لا يختلف السودان كثيراً عن محيطه العربي فمن يملك القوة وتنقصه الأخلاق دائماً يتمكن من البقاء متسلطاً على رقاب البلاد والعباد، والسلطة دائماً ما تكون رهينة لأجهزة المخابرات التي تستنفذ موارد البلاد الحالية والمستقبلية وتصنع أصناماً هم أول من يعبدونها ولن أحتاج لإيراد أمثلة كثيرة ولكن لشرح الفكرة مثلاً فلنأخذ مصرا على مدى السنوات الثلاثين الماضية ، حيث سيطر الرئيس المصري حسني مبارك على مقاليد السلطة لنفسه وللحزب الوطني الديمقراطي ، من خلال توليه لوظائف القائد العام للقوات المسلحة ، ورئيس مجلس الأمن القومي ، وأمين المجلس الأعلى للاقتصاد ، ورئيس أكبر حزب سياسي، الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ،الذي كان يتمتع بأغلبية المقاعد في البرلمان ، وحسب الدستور المصري كان من المستحيل انتخاب الرئيس في مصر دون الحصول على موافقة 250 عضوا من مجلسي الشورى والشعب.
النظام المصري هو امتداد لثورة 23 يوليو التي قام بها الضباط الأحرار عام 1952، ومنذ ذلك الزمن كانت المخابرات المصرية هي الحاكم الفعلي لمصر، ولازالت أساليبها وكوادرها تدير مصرا، وترأس مصرا في خلال 55 عاماً من خلال خمسة رؤساء ، فمحمد نجيب، وجمال عبد الناصر، وأنور السادات وحسنى مبارك والسيسي كلهم يتبعون للمؤسسة العسكرية المتفاهمة مع المخابرات.
وكذلك الحال في السودان فالرؤساء عبود، ونميري والبشير هم من حكموا البلاد لمدى يقارب الخمسين عاماً وما حكومة حوار الوثبة وما سبقها إلا سلسة سخيفة لتجميل التسلط وكل من شارك فيها ما هو إلا قطعة من ديكور لتجميل التسلط. فأمن حكومة مايو باق إلى اليوم وسيبقى لصناعة الأصنام البالية المهترئية مالم نهب جميعاًً لقلب هذه المعادلة.
فالسودان منذ استقلاله محكوم بتحالف بين الجيش وجهاز الأمن وتبلغ مدة حكم العساكر ما يقرب من الخمسين عاما بثلاثة روؤساء من المؤسسة العسكرية .
ولكن لا يعني هذا أن تفقد الشعوب الأمل في الحياة والتغيير مع الردة العالمية عن مبادئ حقوق الانسان والديمقراطية والعولمة، لقد اختلف العالم كثيراً بثورة الاتصالات ونجح شباب السودان في معركة العصيان التي لا بد لها أن تتواصل وبتسارع مع تنوع وسائلها وأدواتها.
ويبقى السؤال المهم كيف ومتى؟
في الأسبوع الماضي قمت بإجراء استبيان في موقع تويتر ، وكانت المشاركة مرضية لأن استخدام التغريد لازال ضعيفاً وسط السودانيين، وحسب الاستفتاء يفضّل معظم الناس ثورة شاملة بفكر حديث وقيادات جديدة ولازال الشعب متمسكا بالخيار السلمي برغم بؤس وقسوة الأحوال المعيشية وتدهور البيئة وتكاثر الأمراض، وهذا الأمر يتطلب :-
١- مؤتمراً شعبياً للحوار تشارك فيه كل قوى المعارضة الرافضة للعبث لبحث الخيارات المتاحة للتغيير.
٢- ابتدار حملة دبيلوماسية شعبية لمقابلة أعضاء البرلمانات في أوربا، وأفريقيا وأمريكا الشمالية لتشكيل موقف واضح من انتهاكات حقوق الإنسان والديمقراطية المزيفة.
٣- تواصل الحملات الرقمية في كل الوسائل لمقاطعة هذه الحكومة الديكورية وكشف الفاسدين فيها، والسعي الحثيث لإحياء العصيان المدني والرفض المنظم للنظام. والسعي الشعبي لقيام القناة الفضائية .
٤- قيام جبهة عريضة من تحالف قوى المعارضة ونداء السودان بشروط جديدة مبنية على عدم تكرار الأخطاء والتجرد من أجل الوطن.
٥- تنظيم النشطاء والمستقلين في كتلة ضغط هدفها المساعدة في التغيير .
٦- قيام نشاط خدمي يدعمه السودانيون بالخارج لمجابهة الكوارث والأمراض الخطيرة والتدخل العاجل وإنشاء المؤسسات التعليمة والخدمية.
٧- تواصل نشاط نداء السودان في وضع السياسات البديلة مع الضغط على جميع كيانات المعارضة بتقديم برامج بديلة لحكم البلاد.
٨- دعم فكرة حكومة الظل وتوسيع قاعدتها.
٩- تكوين لجان ثورية في الأحياء لقيادة الاحتجاجات وحماية الثورة القادمة
١٠- قيام اتحاد لنقابات السودان الحرة
هذه المجهودات تحتاج لثورة ونمط جديد للتفكير وتحتاج الى قادة ملهمين يمتلكون طاقة الخيال والاستعداد للتضحية والاتفاق. يا شرفاء السودان الآن أو الضياع.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة