التنادي إلى مؤتمر جامع. بل أخذ يزيد من شق الصفوف عبر مبادرته التي توحد الجميع حول فشلها. إن مشكلة السودان داخلية أكثر منها خارجية، سواء في عهد الكيزان أم الآن أم حتى إبان فشل الحكم الدموقراطي بعد الإستقلال. هذا ما كان على حمدوك أن يفعله؛ أي ان يؤسس لدولة مدنية. -تجدون مقالي قبل سنتين والذي دعوته فيه لفعل ذلك- لقد فعل حمدوك العكس تماماً، أخذ وزمرته يشقون الصف الوطني ويمزقونه، وهم يستخدمونة أسطوانة الكيزان المشروخة. حتى الآن لم يتمكن حمدوك من جمع الصف الوطني الجماهيري، بل قسم الثوار، ولجان المقاومة، وانشأوا كتائب حنين الإرهابية المكافئة لكتائب الظل الكيزانية، وأنشأ أمناً شعبياً كأمن الكيزان الشعبي، وعمد صغار حمدوك لتصفية حسابات سياسية مع الثوار (الغلابة)، وزرعوا غواصاتهم بين لجان المقاومة ولجان الأحياء، وتم فصل الآلاف تعسفياً، ومصادرة أموال أشخاص لا علاقة لهم بالكيزان، أو حتى الكيزان كانت تصفية حسابات بين القطط السمان سابقاً والقطط (العجاف السمان) حالياً. نبذ حمدوك وشلته الشعب ووضعوه وراء ظهورهم، مستنداً فقط إلى الحماية الغربية. والغرب يعرف أن حمدوك لم يفعل أي شيء للتأسيس لدولة مدنية، لأن الغرب هو من يوجه حمدوك ليفعل أو لا يفعل. فشل حمدوك حتى على مستوى تأسيس بنية قانونية (ولا نقول دستورية)؛ وفشل في التأسيس لبنية (إدارية ومحاسبية ومالية)، إنه في الواقع لم يفشل، لأنه أساساً لم يحاول أن يفعل. عائشة التي خرجت من مجلس السيادة قالت ذلك وهي تبكي، لأنها (محروقة) ولا تعرف لماذا يحدث كل ذلك. ولكننا نعرف لماذا يحدث كل ذلك، والشعب أيضاً يعرف لكنه يحاول أن لا يعرف، لأن الاعتراف بما يعرفه سيصيبه بالإحباط. لكنه رويداً رويداً سيضطر للإعتراف، ولكن بعد فوات الأوان. إذا كان الإتحاد الأوروبي يعرف كل ذلك، فعلى أي أساس يبني تحذيره من الإنقلاب على حمدوك؟ إنه يبني على ذات ما فعلته أمريكا في أفغانستان والعراق، حيث يؤسسون للفوضى والدمار ثم يتركون الشعوب تصارع نفسها كديدان الطين في البقجة الصغيرة. إنها الفوضى غير الخلاقة، واللا أخلاقية في نفس الوقت. إن مشكلة السودان حلها في الداخل، وحلها بسيط وواضح، ولكن لأن كل من بالواجهة لديهم مصالح تتحقق بالفوضى فقط، لذلك هم يرفضون ذلك الحل. المؤتمر الجامع، سيضعف العسكر إذ أنهم سيكونون قلة، وسيضعف الاحزاب الشمالية إذ سيكونوا قلة -تزيدهم أفعال الشيوعيين إنقساماً- وستكون الحركات قلة، وهكذا سيضطر الجميع في النهاية إلى وضع إتفاق يحقق المصلحة القومية والغرب لا يريد ذلك. وأيضا كل القوى السياسية لا تريد ذلك، بل يريدون الإبقاء على مزاياهم الراهنة، ولذلك كلهم يرفضون حتى مجرد الحديث عن التوافق الجماعي. وأوروبا تعرف كل ذلك. ولكنها تصر على زنق العسكر، كما فعلت مع البشير، وفي النهاية يضطر العسكر للإنقلاب بالفعل وهكذا يبدأ مسلسل جديد من الحصار والتضييق وتدمير الدولة والشعب. وربما سيتم استخدام المحكمة الجنائية ضد هؤلاء العسكر مستقبلاً كمزييد من الزنق. الغرب أفضل من أحسن قونة في السودان. ونحن نقعد ونتفرج ويا مسهل..
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم الموافق 22/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة