عند الساعة الحادية عشر وعشرة دقائق من صباح ٢٣ يوليو ١٩٧٠ كان الرئيس جعفر نميري يذيع بياناً مهماً للأمة.. تم قطع الإرسال الإذاعي المعتاد للتنبيه لبيان السيد الرئيس..لم يكن البيان من راديو أم درمان بل من الإذاعة الأردنية ..وجّه اللواء جعفر نميري رئيس الوفد العربي الزائر نداءً إنسانياً يحث فيه ياسر عرفات لتحديد موعد وموقع للاجتماع به..وقتها كانت ألسنة اللهب تغطي العاصمة الأردنية بسبب الحرب بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني ..انتهت المهمة الشجاعة بخطف الرئيس عرفات وعودته سراً إلى القاهرة..العودة السينمائية لأبي عمار مثلت الخطوة الأولى في المصالحة بين الملك حسين وعرفات بعد جهود عربية متصلة كان رأس الرمح فيها الرئيس جعفر نميري. اللافت للنظر أن وزير الدفاع الكويتي سعد الصباح كان واحداً من أعضاء وفد نميري الذي شمل الباهي الأدغم رئيس وزراء تونس، والفريق محمد صادق رئيس هيئة أركان الجيش المصري..أول البارحة وصل الخرطوم رئيس هيئة أركان الجيش الكويتي للخرطوم ..الجنرال الكويتي سيشارك في مراسم تخريج دفعة من ضباط الكلية الحربية ..الدفعة الجديدة تشمل عدداً كبيراً من الضباط الكويتين..اختارت القيادة الكويتية أن ترسلهم إلى بلدنا ليكونوا في زمرة رجال الجيش المتخرجين من عرين الأبطال. منذ سنوات والكلية الحربية السودانية تستوعب عدداً من أبناء الدول الشقيقة ..هذه الدول اختارت السودان رغم أن فضاءات دول كثيرة مفتوحة على مصراعيها ..الاختيار ليس خبط عشواء بل بني على دراسات ومقارنات ومعايير صارمة..رغم مناخنا الحار صيفاً والبارد شتاءً إلا أن إخوتنا اختاروا بلدنا ..مثل هذا الاختيار يجب أن يشعر كل مواطن سوداني بالفخر..ما زالت الكلية الحربية تمثل معلماً يحتشد حوله إجماع الأشقاء والجيران. ليت المؤسسات المدنية تستوعب هذا الدرس.. قلة الإمكانات حيلة العاجزين لتبرير الفشل ..لماذا لم تعد جامعاتنا على القائمة الممتازة على المستوى العربي..السودان الآن من أعلى الدول التي تصدر مرضى للأردن الشقيق..بلادنا الآن تستورد كل شئ من الخارج حتى (الببسي كولا) ..الخدمة المدنية في السودان صارت مضرب مثل في العجز والإخفاق والفشل. لماذا نجحت المؤسسات العسكرية في الحفاظ على النجاح والتميز.. الآن أبراج مساكن الشرطة في كل مكان..القيادة العامة تتفوق في البنيان على المؤسسات المدنية كافة..مثل هذا النجاح يعري مؤسسات مدنية مماثلة توفرت لها كل ظروف النجاح..السبب في تقديري أن المؤسسات العسكرية احتفظت بموروثاتها..الترقي إلى رتبة أعلى يخضع لضوابط صارمة ..التنافس يمضي في شكل هرمي ..فيما الخدمة المدنية تدار بقوانين تحض على الكسل..الترقيات تكون دون ضوابط.. بند التدريب يتم تحويله إلى بنود أخرى إن وجد. بصراحة.. تميز الكلية الحربية وقدرتها على جذب طلاب من دول جاذبة للهجرة يجب أن يولد سؤالاً عن عجز النخب المدنية في تسويق وجه السودان المشرق!!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة