ترتقي أرواح الشهداء موكب من بعد موكب وتنتهك الحرمات وتنهب الثروات و تباع الذمم لاجندة المحاور، بينما يتحاور الثوار ويتجادلون حول أحكام الميثاق الجديد َومبادئ الدستور، تتثاقل خطي الإنتقال الديمقراطي وتتاح الفرصة للقوى المضادة لترتيب الهجمة المرتده بعون العسكر الذين انقضوا على الإنتقال السلمي بوحشية الكواسر. لذا، يجب أولاً الرد على السؤال، لماذا دستور ٢٠٠٥؟ قبل الدخول في تفاصيل التطور الدستوري منذ الإستقلال. فاعتماد دستور ٢٠٠٥ كدستور حاكم للفترة الإنتقالية يتيح للقوي الثورية الشرعية الدستورية الفاعلة لما يلي: ١- إعتراف المجتمع الدولي : دستور ٢٠٠٥ معتمد من قبل المنظمات الدولية ودول الترويكا و كل احزاب المعارضة التي شاركت في إعداده و ترجمته و تنقيحه برعاية و إرشاد قمتي القانون الدستوري السوداني، الراحلين، مولانا على محمود حسنين و مولانا امين مكي مدني طيب الله ثراهما. ٢_ الإنهاء الفوري والثوري لحالة الفراغ الدستوري الناتج عن إلغاء العمل بالوثيقة الدستورية للعام ٢٠١٩ وفي ذات الوقت إبطال شرعية كل الإجراءات التي تمت عقب إنقلاب ٢٥ أكتوبر، وذلك حتي لايكتمل إستناد الإنقلابين علي شرعية الأمر الواقع. ٣_ إتفاقية نيفاشا لفض النزاعات، بنيت على اساس دستور ٢٠٠٥ الذي تضمن فصلاً كاملاً للحريات وتفصيلاً مقبولاً لتقاسم السلطة والثروة، يسري على كامل ارض السودان و على كل المجتمعات وفصائل المعارضة المسلحة منها وغير المسلحة. وفي هذا السياق، يجب العمل على تفعيل البنود التي عطٌلتها الإنقاذ عقب إنفصال الجنوب ليتوافق الدستور الإنتقالي مع تطلعات ومتطلبات ثورة ديسمبر المجيده. ٤_ كل مستويات هياكل الحكم الولائي والإتحادي الموجوده حالياً والتشريعات والقوانين السارية تستمد شرعيتها منه. ولا يمكن لإي هيئة حكومية او عسكرية او مدنية، الإعتراض على اي أحكام تصدر بموجب دستور ٢٠٠٥ لأنها اساساً أنشئت بموجبه. ٣_ يتيح التوافق على دستور ٢٠٠٥ شرعية إعلان خلو منصب رئيس الجمهورية وتهيئة الظروف الدستورية المناسبة للهيئة القضائية لتعيين رئيس جمهورية من قضاة المحكمة العليا أوالدستورية بصفة مؤقته لفترة إنتقالية لمدة سنه للإعداد لإنتحابات رئيس جمهورية لفترة رئاسية تكون مدتها حسب نص الدستور.
موجز الدساتير منذ الإستقلال وحتى الآن: هناك عدد من الدساتير تم العمل بها منذ الإستقلال. و تعود كل أجهزة الحكم المتعارف عليها في السودان الإن، كلياً أو جزئياً، الي تلك النصوص التي ماسلمت من عبث الاحزاب و العسكر، لكنها في الحقيقة هي الإرث التشريعي الذي يجب التعامل معه لسد الفراغ الدستوري فوراً، ثم تبدأ بعدها التعديلات والتجويد لكل المواثيق المقترحة عن طريق لجنة دستور يتوافق عليها الطيف الثوري أو المجلس التشريعي المنتخب
الدساتير الصادرة منذ الإستقلال و حتى تاريخه كانت كما يلي: ١- الدستور المؤقت للسودان لسنة ١٩٥٦ م ٢ - الأوامر الدستورية خلال فترة الحكم العسكري (١٩٥٦- ١٩٦٤). ٣- دستور جمهورية السودان المؤقت لسنة ١٩٦٤م . ٤- دستور السودان المؤقت (المعدل سنة ١٩٦٤ م) (تعديل رقم ٢ لسنة ١٩٦٥م). ٥- دستور السودان المؤقت (المعدل سنة ١٩٦٤ م) (تعديل لسنة ١٩٦٦م). ٦- دستور السودان المؤقت (المعدل سنة ١٩٦٤) (تعديل رقم ٦ لسنة ١٩٦٨م). ٧- الدستور الدائم لجمهورية السودان الديمقراطية لسنة ١٩٧٣م. ٨- دستور جمهورية السودان لسنة ١٩٩٨م. ٩- دستور جمهورية السودان الانتقالي لعام ٢٠٠٥م (دستور نيفاشا) والمستمر حتى الان .
ويجدر ملاحظة الأتي: ١_ كل الدساتير، ما عدا دستور ٢٠٠٥م، اعتمدت على الإطار النموذجي للدستور المقدم من قبل الحاكم العام للعام ١٩٥٣. ٢_ أدخلت عدة تعديلات في بنود دستور ٥٦ حسب التيار الحزبي للمرحلة من أقصى اليسار إلي أقصى اليمين. كانت تلك التعديلات مدعاة للإنقلابات العسكرية المدعومة من الأحزاب المناوئة. ٣_ تم تعديل الدستور ١٩٩٨م ليعبر عن المشروع الحضاري الذي تخلت عنه الإنقاذ للتوافق على دستور ٢٠٠٥ تحت ضغط حرب الجنوب والمجتمع الدولي. ٤_كان الصراع النخبوي حول بنود الدستور في مختلف مراحل التطور الدستوري سبباً لتشظي المجتمعات المحلية والكيانات الحزبية وعائقا للتطور الإجتماعي والإقتصادي المستمر حتى يومنا هذا.
و في مثل هذا الهدر الذاتي لفرص ممارسة الديمقراطية السليمة، يحلو لمن يحمل السلاح فرض وصايته بالقوة على المجتمع دونما وجل من عاقبة انفس قتلت و حرمات انتهكت و ثروات نهبت. ألا نخشى تكرار الخطأ؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة