ان سيطرة المفاهيم القديمة على ازهان كثير من الناس تجعلهم يفكرون فى السيطرة على مجريات الامور بمفاهيمهم القديمة فى العصر الحالى فى كافة الامور مما يؤثر على كل ما من شانه ان يحدث تغييراً فى حياة المجتمع تتولد معه افكاراً جديدة تقود الى التطور ومحاربة الافات والامراض والسلوك والعادات غير الحميدة المنتشرة فى المجتمع . لم يقتصر تعصب بعض القدماء بمفاهيمهم القديمة على الجوانب السياسية او الاجتماعية فحسب اذ ان عصبية الانتماء للقديم لم تقف عند حد كراسى الحكم او ردهات التنظيمات السياسية او الحزبية او الاجتماعية بل امتدت لتنال من كافة انظمة الحياة حتى نظم سبل العيش ونظم التقنيات الحديثة لم تسلم منها . هذه العصبية صارت كالسرطان ما ان يظهر على السطح أى تطور فى أى مجال الا واقبلت عليه لتنال منه وتقتله عند ولادته , انها العصبية العمياء التى لاتريد الجديد اياً كان نوعه والمحزن فى الامر ان اصحابها يدافعون عنها باستدراج عطف الناس وتحريك مشاعرهم لمحاربة كل ما هو جديد او حديث والايحاء الى الكيانات المختلفة من المجتمع بان هذه التغييرات الحديثة ستغتال حضارتنا وثقاقتنا القديمة ويريدون بذلك محاربة كل جديد حتى ولو كان من الامور الحسنة والمفيدة وذلك اما حسداً على ما يقدمه الجديد من تطور و نماء او خوفاً على زوال قديمهم . قبل عدة أعوام كان الحديث عن التحول الرقمي في وزارة المالية و بالخصوص ديوان الحسابات من الامور المكروهة ان لم تكن من المحرمات و قد لاقي مالاقي الذين ينشدون التحول و العمل به من الانتقادات و المعاكسات حتي حسبنا ان الامر من المستحيلات و ياس الناس . اثناء العمل فى تعميم برامج الحوسبة على بعض المرافق الحكومية وتحويل الدفاتر التقليدية للحسابات القومية الى اخرى الكترونية كان الحرس القديم حاضرا في كل الخطوات و هناك حكاوي و روايات و مساجلات كثيرة بين الذين يريدون التغيير و الحرس القديم و اذكر ان احد الاخوة احضر معه جهاز (لأب توب ) فكانوا يسمونه ( الداية) و هناك حكاوي كثيرة ،، و علي العكس ايضا فالذين ينشدون الجديد ايضا يروون الحكايات و التعليقات الساخرة عن المتمسكين بالقديم من ضمنها الرواية عن ذلك الهرم والذي اعتاد المحاسبون تسميته باللحاف , فقد ذكر ان احد المحاسبين جاء مبكراً ذات يوم وبدأ عمله العادى فى القيودات اليومية على الدفتر الذى يحتوى على اكثر من ثلاثين خانة وبعد تقييد عدة عمليات غلب عليه النعاس فرقد على الدفتر ( اللحاف ) فى غفوة عله يرتاح قليلاً من عناء ادخال القيودات والجمع الافقى والرأسى ( حيث يتهم المحاسبون بأنهم ينومون علي هذا الدفتر) واثناء هذه الغفوة جاءه فى المنام امراً افزعه وجعله ينهض بسرعة ويقول ( اللهم اجعله خيراً ) وعندما ساله زملاءه الذين يعملون معه فى المكتب عن الامر الذى افزعه قال لهم ( وانا فى المنام وكأنى بجهاز حاسوب كبير الحجم بدأ يبتلع فى دفاتر الحسابات الواحد تلو الآخر وعندما اكملها جاء مسرعاً نحوى فقمت فزعاً ) فقال له احد زملاءه من الحرس القديم الذين لا يحبون تغيير الانظمة القديمة باخرى حديثة ( ياراجل استعذ بالله وقول بسم الله وصلى على النبى .. انها فقط اضغاث احلام ) . الان بحمد الله راينا بأعيننا ما كان يعتقد في الماضي انه اضغاث احلام ، فالحديث في السابق عن اورنيك ١٥ الورقي و اخوانه من الأرانيك المالية التي لها علاقة بالخزائن و الإيرادات والمصروفات و التمويل والمالية و ديوان الحسابات ،، الحديث عن هذه المنظومة كأنه خط احمر اذ لا يستطيع شخص ان يتحدث عن تغيير ناهيك ان يقوم بالتغيير فيها حتي ان كان وكيلا او وزيرا فهي كالأهرامات ورثناها من المستعمر و ظلت لفترات طويلة كما هي لم تمسها أيادي التغيير حتي بداية هذه الألفية و التي تغيرت فيها كافة الأنظمة التقليدية في جميع ارجاء المعمورة . قيل ان احد الرحالة السودانيين اثناء زيارة له فى الستينات من القرن الماضى الى مدينة باريس قام باعداد وجبة سودانية بالقرب من برج ايفيل وبداها بتحمير البصل بالزيت حيث انبعث الدخان و كان هناك حريقا ، الامر الذى لفت انتباه الناس و تعجبوا منه ولما كان الامر غريباً بالنسبة للباريسيين فان احدى الصحف الشعبية فى اليوم التالى كتبت فى افتتاحيتها بالخط العريض موضوعاً تحت عنوان " بصلة تحترق فى قلب باريس ". الان تغيير اورنيك ١٥ الي اورنيك إلكتروني بالنسبة للناس يعتبر كاحتراق البصلة بالنسبة للباريسيين ذلك لاننا كنا نحسب دخول هذه التقنية للسودان يحتاج الى زمن طويل لكن بحمد الله وبفضل مجهودات وزارة المالية تحققت و فى فترة وجيزة هذه النقلة النوعية الملموسة فى مجال العمل المالي والحسابي فى البلاد . نامل ان تتطور الخدمات المالية الحكومية وتدخل جميع المعاملات وتترابط وتتشابك جميع فروع و مصالح الحكومة ليتمكن كل الناس الاستفادة من هذه التقنيات ليوفروا زمنهم ويستفيدوا من التقنية ليس فقط فى التعامل مع حساباتهم ايداعاً وسحباً بل يتعدى ذلك ليقوم الشخص بدفع الفواتير للمؤسسات الخدمية وتسديد الرسوم والتحويلات بين الحسابات المختلفة بواسطة بطاقة الصراف الآلي و عن طريق الصراف الآلي المنتشرة و عن طريق الدفع الالكتروني بواسطة الموبايل و خدمات الانترنت لتكتمل انواع الاستفادة المختلفة من التقنيات الحديثة . التحية للاخوة في وزارة المالية و خاصة ديوان الحسابات على هذا المجهود الجبار ومزيداً من التقدم فى مجال التقنيات الحديثة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة