اديس ابابا اليوم 8 اغسطس 2016 "تتغير الانظمة وتزول، بهذه الطريقة او بتلك، وحدها الاوطان تبقى تمر بلادنا اليوم بمنعطف خطير فى هذه المرحلة من مراحل تطورها السياسى والاجتماعى، وتواجه تحديات مصيرية اصبحت تهدد بقائها ككيان وطنى ظل موحدا منذ تكوينه، وحتى فى هجير الدكتاتوريات العسكرية السابقة، والى ان اطلت علينا هذه الدكتاتورية المتأسلمة المتسلطة فجثمت على صدر الوطن لاكثر من ربع قرن وكانت حصيلة سياساتها الرعناء انفصال جزء عزيز من الوطن ودخول ما تبقى منه فى دائرة شريرة من الحروبات العبثية التى شنتها على مناطق شاسعة من الوطن، فقتلت عشرات الالآف من الضحايا الابرياء ومازالت تقتل وقذفت بالملايين منهم الى النزوح واللجوء الى المجهول ، ودمرت الديار ووسائل كسب العيش الكريم ومازالت تفعل.. ولعل من اسوأ نتائج الحروبات المتواصلة لهذا النظام ضد شعبنا، هى تلك الجروح العميقة التى خلفتها فى جسد الوطن، وتلك المرارات والكراهية بين مكونات الوطن الواحد، هذا الى جانب ضياع مستقبل أجيال عديدة فى مناطق الحروبات . معالجاتنا لكل هذه القضايا المعقدة تحتاج منا الى التبصر وإلى درجة عالية من الحذر، وان اهم خطوة علينا ان نخطوها هى العمل على وقف الحرب ووقف العدائيات.. وتلك الخطوة قد بدأت فى اليوم الثامن من اغسطس لهذا العام 2016، بتوقيع قوى نداء السودان على خارطة الطريق...ونامل ان يتوفر حسن النوايا من الجميع فى السير قدما نحو الحل السلمى الكامل المتفاوض عليه بين الفرقاء جميعا. نحن فى مبادرة المجتمع المدنى السودانى، نمثل تحالفاً عريضاُ للقوى المدنية الوطنية، غير الحكومية وغير الحزبية، وهو تحالف تجمعه قيم ومبادىء المجتمع المدنى المرتكزة على الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية المواطن، ومتسم بالاستقلالية مع الالتزام الكامل بالقضايا الوطنية الحيوية، يستمد ارادته ومسئوليته واهدافه وبرامجه من القيم المشتركة لعضويته ومن استشعارهم لمسئولياتهم الانسانية والاخلاقية تجاه الوطن والمواطنين. وبتلك الصفة يعبر عن (سلطة المواطن والمواطنة)، التى تتجاوز كل الاُطر العرقية والايدلوجية والسلطوية، وتعمل بالتنسيق مع عضويته المنتشرة فى كل انحاء الوطن، هادفين الى بناء وجدان وطنى مشترك بين ابناء شعوب السودان، والى ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة وتعزيز الديقراطية والاندماج المجتمعى لكل الكيانات الوطنية..وقد ظللنا حضورا فى كل ما تم بصفتنا مكونا وعضوا مؤسسا لقوى نداء السودان، وكان لنا شرف المساهمة فيما تم من انجاز في الثامن من اغسطس. إننا اليوم نستشعر بوضوح تام مسئولياتنا المستقبلية والتى ستأتى بعد هذا التوقيع من(وقف للعدائيات وفتح المسارات الانسانية وتوصيل الاغاثات للمتضررين وتوفير الحريات)، وصولا لاتفاقية السلام الشامل.. ومن ثم الشروع فى أزالة آثار الحرب ومخلفاتها النفسية والاجتماعية بين المواطنين ووتوثبق عرى الوشائج الاجتماعية التى تقطعت بفعل الحروبات الاهلية المتواصلة، ثم العمل على بناء وجدان وطنى متآلف مشترك بين ابناء وشعوب الوطن وصولا الى بناء الدولة الوطنية التى تسع جميع كياناته ومكوناته، وكل ذلك يحتاج الى اعوام من العمل الوطنى التطوعى المخلص والدؤوب فى مجالات العمل الاجتماعية و الثقافية والتعليمية والتوعوية ، وعلى كل المستويات، وبأكثر مما يلي الجانب الحكومى الرسمى. فالحكومات تتغير وتتبدل اهتماماتها واولوياتها وبرامجها. ووحدها (سلطة المواطن) وحقه فى بناء وطنه، هى الباقية.. تلك هى الرسالة الاساسية والاولى لمنظمات المجتمع المدني الوطنية. وسيظل ذلك هو مبدؤنا ودورنا ونهجنا. هذه سانحة طيبة لنحيى ونهنىء ابناء وبنات شعبنا فى كل انحاء الوطن بما تم من خطوة اولية لكنها جبارة وجريئة نحو تحقيق السلام الاجتماعى نأمل ان يكون مستداما للوطن، ومسئوليتنا الوطنية الآن تفرض علينا ان ندفع بالجميع للسير فى هذا الاتجاه.. ونحن فى مبادرة المجتمع المدنى السودانى نوكد بأن منظماتنا القاعدية جاهزة للمساهمة بفعالية فى تهدئة الخواطر وفى المصالحات القاعدية عبر مبادىء العدالة الانتقالية، وفى ارساء قواعد العدل الاجتماعى والمحافظة على روح الاخاء والتعاون بين ابناء شعبنا وفى تقديم الخدمات الاساسية فى مناطق المعانآة الى حين الخروج منها. ان مبادرة المجتمع المدنى السودانى توكد مجدداُ على الارتباط العضوى بين قوى المجتمع المدنى وقضية الديمقراطية، فمن المعلوم ان القيم التى تأسست عليها المجتمعات المدنية المستقلة، هى قيم الديقراطية نفسها، فهى تقوم على التزام صارم وواضح باحترام التنوع والتعدد وروح التسامح وسيادة القانون. ومعلوم بأن هذه القيم الانسانية والاجتماعية مضادة بالضرورة للحكم السلطوى الدكتاتورى ومتناقضة بالضرورة مع اى نوع من الانظمة المستبدة والاقصائية، فالمجتمع المدنى- كما الديفراطية-يقوم على اساس يمارس فيه الانسان حريته وفق نظم تراضى عليها الجميع ولا يُقصى منها احد قانونا او ممارسة عملية بسبب دينه او لونه اوثقافته. ولذلك ستواصل المبادرة سعيها وستظل تناضل لضبط ممارسة الحكومات لسلطاتها فى اطار قوانين حقوق الانسان وسترفض وتدين اى شكل من اشكال الانتهاك لهذه الحقوق ، وانما يشجع الخصوم للجنوح الى السلم ويدعو الجميع الى التفاوض والحوار وصولا للتراضى فى معالجة القضايا المجتمعية والسياسية، فالدولة الوطنية انما تبنى بالتراضى وليس بالعنف وهيبة الدولة تقوم على توفير العدالة الاجتماعية وصيانة حقوق الانسان واحترامه مبادرة المجتمع المدنى السودانى.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة