* في العام ١٩٥٧ وما يليه كان أحمد أبو زيد السفير المصري في اليمن يكتب تقارير ورسائل مهمة معنونة لوزير الدفاع المصري..كل تلك التقارير والرسائل تحذر من الوقوع في الفخ اليمني..ولكن كل تلك الرسائل كان يتم تمزيقها ورميها في سلة المهملات، لان الإرادة السياسية ترى غير ذلك..كان الرئيس جمال عبدالناصر يعتقد أن لواءً من الجيش المصري مصحوباً بسرب من القاذفات كفيل بحماية النظام الجمهوري الوليد في اليمن السعيد.. ولكن بعد سنوات كان اليمن يستوعب أكثر من ٥٥ ألف مقاتل مصري..لاحقاً خسر الجيش المصري المنهك معركة الأيام الستة مع إسرائيل في العام ١٩٦٧. * مساء الثلاثاء الماضية كان الفريق صلاح قوش مدير جهاز الأمن الوطني السابق يتحدث لبرنامج الميدان الشرقي بقناة أم درمان.. أوضح قوش أن بإمكان الجيش السوداني أن يتدخل في الحرب الأهلية في جنوب السودان، شريطة أن يتم ذلك بتفويض من الأمم المتحدة.. صحيح أن الفريق قوش جعل ذلك واحداً من الخيارات التي يمكن أن تحقن الدماء في جنوب السودان.. لكن في ذات الحلقة كان موسى المك كور كادر الحركة الإسلامية المعروف في جنوب السودان، يحذر من ذلك الفخ، ويؤكد أن الجنوبيين سيتوحدون ضد ما يرونه استعماراً جديداً. * لكن قبل مناقشة امكانية تدخل سوداني في جنوب السودان حري بنا الوقوف عند تجربة القوات الإثيوبية في الصومال .. حاول الإثيوبيون إعادة الأمن والاستقرار للصومال المجاور ولكن مساعيهم انهارت أمام الخسائر الفادحة في الأنفس والآلات ..اضطر الإثيوبيون للانسحاب لاحقاً والاكتفاء بالمشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي بعدد من الجنود يقل عن الخمسة آلاف مقاتل..رغم ضعف المشاركة إلا أن الجماعات الصومالية المقاتلة كانت دائماً تتربص بالقوات الصومالية، بسبب مشاعر الكراهية التي سببتها الحروب بين الشعبين . * إلى وقت قريب كان مواطنو جنوب السودان يعتبرون يوغندا بلداً صديقاً أعانهم أيام الحرب الأهلية .. بعيد انفصال جنوب السودان كان الاقتصاد اليوغندي يتمدد في الدولة الوليدة كوريث للاقتصاد السوداني الذي انسحب شمالاً.. لكن قرار كمبالا التدخل لحماية الرئيس سلفاكير جعلها جزءًا من الحرب في جنوب السودان..مشاعر الكراهية سادت بدلاً عن الأحاسيس النبيلة. * صحف البارحة كانت تتحدث عن استنجاد أمريكا بالخرطوم في سبيل التهدئة في جنوب السودان..بل إن بعض المسؤوليين السودانيين شرع في وضع الشروط المسبقة أمام أمريكا والتي من بينها رفع العقوبات الامريكية عن الخرطوم..بل إن أمين أمانة أفريقيا في المؤتمر الوطني لم يستبعد مشاركة قوات سودانية في إطار قوة حفظ سلام من دول شرق أفريقيا . في تقديري سترتكب الحكومة خطأً استراتيجياً إن تدخلت عسكرياً في جنوب السودان ..الغرب يحاول استخدام كلاب صيد لبسط الأمن في جنوب السودان.. لا تريد الدول الغربية أن تقاتل مباشرة خوفاً من ثورات الرأي العام المناهضة أي تدخل عسكري تنتج منه خسائر بشرية..بإمكان حكومة الخرطوم تكثيف الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة الجنوبية..كذلك بإمكان قوات النخبة السودانية المشاركة في عمليات خاطفة لتسهيل انسحاب الأجانب من جنوب السودان إذا ما حدث تصعيد جديد في الحرب.. أي خيار غير ذلك سيكون كارثي على مستقبل العلاقات بين البلدين الشقيقين. * بصراحة..مسح الذاكرة الحربية ربما يمهد لوحدة راشدة بين شمال وجنوب السودان..هدفنا الاستراتيجي ينبغي أن يتركز على أننا أخوة سلام لا رفاق حرب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة