▪️حكامنا و سلاطيننا و قادتنا و كبراؤنا و أئمتنا و شيوخنا في كل الأزمان يجلسون هناك في الامكنة العالية و السرادق المظللة و المكاتب المكيفة الهواء و يستخدمون السيارات الفارهة و الازياء الجميلة و المخصصات العالية و الوجبات الدسمة و الحراسات المشددة و السفريات المتعددة و السياحة المريحة غير المعقدة ، اما نحن "الشعوب الساذجة" نقف حفاة عراة جوعي عطشي و ينادوننا و يقولون لنا "ايها المواطنون الشرفاء" ، و نصفق ونهلل ونكبر لهم و نرفع ايدينا ملوحين بعلامة النصر. ▪️في كل الازمنة و في كل الأمكنة نقف و ننتظر ،، و نقرأ و نشاهد ونستمع الى اخبارهم ، و نتناقش داخل مركبات النقل و المواصلات و في سرادق العزاءات و المآتم و الافراح و في المقابر و في صفوف الوقود و البنوك و المخابز و علي ملاعب الكرة و منصات التواصل الاجتماعي الخيالية ، و حول "بائعات الشاي" ، نتشاجر و نختلف و نتخاصم و ربما نتقاتل من أجلهم ، الاخ ضد أخيه ، و القريب ضد قريبه ، و الجار ضد جاره ، و الصديق ضد صديقه ، و الزميل ضد زميله ، ونستقطع من الأموال على شحها لنشتري الصحف التي تمجد قادتنا و لنشترك في القنوات التي تتبع قادتنا اينما حلو غادر السيد فلان ، غادر مولانا فلان ، وصل الزعيم فلان، وصل القائد فلان ، اجتمعت اللجنة ،، إجتمع البرلمان ،، إجتمع مجلس الوزراء ،، أعلن الوالي .. قرار بإعفاء وزراء ،، قرار بتعيين وزراء ،، هذا حالنا و هذا حال قادتنا. ▪️القادة و الكبراء و الزعماء كلهم ، شرقا و غربا و شمالا و جنوبا و يمينا و يسارا مستعربين و قوميين و افريقيين و رأسماليين و اشتراكيين و وحدويين و استقلاليين و علمانيين و متأسلمين ، ديكتاتوريين و عسكريين و ليبراليين كلهم سواء ، عملهم ، ليس من اجل شعوبهم . و كلما أحس أحدهم بخوف من انتزاع الكرسي الذي يجلس عليه نادي المواطنين: "أخرجوا إلي ثورتكم" ، و بلغة اليوم : "أصح يا ترس" ، و نخرج نحن السذج مرة أخرى إلى الشوارع الكئيبة المتسخة و تظلنا الشمس المحرقة و نهتف "عاش فلان" ، "فلان امل الامة" ، "شكرا فلان" .. و القادة هناك في الأعالي في المكاتب المكيفة الهواء يحرسهم الأمنيين و الشرطيين و المراسميين ، ينظرون إلينا من على شاشات التلفزة و الفضائيات و يضحكون و لسان حالهم يقول :- "نجحت الخطة" ، أي أنهم استطاعوا أن يستخدموا الشعوب لتثور من أجلهم وهم يأتوا ليسرقوا مجهودات الشعوب . ▪️للاسف يذهب السلاطين و يأتي سلاطين آخرون و يسيرون على نهج سلفهم في البهرجة و الصرف و الاحتفالات و الراحة لأنفسهم، و الظلم و الجور و الفقر و الجهل لشعوبهم ، و كالعادة يتحدث الزعماء و القادة و الساسة الجدد عند تنصيبهم و يقولون : "أيها المواطنون الثوار الأحرار" ، "سنفعل من اجلكم كذا و كذا و كذا" ، و يصفق الناس لهم ثم ينفض الجمع و يستقل القادة و حاشياتهم سياراتهم ومن خلفهم وعن يمينهم و يسارهم الحراس و الامنيين . و ينتشر المواطنون "الثوار الأحرار الأشراف" يمنة و يسرة يتزاحمون في الطرقات و في مواقف النقل و المواصلات يهيمون بحثا عن وسيلة توصلهم إلى منازلهم البائسة البعيدة ، يتزاحمون ، و يتسابقون و يتشاجرون بحثا عن مقعد و يظلون هكذا حتى ساعات متأخرة من ليلة الاحتفال املا في الوصول إلى أماكنهم الطبيعية :- -️الي الصحاري القاحلة البعيدة. -️الي الشوارع و الطرقات غير المعبدة المليئة بالحفر و المكدسة بالقمامة. -️الي ورش الحديد المتسخة بالزيوت السوداء و مخلفات الصيانة. -️الي الأسواق المكتظة بالبضائع الكئيبة البائرة و "القوقو". -️الي المطاعم المليئة بالمأكولات غير الصحية و الأخرى منتهية الصلاحية . -إلى مواقف السيارات المكشوفة غير المظللة و المكتظة. -️الي المزارع الفقيرة الى الماء و البذور المحسنة و الاسمدة و المبيدات و الاليات. -الي المدارس والمعاهد والجامعات الحزينة الفقيرة الى ابسط مطلوبات التحصيل العلمي . -الي المساجد والخلاوي القرانية التي تنعدم فيها المطلوبات التي تعين علي العبادة من فرش و صرف صحي و نظافة و نظام و أمان. ▪️أما القادة و الكبراء و الساسة والزعماء بعد أن ينتهي حفل التنصيب ، ينتقلون إلى مكاتبهم و قصورهم و فنادقهم و منازلهم بحراسة أمنية مشددة خوفا علي أرواحهم الغالية ، و عند وصولهم يديرون شاشات التلفزة لمشاهدة قنوات الأخبار المختلفة و لينظروا إلى الجماهير التي جاءت واستقبلتهم و صفقت وهتفت لهم ، ويتباهون، باعدادهم ، ويقولون :"لقد نجحت الخطة أنها حشود كبيرة " ، "انها مليونية الاحتفال" . ▪️هذا حالهم منذ قديم الزمان و هذا حالنا منذ قديم الزمان .
⬛️ أكونُ ساذجاً إذا كنت متعصباً الي فئةٍ علي الآخري بمجرد ان تم نشر بعضاً من وعودٍ كاذبةً ظللنا نسمعها منذ بدء "الاستغلال" ⬛️ ❌ ما الذي يجعلني اخرج لتأييد فئة علي الأخرى ؟
⭕️ هل سيقوم من أؤيدهم و اخرج من أجلهم بإدخال مجلس الوزراء و رئاسة الجمهورية و مقر سكن الرئيس ، ضمن جداول قطوعات الكهرباء ؟. ⭕️ هل سيكون من أؤيدهم و اخرج من أجلهم عادلين في التعامل مع أكوام القمامة التي أمام منازل المواطنين و مدارسهم و أسواقهم ومساجدهم بمثل تعاملهم معها أمام منازل الرؤساء و الوزراء و القصر الجمهوري ؟. ⭕️ هل سيقف من أؤيدهم و اخرج من اجلهم من الرؤساء و الوزراء و القادة في صفوف الخبز؟. ⭕️ هل سيتزاحم من أؤيدهم و اخرج من أجلهم في مواقف المواصلات ؟. ⭕️ هل سيترك من أؤيدهم و اخرج من أجلهم إيقاف المواطنين ساعات الذروة تحت الشمس لتمرير مواكبهم؟. ⭕️ كل فئة تريد أن تكون :- (السيد الرئيس) ، لكي تنعم بمثل ما كان عليه سلفهم منذ بدء "الاستغلال" ، اما باقي الشعب سيظل هائما في مكانه الطبيعي .
❌ أكون ساذجا اذا كنت متعصبا الي فئة علي الآخري بمجرد نشر بعضاً من وعودٍ كاذبةً ظللنا نسمعها منذ بدء "الاستغلال" .
✅ نعم "الإستغلال" (بحرف الغين) ، لأن الذي حدث في العام ١٩٥٦ هو فقط ذهاب حكام كانوا يتميزون عني كمواطن و حل محلهم آخرون و ظلوا يتميزون عني ، فالذي حدث هو فقط "تغير لون بشرة الحكام". و ظللنا منذ ذلك التاريخ في هذا الوضع ، حكام يتداولون الحكم لراحة أنفسهم و التميز علي المواطنين و هذا التداول يتم اما بالانقلابات العسكرية او بالانتخابات الوهمية او بسرقة الثورات الشعبية و في الجانب الاخر مواطنون هائمون ، فقراء ، مرضي ، عراة ، حفاة ، و ينتظرون وعوداً كاذبة . ❌ الذي يحزنني اكثر ان يتخاصم المواطن البائس مع أخيه تعصباً لتأييد فئة علي الآخري و ربما يتطور الخصام في احيان كثيرةً الي قتالٍ يروح بسببه الآلاف من المواطنين أما الساسة و القادة و الزعماء كما هم يجلسون في الأعالي و يتفرجون ، ثم يقولون "يجب ان تضع الحرب أوزارها" ، و يقولون "لا بد من الحوار" و يوقعون "اتفاقية السلام" و "يتصافحون" و يشهد علي ذلك حكام من العالم و أمميون من منظمات عالمية همها ان تجمع المليارات لمشاريع اعادة تأهيل ما دمرته الحرب ، و نفس القادة ربما "يتحدون" و ربما "يتحاورون" و ربما "يتصالحون" و ربما "يتآلفون" من اجل تقاسم "كيكة السلطة"، و اذا اختلفوا او تنازعوا او صعب عليهم تقسيم "الكيكة" لانانية كل منهم لأخذ النصيب الأكبر ، فسيعودون مرة اخري الي القاعدة الجماهيرية الحزينة و يقولون :- "اخرجوا لحماية ثورتكم" ،، "اصحي يا ترس" . صلاح الدين حمزة الحسن/باحث [email protected]
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق October, 21 2022