ولا تزال توقعاتنا تتنزل (كفلق الصبح) على الواقع الجنوبي المضطرب بالرغم من أننا لم ندع في أي يوم من الأيام الكهانة أو العلم بالغيب حين تنبأنا لباقان أموم ولياسر عرمان بالمصير الذي لحق بهما وبرفاقهما من أولاد قرنق الذين لطالما ناصبوا بلادنا العداء ووصفوا السودان وهم يغادرونه وعاصمته بعبارات صادمة قال فيها باقان ما لن ينمحي من ذاكرة التاريخ : (باي باي للعبودية) (باي باي عرب) (ارتحنا من وسخ الخرطوم)! آخر أخبار باقان ، كبير أولاد قرنق أنه أطلق تصريحاً مدوياً من أمريكا التي فرّ إليها طلباً للنجاة من جحيم الحرب المشتعلة في دولته دعا فيه المجتمع الدولي إلى (التحرك لوقف الإبادة الجماعية وعمليات التطهير العرقي التي تشهدها معظم مناطق جنوب السودان بدلاً من الاكتفاء بالإدانة)، واتهم باقان الرئيس سلفاكير بأنه يقود جيوشاً قبلية لتطهير القبائل الأخرى مثلما حدث في مدينة واو ومدينة ياي ومناطق قبيلة الشلك). ومعلوم أن باقان يقصد بالجيوش القبلية التي يشن بها سلفاكير الحرب قبيلة الدينكا التي تحكم الجنوب الآن بالحديد والنار مستعينة بدول أخرى مثل مصر يوغندا اللتين تزودانها بالسلاح وبالطيران الحربي . يا سبحان الله! هل تذكرون قرائي الكرام كيف شكا باقان (الإنتباهة) والطيب من خلال حواره مع صحيفة الشرق الأوسط اللندنية للمجتمع الدولي مما أوردناه يومها وكيف كان باقان وقتها حراً طليقا (يبرطع) كما يحلو له ويصول ويجول في الخرطوم التي كان ولا يزال يناصبها وأهلها العداء؟. كانت حركة قرنق وباقانها وعرمانها في تلك الأيام يعملون على إقامة ما سموه بمشروع السودان الجديد الذي لا يزال عرمان يلهث حتى اليوم طلباً له رغم الكوارث التي حاقت به. مشروع السودان الجديد الذي نفتأ نذكر بأن قرنق أراد من خلاله إعادة هيكلة السودان (reconstruction) على غرار ما حدث في جنوب أفريقيا التي (حررها) مانديلا من سلطة البيض بحيث يكون سوداناً أفريقانياً ذا انتماء أفريقي وهوية أفريقية صرفة تبعده عن محيطه العربي والإسلامي وبحيث يحكم من قبل الجنوب الذي يتزعم قرنق (مانديلا السودان)حركته الشعبية (لتحرير السودان) من هويته الحالية أي أن تحكمه الحركة الشعبية الجنوبية وزعيمها قرنق وقياداته الأخرى. تعلمون قرائي الكرام ما حدث لباقان وهو يغادر (وسخ الخرطوم) إلى جنته الموعودة وأرض أحلامه ودولته الجديدة، فقد سُجن ونُكّل به وأوشك أن يفقد حياته عقب مذبحة جوبا ، ديسمبر 2013 ، التي تفجر فيها الصراع بين الرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار واستقر بباقان المقام في أمريكا التي هرب إليها طلباً للنجاة بعيداً عن الحريق الذي اندلع في (دولة الأحلام) ولم ينطفئ حتى اليوم، فماذا عسانا نقول للشيوعي باقان اليوم وهو يرى أحلامه تتبخر غير : (اللهم لا شماتة)؟. أما رفيق باقان (الشيوعي عرمان) فدعونا نتأمل شيئاً من خيباته فها هو يتجرع الهزائم والحسرات فبعد أن رفع سقف تعنته إلى الإعلان عن رفض التفاوض جملة وتفصيلاً إلى أن يسقط النظام تماماً أخذ الرجل يتراجع رويداً رويداً إلى أن بلغ به الأمر القبول بالمقترح الأمريكي حول نقل الإغاثة الإنسانية بعد أن كان رافضاً له مستنكراً بغرور جهول أن تخرج أمريكا (عن طوعه) وترفع الحظر الاقتصادي عن الشعب السوداني بدون أدنى اعتبار لـ(التحول الديمقراطي) وكأن عرمان وحركته الشعبية وجبهته الثورية الوالغة في الدماء معنيون بالديمقراطية التي ظلوا (طول عمرهم) يحتقرونها والتي ذبحوها حتى في اختيار رئيس الجبهة الثورية عقب انتهاء ولاية مالك عقار. كان من نكبات عرمان وهزائمه المرة أن يفقد تعاطف الأمريكان فقد كانت ضربة قاصمة أن يبلغ الغضب بالمبعوث الأمريكي دونالد بوث درجة أن يدمغ عرمان ورفاقه من قادة الحركة الشعبية شمال (حشش) بأنهم يغلبون طموحاتهم الشخصية على مصلحة المنطقتين والسودان ثم حلّت به وبحركته الشعبية لطمة أخرى شبيهة من بريطانيا ولن نتحدث الآن عمّا ألحقه انفجار الحرب في دولة الجنوب من تحول في مسيرة حركة (حشش) فتلك قصة تحتاج إلى كتاب. وتوالت المخازي على عرمان ورفاقه فبعد رفع العقوبات الأمريكية عاد الإمام الصادق المهدي وأدلى بتصريحات إيجابية تتحدث عن الحل السلمي الديمقراطي الذي يرفضه ذلك الشيطان العاشق للدماء والدموع والدمار والخراب ولا أظن الإمام قد نسي الإساءات التي وجهها عرمان له ولابنته المنصورة د.مريم خلال جولات التفاوض في أديس أبابا ولا أستبعد تأثيرات تلك المواقف الصبيانية من عرمان وناطقه الصغير أردول على قرار عودة الإمام إلى الوطن فقد علم ما ينطوي عليه هؤلاء كما علمها يوم غادر التجمع الوطني الديمقراطي قبل نيفاشا. بل أني ، إن صح حدسي ، أرى (مراجعات وطنية مسؤولة) في موقف بعض قيادات حزب المؤتمر السوداني فقد لمست تغييراً في قناعات إبراهيم الشيخ الذي زرته والذي أرى فيه واقعية قد تدفعه إلى تغليب مصالح الوطن على نزق السياسة ومراراتها وضغائنها الصغيرة. ثم ها هم أبناء النوبة من النخب يثورون وأرى أمامي قائمة من (600) شخصية بارزة موقعة على بيان رافض لاستمرار الحرب، وها هو القائد فضل الله أبوكيعان ينضم للسلام ويخرج على الحركة الشعبية شمال (حشش) رفضاً لمتاجرة عرمان بقضية النوبة التي اتخذها سيده قرنق مع الشيوعي يوسف كوة ، بانتهازية بغيضة ، مطية لحركته ومشروعه ذلك أن أبناء المنطقتين ليسوا معنيين بإقامة مشروع قرنق (السودان الجديد) إنما بقضية منطقتيهم التي اتخذها قرنق ويوسف كوة والحلو وعقار وعرمان سلما من جماجم أبناء النوبة يصعدون به لتحقيق أحلامهم العنصرية بينما أطفالهم وآباؤهم ينعمون بالعيش الهانئ في فنادق أوروبا ويتلقون التعليم في مدارسها المترفة. لا عزاء لعرمان وباقان فقد سقط مشروعهما وسيدهما قرنق والذي اتخذنا كنسه ووأده واستئصاله هدفاً من أهداف معركتنا المقدسة منذ أن نشأ منبر السلام العادل والحمد لله رب العالمين. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة