سيقول قائل مالكم والشأن الداخلي للأحزاب، حيث تحاسب مؤسسة حزبية أحد أعضائها طبقاً للوائحها، وسنرد بأن الحزب السياسي مؤسسة عامة، طالما أنه يشتغل في الفضاء العام ويطرح نفسه ليحكم البلد ويحكمنا. يتوسل الحزب السياسي للجماهير لينال تأييدها ورضائها، وجزء من ذلك أن تنظر الجماهير كيف يدير الحزب شؤونه وأحواله، وكيف يتعامل مع عضويته للاستدلال على كيف سيتعامل في الشأن العام؛ إن وصل للحكم. بهذا تصبح قضية فصل الدكتور الشفيع خضر من عضوية الحزب الشيوعي السوداني شأناً عاماً، إلا إن قرر الحزب التحول لجمعية خيرية أو جماعة ماسونية، عندها سننفض يدنا من شؤونه لتصبح شأناً خاصاً بأعضائه. ونبدأ بالقول: إن الحزب الشيوعي لن يموت أو يغيب عن الساحة نتيجة لقضية فصل الشفيع بكل ملابساتها، وقد مر الحزب بظروف أكثر مرارة وصعوبة وظل باقياً في الساحة، مهما كان الرأي في أدائه. كما أن الدكتور الشفيع خضر لن يموت أو ينتهي دوره السياسي في الساحة نتيجة لهذا القرار، فهو رجل فاعل في السياسة السودانية منذ أكثر من ثلاثين عاماً، كون خلالها خبرة سياسية كبيرة؛ بجانب إسهامه الفكري والتنظيمي في عمل المعارضة، لهذا يمكن أن يواصل عمله ودوره من خلال موقعه المستقل، أو تحت أي راية أخرى يختارها. عرفنا الشفيع خضر من خلال عمله في التجمع الوطني الديمقراطي، في المنفى وفي الوطن، ونشهد له بالعمل الجاد والفاعل وبالتفاني في تنفيذ المهام الموكلة له، وبقدرته الكبيرة على التفاعل والتواصل مع الناس، وبحثه الدائم في القضايا الفكرية والسياسية، وهو بهذا الإسهام أصبح رقماً لا يمكن تجاهله أو إنكار دوره. بالمقابل فإن الحزب الشيوعي السوداني صاحب تاريخ ومواقف لا ينكرها إلا جاهل ولا يتعامى عنها حتى من بعينيه رمد، يضعف ويقوى، يصيب ويخيب، يتفاعل ويخبو، لكنه يظل موجوداً، ولن نماري في الاعتراف بحقه في تحديد مواقفه ورؤاه، واتخاذ ما يراه في شأن من يختلف معه، في حدود قوانينه ولوائحه. لكن ما رشح خلال الفترة الماضية من خلال قضية الدكتور الشفيع خضر وخلافاته مع قيادة الحزب تبعث على الأسى والأسف. ودعنا نأخذ مثالاً بما جاء في بيان اللجنة المركزية الذي اتهم الدكتور الشفيع بنقل القضية للإعلام وعدم حرصه على بقائها في الأطر الداخلية للحزب. والحقيقة على العكس من ذلك تماماً، وأرشيف الصحف في الفترة الماضية موجود، ولم يغطه الغبار بعد. لقد التزم الشفيع الصمت ولم يصرح أو يجري لقاء مع الإعلام لفترة طويلة، قبل مناقشة تقرير لجنة التحقيق وبعده. بينما انفردت قيادة الحزب بالإعلام، وظلت تكيل له التهم وتحاكمه على صفحات الصحف، بدءاً من السكرتير العام السيد الخطيب ومروراً بقيادات الحزب الأخرى. وما تحدث الشفيع إلا مؤخراً، ومن خلال لقاء تليفزيوني يتيم. خلال هذه الفترة سربت قيادات الحزب قرار إيقاف الشفيع وبعض القيادات الأخرى، ثم هاجمته في لقاءات صحفية، وأصدرت عليه أحكاماً مسبقة. طريقة إدارة الحزب لقضية الشفيع مؤسفة ومقلقة لأصدقاء الحزب والحادبين عليه، وهي تحمل مؤشرات عامة تضر بكل الساحة السياسية التي يبدو أنها ما تزال بعيدة عن النضج والشفافية وكسب ثقة الجماهير. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة