ما الذي تفعله حكومات السودان، إنها تاخذ وتأخذ دون أن تعطي. من المفترض أن حكومة السودان لا تملك مليماً واحداً سوى ما تستقطعه في كل هينة وقاسية من جيب الشعب، وأن يتم ما يسمى بإعادة تخصيص هذه الاموال لخير الجماعة، لكن حتى الخدمات الأساسية المتوفرة في أفقر بلد ستجدها ضعيفة وبائسة من كهرباء ومياه وتعليم وعلاج..الخ. فأين تذهب أموال الشعب، إنها تذهب لكل مسؤول جاء من خرارات القرى، ليشتري قصراً، ويذوق طعم المارتديلا ويتعلم بفضلها كيف يجر السايفون بعد أن كان يتغوط في الخلاء. ولولا الملامة لتعلم مسحها بمنديل الخواجات متشبها بهم. في المقابل: لا تقدم الحكومة للمواطن شرو نقير، فالحبشي والسوء داني في مرتبة واحدة. على الأقل يملك الاثيوبي جواز سفر أفضل من حيث المرتبة العالمية من الجواز السوء داني. طوال سبعين عاماً تأتي مجموعة من البؤساء فتغتني على حساب باقي الشعب وتذهب. وأسوأ هؤلاء هم الذين تعلموا بسبب دموقراطية التعليم، ثم ما فعله الكيزان بتجنيد الآلاف من المشردين من الأسر الوضيعة، وخلال ثلاثين عاماً أصبح هؤلاء مهيمنين على كل شيء. لقد أضحى أمر إدارة الدولة يمنح لكل من هب ودب، بدون مراجعة التاريخ الشخصي والأسري للشخص، وبالتالي أفرز ذلك حكماً ممن ترعرعوا على ثقافة الفقر من الرجرجة والدهماء، وهؤلاء لصوص؛ بطبعهم الذي تربوا عليه، يفتقرون حتى للعقل الابتكاري الابداعي لأن عقلهم مكرس في السرقة من أجل الجنس والبطن، ولذلك فحتى خطابهم في الإعلام يعكس تلك الثقافة البدائية والهمجية والمشبعة بالأكاذيب الساذجة. كان ما طوال قرابة سبعين عاماً حدث هو دمار شامل لقيم الطبقة الوسطى وانتشار قيم الطبقة الكادحة، وهي طبقة عانت من قمع الفقر، ولذلك يقبض المسؤول على المنصب ويتعلق به باكيا بمخاخيته لو أرادوا نزعه منه وجره جراً من فوق الكرسي. نتيجة لحكم البروليتاريا، فشل بناء دولة حديثة منذ الاستقلال، وكان من المفترض أن يحكم الانجليز حتى تتربى أجيال وأجيال نظيفة من ثقافة الفقر لتحكم. غير أن هذا ما لم يحدث، بل حدث العكس. ونتيجة لغلبة ثقافة البروليتاريا، انهارت الطبقة الوسطى وانهارت ثقافة المعرفة والعلم والابداع والابتكار. وللأسف حتى قيادات الأحزاب الطائفية ورغم أنها من أسر من المفترض انها شبعت، لكنها أورثت ثقافتها لأبنائها أي ثقافة الأنانية الارستوقراطية، وهكذا وقعت شبه الدولة بين سندان الأنانية الارستقراطية ومطرقة لصوصية البروليتاريا، ولم تنشأ طبقى وسطى حكيمة ورشيدة. تقلب الحكم بين الطبقتين عبر ارستقراطية الاحزاب الطائفية ، والعسكر كمعبرين عن طبقة البروليتاريا، ونتيجة لأن القيادات الطائفية تخشى من الهبوط؛ ظلت تتماهى مع أي حكم عسكري، وعندما تعارضه فهي تعارضه تكتيكياً لتحافظ على مصالحها. وهكذا ظل السوء دان محكوماً بالبلوريتاريا لقرابة سبعين سنة وبثقافة البروليتاريا، (ثقافة الانتقام والسرقة والجنس). فانهار التعليم كأحد ركائز نقل الثقافات وتغييرها ورفعها، فدخلت شبه الدولة في دائرة لا نهائية من حكم البروليتاريا. والآن أيضاً، لا سبيل إلا أن تحكمنا ثقافة البروليتاريا لعقدين تاليين على الأقل وتدمر ما تبقى إن كان هناك شيء قد تبقى..
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق June, 04 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة