عقب انتفاضة إبريل شهدت صحيفة الميدان مشهداً عاطفياً .. دخل إلى مباني صحيفة الحزب الشيوعي الحاج عبدالرحمن القائد العمالي الفذ والمحسوب على التيار الشيوعي .. التقى الحاج وجهاً لوجه مع التيجاني الطيب رئيس تحرير الميدان .. مد الزعيم العمالي يده ليصافح التيجاني، ولكن لم تتم المصافحة .. نظر التيجاني بازدراء إلى ضيفه ثم انصرف عنه.. نزل الدمع من عيون النقابي المحترم بسبب تلك الإهانة.. ولم يكن هنالك خلاف بين الرجلين سوى الرؤية من جوانب مختلفة للأحداث .. لكن للزملاء الشيوعيين حكايات في تصفية الخلافات.. قيادي بارز في الحزب الشيوعي تم رميه في العام ١٩٦٨ بالشذوذ الجنسي حتى لجأ إلى براغ متحسراً على ظلم الرفاق..أما الشاعر شيبون فقد اختار الانتحار بعد المقاطعة الاحتماعية التي ضربت عليه عقب فصله من الحزب العريق. أمس الاول أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي قراراً بفصل الدكتور الشفيع خضر ..القرار أنهى جولة من التناظر بين مدرستين أولاهما ترى أن كل شيء هاديء ومرتب في الميدان الشرقي، والثانية يقودها الشفيع خضر تطالب بخطوات ملموسة في مجال تجديد كيان الحزب الشيوعي ..بالطبع لا ينبغي إشهار بطاقة الطرد من الكيانات السياسية بسبب اختلاف وجهات النظر..لكن المثير للانتباه أن بيان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي حفل بعبارات خادشة للأدب السياسي، وتندرج في إطار التخوين..البيان اتهم المغضوب عليه بالإساءة لسمعة الحزب الشيوعي وتهديد أمنه وعدم الانصياع لرأي المؤسسات التنظيمية. ما علمنا سوءًا على الشفيع خضر يجعل تصرفاته الشخصية تجلب العار على المؤسسة التنظيمية ..بل إن الشفيع كان من الرموز الفاعلة في الحزب الشيوعي، ومن القيادات صاحبة السهم الصائب والإسهام الوافر، مما جعلها على رأس قائمة المرشحين لخلافة المرحوم محمد إبراهيم نقد..الحديث عن تهديد أمن حزب ما يقود إلى مفهوم جديد حول الكيانات السياسية المغلقة..سمعنا بالأمن القومي للدول ولم نسمع بتهديد الأمن الحزبي..كل هذه العبارات المسيئة تندرج في إطار اغتيال الشخصية التي حفلت به الساحة السياسية السودانية. في تقديري..فشلت قيادات الحرس القديم القابضة على مفاصل القرار في الحزب الشيوعي من احتمال جرأة الدكتور الشفيع خضر ..هذا الرجل يمثل أشواق جيل جديد في تيار اليسار العريض ..جيل بدأ يطرح قضايا إنسانية تمثل إحراجا لتجارب اليسار في المنطقة..مثل موقف الشيوعيين وغيرهم من قوى اليسار من الديمقراطية ومفهوم حقوق الانسان ..كيف يمكن أن يعيش الحزب الشيوعي في مجتمعات متدينة ..وهل بالإمكان أن يتعايش مفهوم العدالة الاجتماعية مع مفاهيم الحريات الاقتصادية . في تقديري ..عدم القدرة على الإجابة على هذه الأسئلة الصعبة مصحوباً بعدم الرغبة في ممارسة فضيلة النقد الذاتي جعل قيادة الحزب الشيوعي تصدر حكم الإعدام السياسي على رجل ذي بصيرة..فصل الشفيع في هذا التوقيت المتزامن مع إعلان المؤتمر العام السادس للشيوعي يرسل رسالة أن الحرس القديم لن يسمح ببروز أي قوة تطرح مفاهيم تجديدية ..الرسالة تتخطى الشفيع لتصل لكل من تحدثه نفسه بالتغيير. بصراحة..مازالت الساحة السياسية عاجزة عن إدارة التدافع السلمي داخل الأحزاب..في أمريكا جاء ترامب من أقصى اليمين طارحاً أفكاراً تخاطب القلوب المرتجفة ..لم توصد الأبواب في الحزب الجمهوري أمام الرجل، وترك ليعرض بضاعته في الانتخابات الرئاسية القادمة. akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة