:: قصة صديقين إقتسما كتاب التاريخ، وإتفقا أن يحفظ كلاهما نصف الكتاب، ثم يساعدا بعضهما في الإمتحان..وصباح اليوم التالي، وقبل جرس البداية، تلصص أحدهما على ورقة الإمتحان وتفجأ بأنها ورقة الجغرافيا، وليس التاريخ..وكاد أن يغمى عليه، وطلب كوب ماء، فناوله المراقب، وبعد أن تجرع، أشار إلى صديقه : ( جيب لى صاحبي دا كمان)، فزجره المراقب : ( انت مالك ومال صاحبك؟، ما طلب موية)، فجدد الطلب مؤكداً : ( اسمع كلامي و جيب ليه، أصلاً نحن الاتنين حافظين كتاب واحد)..!! :: وهكذا هؤلاء، أي كأن هناك من يجمعهم بين الحين والآخر - في قاعة أو فصل - و يلقنهم بعض المصطلحات ليصرحوا بها للناس والصحف ( بلا فهم).. وعلى سبيل المثال، قبل أسبوع، عندما إستنكر نواب بالبرلمان واتحاد العمال رفع الدعم عن الوقود والقمح، قال وزير المالية بالنص : (أنا كوزير مالية تهمني الوفرة وليس الأسعار).. واليوم، مٌعلقاً على قرار رفع الدعم عن الأدوية، يقول الأمين العام لشعبة مستوردي الأدوية بالنص : (توفر الدواء بأسعار أغلى أفضل من انعدامه مع انخفاض أسعاره) ..!! :: ولو إستنطقنا صمت السادة بوزارة الصحة - حول قرار رفع الدعم عن الأدوية- فلن نجد غير ذات الأسطوانة : ( الوفرة أهم من الأسعار)..وهكذا هم دائماً في مثل هذه الأزمات، أي يتساوى النقابي مع التنفيذي والتشريعي في الموقف والتفكير والحديث، وكأن هناك من يجمع رؤوسهم - وما بها من عقول - ثم يضعها على (رأس رجل واحد)..!! :: وعليه، فأن الأسطوانة الجديدة - الوفرة أهم من الأسعار - سوف تصبح شعار المرحلة القادمة.. بالإجماع، أي لن تجد متحدثاً يُبرر للناس كل هذا الضنك بغير تلك الأسطوانة .. فالوفرة أولاً وأخيراً، أما الغلاء لحد العجز عن الشراء فليس مهماً، أو هكذا ( حنك المرحلة )..!! :: فالمناصب الوزارية وإمتيازاتها بالسودان هي الأكثر وفرة في إفريقيا والعالم العربي، ومع ذلك فهي غير متاحة لعامة الناس .. في البلاد أكثر من ثلاثين وزارة، وبكل وزارة وزيرين أو ثلاثة .. ومن المضحك أن وزارة المالية العاجزة حتى عن دعم أدوية الفقراء من الوزارات التي بها ( ثلاثة وزراء)..!! :: وبالمناسبة، عدد وزراء ثلاث وزارات سودانية يساوي عدد كل وزراء حكومة أمريكا .. وليس في الأمر عجب، فأن بوزارة الثقافة السودانية (ثلاثة وزراء) وكأن البلاد قاعة سينما و شعبها بطل الفيلم .. وهكذا.. بكل وزارة وزيرين أو أكثر .. ورغم هذا الكساد الوزاري إلا أن هناك فئة قليلة هي التي تستمتع ب (مزايا الوفرة)، وهم السادة الوزراء و وزراء الدولة .. !! :: ومحزن للغاية أن الأسعار لا تهم وزير المالية، و أن يسير على خطى هذا التفكير الغريب أمين عام شعبة مستوردي الأدوية قائلاً (أسعار غالية أحسن من العدم)، وهو تبرير يستفز عقول الناس ومراد به تمرير قرار رفع الدعم عن الأدوية..فالشعبة تقاتل - منذ ثلاث سنوات - لتحرير أسعار الأدوية..!! :: ونسأل أمينها العام ، ما الفرق بين إنعدام الأدوية في صيدليات الناس وعجز الناس عن شراء أدوية لا يمتلك قيمتها (غيرك و الوزير) ؟.. للأسف، لا فرق بين موت الفقراء لإنعدام الأدوية في الصيدليات أ وموتهم لعجزهم عن شراء أدوية لا يملك قيمتها (غيرك والوزير).. وعليه، رحمة بعقول الناس وقلوبهم، فليكن تحالفكما في دفن العاجزين عن شراء الأدوية المتوفرة (تحالفاً صامتاً)، فان حديثكما كما الطاعون والجدري (لا يُطاق)..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة