بدلاً عن إنفاق الملايين على الحروب، تم تغيير نمط الاستعمار عبر شخصيات من الداخل، وإنفاق بضعة ملايين لتحريك مجموعات من الشارع تقبض مرتباتها شهريا عبر ما يُسمى بمفاتيح الإتصال، ثم نمذجة دموقراطية مسيطر عليها. لقد فشلت الخطة بعد نجاح أولي كبير في السودان، ولكنها كانت قد نجحت قبل بضع سنين في اوكرانيا. اللطافة والظرافة معيار قيادي: نجحت النمذجة في اوكرانيا ولكنها فشلت في دول عربية وغير عربية اخرى، وذلك لأن المعايير اليورو-امريكية في انتقاء القيادات لا تتناسب مع الشعوب شديدة الفقر، حيث أن معاييرها تعتمد على فكرة (العصرنة) أي إظهار القيادات وكأنها قادمة من كوكب آخر، كوكب مليئ بالرقي والتحضر والتزام بمعايير الرجل الأبيض الأوروبي التي تمثل الحداثة. كان هذا أقل كلفة من الإنفاق على الحروب، ولكن مشكلة أوروبا أنها لا تكمل جميلها وتقدم دعماً حقيقياً للشعوب الرازحة تحت قيادات أوروبا. وبالتالي يستفحل الفشل. لقد كتبت منذ سنوات عن الاقتصاد الاوكراني بعد تفتت الاتحاد السوفيتي، وكيف أن اوكرانيا تحولت لدولة تتبنى التحرير الاقتصادي والتقشف عبر المنهج الراسمالي، وطوال انصياعها لتلك البرامج ظلت تعاني من تعطل برامجها الصناعية التي كانت قد أحدثت قفزات كبيرة في ظل الاتحاد السوفيتي. وحين خرجت من الاتحاد السوفيتي كانت نسبة النمو ٢% ثم بدأت حالة الانهيار لتصل بعد قرابة ثلاثين عاماً للنسبة التي خرجت بها من الاتحاد السوفيتي أي ٢%. الشيء السيئ حقاً هو ان كل القوة الصناعية الأوكرانية نشأت في ظل انضوائها تحت الاتحاد السوفيتي. هذا ما عقد لساني من الدهشة وأنا اتابع الوضع الاقتصادي الأوكراني قبل سنوات لا لسبب إلا لأنني فكرت حينها في الهجرة إلى أوكرانيا..لكنني عدلت عن الفكرة حينما قرأت الوضع الاقتصادي الذي لم تدعمه أوروبا ولا أمريكا بالقدر الذي دعمت فيه انفصال اوكرانيا عن الجسد الروسي. وهذا بالضبط موقف حمدوك الذي نال -دوناً عن اي شخص آخر- التفافاً جماهيرياً واسعاً، لكن أوروبا كانت تريد مهرجين وبضعة شباب من أصحاب البشرة الناعمة لينقلوا الآيدولوجيات إلى الداخل بلا مقابل يناله الشعب. اهتم حمدوك بسفاسف الأمور، كختان الإناث وحرية شرب الخمر والمساواة بين الرجل والمرأة والجنسانية ومجتمعات المثليين، في دولة يحتاج مواطنها لرغيف الخبز. لذلك انتهى حمدوك بلا رجعة، وإن كانت بعض جيوب الأوروبيين ما زالت مندسة في القليل من المناطق الاقتصادية مثل اتحاد شباب أصحاب العمل وغيره. دعمت الامارات ذلك التوجه الاوروبي خلال الفترة السابقة محاولة لاسترضاء الغرب، فتم استخدامها واستخدام أموالها، ثم وجدت نفسها تواجه الحقيقة المرة، وهي اتجاه غربي للتوافق مع إيران التي تحتل الجزر الإماراتية، وفي حركة غبية استدعت الامارات بشار الأسد كنوع من إظهار الرفض لشرعنة النظام الإيراني. وستظل الإمارات تخسر وتخسر لأنها لم تتخلص من عقليتها البدوية، التي جعلتها تنفق مليارات الدولارات على التفاهات مثل شراء نسخة مشوهة من متحف اللوفر، وارسال مسبار صنعه الهنود والكنديون وغيرهم باسمها، وتجنيس لاعبي كرة القدم من الأفارقة. فلدى البدوي فهم خاطئ بأنه يستطيع شراء كل شيء بالمال، وهذا غير صحيح، وقد قال المثل السويدي: من يشتري أشياء لا يحتاجها إنما يسرق نفسه. الآن المهرج اليهودي زيلنسكي يقع في ذات ورطة حمدوك، بعد سنوات من الضحك على الشعب الأوكراني وحمله إلى مصير مظلم جراء سياسات أوروبا وأمريكا. رغم أن أوكرانيا خرجت بتركة ضخمة من القوة الصناعية من الاتحاد السوفيتي ولكنها لم تعمل بشكل متوازن في بناء علاقات إيجابية مع روسيا واوروبا.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/19/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة