قبل أيام قليلة؛ أعلنت بعض الجامعات السودانية (الكبيرة حجماً طلابياً) نتائج الانتخابات الطلابية التي انتهت بفجائع.. لم يلفت نظري التنظيمات الطلابية السياسية التي فازت.. بل أرقام التصويت! في بعض هذه الجامعات التي يقترب عدد طلابها من مائة ألف.. القائمة الطلابية الفائزة حُظيت بحوالي ألفي صوت فقط.. 2% تقريباً من جُملة الطلاب.. ولا فروق تُذكر بين الأرقام في كل الجامعات.. التنظيمات الطلابية السياسية تستعد منذ فترة طويلة للانتخابات.. بالمال والتحشيد والتحميس بل وبـ(واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به..).. أدوات العنف الطلابي التقليدية التي كانت في الماضي.. (سيخ وعصا وسكاكين) تطورت مع الزمن إلى مسدسات ثم رشاشات.. وربما قريباً هاونات ودبابات.. فتضطر الحكومة استبدال (شرطة الجامعات) بـ(جيش الجامعات).. بعد كل هذا الجهد والإنفاق والوقت المُهدر.. لا تُحظى هذه التنظيمات كلها مُجتمعةً بأكثر من 3% من مشاركة الطلاب في الانتخابات.. وهذا في حد ذاته تصويت ومؤشر على اضمحلال الاهتمام الطلابي بالنشاط السياسي في ساحات الجامعات. وقد يظن البعض أن هذا المؤشر ليس مهماً في فهم أو استدراك مستقبل بلادنا.. لكن هذا خطأ كبير تدفع البلاد كلها ثمنه طالما أنّ هذه الأجيال الناشئة ستحبو حتى تتسلم قيادة البلاد عاجلاً أم آجلاً.. في تقديري؛ السبب وراء انحسار اهتمام الطلاب بالنشاط السياسي وانصرافهم عن التصويت وإبداء رأيهم الانتخابي سببه الأول هو (النتائج)!! الشاخصة أمام الجميع.. فالسياسة أصبحت الباب المفضي إلى جحيم العُنف الطلابي المفرط.. ما تمر بضعة أشهر إلا ويسقط طالب مضرجاً بدمائه أمام بصر زملائه في إحدى الجامعات.. وعشرات يسقطون جرحى أو ينضمون إلى قوائم المفصولين أو في أضعف الإيمان فقدان سنوات دراسية لكل الجامعة أو بعض الكليات أو بعض الطلاب.. ثَمنٌ فَادحٌ يدفعه الجميع والوطن كله بسبب خطل الممارسة السياسية المُبتلة بأوحال الدماء والدمار الذي يطال بعض المنشآت الجامعية. وبكل أسف هذا العُنف ليس شراً نابعاً من نزوات شبابية محضة أو حماس مندفع بلا كوابح.. ثبت في كثير من الدراسات أنّ جهات سياسية رسمية حكومية تدعم هذا العنف وتغذيه، بل وتحرص على توفير البيئة والملاذ الآمن الذي يكفيه سطوة القانون أو المحاسبة. الأجدر أن تتوفر في الجامعات بيئة (سياسية) لا تقل عن الأكاديمية أهميةً.. مُحاطة بالرشد والتربية الوطنية القومية التي تربي استيعاب وتقبل الرأي والرأي الآخر بلا أدنى توتر.. إذا صلحت البيئة السياسية داخل الجامعات، ترفع مُستوى المُمارسة السياسية عند الطلاب فنأمن على مُستقبل البلاد السياسي عندما يتولون أمرها.. وإلا..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة