جيل السانات والراستات والناس الواقفة قنا...في مواجهة اجيال الخيبات والانتكاسات...من ينتصر؟
جيلنا والجيل الذي قبلنا، أو (جيل الإستقلال)، بسبب حالة الزهو والنوستالجيا التي تصاحبهم كونهم صناع الاستقلال، يحلو دائماً لهم ان يطلقوا على انفسهم اجيال (التضحيات والبطولات). وقد ملأ شعراؤهم وفنانونهم الأوراق والآفاق بالاشعار والأغاني التي تمجد تلك البطولات والتضحيات، ولكن الناظر الى مسيرة الدولة السودانية منذ الفاتح من يناير ١٩٥٦ الى ١١ ابريل ٢٠١٩ يكتشف كمية التدليس والخداع في هذه التسميات، التي لا شك، تعكس حالة الفصام بين الوهم والحقيقة التي يعيشها الناس في هذا البلد (الحدادي مدادي)، وفشل تلك الأجيال الذريع في الحفاظ على الوطن (صحن الصيني الذي ورثوه بلا طقٍ او شق) ناهيك عن بنائه او النهوض به، كما تفعل الشعوب النابهة، حتى يلحق برصفائه في القارة الذين سبقوه بخطىً سريعة وهو قابعٌ في مآسيه وحروبه وفقره وتخلفه. اجيال صنعت الاستقلال، ولكنها اغرقت الوطن بالأيدلوجيات الدخيلة، وغرست في تربته القبلية والجهوية والعنصرية التي فرخت التطرف والعنف والانقسامات وادخلت البلاد في انفاق الحروب والانقلابات والشموليات، فكان الحصاد مراً والنتائج كارثية. ومع ذلك لم تتعلم تلك الاجيال من أخطائها، ولم تستفد شيئاً من خطل تلك التجارب وبؤس الممارسات، حتى انها في كل مرحلةٍ طيلة الستين عاماً ونيف من عمر الدولة السودانية، تعيد بإصرارٍ وغباءٍ عجيب، انتاج نفس تلك التجارب الخائبة، لتزيد الواقع الأليم ضغثاً على ابالة...والوطن لا بواكي له... وها هي اليوم بعد ثورةٍ ليست مثل الثورات او الانتفاضات السابقة، تريد أن تكرر نفس تلك الممارسات البئيسة، لتجد نفسها في مواجهة جيلٍ جديد؛ جيل السانات والراستات و(الناس والواقفة قنا)...جيل لم يتلوث بفضلات الأيدلوجيا النتنة السامة، ولا يعرف طوام القبلية والجهوية...جيل الواتساب والفيسبوك والانستجرام والتويتر، الذي لحسن حظه شغلته عن الإرتماء في مواعين تلك الأجيال الصدئة، او التلوث بموبقاتها وطوامها التي قعدت بالوطن عن النهوض...جيلٌ متمرد على كل شئ وشجاع ومصادم يريد أن يفحص كل شئ، ولديه قدرة فائقة على التواصل والحركة والمناورة والإلتحام...جيلٌ يؤمن بأنه صنع ثورة يجب أن تغير الواقع الأليم، ويريد أن يحافظ على زخمها وتفردها...لذلك يعتقد جازماً أنه لا مناص له من الإصطدام والمنازلة ولا يتهرب منها... يحلو لمنسوبي أجيال التضحيات والبطولات أن يسخروا من جيل السانات والراستات والناس الواقفة قنا ويطلقون عليهم باستهزاء أصحاب السراويل (الناصلة)، وأصحاب الحلاقات الغريبة (القجيجات)، وربما ووصفوهم بالجهل والخواء الفكري ومضى البعض منهم بعيداً ليشكك في أخلاقهم ويغمز في قناة تدينهم ويستهزئ بمواعينهم الجديدة (لجان المقاومة) و(لجان الخدمات) التي صنعوها ليقفوا بها في وجه المؤسسات العتيقة العنيدة، ويستصغرون قدرتهم على الحراك الثوري داخل هذه المواعين لصناعة التغيير...لذلك يحاول(هذا) البعض من خارج أسوار تلك المواعين أو من داخلها أن يستخدم نفس طرق الإستهبال والإستغلال والإستغفال القديمة ليخنق الثورة أو النيل من (ايقوناتها)، بالإلتفاف على شعاراتها وإفراغها من مضامينها وربما يحاول البعض الآخر اختطافها وسرقتها... لذلك أعتقد أن المواجهة مع أولئك وهؤلاء هي (حتمية)...وستكون حامية الوطيس، ساحتها الشوارع، وأدواتها المليونيات والمتاريس واللساتك...ولابد فيها من منتصر... فلمن يا ترى سيكتب النصر؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة