لا تعارض البتة بين موقفنا السياسي الداعم لحق أبناء الجنوب في تقرير مصيرهم والذي تمخض عن اختيارهم الانفصال بإجماع غير مسبوق بل عن اعتبار ذلك استقلالاً نالوه من استعمار كان جاثماً على صدورهم ..أقول لا تعارض البتة بين موقفنا الداعم لحق أبناء الجنوب في (الاستقلال) أو قل لحقنا كشماليين في أن نعتبر الانفصال عن الجنوب حلاً ناجعاً لا يوجد بديل أفضل منه للمشكلة التي أرقت السودان شمالاً وجنوباً وأهلكت الحرث والنسل وبين أن نهب الآن لإغاثة الجوعى من أبناء دولة الجنوب ممن جاؤونا فراراً من المجاعة التي فتكت بهم جراء الحرب الأهلية التي ضربت بلادهم المنكوبة. (في كل كبد رطبة أجر) حتى ولو كان حيواناً فكيف ببشر من لحم ودم يتضورون جوعاً بل ويموتون في انتظار لقمة تسد رمقهم وكيف بأطفال أبرياء رأيناهم في صور الفيديو يتلوون من الجوع الذي أحال أجسادهم الصغيرة إلى هياكل عظمية تدمي القلب وتفري الكبد حزناً عليهم وعلى ما آلت إليه دولة الجنوب. نحن أبناء السودان ، أكرم أمة وأعظم شعب .. لا نقول ذلك نفخة كاذبة إنما حقيقة مجربة شهدت بها شعوب الدنيا وكرم اعترفت الأمم الأخرى بأننا لا نجارى فيه بل وتبارت الشعوب في التغني بأمجادنا ولا فخر . ليست عقدة نقص تجعلنا نبحث عما يعوضنا ويملأ عوار شخصيتنا كما كتب أحد الموتورين الذين يجيدون جلد الذات وتقريعها انهزاماً وانكساراً إنما حقيقة راسخة استبانت في مواقف شتى يصعب حصرها أو عدها منها تلك التي يحلو لي أن أفاخر بها الدنيا حين نفر الحجيج رجالاً ونساء من خيام أبناء السودان ليغيثوا المنكوبين في مشعر منى قبل نحو عامين مؤثرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة بينما لاذ الناس من الجنسيات الأخرى بخيامهم لا يغادرونها ولو احترقت الدنيا من حولهم الأمر الذي جعل شبكات التواصل الاجتماعي في السعودية تضج بالثناء وتمطرنا بسيل من التقدير والإشادة مقارنة بين إنسان السودان (المختلف) وإنسان الأمم الأخرى . أقول ذلك بين يدي تلك المجاعة التي ضربت إنسان جنوب السودان الذي يحتاج الآن إلى نخوتنا المعلومة فقد آن الأوان لنفير جديد نبرز فيه سماحتنا الفريدة. سنهب من جديد إن شاء الله كما فعلنا ونحن نرسل الإغاثة إلى الشعب الليبي وهو يعاني أيام الثورة التي اقتلعت نظام القذافي، وإلى الشعب السوري إبان اشتعال ربيعه العربي، وإلى مواطنينا في جنوب كردفان وغيرهم وغيرهم. سيتداعى أبناء السودان إن شاء الله لإغاثة اللاجئين إليه من دولة الجنوب من خلال منظمات المجتمع المدني التي سندعوها إلى نفير جديد إن شاء الله لنجدة جيراننا الجنوبيين سواء الذين لجؤوا إلينا أو الذين أقعدهم الجوع عن الوصول إلينا. أدعو هذه المرة إلى أن تتداعى الصحف جميعها وأجهزة الإعلام بالإضافة إلى المنظمات الوطنية التي سبق لنا أن دعوناها في استنفارات سابقة فاستجابت فوالله أنه لما يحزن المرء أن تتحرك منظمات أوروبا وأمريكا قبلنا، وقد تأثرت كثيراً عندما شاهدت فيديو لطفل جنوبي عار تماما وهو يحتضر بينما امرأة (خواجية) تنتحب باكية بصوت عالٍ وهي تقف أمام ذلك المشهد المريع. سنعلن عن أسماء المنظمات المدعوة للنفير وكذلك الإعلام راجين أن نتكاتف جميعاً في سبيل إنجاز ذلك الهدف النبيل. ندعو منابر الجمعة كذلك إلى التفاعل مع حملة إغاثة أبناء الجنوب والتي باركها رئيس الجمهورية ودعا أجهزة الدولة جميعها للانخراط فيها. أركز يا عصام صديق! لا شيء في هذه الدنيا يفري كبدي ويفقع مرارتي مثل الاستعباط واعتقاد أن الناس يحملون (قنابير) على رؤوسهم تجعلك تلعب بهم وتتلاعب كيفما تشاء. أقول هذا بين يدي خبر مضحك مبك دعا فيه د.عصام صديق رئيس الجمهورية إلى مساءلة كل من السادة علي عثمان محمد طه وعبدالرحيم حمدي ووزير الدولة للعمل السابق عبدالرحمن نورالدين والمحبوب عبدالسلام عن عملية جر الساعة وتعديل توقيت السودان وفقاً لما عرف يومها بالبكور . عصام صديق مستشار رئيس الجمهورية السابق الذي ربما يعلم راعي الضأن في البادية أنه هو - لا أحد غيره - من ابتدر فكرة البكور وملأ بها الدنيا وشغل الناس حتى أقنع بها الدولة فقامت بإنفاذها (وكأنها مخدرة) فلماذا يثير الضجة الحالية التي تشبه ضجيجه السابق حين بشر بتلك الفكرة حتى غدت قراراً نافذاً، ولماذا الدعوة إلى محاسبة آخرين يعلم يقينا أن دورهم في تلك القضية لا يقارن بدوره الحاسم الذي لولاه لما خرجت الفكرة إلى العلن ناهيك عن أن توضع موضع التنفيذ ؟. أقول لعصام لو كنت مكانك لصمت أو دافعت عن فكرتي حتى النهاية ولو غيّرت قناعاتي وأعدت النظر في الفكرة لاعتذرت للشعب السوداني الذي سقته رغم أنفه ليغرد وحده خارج سرب التوقيت العالمي ولالتمست منه العفو والصفح أو طالبت بشجاعة بالمحاسبة بدلاً من هذه (اللولوة) التي لن تنطلي على أحد بل والتي تثير الاستهجان والتقزز والضحك. نصيحة للأخ عصام أقولها في عبارة واحدة (أركز يا رجل). assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة