اليوم تم وضع اسم صديق لي على لستة المفصولين من الخدمة، رغم أنه لا علاقة له بالسياسة. بل أننا كلانا تم رفض تعييننا في القضاء العسكري لأننا لم نكن كيزان، وهو تعرض لرفض تعيينه في عهد الكيزان في النائب العام وغيره لذات السبب، لولا أن انتهى به الامر استاذاً في جامعة من الجامعات الطرفية. واليوم أيضا أقالوه من عمله كأستاذ في الجامعة، وكل سببه هو أنه متدين ويصلي ويؤم المصلين. فقلت له مازحا: - تعرف انت لا بيت لا عربية لا مرا لا أولاد وحسي كمان عاطل..دة كلو عشان صلاتك الكتيرة دي.. ورغم أننا نقيضان فهو متدين على العكس مني، لكنه ليبرالي جداً واستمرت علاقتنا حتى اليوم منذ أن التقينا في امتحانات القضاء العسكري حيث لم يتم قبولنا لأننا لسنا كيزان. وهو يذكرني بصديق أفغاني زاملني أثناء الماجستير والدكتوراه بمصر، وكان دائماً يكفرني، ثم جاءني في يوم من الأيام وعيناه جاحظتان من الدهشة، ولما سالته أخبرني بأنه تعرض للتكفير أثناء جداله في أحد المساجد.فضحكت عليه، ثم توقف عن تكفيري بعد ذلك رغم أن ذلك لا يهمني في الواقع. المهم أن صديقنا الأستاذ الجامعي هذا لم تتم إقالته إلا لأنه متدين، فجالت في خاطري صور العدد الكبير ممن تعرضوا لعشوائية لجنة التمكين هذه، وليحمد صديقي الله أنه بلا اسرة وإلا لتعرضت أسرته للتشريد. هنا تذكرت المسامير التي دقها الكيزان في رؤوس الشيوعين في بيوت الأشباح، ووجدت أنني الآن فقط فهمت سبب ذلك الفعل الإجرامي. فالشعب السوداني يفهم بعضه البعض جيداً، ولذلك إذا بطشوا ببعضهم بطشوا جبارين. فلنتخيل فجأة أن العساكر نجحوا في عمل انقلاب، تخيلوا كم الذين تعرضوا للظلم والذين سيكونون ناقمين على من ظلمهم وكم جهزوا من مسامير لصلاح مناع والتاني الضعيفون. لذلك كان الفكي مرعوباً بالأمس واليوم خالد سلك (دخلته خوفة أكتر من كمية السعوط التي يسفها)، بسبب انقلاب الأمس فصرح تصريحات عشوائية مضحكة جداً. ما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون قولاً، ولماذا يرفضون الحكم بين الناس بالعدل، وأن يعطوا كل ذي حق حقه، وأن يبنوا دولة مؤسسات وقانون، ويتنادوا إلى اتفاق جماعي يساوون فيه خصوماتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، بدلاً عن أن يقعوا في ظلمة الخوف الحالك من دوران الدنيا المفاجئ. وهل كنا نحسب يوماً أن الكيزان سيذهبون؟ ومن قبلهم أقوام هم اشد بطشاً وتلك الأيام يداولها الله بين الناس ولكن أكثر الناس لا يعقلون، فاتعظوا وإن كنتم لا تحبون الناصحين. إن العنف يولد العنف، والبطش يولد البطش، ويمنح الظلم مبرراً للظلم..فاتقوا يا أولي الألباب.
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم الموافق 22/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة