عندما أعلن الرئيس "خطاب وثبته" و دعا القوي السياسة للحوار الوطني، إختلفت القوي الساسية في موقفها من الخطاب، منها من قبل الحوار دون شروط، و البعض الأخر قبل الحوار و لكن بشروط تحسين بيئته، و الآخرون رغم قبولهم بالحوار لكن شككوا في النظام و أختاروا رفع راية سقوط النظام. كان موقف الدكتور مضوي "أستاذ الهندسة الميكانيكية بجمعة الخرطوم" موقفا وسطا أن يستفاد من الحوار بخلق واقع جديدة في المعادلة السياسية، و التقيت بالدكتور مضوي كثيرا آواخر عام 2012، و تناقشنا كثيرا حول مسألة الحوار هل يمكن أن يسهم الحوار في خلق معادلة جديدة؟ كان يردد الدكتور مضوي مقولة " لينين" نعتلي المنابر الرجعية لكي نقول رؤيتنا و ليست رؤية النظام، و قال إن المعادلة السياسية لا تتغير، إلا إذا بالفعل استطعت أن تفتح ملفات ممنوعة التداول، و الاستفادة من التجمع لكي تغير بعض المفاهيم أو تضيف مفاهيم جديدة تخلق حوار خلاف ما يتوقعه النظام، لذلك أختار أن يكتب في الهوية، و أن يؤكد علي أن تؤسس الهوية علي حقوق المواطن و ليست الشعارات التي يرفعها النظام. و قال بدعوتنا إلي أحترام حقوق الناس و الحرية و العدالة لابد أنستفيد من كل المنابر التي تتاح لكي نؤكد علي رؤيتنا. إنتهي الحوار الوطني، و بعده تم إعتقال الدكتور مضوي دون تقديم أية إتهام إليه، و ظل ستة شهو في المعتقل، إنتهاكا للدستور و القانون، و طالبت أسرته بإطلاق سراحه أو تقديمه لمحاكمة، و لكن ظل جهاز الأمن و المخابرات رافضا لذلك تماما، و عندما قرر المدعي العام الإفراج عن الدكتور مضوي إبراهيم بكفالة، و قال ليس هناك ما يمنع، باعتبار ليس هناك ما يستدعي بقاءه في المعتقل، أصدر النائب العام قرار بالغاء قرار المدعي العام مما يؤكد أن القضية سياسية و ليست فيها أية شبهة أخرى، كما يحاول أن يشيع النظام من خلال بعض التابعين له، بعلاقات مع الخارج، . إن معرفتي بالدكتور مضوي إبراهيم ليست علاقة هامشية، إنه أخ و صديق أعرفه منذ إن جاء من قريته "كنور"ريف أم روابة لكي يدرس الهندسة في جامعة الخرطوم، ثم إنتمائه لحزب البعث العربي الاشتراكي، و تأسيس جبهة كفاح الطلبة الواجهة للحزب، ثم تخرجه من كلية الهندسية قسم الميكانيكية. ثم موقفه داخل حزب البعث في قضية الحرية و الديمقراطية، و تحرير القيادة القطرية من سطوة القيادة القومية، و التي حاولت أن تستغلها بعض القيادات لكي تصعد قيادات تقدم لها الولاء و الطاعة، رفض مضوي ذلك المنهج غير الديمقراطي و خرج مع بعض الرفاق، كما وقف مع هذه الرؤية بعض الطلاب في بغداد، حيث حدث أنشقاق طولي للحزب و الحركة الطلابية في بغداد. ثم أسس مضوي مع بعض الرفاق الذين خرجوا من حزب البعث و الذين كانوا قد خرجوا من الحزب الشيوعي " من مجموعة حشود" منظمة " العمل الاشتراكي، و كانت لهم مساهمات مقدرة في انتفاضة إبريل 1985، و ظلوا في ذلك الموقف و بعضهم أنتمي إلي " قوي التحالف" التي تأسست في أواسط التسعينات، و ظل الدكتور مضوي ينافح برؤيته حول تأسيس الدولة الديمقراطية و الدفاع عن حقوق الإنسان، و لذلك تم اعتقاله من قبل النظام مرات عديدة. إن الدكتور مضوي أعرفه تماما رجل ليس هين العريكة، و ليس هوائي المزاج، إنما صلب الموقف معتز برؤاه، لا يتردد في التعبير عنها بوضوح، و رجل وطني غيور علي بلده، و لديه موقف من كل القوي الأيديولوجية باعتبارها قوي لا تستطيع أن تتقدم خطوات في قضايا الحرية و الديمقراطية. الغريب في الأمر إن القوي التي كانت تصفق لرؤاه في الحوار الوطني تخلت عنه عندما تم إعتقاله، و لم تنطق ببنت شفاه، غير إن الدكتور علي الحاج الأمين العام للمؤتمر الشعبي قد أشار إلي قضيته في اللقاء الذي كانت قد أجرته معه قناة الشروق، حيث قال إن واحدة من القضايا التي تجعلنا نتمسك بقضية الحريات، و الحديث حولها، هو إعتقال الدكتور مضوي الذي يحتفظ به جهاز الأمن و المخابرات، و يرفض الإفراج عنه، أو تقديمه للمحاكمة، و بعد اللقاء قال الدكتور الحاج لبعض رفاق درب الدكتور مضوي، إنه سوف يتحدث مع الرئيس شخصيا لكي يتم إطلاق سراحه في اليومين القادمين. و الدكتور مضوي رغم إنه قدم العديد من دراسات الجدوي للرأسمالية الوطنية عندما كان في البنك الصناعي، ُثم أصبح أستاذا في كلية الهندسة جامعة الخرطوم، ثم مستشارا " مجموعة " ميني فارما" و بعدها أسس أعماله الخاصة، لكنه رفض تماما أن يتخل عن التدريس في الجامعة، و يقول دائما، رغم ظروف العمل لكن لابد أن نقدم ما يعين لهذا الشعب من أجل الرقي و التطور، مادام نملك المعرفة، لذلك لا يهم ما تردده بعد أبواق النظام، الذين يستقون معلوماتهم من جهاز الأمن و المخابرات، إن إطلاق سراح الدكتور هو إطلاق للعقل الحر المستنير، و الذي يحتاج إليه بالفعل وطنه و طلابه في الجامعة. و نسأل الله أن يخفف عنه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة