تصر المصائب إلا أن تأتينا دفعة واحدة وأسال الله تعالى ألا تكون تلك الإبتلاءات المتتالية شبيهة بما أصاب قوم فرعون جراء دعوة كليم الله موسى (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)، فقد أبتلي أولئك العصاة المتمردون على سلطان الله بالجراد والقمل والضفادع والدم، فعلاوة على الأزمات السياسية والاقتصادية الطاحنة التي عجز أساطين السياسة والاقتصاد في بلادنا عن سبر أغوارها وإيجاد المعالجات الكفيلة بإنهائها رغم أن العلة معلومة والعلاج متاح لمن بيده (المشرط) الحاسم والعلاج الناجع ، تحل علينا هذه الأيام داهية أخرى لا تقل خطورة مما نعاني منه تتمثل في الإسهالات المائية التي ضربت عدداً من الولايات وفتكت بأرواح عزيزة من بني وطننا الغالي خاصة في ولايتي النيل الأزرق وسنار المحادتين لدولة جنوب السودان الموبوءة بالكوليرا وما أدراك ما الكوليرا التي أسال الله تعالى أن يصرفها عنا. يحمد لعدد من السلطات الصحية في الولايات أنها تفاعلت مع الأمر بصورة إيجابية، فها هي ولاية الخرطوم عبر وزارة الصحة تعلن عن حزمة إجراءات صارمة تطول عدداً من المرافق والخدمات فقد وجهت الوزارة بإغلاق المطاعم والكافتيريات المخالفة للشروط الصحية المفترض الالتزام بها، كما شددت الرقابة على الأطعمة والباعة الجائلين في الأسواق محذرة من عرض الخضروات في العراء ومن خطر المأكولات الملوثة والمياه التي كثر الحديث عن اختلاطها بمياه الصرف الصحي. في هذا الصدد تم التأكيد على الدور الكبير المنوط بمديري الشؤون الصحية بالمحليات والذين ينبغي أن يهتموا بمكافحة الذباب والحشرات الناقلة للأمراض المعوية من خلال الرش المستمر للأسواق والزرائب. كتبت قبل نحو أسبوعين عن ذلك المؤتمر الصحافي الحاشد الذي أقامه والي الخرطوم عن خطة الولاية لإزالة التشوهات والفوضى الضاربة الأطناب والتي ظلت العاصمة القومية ترزح في مستنقعها الآسن. تحدث الوالي عن أن تلك التشوهات تنفرد بها عاصمتنا دون سائر العواصم العالمية بالمخالفة للقانون متحدثا عن مخالفات كثيرة يضيق المجال عن ذكرها هنا وبما أننا بإزاء الحديث عن الإسهالات المائية فإن الوالي خص بالذكر ظاهرة (ستات الشاي) التي لا تحدث في أي من بلاد العالم التي تقام فيها كافتيريات ومقاه جميلة بشكل حضاري جذاب وليس كما يحدث في بلادنا المأزومة. أقول إنه لمن العجب العجاب أن تجد محال التمباك على مقربة من المطاعم والباعة الجائلين المفترشين للخضروات والأطعمة في الشوارع بل تجد بائعات الكسرة الجالسات في الطرق العامة الساعات الطوال يعرضن سلعتهن بأيديهن العارية ولا أحد يعرف كيف صنعت وما من أحد أو سلطة مختصة تفحص تلك الكسرة أو ذلك الشاي الذي كتبت الصحافة كثيراً عن خلطه بالخرشة وبالمواد الممنوعة، محال التمباك تنتشر في الأسواق وتنصب الدعاية الحاضة على تناوله على رؤوس الأشهاد رغم القانون المانع واللافتات المنتشرة في الشوارع من وزارة الصحة للتحذير من أخطاره الصحية الداهمة. أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي فقد تزامنت خطة ولاية الخرطوم لإزالة التشوهات من وجه العاصمة مع الحملة المصاحبة للتصدي لخطر الإسهالات المائية والتي رفعت من وعي الجمهور وجعلته أكثر استعدادا للتفاعل مع تلك الموجهات خاصة تلك المتعلقة بالصحة العامة الأمر الذي ينبغي أن يجعل السلطات الصحية بولاية الخرطوم أكثر صرامة في تفعيل القانون. إن الأمر جدير بأن تتولاه الحكومة المركزية من خلال خطة إستراتيجية تشرك فيها مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها وفعاليات المجتمع بما في ذلك المناهج الدراسية والإعلام والتربية الوطنية وغير ذلك، وليت الأمر يناقش في مجلس الوزراء حتى توضع له الآليات المناسبة وكذلك لا بد من خطط مرحلية عاجلة يشارك فيها الإعلام وقد دعوت اتحاد الصحافيين لقيادة مبادرة في هذا الاتجاه لدعم توجه ولاية الخرطوم لإزالة التشوهات من وجه العاصمة القومية بل وكل عواصم ولايات السودان. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة