أغمضت سهير أعينها كالعادة بعد أن وجدت مقعداً مريحا في الحافلة المتجهة للخرطوم..هذه العادة تمنحها فرصة للخلو مع نفسها وكذلك تجاهل رفاق الرحلة..سهير كانت تكره الفقر الذي لا يحبه أحد..باتت في حالة بحث عن فارس مغوار يحملها من حى الدروشاب الشعبي إلى حيث لاعين رأت ولا أذن سمعت..ربما لذلك اختارت ان تدرس محاسبة بنوك..حتى بعد عملها في مصرف النيل تجاهلت مشاعر زملائها..كانت تراهم أقل من طموحها.. مداخيلهم الشهرية لا تعادل هذا الجمال الطاغي. أشرعت سهير شبكتها لتصطاد عميلاً من زبائن المصرف كانت تلك دائرة البحث الأولى.. الدائرة الثانية كانت وسط عشيرتها الأقربين..لم يكن شرطها المال وحده بل وضعت شروطاً أخرى..تريده وسيماً لا يكبرها بسنوات تزيد على عقد من الزمان . ابتسمت حينما مر عليها أشرف في (كاونتر) البنك يطلب فتح حساب ..تعليمات مدير الفرع أن الصيد الثمين يجب أن يتلقي معاملة خاصة.. كوب من الليمون أو فنجان من القهوة بعد دعوته إلى مكتب (الباشكاتب) الذي يتولي إكمال المعاملة..كانت هيئة أشرف تدل على أنه ابن عز أكثر من كونه رجل أعمال..في بداية الثلاثينات ..طريقة لبسه شبابية..عربته أنيقة..حسابه المصرفي لايحمل مالاً كثيراً ولكنه في حالة حراك دائم..نادراً ما يكتب شيكاً لآخرين. وقع أشرف في شباك حسناء المصرف..كان يدرك أن نقطة ضعفه في مهنته..لذلك كان حريصاً أن يخفي المعلومة عن حبيبته ..استمسك في مقولة شعبية تقول ان رأسمال الرجل في (جيبو)..أقنع نفسه أن مهنتة شريفة يحتاجها المجتمع..يتذكر أصدقاءه وأقاربه الذين أضاعوا وقتاً طويلاً في التعليم الجامعي ومازالوا في عداد الباحثين عن العمل. حاولت سهير أكثر من مرة أن تزوره في مكتبه ولكن أشرف كان يعتذر دائما بلباقة..من (الونسة) ادركت أن لفارس أحلامها أكثر من مكتب ..واحد بشارع أوماك بالخرطوم شرق والآخر بشارع الانقاذ ببحري وأنه يبحث عن موقع جديد في أم درمان..أخبرها أكثر من مرة أن مجال عمله في بيع العقارات يعتمد بشكل كبير على الموقع الجيد والطبقات الثرية التي تدفع دون أن تسأل عن الثمن. فجأة صرخت سهير تطلب من الكمسارى أن يتوقف..بدت وكأنها تذكرت شيئاً مهماً أو أنها لمحت شخصاً على قارعة الطريق كانت تبحث عنه لزمن طويل..اتجهت بشكل مباشر نحو عربة حبيبها التي كانت تتوقف أمام محل أنيق يكسوه رخام ويظلل بابه زجاج غامض اللون..رفعت بصرها لتقرأ لافتة صالون الفتى الطائر..أرادت أن تفاجئه وهو بين يدي الحلاق ..ولجت ووجدت حبيبها في الداخل يصرف التعليمات لطاقم من العمالة الأجنبية ويرتدي ذات الزي المميز للعاملين بالمحل..وقعت سهير عند مدخل المحل وأصيبت بحالة من الهستريا كانت تصرخ وتقول (لا دا مش أشرف). assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة