مجمل شهادة الشيخ على عصره، هي شهادة على نفسه بالفشل، كسياسي ، وكرجل دين، وكمفكر.وعقدة دراما الحلقات، تتمثّل في كشف المسكوت عنه، لا في إعادة تدوير المعلوم..عندما يتحدّث الشيخ عن محاولة اغتيال حسني مبارك ، فإن حديثه سيكون مكروراً ، إذا اقتصر على كشف المتورطين، ولم يُعرِّج على نتائج تلك الفِعلة النكراء..
من نتائجها بالطبع، هذا الصمت المريب ، الذي تلتزم به الضحية..!
أيُّ ثمنٍ هذا..؟
أيُّ حجرٍ أُلقِم به حسني مبارك ، حتى كتم أحزانه، وتخلّى عن الحق الخاص و العام..؟
هل لذلك الثمن علاقة بسيطرة طه ، نائِب الشيخ، على مقاليد النفرة الخضراء..؟
هل للأمر علاقة بقانون مشروع الجزيرة 2005 ..؟
هل لهذا الصمت علاقة بالجهد الاستثماري، في الحوض النوبي..؟
الشعب السوداني لا يفيده في شيئ، إنتقام الشيخ من حوارييه..الشيخ تحت إحساسه الطاغي هذا، حوّل المفاصلة، من جولة صراع ضد العسكر، إلى سانحة تراحم بينه وبينهم.. جميع من لهم صلة بالانقاذ يتململون من هذا القليل الذي جاد به الشيخ في شهادته..كان أعجلهم ــ كعادته ــ أمين حسن عمر، الذي جاهد في تبرئة الأحياء، على حساب الميِّت، وذلك بإحالة المنكر إلى صغار الموظفين، مجهولي الهوية..!
إن كانوا قد دفنوها جميعاً بليل، فإن الظلام يعقبه النهار..كلهم يعلم ما في جوف البئر، لذلك يتململَ من تململَ، و"إنْمَلص" البعض، ومنهم من يخاف، ومنهم من ينتظر، وقد بلدلوا جميعاً، تبديلاً عظيما..!
ما قاله وسيقوله الشيخ، هو من صنع يديه..أهمية هذه الحلقات تكمن في أنّها ستخلصنا، وإلى الأبد، من أي سلطة متوهمة لجماعة الإسلام السياسي.
لأول مرة يشعر النّاس، بأن قائِد التنظيم يقول لهم جملة مفيدة..بالطبع لم يكن السودانيون، يحتاجون أن يكشف لهم الحقائق من وراء القبر، لكن يكفي أن نُشاهد الإحراج على وجوه العصبة أولي البأس، بعد ان شهد عليهم صانِعهم و مؤلف مسرحياتهم..!
الحقيقة ستنطلق عارية في السوق، إذا أراد الشيخ تبرئة نفسه، أو أراد الاعتذار..عدا ذلك، لن يضيف جديداً لما يعرفه شعب السودان عن جرائم هذه العُصبة..ذكاؤنا الإجتماعي توصل إلى المسكوت عنه، لتبقى شهادة الشيخ كتوثيق، لإلقاء المزيد من الحجارة، على بيتهم الزجاجي..ربما تكشف شهادته مزيداً من الخبايا، لكنها أيضاً يمكن تتجه إلى التأصيل، أو التمكين، أو تتمحور في شرح " المنظومة الخالِفة"،حتى يبقى فيهم مؤثراً،حياً وميتاً..!
ورطة الجماعة في الداخل، أكبر من ورطتهم مع الخارج..النكران أو التملص أو التبرير، وكل طرائق التنظيم في ممارسة السياسة، أصبحت الآن مثل تكرار فرفور لأغاني السيرة..!
إن تم طي أو تأجيل الملفات، فهذا يجعلهم يتخبطون في بعضهم، رغم سماكة جلودهم..هذه الحلقات ــ حلقات شاهد على العصرــ تُعتبر مُقدِّمة بالغة الخطورة.. إنّها بمثابة "بروفة" أولية ليوم حساب الكهنة، الذين آذوا العباد، وقسموا البلاد، وأكثروا فيها الفساد.. القبح الذي شهدته سنوات الإنقاذ، لن يصبر على الكُمُون..التاريخ يتكشّف بصورة أو بأخرى، بشيخ أو بدون شيخ..عبر قناة الجزيرة، أو من خلال " قناة الحريّة الجمال"..!
اليوم أو غداً، تكون الأسرار، كتاباً مكشوفاً يقرأه الناس..الطاؤوس منفوش الرِياش، يظن أنه لا يُخطئ، وأنه يعرف كيف يسوق المبررات..من السهل جداً أن يضع الطاؤوس مصلحته الشخصية وعظمته الساذجة، كهدف أول..لقد كان تكثيف المشهد واضِحا في طلب الشيخ، ان تُبث شهادته بعد رحيله، بينما كان التكثيف الأشد ضرواة، في فشل العُصبة بايقاف البث.
هنا لابد من استنباط عمل تحليلى..فهذا الشيخ ، لا يريد ان يترك أمجادا زائفه يتسكع بها غرماءه..إنه يأتي تنظيمه من القواعِد، ويريد أن يفعل ما هو أكثر من هد المعبد، إن لم يأخذهم واحداً واحداً، إلى جبانة بُري، بارتفاع الضغط والسكرّي..وهذا الوطن المُختطف، ليس بمنجاة من تلك الرائحة، خاصة وأن اتجاهات الريح تدور، دون استقرار على قِبل الوطن الأربعة.
جوهر الحكاية، أن الشيخ عندما أفاق، كان كيد صنائعه، قد بلغَ مبالِغه، عندها أدرك أن "حَوّا ولّادَة"، وأن "الحُوّار" بالفِعل، قد طَرَحَه أرضاً..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة