لم أتفاجأ صباح الأمس كما لم يتفاجأ معظم الناس داخل السودان وخارجه بخبر السيناريو الساذج للمحاولة الإنقلابية المزعومة التي أحبطها الجيش كما تقول الأنباء فقد وضح للجميع أن الأمر ليس كما يتم تصويره وبثه لنا . فالسيناريو المتسلسل الذي ختمه تِرِك في الأيام الماضية بطلبه المخبول من البرهان بحل الحكومة وتكوين مجلس عسكري من ستة عسكريين وإلغاء إتفاقية منبر جوبا وأنه لن يفاوض غير العسكر ومن قبل ذلك جرعة الترويع السارية المفعول من العصابات في الأحياء وشوارع العاصمة وعمليات القتل العشوائية وإلقاء الجثث هنا وهناك والرسائل المتواصلة على الواتس بالتحذير لإرهاب المواطنين وغيرها لم تكن إلا تمهيداً لصناعة مسرح ٍ مواز ٍ غير مسرح الثورة الديسمبرية المختطفة بخبث وتآمر وضيع لوأدها وتشييعها إلى مثواها الأخير حتى لا تقوم لها قائمة ولكن خاب فألهم وطاشت سهامهم وارتدت رميتهم الى نحورهم ولم يقل الشعب كلمته بعد . حالة اللا حرب ولا سلم ( إن صح التعبير ) غير مريحة أبداً بالرغم من أن الشعب مترقب للذي يتجرأ وينقلب على ثورته الغالية برغم المآخذ عليها حتى يرى ويسمع المعنى الحقيقي للتفويض الثوري يكون لمن . المتابع أو المراقب للمشهد السياسي السوداني بعد الثورة يرى بوضوح تنمر العسكر وعدم رضاهم عن ما يسمونه بالمضايقة أو العقبة التي يجدونها من المكون المدني مع أن هذا المكون المدني هو الأصل في تغيير نظام الإنقاذ والإطاحة بالبشير وليس العكس ، ثورة ديسمبر قامت من أجل المواطن السوداني وله ويجب أن تظل هكذا ليس هناك فضل لأحد بالوقوف في وجه البشير وآلته الباطشة سوى الشعب وشباب الثورة وبالتالي ليس من حق الجيش أو الشرطة والأجهزة الأمنية والدعم السريع أن تستأثر بمقدرات وثروات البلاد دون بقية أفراد الشعب وإلا فليوضحوا لنا ما هو العمل الخارق والعظيم والمهمات المستحيلة التي يمكنهم القيام بها ولا يستطيعها المدنيون؟! ما هو عمل هذه الأجهزة بالضبط حتى تتميز عن بقية أفراد الشعب؟ لماذا يطلب البرهان وغيره تفويضاً كما يقول لحسم التفلتات وردع المتفلتين؟ لماذا يريد البرهان تطبيق نظام السيسي في السودان لممارسة القمع والترويع ضد الشعب كما كان يفعل البشير ونظامه دون مسائلة؟ لماذا لعبة التفويض هذه التي يعلم الكل بمن فيهم البرهان وبقية الأجهزة أنها تعني الإفلات من العقوبة لأي تعد ٍ على القانون أو خروجاً عن الوثيقة الدستورية بنصها الصريح في حرية الكلمة والتظاهر السلمي والإجراءات القضائية الشفافة وأن ليس هناك من هو فوق القانون أو له حصانة ضد المسائلة. الإنقلاب المزعوم يوم أمس مثله مثل الانقلابات السابقة لا كشف للمتورطين لا صور ولا فيديوهات لعملية إجهاض المحاولة وبالطبع لا محاكمات وهكذا ينتظر الشعب السيناريو القادم وكل الذي يريده المكون العسكري الذي قاربت دورته على الإنتهاء هو إنزال أنموذج السيسي بنزول مجموعة معينة يتم حشدها بلافتات وشعارات معده سلفاً ثم يأتي البرهان ليخاطبها بعد إضفاء صبغة الوطنية وصوت الشارع عليها ومن ثم يطلب منها تفويضاً على الهواء مباشرة وهي تردد قائلة ( فوضناك يا البرهان ... حسم الفوضى في كل مكان ) وهنا ينقلب البرهان على السلطة ببيان أولي يشكر فيه ( الشعب ) على تفويضه المبارك تماماً كما فعل السيسي وتكتمل المسرحية بتأييد ودعم من مصر واريتريا ثم الإمارات والسعودية وتشاد واسرائيل الصديقة ، ولكن البرهان وكل الأجهزة الأمنية والشرطية قد فات عليهم أن الشعب السوداني قبل ثورة ديسمبر ليس هو الشعب بعدها ، ولو كانت القوة العسكرية والأمنية والشرطية تستطيع بكل أسلحتها وعنفها وجبروتها لكان نظام الإنقاذ هو المسيطر حتى اللحظة على مقاليد الحكم ، إذاً على البرهان ومكونه العسكري أن يسيروا في الخط الذي اختطه الشعب وأراده وأن يكونوا حماة حقيقيون للثورة وليس مجرد شعارات أو بخط ٍ يختلف عن مسار الثورة .
عبدالماجد موسى/ لندن ٢٠٢١/٩/٢٢
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم الموافق 21/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة