أورد الاستاذ علي الزبير، اقتباسين للاستاذ خالد الحاج.. وخلص إلى أن هنالك تناقض، جاء ذلك في قوله: (حسب فهمي أنه يوجد هنا وجهتي نظر مختلفتين أو قل إن شئت متناقضتين..).. والتناقض حسب الأستاذ علي الزبير بين تصورين:
1/ أن ننتظر المسيح ليطبق الدين ولا نعمل.
2/ أن ندعو للفكرة ونقدم الحلول لمشاكلنا المختلفة.
حسب الفكرة، انتظار المسيح عمل!! هو عمل في الواجب المباشر وليس انتظارا سلبيا.. هو عمل في النفس، وعمل في الآفاق.. وهو عمل يجب أن يكون مضبوطاً بالفكرة وادبياتها.. ومن الأدب الأساسي في الفكرة، هو أن الدين لا يطبقه في الناس وبصورة جماعية إلا المسيح، حسب ما ورد عن الأستاذ في كتاب القرآن ومصطفى محمود، فيما عرف بين الجمهوريين بـ (إذن التطبيق) .. لذلك انتظار المسيح لا يتعارض إطلاقاً مع العمل في التبشير بالفكرة.. العمل بالتبشير فقط، وليس إدعاء تطبيق الفكرة.. وهذا ما ترجمه الأخ عوض الكريم موسى في بيته العرفاني الرفيع: جملِ الدار انتظاراً فهو بالترحاب أولى.. كأنما تجميل الدار _ العمل _ هو الانتظار نفسه!!
على ضوء هذه المقدمة الموجزة سأناقش ما ظنه الأستاذ علي الزبير تناقضاً بين الاقتباسين.. أول ما تجدر الإشارة إليه هو أن النص الذي اقتبسه الأستاذ علي الزبير من جريدة الجريدة، لا يوجد به أي دعوة لترك العمل في التبشير بالفكرة، أو اختزالها في الدعوة لانتظار المسيح فقط، حتى يذهب الأستاذ علي ليسأل السؤال الاستنكاري: (فهل نحن كمجتمع جمهوري في وقتنا الحاضر ناخذ بالراى الذى جاء فى جريدة الجريدة و يكون واجبنا انتظار المسيح المحمدى بحكم انه المأذون بتطبيق الإسلام على الناس و نكون بذلك قد ظلمنا الفكرة ظلما شنيعا..).. ويصور الأمر كأنه دعوة لترك العمل.. ثم إن الاقتباس المذكور مأخوذ من كتاب القرآن ومصطفى محمود.. أي جزئية في الاقتباس تشير إلى ترك العمل؟! أرجو أن يوضحها الأستاذ علي.. ثم إنه ومن ناحية عملية، وفي مجال الدعوة للفكرة، الأستاذ خالد ينشط في كتابة الكتب بنفس الطريقة التي تركنا عليها الأستاذ، وعلى نفس الخط، فقد كتب مثلاً كتب: الإسلام ديمقراطي اشتراكي، المعرفة وطبيعة الوجود، وكتب سلسلة كتب في المقارنة بين الإسلام والحضارة الغربية شملت موضوعات: الوجود الإنسان، الحياة، الفكر، الحرية، الاخلاق، محتوى هذه الكتب يعبر عن الفكرة بدقة ويبين تميز الفكرة على الأديان والفلسفات.. وقد كتب عدة كتابات في الشأن العام _ الداخلي والخارجي _ وعالج عدة مواضيع سياسية واقتصادية واجتماعية، وفق منهجية الفكرة في التعامل مع مثل هذه القضايا.. اعتقد ان أهم عمل للأستاذ خالد هو تصحيح التشويه للفكرة، من الداخل أو الخارج، الذي ظل يقوم به لمدة طويلة، فلا من الناحية النظرية، ولا العملية، الاستاذ خالد دعا لترك العمل وانتظار المسيح فقط.. فليس من الموضوعية في شيء، أن ننسب للآخرين ما لم يقولوه ثم نبني نقدنا على شيء قولناه لهم!! بصورة مبدئية، من حق أي أخ ان ينقد من هو مُقدمٌ عليه، بشرط التحلي بـ: الأدب والموضوعية، وعدم التحامل.. ومفارقة أي من شروط النقد أعلاه، هو مفارقة لأدب الفكرة في النقد..
النصوص التي أوردها الأستاذ علي الزبير منسجمة مع بعضها، وهي تكمل بعضها بعضاً، وتعطي تصور متكامل للفكرة، في الحاضر وفي المستقبل.. ففي الحاضر حسب الاقتباس الأول نبشر بالفكرة، ونقدم الحلول للمشاكل المختلفة استناداً عليها.. ومن ضمن ما نبشر به للمستقبل، هو ما ورد في النص الثاني، بأن وقت مجيء المسيح، وتطبيق الدين قد اظلنا..
إن من يدعون للعمانية، ولفصل الدين عن الدولة، ، ولإبعاد طريق محمد منهاج "لا إله إلا الله"، ومن يؤيدونهم، هؤلاء جميعهم بمقاييس الفكرة لا يعملون للفكرة!! وهم لا يعملون للمسيح ولا ينتظرونه بعملهم هذا!! وإن ظهر للآخرين أنهم يعملون، ذلك لأن العمل في الفكرة عملي ديني، وليس سياسة.. وهم بذلك لا يتقيدون بأدب انتظار المسيح الوارد في كتاب المسيح، جاء من الكتاب: (والنهج في هذا المضمار إنما يكون بمنهاج الصلاة، وبمنهاج (لا إله إلا الله) .. قال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) والصلاة يقع في قمتها الشهود الذاتي، وفي قاعدتها أداء الواجب المباشر جهد الإتقان.. وانتظار المسيح لا يكون انتظارا إلا في هذا الدرب ..).. هؤلاء هم من يظلمون الفكرة يا استاذ علي الزبير.
أحمد محمد مصطفى
مقالات سابقة ل أحمد محمد مصطفى النور بسودانيزاون لاين الان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة