جلس ثلاثتهم يتوسطهم (الكومندر) ياسر عرمان ليحدثونا عن مبررات تناز لهم و جلوسهم مع المكون العسكري..استجابة لوساطه كريمه سعوديه امريكيه... انتبه وساطه وليست ضغوطا!!!!.. وأنهم لامصلحة لهم في خسران أصدقاء مخلصين يسعون لرتق فتق الفرقاء الذي اتسع علي الراتق.. كانت هذه الافاده كافيه لتزيد من فجيعتنا ويأسنا وخيبتنا في النخب التي تتصدر المشهد..وعن التباس المفاهيم وزوال الفوراق في مخيلتها وعقلها ظاهرا باطنا ..فهي لاتفرق بين مصلحتها الخاصه ومصالح الوطن العليا..ولاتدري ما الوطن وما الوطنيه خارج ذواتها الخاصه..تتزاحم عندها النوايا وتذوب عندها وتتلاشي كل الخطوط الحمراء.. ولهذا تتمنع وتغط الطرف عن كل جهد وطني يدعو للتلاقي والوفاق والحوار..وتهرول بأعجل ماتستطيع اذا جاءت اي بادره من الأجنبي والغريب..في عنوان بارز لحالة الاستلاب النفسي والوجداني والتضعضع الأخلاقي والوطني التي وصل إليه بعض من يتصدرون المشهد.. كنت سابقا قد كتبت مقالا بعنوان(رسائل عرمان..عودة الوعي)..وذلك عقب عودته مباشرة بعد الثورة..ولقد جاءت ملاحظتي تلك نتيجه للقاءات عده أجريت مع الرجل... كان فيها حريصا علي جمع الشمل ووحده الصف والكلمه..وقلت حينها ان الرجل قد اكسبته سنين التدافع السياسي بكل آلياتها السلميه اوالعسكريه دربه وخبره وان التجربه قد اصقلته وقوت عوده وعجمته وجعلته اكثر صلابة ومنعه ..وان وجوده الطويل خارج البلاد وتطوافه علي جميع أركان الدنيا بين الفاعلين الدوليين والذين يمسكون بزمام الأمور..اكسبته هذه التجربة قدرا كبيرا من الوعي والنضج والمعرفة بالشأن السياسي الداخلي والخارجي..وعرفته بمراد مفاهيم متداخله ومتحيزه ولها عده تفاسير يصعب فك طلامسها وسبر اغوارها الا لمن كان قريبا أومتعاملا مع دوائر صنع القرار المهيمن في هذا العالم..فهو يدري صدق اوكذب..التغني بقيم حقوق الإنسان..وتحقيق و الديمقراطيه..والعداله ونشر السلام والوئام العالمي.. هكذا كان يصرح الرجل ويتحدث علي( أن العالم له أجندته ومصالح يرغب في تلبيتها..وان المجتمع الدولي ليس جمعيه خيريه..يقدم الخدمه وشكر الله سعيه..كلا أنه ينفذ برنامج مصالح الدول التي تمثله..وعليه نحن كسودانيين أن ندرك مصالحنا ونسعي لتحقيقها )..هكذا كان يتحدث..قلت لنفسي يا مرحي..يبدو اننا موعودون بحكيم جديد يخطو بخطوات (مانديلا الحكيم) والذي لطالما كان مثالا لقائده جون قرنق وبالتبعية له هو أيضا..فكتب مقال(ياسر عرمان عوده الوعي).. ولهذا فلقد صدمت في الرجل ايما صدمت بفعل مواقفه الاخيره..ويبدو أن مكوثه الاخير في السودان قد نزع منه جلباب العمق الحكمه..وتدرع بثوب الناشط السياسي ملغيا بذلك حوالي أربعون عاما من الخبره التي راكمها و اكتسبها..وملقيا بها في قاع البحر..فعاد الزمان بهيئته الاولي ودار دورته فإذا بياسر عرمان طالب الجبهه الديمقراطيه الفاعل في اركان النقاش بجامعه القاهره بالخرطوم في النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي.يتجلي مره اخري في العشريه الثانيه من القرن الواحد وعشرين..جاء ياسر عرمان في مؤتمره الصحفي الاخير ليحدثنا بهتافيه تشبه اركان النقاش في الجامعات..جاء يحدثنا عن الحكم المدني وعن .الحرية..وعن العداله وقيم الديمقراطية..هذه القيم النبيله التي كانت هي أولي ضحاياه..كيف ذلك..اليك مايلي: -انضم ياسر عرمان للحركه الشعبيه بقياده قرنق..في فبراير ١٩٨٦ عقب احداث جامعه القاهره الداميه والتي راح ضحيتها الطالبين بلل والاقرع اللذان ينتميان للاتجاه الإسلامي حينها..ذهب عرمان حينها بمعيه الدكتور لام كول استاذ الهندسه بجامعة الخرطوم..انضم ياسر عرمان لحركه تمرد ضد الدوله التي تتلمس طريقها نحو الديمقراطيه بعد سقوط الحكم العسكري..وفعل ذلك قبل اوان الانتخابات بشهرين(الانتخابات كانت في ابريل ٨٦) التي شهد لها العالم بالنزاهه والشفافيه .. لو كان عرمان أصيلا في توجهه نحو الديمقراطيه وسياده حكم القانون..لما انضم لحركة تمرد لاتعترف بما اعترف به العالم..ورفضت نتائج تلك الممارسه الديمقراطيه وما أفضت إليه الانتخابات ..وامعانا في الصلف و الغرور كانت تتعامل مع السيد الصادق المهدي عليه رحمة الله..كرئيس حزب وليس كرئيس منتخب اتت به اراده غالبية الشعب السوداني التي تتحدث باسمه انت اليوم وتتصدر مشهده..هذا كان أول الوهن الذي أصاب الديمقراطيه الثالثه..فالانقاذ اتت كنتيجه وليس كسبب..واول الأسباب وأكثرها وقعا كان انت ورهطك من الحركه الشعبيه الذين ازدريتم خيار الشعب واستخففتم بثورته ومآلاتها ومانتج عنها من مؤسسات كالجمعيه التأسيسية ومجلس السياده..ومجلس وزراء.. _تدعو دائما في تصريحاتك الاخيره لعزل التيار الإسلامي والعمل بقوة. علي عدم عودته..لاادري اتقول ذلك مغازلة للدوائر الخارجيه التي لا ترغب في وجود التيار الإسلامي بل تسعي لمحوه من الوجود مهما كان توجهه..معتدلا أو متطرفا..مسالما ام مخاشنا..أم تقول ذلك نفاقا وابتزازا ومسايره للجيل الحالي الذي تعلم اغلبه السياسه عقب سقوط البشير.. ولايدري شيئا عن تاريخنا السياسي وفعايل نخبنا فيه..سؤال لماذا تدعو بدعوتك تلك؟..وبأي حيثيات تقدم تلك الدعوه؟ اذا كانت الحيثيات هو فعل الانقلاب علي الديمقراطيه ..فإنت قد انقلبت عليها مرتين..مرة بحزبك السياسي(انقلاب مايو) ومرة بحركتك المتمرده(حركة قرنق)..ومن سخرية القدر أنه في الحالتين لم يتم عقابك بالعزل السياسي اوالمحاكمه الجنائية..بل من عجائب السياسه السودانيه أن تقدمت انت ورهطك لقياده رسن الساحه السياسيه من خطامها..في الحاليين..فلم يتم عزلك عقب الانتفاضه بأعتبار جربرتك في الانقلاب كما تحاول انت وعصبتك الان برمي كل الطيف الإسلامي الواسع بسهم واحد ومن قوس واحد..وانت تدري ان من ضمن هذا التيار العريض من ليس له علاقه اصلا بالانقلاب وان بعضا منهم قد تبرأ منه لعدم معرفته المسبقه به..وان قسما كبيرا منهم تاب واستغفر منه ودفع ثمن ذلك سجونا ومعتقلات وقتلا وتشريدا ونالهم من الاذي من اخوان الامس ما لم ينله خصومهم التقليديين..الذي سقطوا في امتحان الأخلاق والمبادئ وهم يرون التنكيل والبطش ينال فئه من الناس وإن كانوا خصومهم من قبل لكن مواقف المبدأ والاخلاق لاتتجزأ..هذا إن كان هذه الشعارات معنيه لذاتها لاللكسوبات السياسيه وسوق نخاستها..كل ذلك اذا كانت الجريره الانقلاب علي الشرعيه والديمقراطية. -اما كانت الجريرة جرائم الحروب والجرائم ضد الانسانيه..فأنت..أن وجدت عدالة حقه..لكنت الآن مصفدا في الاغلال مع علي كوشيب وامثاله في محكمه الجنائيه الدوليه.. انت وكل قادة حركات مايسمي بالكفاح المسلح لتحاكموا علي مااقترفتموه من جرائم في حق المدنيين والعسكريين والعزل من الأطفال والنساء والشيوخ ..هل اذكرك بطائرة الخطوط الجويه السودانيه التي اسقطتها صواريخكم في سماء الناصر في ٨٧ ..وكانت غالبيه الركاب من النساء والاطفال؟..ام اذكرك بما فعلتموه..في الكرمك وقيسان ..والقردود..حتي اضطر حليفكم لاحقا السيد محمد عثمان الميرغني للاستنجاد بالعراق لمده بالاسلحه لتحرير الكرمك وقيسان...وهنالك فعلتم الافاعيل التي يندي لها جبين الانسانينه..ولقد تحرك السيد الميرغني فعل ذلك بأعتباره الحليف الثاني في الائتلاف الحاكم آنذاك.. كل هذه الأفعال البشعه حدثت والبلد ترفل في نعيم الديمقراطيه التي تتغني بها الآن..وانت يدك ملطخه بدماء الأبرياء بأعتبارك كنت مسئولا إعلاميا في الحركه ومشرفا علي اذاعتها..ثم جاءت الانقاذ وزدتم نطاق دائرة معارككم ..ونازلتكم الانقاذ وكسرت شوكتكم حتي مرحله الحسم..فجاءت دوائركم ومحاضنكم فأعادت لكم الحياة..وعملت في مساريين مسار داخلي بتفتيت الوحده واحداث الشقاق داخل الصفوف..و ساعدهم في ذلك ضيق أفق البعض وابتعاد الشقه عند البعض وخوف وخور البعض الآخر..فاتسعت دائره كره اللهب ونجحت سياسه شد الأطراف والابتزاز الذي مورس علي القياده السياسيه حينها..فأنتصرت في النهايه معركة المكر والمكائد ..بعد أن انهزم رهطك ومواليك في معارك الميدان والالتحام..التي لم يكون القتال فيها مع الفراغ أو مع كائنات فضائيه..او مع من يحملون اللافتات السلميه التي تطالب بالتغيير ..المعارك كانت في حالة الجنوب مع الكتيبه ١٠٥ المتمرده بقياده كاربينو كوانيين..ثم استلم زمامهم جون قرنق بمانفيستو يحمل تغييرا جذريا عن المفاهيم التي كانت تحملها حركات الاحتجاج السابقه..أما في حالة الغرب فلقد دوي صوت الأحداث فيها بقيام حركه مسلحه بمهاجمة مطار الفاشر الذي حدثت فيه خسائرا فادحه في الأرواح والممتلكات..فأي دولة محترمه في العالم تقابل هذا الجموح ومحاولات زعزعه الأمن والاستقرار تقابله بمايستحق من الحسم والعزم في إطار الحفاظ السلامه والامن العام.. بعد تحقيق ذلك ومحاصره ذلك الجنوح..يمكن بعد ذلك البحث عن حلول موضوعيه للمشكلات القائمه..ولكن الباحثين عن تأزيم المواقف واستشراء الأزمات لخدمة. أجندتهم..سارعوا بنصيحه حركات دارفور بضرورة تأزيم الموقف الانساني حتي يتم تسويق ذلك سياسيا..كمرحلة من مراحل التدويل القضيه..ويصبح الضحايا ودمائهم وازمتهم وليمه بين يدي أبنائهم والمنتفعين معهم .. يتاجرون بهم..و من أجل اتخام البطون والجيوب لابد أن تتطاول المأساة..والا قل لي بربك ياعرمان..ذهب عبود ولم تحل مشكلة الجنوب ولم يفعل مؤتمر المائده المستديرة شيئا..وأعقبه ذهاب نميري ولم يعني ذهابه للتمرد شيئا مذكورة بل ازداد تمددا..وغطرسة وعنجهيه..وذهب البشير..ومازالت دارفور تنزف بأغزر مما كانت عليه..وابناؤها الذين يدعون أنهم حملوا السلاح لأجلها وجاءتهم السلطه تمشي راضخه ذليله .هم من يبكيها وييتمها ويدميها..اذا اين العله؟ هل العله كانت في مفهوما جدليا يسمي المركزوالهامش..لاكته الألسن حينا من الدهر ثم لفظته وتغاضت عنه عندما أدركت أن الاسباب اقوي من هذا التهافت..العله ياعزيزي..علة عقول لاتريد ان تبذل جهدها لإدراك مواطن الخلل والقصور ..العله علة نفوس مشحونه بالسخائم والتربص..العله علة قصيري النظر الذين بسببهم انزل الدهر بلادهم وابتلاها بأن جعلهم من أصحاب الرأي والمشورة فيها...عزيزي عرمان ليتك تكون مثل سمييك..د. الشفيع خضر..والدكتور الواثق كمير..اللذين تجاوزا مرحله الشحن الأيديولوجي والهتاف الطفولي..وتتدثرا بثوب الحكمه..كان ذلك استجابه لشيئين.. اولهما استجابة لنداء الوطن الجريح والمثخن بالجراح..وثانيهما استجابة لنداء الطبيعه وحكمها..فللسن احكامها من حيث زوايا النظر للاشياء والموجودات .ولها منطقها ايضا في التبصره والدلاله لمآلات الأحداث و الظواهر ..تدعم كل ذلك بخبره وشواهد وفطنه راكمتها سنين التجربة العمليه والمعايشه المباشره وغير المباشرة ..فهلا تستجيب وتخرج من متاهتك النزقه الفطيره هذه..وتكون كما تمنينا ورجونا..لعل ذلك يكون قريبا
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق June, 13 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة