الشعب السوداني لم يعايش في تاريخه القريب والبعيد جريمة موجعة ومؤلمة كجريمة فض إعتصام القيادة العامة ، الإعتصام كان رمز للثورة وعنوانها النقي، كان الكلمة الفاصلة التي نقلت الثورة من مواكب إلى فعل وأجبرت القوات المسلحة السودانية على التدخل ، نجح الاعتصام في إسقاط نظام المخلوع البشير ، ولأنه يقبع أمام بوابات الجيش حامى الحمى والمدافع الاول عن الشعب ، لم يدر بخيال احد ان تمتد اليه أيادي أثمة وتفضه بتلك القسوة والوحشية.
بلغ عدد شهداء جريمة فض الاعتصام ٢٧٠ شهيدا والمئات من الفتيات المغتصبات بل وصل الأمر حتى باغتصاب الأطفال كما ذكرت لجنة اطباء السودان المركزية، وهو عدد ربما يفوق عدد الشهداء الذين ارتقوا خلال كل المواكب في عهد المخلوع ، وهذا يوضح بشاعة الفعل ويحوله من جريمة فض إلى جرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان.
فض الإعتصام بالقوة العسكرية حدث في ظل حكم المجلس العسكري ورغم التصريحات التي صدرت من قيادة المجلس العسكري بأن المقصود كان تنظيف منطقة كولمبيا وليس فض الإعتصام الا إن الفض الذي حدث لاعتصامات الثوار في كل الولايات في نفس اليوم والايام اللاحقة لفض اعتصام الخرطوم كان دليلا أخرا على أن الأمر لم يكن تنظيف كولمبيا فقط وإنما القضاء نهائيا على بؤرة إنطلاق الثورة، هذا بجانب ما حدث في العاصمة لأيام وليالي سوداء كالحة تعطلت فيها الحياة ولم يسمع فيها الا الرصاص ولم يشتم فيها غير الدم ورائحة الموت ، وهي أدلة ووقائع بلا شك سوف تدرسها لجنة التحقيق ...
قضية فض الإعتصام هي قضية محورية للشعب السوداني ذكراها تعيد ذكرى أليمة له، ورغم مرور هذه السنوات ما زال الجناة طلقاء فضلاً عن أنها من الأشياء التي إن لم يتم حلها بواسطة العدالة الانتقالية لن يستقر الشعب. والحقيقة الواضحة وضوح الشمس أن الجناة هم اليوم فى السلطة فى أعلى اهراماتها فكيف يحاسب من له حصانة دستورية ومن يصدر القرارات بتكوين اللجان للتحقيق فيمن فض وأستباح إعتصام القيادة العامة فى صبيحة شهر رمضان المبارك...
قضية فض إعتصام القيادة العامة لن تسقط بالتقادم رغم تواطؤ لجنة التحقيق والخراب الذي لحق بالعدالة مع عدم الرغبة في تحقيق العدالة فضلاً عن عمل السلطة الحاكمة على تكريس وإعادة الإخوان المسلمين الذين ينادون بنسيان الخلافات والتوافق السياسى .....
لا يمكن بأي حال من الأحوال تحيق عدالة في السودان العدالة تتطلب إرادة وقوة وطنية صادقة، لذلك ملف قضية فض إعتصام أخذ أبعاده الدولية في لاهاي بهولندا و المنظمة الدولية لحقوق الإنسان بجنيف لان هذه الجريمة ترتقي إلى مستوى أبشع أنواع الجرائم الإنسانية...
ختاما
علي القوى السياسية والعسكرية تقديم تنازلات حقيقة من أجل الوطن انطلاقاً من المكون العسكري وإجراء محاكمات عادلة بالاقتصاص من قتلة الشهداء وتهيئة البيئة وإيقاف الاعتقالات التعسفية وتوفير الضمانات للحركة السياسية بالبلاد ، مع توفير بيئة ديمقراطية تشجع لإجراء إنتخابات حرة تخرج الدولة من مستنقع الانهيار...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة