فُصِّل الجنوب باستفتاء كانت نتيجته كنتيجة انتخابات الطغاة ٩٩،٩٪ مما يدل على أن الأمر مطبوخ بغباء. فُصِّل الجنوب وكان الواهمون من أبناء الجنوب يحلمون بثراء لن يكلفهم سوى بعض الانتظار، فمن سقوا بذرة الإنفصال حتى انبتت نسبةً تسمح لهم بدخول كلية الطب بجامعة هارڤارد، يقفون بباب الدولة الوليدة وهم يحملون ما يحقق لهم من الرفاه ما يكيد الشمال المعتدي، غير أن حصادهم الهشيم سرعان ما انطلقت فيه نار العنصرية التي لم ليجدوا لأنفسهم ملجأً منها إلا الشمال عدو الأمس القريب. تلك عنصرية خبروها وما حسبوا لها حسابا، لم ينظروا بعين الحقيقة التي روت أن تجار الرقيق هم الجنوبيون أنفسهم وأن كرم الله الكركساوي والزبير باشا ما كانوا إلا سماسرة يشترون ممن أحرق الناس بعد الانفصال ودفنهم في قبور جماعية. حسب اهلنا في الجنوب أن الانفصال هو انعتاق من رق الشمال وتناسوا أن ينعتقوا من رق أنفسهم. إن الصراع بين الدينكا وباقي قبائل الجنوب يعود إلى عهود الرّق المظلمة، فقد مارس الدينكا قديماً اضطهاداً على باقي القبائل بعد أن حسبوا أنهم شعب الجنوب المختار، وحديثاً يريدون أن يستأثروا بالسلطة وألا ينازعهم فيها أحد، أنظر إلى كل قادة الحكم في الجنوب بعد اتفاقية أديس أبابا وبعد نيفاشا تجد أن لسان الدينكا يقول لا تحلموا برئيس ما دينكاوي. هنا تكمن المشكلة التي بسببها لا نسمع إلى صوت الرصاص ولا نرى سوى الموت يحصد أهلنا في الجنوب المذنب منهم والبرئ. أما قادة الشمال الذين ظنوا أن عبئاً ثقيلاً قد انزاح عن كاهلهم بفصلهم الجنوب فقد ساهموا بقدرٍ كبير فيما يجري الان هناك، لم يكن تقرير المصير إلا ورقةً لا تمثل غالبية شعب الشمال بل كانت تمثل تياراً داخل حزب ما أفلح سوى في بتر أعضائه طواعية. إن ما يجري في جوبا لا يبشر بخير، فالصقور تتربص لتستغل المواقف البسيطة وتحرك الضغائن التي لا تثمر إلا الموت.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة