السودانيون متميزون بصفات إستطاعوا برغم المسارات التاريخية التي أورتهم موارد عصيبة وادخلتهم في أفران النازية الدينية و معسكرات العنصرية القبلية ، إستطاعوا دائما أن يغالطوا معادلات السياسة وأن ينتجوا أجيال لا تحمل أي من الأمراض التي خلطت بها مدخلات التآمر تارة والعفوية تارة أخرى ولونت بها عجينة الصراعات والمنافسات الطبيعية مرة و المخططة مرة أخرى حيث في النهاية سرعان ماتجد السوداني ذلك الإنسان الذي (وحشنا) واشتقنا له في التفاصيل والحاجات (الدقاقة) . . ما أن يعود الى نفسه وأصله ويروق في مواعينه . .
لا اكتب هنا لانال من احد او جنسية او بلد ولكنني اركز في أن اكتب بموضوعية وحرفية شديدين . .
من يعرف الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل يعرف بالضرورة انه لم يكن من المعجبين بالسودان ولا بأهله ولا حكامه ولا بتاريخه وهو الممفترض أنه كما يدعي الصحفي والكاتب المؤرخ والمحلل السياسي المحترف ولكنه لم يكن ابدا محايدا فيما يتعلق بالسودان . . ولا اعرف كيف كان يتمكن دائما في مقالاته وكتبه وحواراته الإذاعية والتلفزيونية وهي بالمئات ان يلتف على السودان وتاريخه ويتجنبه (ويزوغ) منه بطريقة فنية حتى لو أدى هذا التجنب والإنكار إلى إنحراف الحقائق وتلف المعلومات إذ أنه كان سرعان ما يتخطى هذه المناطق ويواصل رحلته دون ان ينظر حتى خلفه ليقيم الأضرار . . لا أدري مدى صحة ما يسوقه البعض بأن الرجل أصبح يتحاشى الخوض في اي شيء يتعلق بالسودان بعد أن تلقى صفعة محترمة (كف) من الرئيس نميري في حضور الرئيس جمال عبد الناصر والوفد المرافق لهما عندما حاول هيكل ان يعمل فيها (قرد) وهو الحريص دائما إلى درجة المرض على الدخول بين الكبار وأن يظهر ويستعرض ذلك في كتاباته ومقابلاته أنه مثلا صديق الرئيسً فلان وان الملكة فلانه أسرت إليه بأشياء والوزير فلان أصر ان يدعوه لتناول الطعام والمطربة الفلانية استشارته في مسالة كذا وكذا . . نعم . . نحن السودانيون لا نستطيع ان نفعل مثل هيكل ونتجاوز عن التاريخ ونقفز فوق الحقائق لمجرد أننا لا نحب شخصا أو بلدا . . فنحن لا نستطيع ذلك ببساطة بل ونستحي حتى لهيكل حين نراه يتحدث الساعات الطوال عن جمال عبد الناصر ويقفز متناسيا كيف استقبلته أحضان الخرطوم ليبكي فيها بعد هزيمته وكيف داوى السودان جراح الهزيمة التي اصابته وتسببت في إعلانه التنحي وكيف جمعه مع الملك فيصل وإخوانه حكام العرب واعاده من بعد عزلته كريما ومؤزرا .
اما الصحفي المرموق عبد البااري عطوان فهو قد إحترف الصنعة وتعرف على المال إبان عمله في السعودية وهذا حسب اعترافاته الشخصية ثم ما لبث ان ترك السعودية إلى احضان حبيبة جديدة نفطية ايضا هي ليبيا وتمرغ في خيرها ثم ما لبث ان قفز لاجئا إلى بريطانيا ومن هناك إبتدا سن اقلامه على من كان معهم وقوي بينهم حيث كان موفقا في مداعبة المشاعر ولانريد ان نقول إنتهازيا وهذا بالمناسبة هو أسلوب عبد الباري في الكتابة حيث ينال من من يريد بعد عبارة (لا نريد ان نقول او نذكر) ثم يذكر بعدها المآخذ والسلبيات على من يود النيل منه .
منحت الجنسية البريطانية عطوان درجة مناورة عالية وقوة وحماية كبيرة ماكان ليستطيع ان يكتب ماكتبه ويكتبه الآن دون توفرها ولو حتى كان تحت حماية أبطاله صدام وبن لادن وعرفات لكنها للأسف لم تمنعه من التشفي والعنصرية . . فعبد الباري لا يكتب عن الصومال واليمن إلا ليستهدف السعودية لكنه لا يهمه اليمن او الصومال في حد ذاتهما او مشاكلهما . . ولا يكتب عن السودان واهله وحضارته إلا في سياق انتقادات للسعودية او مصر او قطر فهو لا يفرد المساحات في صحفه ولا فيديوهاته لامر سوداني أو يمني أو صومالي ولكن لو عثرت نعجة في فلسطين أو الاردن يفرد لها صفحات أما حين يتحدث مع العالم الغربي بالإنجليزية فهو سريعا ما يحول الاولويات والأوزان ويعرف كيف يصطاد ويقتات .
نعم . . نحن السودانيون لا نستطيع ان نفعل مثل عطوان ولا نملك هذه (المرونة) في تحويل المواقف واستعمال دول وشعوب باكملها واختزالها لخدمة تحريض او فكرة اوهدف معين ليرضي به جهة ما خليجية او بريطانية او حتى ليرضي به طموحاته ثم نرميها ونتجاهلها ونتجاهل مشاكلها وحتى اخبارها .
السووداني يبقى هو نفسه بنفس مواقفه إتفق البعض معه أم إختلفوا مهما تحصل على جنسيات وجوازات حمراء وزرقاء او حتى لون زينب ولا يمنعه عن ذلك إلا الشديد القوي .
اما البشير فهو لمعلومية الكثيرين ليس سوداني . . بل هو من المتاسلمين الذين يؤمنون بان الاوطان تذوب وتنصهر من اجل تمكين وخدمة الدين وان السودان ليس سوى دولة اخرى سقطت أمام الفتوحات الإسلامية فأهلها عبيد ومالها غنيمة وفي سبيل الدين يمكنه ان يكذب على امريكا يوما وعلى إيران يوما وعلى الإمارات وقطر ثم يحالف مصر شهرا ليقفز من مركبها الشهر التالي و يحالف السعودية . البشير قبل كل ذلك معروف لدى جميع من نشا وترعرع وكبر بينهم وممن رافق وزامل بأنه كذاب . . والكذاب هو الشخص الذي يكذب على الناس لكن الناس يعرفون انه يكذب لذلك فهو كذاب لانه إذا نجح في تمرير كذبه واقنع به الناس لأصبح ماكرا ولما إحتاج الآن لكل هذه المنصرفات والجيوش والأجهزة لتأمين خلوده لقليل من النوم او تناوله لبعض الطعام دون ان يخشى على حياته من أقرب الأقربين إليه .
نعم . . نحن السودانيون مجاملون جدا لكننا لسنا بكذابين أبدا . . فالبشير ومن معه من الأشرين المتأسلمين هم ثقافة دخيلة على السودان وسيتم لفظها والقائها خارجا بقوة بمجرد أن تزول شوكتهم و كلنا أمل بأن ننظف جراح هذه الأمة لتلتئم على طهارة بعد ان نغسل نجسهم .
يضحكني بعض الإعلاميين السذج للأسف من الجارة الشقيقة مصر وهم يتحدثون في تنافس أصلا غير موجود عن أن حضارتهم أقدم من حضارة السودان وان أهراماتهم أكبر من أهرامات السودان فهم بالتأكيد يتخيلون بان الله قد خلق الدول بحدودها الحالية وأن ما يوجد داخل حدود كل دولة هو بالضرورة حضارتها حصريا ولو قرأوا التاريخ لعلموا ان هذه الدول لم تكن موجودة في الأساس وان من ملوك مصر الحالية حكام سود من السودان الحالي بل أن مملكة كوش قد إمتد ملكها من السودان شاملا كل مصر وحتى فلسطين وبلاد الشام الحاليين .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة