إلي كل أب وأم لديهم إبن يعمل في جهاز المخابرات والامن الوطني السوداني .. إلي كل زوجة يعمل زوجها هناك .. إلي كل ولد وبنت يعمل والدهما هناك .. إلي كل أخت وأخت يعمل شقيقهما هناك؛ في هذا المرحلة الحرجة التي يمر بها سوداننا أنتم أصحاب دور وطني حقيقي في حماية هذا الوطن وهو لا يقل أهمية عن دور جهاز المخابرات والأمن الوطني نفسه، بل ينتظركم الواجب الأغلى من ذلك، وهو حماية أعز ما تملكون في هذه الدنيا .. أحبائكم الذين يعملون في الجهاز .. فقط عليكم الجلوس معهم للحديث عن دور هذا الجهاز في حماية سوداننا وليس حماية فئة بعينها أو الحكومة الحالية أو الحكومة القادمة أو أي شخصية كانت مهما علا شأنها .. فأحبتكم هم حماة القانون ولا كبير فوق القانون .. ولكن الحقيقة المؤسفة الماثلة أمامنا وكلنا يعلمها جيداً هي أن تعيين هؤلاء الأفراد في الجهاز، في سوداننا وكل الأنظمة الديكتاتورية والشمولية في العالم، يتم على أسس مختلفة تماماً عن بقية ما هو متبع في دول العالم المتحضر الذي يحمي حقوق الإنسان، حيث أجهزتهم المخابراتية والأمنية لا علاقة لها مطلقاً بالجمهور .. وليس لها مكاتب معروفة ولا تلفونات .. وبالرغم من كل المخاطر الأمنية المهولة التي تهدد كل تلك الدول الغربية وخاصة الإرهاب، وبالرغم من تواجد المسلمون كمواطنون يعيشون بينهم، ولكنهم لا يجدون أي مبرر للتعدي على حقوق الإنسان .. بل الذي يساعدهم على تجويد الإداء الرقابي هو عدم الحوجة للإنشغال بحماية السلطة المنتخبة أصلاً ولا حوجة لملاحقة المعارضة المشروعة أصلاً
ولكن الحق يجب أن يقال حيث أن المأسآة الكبرى تكمن في فكرة إنشاء هذا الجهاز، منذ أيام نميري، حيث كانت عقيدته الأصل هي حماية السلطة وليس الوطن، ولا زال الوضع كما هو عليه .. وهنا يتوجب علينا أن نُـقر بأن الكثير من العاملين في الجهاز قد تم إختيارهم وتعينهم بمفهوم حماية الدين والوطن وأن الواجب يقتضي حماية تلك السلطة التي هو وحدها الحامية للدين والوطن .. وهم قد لا يتيسر لهم الإنعتاق من ذلك التغييب لأسباب كثيرة يصعب حصرهها، وبحكم الظروف المحيطة بهم، ونجاح السلطة في السيطرة عليهم من المنظور العاطفي فقد يكون لهم بعض العذر .. ولكنكم أنتم كأهل لهم فلا عذر لكم وقد يقع على رقابكم ذنبهم إن لم تشرحوا لهم ما هو خافي عليهم وتذكروهم بضرورة تجنب الوقوع في التهلكة من أجل ما هو دون أمن الوطن والمواطن فقط ..وبالرغم من علمنا أن إطاعة الاوامر في كل القوات النظامية في العالم أجمع هي الأمر الواجب الذي لا مفر منه .. ولكن لأي حدود؟ .. مثلاً: إذا أمر وزير الداخلية الكندي أو البريطاني الشرطة بإطلاق النار على متظاهرين فالضابط لن يطيع الأوامر.
طبعاً من حق كل أفراد الأجهزة الأمنية في سوداننا تنفيذ الأوامر مهما كان نوعها كما يقتضي الواجب .. فهذا شيء يخصهم هم لوحدهم .. ولكن الذي يخصكم أنتم، كأُسر وأهل لهم، هو حساب تداعيات ما يترتب على تنفيذ أي من الأوامر من أجل شيء آخر غير حماية الوطن والمواطن والتعدي على المواطنين لا لشيء إلا لأنهم رافضين للنظام .. فهذا النظام وغيره ذاهب لا محال ولكن الذي سيبقى إلي الأبد في حياتكم هم أحبتكم هولاء، أحياء كانوا أم أموات .. فذكروهم أن الدفاع عن سلطة أو فئة بعينها قد يكون مصيبة أبدية .. سجلات لا تمحى بمرور الزمن .. فعالم اليوم قد قد إتخلف عن الأمس .. تكنولوجيا المعلومات سهلت رصد أي إنسان فوق سطح الأرض .. في كل الدول الغربية اي إعتقال أو تعذيب أو قتل لشخص مدني خارج نطاق القانون من قبل أي قوات نظامية في أي مكان في العالم يتعبر جريمة ضد الإنسانية.
هنا في كندا تم القبض على الكثير من مواطني الدول العربية والأفريقية رغم تواجدهم هنا منذ سنوات بالرغم من أنهم قد حصلوا علي الجنسية الكندية .. ولكن القانون لم يعفيهم .. نزعت الجنسية من كثيرين منهم وسجنوا أو رحلوا وآخرهم مهندس طيار ليبي في منتصف الخسمينيات من العمر يعيش معنا هنا في نياغرا ڤولز منذ ١٦ عام .. أعتقل وأدخل للمحكمة فنزع منه القاضي الجنسية ثم تم ترحيله .. لا أحد يعرف السبب .. الزوجة وأولادها لا حرج عليهم لا زالوا هنا .. بل تقوم الدولة بتغطية القصور في دخل الأسرة بسبب غياب العائل .. راجع رابط وزراة العدل الكندية http://justice.gc.ca/eng/cj-jp/wc-cdg/prog.htmlhttp://justice.gc.ca/eng/cj-jp/wc-cdg/prog.html وراجع أيضاً الرابط أدناه لتجد أن كندا تطرد ٣٥ شخص مهاجر كل يوم http://www.neverhome.ca/deportation/
وأيضاً لتجد فيه قصة الفلسطيني 'حمودي غريب' الذي كان يعمل ضابط شرطة في السلطة الفلسطينية وليس مع حماس .. سُجن ورحل إلي قبرص وهي الدولة التي جاء منها لكندا .. وهناك في قبرص لا يزال في السجن .. جريمته لم تكن ضد إسرائيل، وإلا سيسلم لها فوراً، ولكنها كانت ضد مدنيين فلسطينيين .. فلم يجد من يسعفه من السلطة الفلسطينية .. لا محمود عباس أبومازن ولا غيره .. تركوه ضحية لتضحية قدمها من أجلهم .. تضحية لم يحسب لها أي حساب بل ظن أنه في غاية السعادة والأمان في كندا بعد أن نجحت شقيقته طبيبة الأسنان التي تعيش هنا في إستقدامه كمهاجر هو وزوجته وأطفاله الستة
من الأفضل أن يعرف أحباؤكم الذي يخدمون في جهاز الأمن ضرورة الحفاظ على صحيفة بيضاء .. فنحن نحتاجهم لكي يحموا سوداننا وأهلنا .. أحبائكم يستحقون كل الإمتيازات التي تمنح لاجهزة المخابرات في العالم وليس هناك دولة متحضرة تبخل عليهم بما يستحقون .. ومثال ذلك CIA وكالة المخابرات المركزية الأمريكية .. إمتيازات لا تحصى ولا تعد لموظفيها .. حماة لأمريكا ومصالحها .. ونحن نريدهم كذلك .. ولكن لا بد من تصحيح الأوضاع في سوداننا الجديد حيث يعاد التأهيل لكل الأفراد ليكون الجهاز مثل ال CIA وتتغير عقيدة الجهاز لتكون من أجل الوطن والمواطن .. وتتغير وظيفتة لتكون جمع المعلومات وتحليلها .. ولا تعامل مباشر مع الجمهور مطلقاً .. فتلك وظيفة الشرطة في العالم أجمع .. وحتى لو تم إعتقال من هو مهدد للأمن الوطني لا يجب أن يُحجز في أي مكان غير أقسام الشرطة .. فذلكم هو العدل ولا يجوز أداء أي وظيفة خارج نطاق القانون والعدل .. فجرائم الإعتداء على الأبرياء لا تنتهي بالتقادم .. بل تبقى شبح يطارد صاحبها مدي الحياة.. قد يكون الفرد على قناعة تامة أنه كان يطيع الأوامر ليؤدي واجبه المهني والوطني والأخلاق ولكن تلك الإدعات دائماً ما يصعب إثباتها في ساحات القضاء طال الزمن أو قصر بل ستبقى ماثلة للمحاكمة في ساحة الضمير يوماً ما وبعد عمر طويل ولكن حيث لا ينفع الندم
تلك الرسالة مقدمة أيضاً لكل أسر القوات النظامية في سوداننا وهذا التنوير والتذكير هو واجب لا يقتصر على أسر العاملين بتلك القوات فقط بل يمتد ليشمل كل القوى السياسية والمثقفين والكتاب والأدباء والفنانين والشخصيات المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني بل كل المجتمع ،. أما من جني جرم في حق مواطن من قبل فهو لن يفلت من العدالتين في الدنيا والآخرة، والله المستعان
١٨ ديسمبر ٢٠١٦ في الليلة الأخيرة من ليالي التشويق الثلاث
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة